لم يكن الترحيب بموافقة هيئة المجتمعات العمرانية على طرح الأراضي الصناعية بنظام حق الانتفاع لمدة 30 عاماً، قابلة للتجديد، مقصورة فقط علي مجتمع رجال الأعمال والمستثمرين إلا أنه امتد ليشمل القطاع المصرفي أيضاً، الذي اعتبر هذا القرار بمثابة طريق جديد يعيد الأمل لإحداث انتعاشة في القطاع الائتماني بالبنوك، بعدما شهد نوعاً من الانكماش بسبب الأيادي المرتعشة خلال السنوات الثلاث السابقة. جاء ترحيب القطاع المصرفي بالقرار بعد إعلان تفاصيل القرار المقترن بمبادرة تم تقديمها من وزارة الصناعة أن تكون العقود التى سيتم توقيعها عقوداً ثلاثية الأضلاع، بمعني أن العقود ستكون بين المستثمر والهيئة والبنوك، لضمان توفير التمويل الخاص بالحصول على الأراضى. المستثمرون قالوا: إن توفير الأراضى للمشروعات الاستثمارية كان يمثل عائقاً أمام التنمية الصناعية، وكذلك ترفيقها، وبعد موافقة الهيئة علي طرح الأراضي تم الإعلان عن الانتهاء من ترفيق أراضي المناطق الصناعية يوليو القادم، مما يعني زيادة الإقبال من المستثمرين علي الأراضي بالمناطق الصناعية لتنفيذ مشروعاتهم بنظام حق الانتفاع، ومن خلال مثلث العقود سوف تشهد القروض المصرفية إقبالاً كبيراً من المستثمرين، وبالتالي يشهد قطاع الائتمان انتعاشة كبيرة. الخبراء المصرفيون أكدوا أن الحصول على تلك الأراضى لإقامة مشروعات استثمارية عن طريق حق الانتفاع دون امتلاكها لن يمثل عائقاً أمام توسع البنوك فى إقراض هذه المشروعات، مشيرين إلي أن البنوك تقوم بتمويل بعض المشروعات التى تقوم علي تأجير الأرض وليس امتلاكها. «من الضروري أن تتضمن العقود نصاً صريحاً يؤكد علي إمكانية استحواذ مستثمر على حصة المستثمر الأصلى فى المشروع، فى حالات عدم القدرة على إدارة المشروع أو حالات التعثر، بما يمثله هذا النص من حماية لأموال المودعين بالبنوك».. هكذا بدأ محمد العيسوي، مدير إدارة التمويل متوسط وطويل الأجل ببنك مصر إيران، مضيفاً أنه من غير الضروري أن تضاف أية اشتراطات جديدة لمنح الائتمان للمستثمرين، مشيراً إلي أن البنوك لا تتحفظ فى منح الائتمان وإنما تعتمد على جدوى المشروعات، وأيضاً حجم المخاطر المتوقعة منه، فالهدف من فرض الشروط في المقام الأول هو تغطية المخاطر المحتملة من المشروع. وهو ما أكده محمد المهدي، مدير عام الائتمان بالبنك الوطني، مضيفاً أن القرار سيكون له دور فعال في رفع مستوي معدلات الائتمان فى الفترة المقبلة، بالإضافة إلي أنها ستقوم بإنعاش الاقتصاد المصري، وستعمل علي تنشيط الصناعات المكملة والمرتبطة مباشرة بالتصنيع، مشيراً لأحدث بيانات البنك المركزى القائلة بأن معدلات الائتمان بلغت 18.7٪ بقيمة 548.8 مليار جنيه نهاية يناير الماضى، مقابل 462.6 مليار نهاية يناير 2011، ومن المتوقع أن تتعدي نسبة 25% خلال العام الحالي بعد تطبيق هذه المبادرة. وأكد أن ضوابط المبادرة بمنح الأراضى ستكون في إطار ما يسمي بنظام حق الانتفاع، موضحاً أن هذا النظام سيوفر للمستثمر فوائض مالية ضخمة، وهذه الفوائض ستكون ناتجة عن عدم إهدار هذه الأموال فى شراء أراض بأسعار عالية لإقامة المشروعات الاستثمارية عليها. واستبعد «المهدي» أن يؤدي تطبيق نظام حق الانتفاع فى منح الأراضى للمستثمرين إلى إحجام البنوك عن تمويل المشروعات خوفاً من عدم وجود أصول يمكنها الحجز عليها والاستفادة منها أو بيعها فى حال تعثر العميل، قائلاً: هذا لن يحدث حيث توجد الكثير من المشاريع الاستثمارية التي تمت إقامتها علي أراضٍ بالإيجار وحصلت علي تمويلات بنكية. وحول الزيادة المتوقعة في حجم الائتمان عقب تطبيق هذا النظام قال مدير الائتمان: لا يمكن وضع أو تحديد أي توقعات لنتائج هذا النظام لأن نجاحه مرتبط بعوامل عدة أهمها تحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى واستكمال خارطة الطريق، وهذا سيوف يتضح خلال العام الحالي والمقبل. رأي آخر طالب أن يكون للصندوق الاجتماعي للتنمية دور رئيسي في هذا الاتفاق، وذلك لخبرة الصندوق الكبيرة في إعداد دراسات الجدوي والتعامل مع المشروعات الاستثمارية المتداخلة فيها الدولة، هذا ما طالب به الخبير المصرفي جمال الدين أبوسنة، قائلاً: إن البنوك تحتاج إلي وقت وتدريب للكوادر علي إعداد دراسات الجدوي أو دراستها، فهذا المجال - علي حد قوله - برع فيه العاملون في الصندوق الاجتماعي مما يجعل من وجوده في هذه المبادرة أمر ضروري. وعلل ذلك بأن الصندوق الاجتماعى يمتلك من الخبرات الكافية في إعداد دراسات الجدوى للمشروعات الاستثمارية ومساعدة صغار المستثمرين الذين يستعدون لبدء أول مشروعاتهم، قائلاً: إنه قد تظهر عوائق أمام البنوك حال منح التمويل لأصحاب المشروعات الجديدة في حالة عدم امتلاكهم للأراضى التي ستقام عليها هذه المشروعات، أي عدم وجود أصول ضامنة للمشروعات، ولتفادي هذا الأمر يمكن أن تكون البداية مع الصندوق الاجتماعي، وعقب التأكد من نجاح التجربة تدخل البنوك لإنعاش الائتمان الذي أوشك علي الركود خلال الفترة الماضية، واقترح أن تكون الهيئة هي الضامن لعدم تصرف المستثمر في الأرض طوال فترة التعاقد. فيما طالبت الخبيرة المصرفية بسنت فهمي، بألا تكون هذه المبادرة أو هذا النظام مقصوراً علي البنوك الحكومية فقط، قائلة: يجب أن تمتد لتشمل جميع البنوك التي ستتوافق مع سياستهم ورؤيتهم الائتمانية في تمويل هذه القطاعات الاستثمارية.. مضيفة أنها فرصة لخلق نوع من التنافس بين البنوك فى إطار تقديم خدماتها للمستثمرين، عن طريق عدة آليات، مستبعدة فرض شروط تميلية جديدة لأن الشروط الحالية تعتمد علي عدة عوامل منها المخاطر المحتملة للإقراض، ودراسة جدوي المشروع، بالإضافة للتدفقات النقدية الناتجة عن المشروع، مما يقلل من مخاطر الاعتماد علي أصول المشروع وهذا يمكن تطبيقه علي هذه المبادرة.