وصف سياسيون مبادرة العاهل السعودي الملك عبدالله بأنها «وقفة رجال» لمساندة قلب العروبة النابض «مصر».. وقالوا «العرب يؤمنون بأن مصر هى عامود خيمة العرب، وأن أحداً لو مس مصر بسوء فلن يرفع الشرق رأسه أبداً ولهذا يحافظون على مصر حفاظاً على حياتهم. وتوقع الخبراء أن تصل المنح العبرية لمصر ما بين 20 الى 30 مليار دولار.. وقال الخبراء لا يمكن وضع الدول المانحة في العالم بحزمة واحدة، فهناك فرق واضح بين الدول التي ترفع شعار «المنافع المتبادلة» وتبحث عن مصلحتها داخل المنطقة العربية وبين الدول العربية والإسلامية التي تجمعهم مصالح مشتركة وتاريخاً عربياً عريق، وهذا ما فسر حرص المملكة العربية السعودية على الوقوف بجانب مصر في ظل ادارة وسياسة جديدة تسعي لتحقيق مطالب المصريين من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية، وقد برز ذلك بصورة واحدة عبر دعوة العاهل السعودي للأشقاء العرب لانشاء صندوق لمساعدة مصر على تجاوز أزمتها الاقتصادية علي غرار مشروع «مرشال» برعاية السعودية. مصر تحتاج الى هذه المبادرة الحسنة - كما وصفها الدبلوماسيون ورجال السياسة - خاصة أنها تهدف الى تحقيق نهضة شاملة للعرب، وهذا لن يحدث إلا بوقوف العرب بجانب مصر، خاصة وأن كل الظروف باتت مواتية لنهضة عربية حقيقية أكثر من أي وقت مضى. ومن المناسب الإشارة هنا إلى أن دولة السعودية وقفت ضد السياسة السابقة التي حاولت تجاوز السلطة، لتعود وتردد المقولة الشهيرة: «طول ما مصر بخير الأمة العربية بخير»، وهذا ما يذكرنا بمشروع «مارشال» العربي الذي كان يضمن ثلاثة أمور كلها مهمة أن يكون النجاح للدول العبرية جماعياً، ويضمن تكاملاً عربياً اقتصادياً، ويحافظ علي التماسك والوحدة العربية. وصف السفير «علي جاويش» مدير الادارة العربية السابق بجامعة الدول العربية دعوة خادم الحرمين الملك «عبدالله» بأنها دعوة صادقة ومخلصة، هدفها الوقوف بجانب مصر في أزمتها الاقتصادية والاعتذار بها كدولة عربية في المقام الأول، مشيراً الى أن هذه الدعوة تحسب لحكمة الملك «عبدالله» خادم الحرمين الشريفين الذي يعي تماماً أهمية تضامن وتعاون الدول العربية وبالتالي تفعيل القرار العربي الحر النابع من الأمة العربية لصالح الأمة العربية وقضاياها. واستطرد «جاويش»: التضامن المنشود بين الدول العربية لا وجود له الا بقيادة مصر وعودة قوتها وريادتها للعمل العربي المشترك، والتحرر من كل أنواع الضغوط أو القرارات أو التوجيهات الغربية، ومثل هذا التضامن سينتج عنه بالضرورة مزيد من الوحدة العربية بما في ذلك اقامة سوق عربية مشتركة وغيرها من المشاريع السياسية. ويطالب «جاويش» قيادات الدول العربية، بضرورة انجاح هذا المؤتمر والمشاركة فيه حتى يكون تضامن العرب واقعاً أمام العالم كله، وليس مجرد دعوة من العاهل السعودي ليس أكثر، مشيراً الى اعفاء مصر من حضور المؤتمر حفاظاً لكرامتها ومكانتها العظيمة بين دول العالم، وأن يتم الاتفاق على مبالغ مالية تدفع المملكة السعودية تحت بند دعم مصر، باعتبار المملكة السعودية المضيف للمؤتمر، وبدورها تقوم المملكة بتحويل هذه المبالغ الى الخزينة العامة للدولة المصرية. ويضيف «جاويش» أن دعم الدول العربية الشقيقة لمصر، يأتي بهدف اعادتها الى دورها المنشود في المستقبل، خاصة وأن كل المؤشرات السياسية مؤخراً تؤكد أن مصر ستعود لمكانتها السياسية ودورها الذي غابت عنه عشرات السنين، بشأن قيادة العمل العربي المشترك، والتأثير الفاعل في قضايا المنطقة وقضايا العالم. مؤكداً أن مصر كانت تصنع القرارات لها وللدول العربية، ولابد أن تعود لهذا الدور مرة أخرى خاصة وأنه من الواضح أن القيادة الجديدة في مصر تضع هذا الهدف في صدارة أولوياتها، فالمشير عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية أكد في تصريحات له أن الأمن القومي العربي خط أحمر، وهى اشارة منه لعودة ريادة مصر واشتراكها في العمل العربي، والترابط القومي بين مصر والدول العربية. ويري «جاويش» أن الأمن القومي العربي هو عنوان اساسي في القاموس السياسي العربي من الآن، ويقول: الدول العربية تعي تماما أن مصر قادرة على النهوض اقتصادياً أن الاستثمار العربي في مصر هو استثمار ناجح وتعود نتائجه ومكاسبه على كل الدول العربية. ومن واقع تصريحات القيادات في الدول العربية الشقيقة يتوقع «جاويش» المبالغ التي سيقرر منه لمصر ستصل قيمتها ما بين 20 و30 مليار دولار، ويطالب «جاويش» من القيادة المصرية أن تدعو في فترة لاحقة إلى مؤتمر استثماري دولي، تدعو فيه كبرى شركات العالم، ومؤسساته المالية لتطرح عليهم خريطة الاستثمارات المستقبلية في جمهورية مصر العربية، خاصة وأن مصر دولة غنية بمواردها، وتحتوي على ثروة ضخمة غير مستغلة،وبالتالي هي منطقة جاذبة للاستثمارات العربية والدولية. ويؤكد «جاويش» أن الدعم العربي الذي ستحصل عليه مصر سيكون نقطة انطلاق لبداية التنمية الحقيقية في مصر وسيشعر الشعب المصري بنتائج هذه التنمية في مدة لا تتجاوز الخمس سنوات. ومن جانبه يؤكد السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية السابق، أن فكرة مؤتمر الدول المانحة ليست جديدة على العالم، فقد تم تطبيقها في دول أخرى مثل: اليمن، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وهى فكرة ناجحة بشكل عام، أما بالنسبة لمصر، فأهمية الفكرة تكمن في أهمية الموقف السعودي - الاماراتي - الكويتي الذي يوصل للشعب المصري رسالة تؤكد حب وتقدير هذه الدول لمصر وشعبها، كما تؤكد أهمية مصر السياسية والاستراتيجية والاقتصادية لهذه الدول الشقيقة. ويتطرق «هريدي» الى السيناريو المتوقع لتفعيل مؤتمر الدول المانحة المنتظر قائلاً: إن الخطوة الأولى لتفعيل هذا المؤتمر ستقع على عاتق مصر، فيجب على دولتنا تقديم خطط اقتصادية للنهوض بالاقتصاد المصري وبناء على ذلك تحديد المنح العربية سواء كانت مساعدات مالية أو خدمات فنية وتقنية، كما يجب على مصر تقديم خطة زمنية لتنفيذ المشروعات المقدمة لاستغلال المنح المنتظرة. ويرجح «هريدي» الاستنفار العربي لإنقاذ اقتصاد مصر الى الأهمية الاستراتيجية لمصر بالنسبة للدول العربية قائلا: «مصر خط الدفاع الأول والأخير عن استقلال وسيادة وحرية كافة الدول العربية». نفس الرأي يؤكده اللواء عبد المنعم سعيد، رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الأسبق، قائلا: إن مصر بتاريخها العميق، لها كيان وشكل خاص بالنسبة للعالم ككل، فهي تقع في قلب العالم وهو موقع استراتيجي ويعد همزة وصل بين ثلاث قارات «آسيا وافريقيا وأوروبا» وحباها الله بزيارة معظم الأنبياء وعبور جميع الأديان مما يجعلها أرضا مقدسة تلمس قلوب الشعوب وكذلك رؤساء الدول. أما عن كونها خط دفاع عن الأمن القومي العربي، فهذه حقيقة لا ينكرها أحد، فمصر خاضت حروب للدفاع عن الدول العربية في العصر الحديث مثل: ليبيا والسودان والكويت اضافة الى مواقفها مع الدول الأفريقية مثل الصومال وموريتانيا، فمصر وجنودها لا يبخلا على الدول العربي ولا يتأخرا في الدفاع عنها. وقال حسين عبد الرازق، عضو مجلس رئاسة حزب التجمع: إن المملكة السعودية تسعى جاهدة للمساهمة بارادة صادقة في كافة الجهود مع الدول العربية التي من شأنها تمكين مصر من مواجهة مختلف التحديات ايماناً منها بدور مصر العروبي وبما يحقق لهم ما يصبون اليه من تطور ونماء، مبدياً شكره للعاهل السعودي على هذه المبادرة الطيبة التي وصفها بأنها «وقفة رجال»، بما يعكس حرصه علي دعم كافة الجهود التي تصب في مصلحة الأمتين العربية والاسلامية وتعزيز أمن واستقرار منطقتنا. وأضاف: إن الشعب المصري قال كلمته وحسم اختياره لرئيسه عبد الفتاح السيسي الذي يركز علي العمل من أجل بناء مستقبل مصر وحماية حقوق شعبه وصون أمن واستقرار البلاد، وإذا نظرنا لبرنامج رئيس مصر نعرف أهمية تحسين بيئة الاستثمار وتوافر التسهيلات اللازمة للمستثمرين، اضافة الى اصلاح الخدمات الصحية والعلاجية والتعليمية، ومنها اقامة 20 ألف مدرسة جديدة بتكلفة 500 مليار جنيه ورفع رواتب المدرسين، ناهيك عن ازالة العشوائيات والقضاء على البطالة ومحو الأمية. السفير سيد أبو زيد، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون العربية والشرق الأوسط، يرى ضرورة تنظيم أنفسنا ووضع الخطط الاستراتيجية وتحديد أولويات المشاريع الطموحة ومنها مشروع الوادي الجديد وتنمية محور قناة السويس ومشروع ممر التنمية والتعمير ومشروعات التنمية في سيناء واستغلال الطاقة الشمسية المصرية الساطعة من أجل توليد كهرباء نظيفة، والاحتياجات اللازمة للمواطنين، موضحاً أن تلك المشروعات العاجلة والملحة تحتاج الى تمويل ضخم جداً، ولكن من الصعوبة على مصر الآن تدبر الأموال الطائلة، وهذا الأمر يتطلب بلورة التصورات والرؤى المدروسة للمشاريع الكبري وأهدافها وعوائدها بصورة واضحة ومحددة المعالم.. لا استثمار عشوائيا في أي مكان، مع أهمية تكاتف المصريين والأشقاء العرب بشكل قادر على تدبر الأموال اللازمة للتنمية المطلوبة، الى جانب وجود شراكة مصرية سعودية تشجيعاً للاستثمار في مختلف المجالات. وأكد السفير «أبو زيد» على أن هناك حربا شرسة تخوضها مصر ضد الفقر، وهذه الحرب تتطلب محاربة الفساد. السفير أحمد الغمراوي، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية ورئيس المنتدى الثقافي المصري، يقول: جاءت الدعوة الكريمة للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى الدول الراغبة في تقديم مساعدات ومنح وقروض بغرض انشاء صندوق لمساعدة مصر على تجاوز أزمتها الاقتصادية. وأضاف: لا شك في أن توقيت الاعلان عن المبادرة السعودية يعتبر متميزاً، حيث جاءت عقب فوز الرئيس السيسي برئاسة مصر باجماع المصريين، الأمر الذي عزز من قيمة هذه المبادرة المحبة لمصر، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تؤكد أن مصر كانت على وشك الوقوع في هاوية المؤامرات الدولية بسبب المخططات الخارجية لتخريب مصر من داخلها بأيدي الجماعات الارهابية وعلى رأسها جماعة الاخوان. مؤكداً أن هذه المبادرة الحسنة والجادة في الوقت نفسه لم تأت من فراغ، ولكن من منطلق المصلحة العربية، فدعم الجيش المصري هو دعم للعرب والكيان العربي ككل، مما يستلزم أهمية توحيد الصفوف العربية ضد أي قوى خارجية، خاصة وأن استمرار مصر قوية يرتبط بقدرة الشعوب العربية على البقاء، كما يقول العرب فهى «عامود الخيمة العربية»، كما أن مصر أثبتت باستمرار دفاعها عن الكيان العربي ككل، بعدما تعرضت دول عربية كثيرة للغزو أو للخطر، ووقتها صمد جيشنا المصري في وجه العدو، لذا فجميع الشعوب العربية تنظر الى مصر على أنها الراعية للتماسك والوحدة العربية، كما أن باقي الدول العربية متخوفة من تكرار ما حدث لدول العراق والسودان وليبيا. مشيراً الى أن لدينا مشاريع كبرى ويتوافر معها الدراسات المكملة لها، وإذا نفذت بشكل جيد يمكنها معالجة العجز في الميزان التجاري تحقيق نهضة اقتصادية في مصر، مضيفا: وأن صندوق دعم مصر يتشابه كثيراً بمشروع «مارشال» العربي في أن الهدف الأهم في تحقيق نهضة شاملة للعرب، والتي لن تتحقق إلا بالوقوف العربي لمصر.