للمرة الأولى في تاريخ جماعة الإخوان منذ تأسيسها في العام 1928، لم تتلق الجماعة في تاريخها الممتد لأكثر من ثمانية عقود، هذه الضربة القاصمة لقياداتها وكوادرها في أقل من عام. الأمر مختلف هذه المرة، بعد أحكام الإعدام المتعددة والمتتالية التي طالت للمرة الأولى مرشد الجماعة محمد بديع، الذي يعد المرشد العام الثامن، بعد انتخابه في16 يناير2010، الذي تولى أمر التنظيم، بعد من سبقوه، بدءًا من المؤسس حسن البنا، ثم عمر التلمساني ومحمد حامد أبوالنصر وحسن الهضيبي ومصطفى مشهور، مرورًا بمأمون الهضيبي، وأخيرًا محمد مهدي عاكف. شهدت الفترة التي تولى فيها "بديع" قيادة الجماعة، صعودًا سريعًا وسقوطًا أسرع، ووصلت إلى سدة الحكم بعد طول انتظار، ولكن الجماعة ارتكبت أخطاءً قاتلة خلال حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، وأحدثت صدعًا كبيرًا بينها وبين قوى مدنية وليبرالية، وتسببت في تنامي غضب شعبي أنهى حكم مرسي وقاد الجماعة إلى مصير مجهول. خلال عام من حكم مرسي توالت خلاله أخطاء استراتيجية لجماعة الإخوان نسفت بحكم الجماعة وقادت النظام المصري بقيادة مرسي إلى الهاوية.. أخطاء لم تقتصر، بحسب اتهامات المعارضة، على عدم قدرة جماعة الإخوان على احتواء القوى المدنية والليبرالية، بل تخطتها إلى سوء الإدارة ومحاولات الجماعة "أخونة" مؤسسات الدولة. الدكتور محمد بديع له تاريخ طويل مع المحاكمات، بدأت في سنة1965 مع "سيد قطب" وعدد من قيادات الإخوان آنذاك، إبان حكم الرئيس عبدالناصر، وحُكم عليه بخمسة عشر عامًا، قَضى منها 9 سنوات، وخرج في 4 أبريل 1974، وعاد لعمله بجامعة أسيوط، ثم نُقل إلى جامعة الزقازيق، وسافر بعدها لليمن وعاد من هناك إلى جامعة بني سويف. حكم على "بديع" بالسجن لمدة 75 يومًا في قضية جمعية الدعوة الإسلامية ببني سويف في العام1998 ؛ حيث كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة جمعية الدعوة جامعة بني سويف بعد اعتقال حسن جودة. كما أحيل "بديع" للمحاكمة في قضية النقابيين سنة 1999؛ حيث حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن خمس سنوات، قضى منها ثلاث سنوات وثلاثة أرباع السنة وخرج بأول حكم بثلاثة أرباع المدة سنة 2003. بعد عزل الرئيس محمد مرسي وانحسار الجماعة في مصر وتسارع وتيرة عزل الإخوان، لم يكن أشد المتفائلين يتوقع هذا السقوط المدوي، وتقديم قيادات الجماعة للمحاكمات على هذا النحو الذي لم تشهده عبر تاريخها، فللمرة الثالثة على التوالي، وفي أقل من شهرين تم إحالة المرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع إلى مفتي الجمهورية تمهيدًا لإعدامه. بعد قضيتي "قطع طريق قليوب"، و"أحداث مسجد الاستقامة".. قررت محكمة جنايات المنيا، في حكمها "السبت"، إعدام 183 متهماً، على رأسهم مرشد الإخوان محمد بديع، في أحداث "شغب العدوة". ويعد هذا الحكم بالإعدام هو الثالث الذي يواجهه بديع، حيث قررت محكمة جنايات الجيزة "الخميس"، إحالة أوراق 14 متهماً في القضية المعروفة ب"أحداث مسجد الاستقامة" بمدينة الجيزة، بينهم المرشد العام لجماعة "الإخوان"، محمد بديع، إلى مفتي الجمهورية، تمهيداً للحكم بإعدامهم. قضية لن تكون الأخيرة للمرشد العام للجماعة وقياداتها بل إنه مازال فى انتظار أحكام أخرى فى قضايا عدة، منها قضية "الاتحادية، وأحداث البحر الأعظم، وبين السرايات، وغرفة عمليات رابعة". جدير بالذكر أن الدكتور محمد بديع من مواليد المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في 7 أغسطس 1943، حصل على بكالوريوس الطب البيطري من جامعة القاهرة سنة 1965، عين بعدها معيداً بكلية الطب البيطري في أسيوط في العام نفسه. حصل "بديع" على الماجستير ثم أصبح مدرسًا مساعدًا 1977م من جامعة الزقازيق، وحصل على درجة الدكتوراه في العام 1979، ليعين بعدها مدرسًا في جامعة الزقازيق، كما تدرج في الدرجات العلمية أستاذًا مساعدًا 1983 في جامعة الزقازيق، ثم أستاذًا سنة 1987 في جامعة القاهرة فرع بني سويف. وصل"بديع" إلى درجة رئيس قسم الباثولوجيا بكلية طب بيطري بني سويف سنة 1990م، ثم وكيل كلية الطب البيطري "لشئون الدراسات العليا والبحوث سنة 1993"، ظل يعمل بعد ذلك أستاذاً متفرغاً بقسم الباثولوجيا بكلية الطب البيطري. محمد بديع متزوج من السيدة سمية الشناوي ابنة محمد علي الشناوي "ضابط طيار" وهو واحد من الرعيل الأول لجماعة الإخوان، ورُزق من الأبناء ب"عمَّار" مهندس كمبيوتر "توفي أثناء فض اعتصام رابعة"، و"بلال" "طبيب أشعة" و"ضحى" طبيبة صيدلانية. قام بإنشاء المعهد البيطري العالي باليمن مدة أربع سنوات خلال الإعارة من 1982 1986، وتم إدراج اسم الدكتور محمد بديع ضمن أعظم مائة عالم عربي في الموسوعة العلمية العربية التي أصدرتها هيئة الاستعلامات المصرية 1999.
