منذ قدوم المهندس إبراهيم محلب رئيساً للوزراء وكل توجيهاته لأعضاء حكومته بضرورة مصارحة الشعب بالحقائق.. ولأن الواقع مر وعلي مدي الأيام يزداد حرارة بسبب سوء الأحوال الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.. فإن المصارحة التي ينادي بها محلب قد تقلب الأمور إلي حالة من اليأس والإحباط.. فلا يكفي أبداً ان يخرج علينا وزير الكهرباء علي سبيل المثال ليقول لنا إن الكهرباء سيتم قطعها ثلاث وأربع مرات في اليوم ومؤهلة لمزيد من الانقطاع في موسم الصيف ولساعات طويلة.. فهذا الكلام معناه ان «مفيش فايدة».. فالكل يعلم ان هناك مشاكل في توريد الوقود إلي المحطات وكذلك نسبة الأعطال المرتفعة في محطات التوليد.. هنا يأتي دور وزير الكهرباء ليقول لنا إنه قد تم التنسيق مع رئيس الوزراء ووزير البترول لتوفير احتياجات وزارته من الوقود للحد من ظاهرة قطع التيار.. وفي نفس الوقت يخرج ببرنامج محدد لصيانة المحطات وخطوط نقل التيار لجعل انقطاع التيار في أضيق الحدود وللضرورة القصوي.. هنا تكون المصارحة ذات معني وجدوي.. أما مصارحة اليأس والإحباط «فيفتح الله» اعطونا إمارة علي المصارحة الإيجابية وشجاعة اتخاذ القرار. قبل ان تصارح الحكومة الشعب بالواقع المرير الذي يعيشه عليها أن تصارح نفسها أولا ولا تضع رأسها في الرمال.. عليها ان تبحث وتدرس وتقدم الحلول في مشكلات الدعم ممثلة في دعوم الوقود ممثلة في البنزين والسولار والبوتاجاز.. وكذلك منظومة دعم الخبز الفاشلة.. وأيضا سياسة دعم الكهرباء ودعم الصناعة وماذا ستفعل للعمال والفلاحين؟.. وهل ستترك العاملين بالقطاع الخاص لأصحاب الأعمال يلتهمونهم وهل ستفرض عليهم تطبيق الحد الأدني للأجور.. أم سيبقي الوضع الحالي من الأجور في بعض المنشآت الخاصة أقل من نصف ما حددته الحكومة؟.. هل تترك الحكومة بعض المؤسسات الصحفية الخاصة تمنح العاملين فيها أجراً أقل من نصف الحد الأدني؟.. وهناك دكاكين صحفية لا تعطي أجراً للعامل اكتفاء بما سيحصل عليه عند التحاقه بنقابة الصحفيين! حالة الفقر في ازدياد مستمر والطبقة المتوسطة تتآكل وقاربت علي الفناء ليصبح الشعب المصري فريقين فقراء وأغنياء فقط فماذا ستفعل الحكومة للحفاظ علي هذه الطبقة المتوسطة التي حافظت علي قيم المجتمع طوال عقود طويلة منذ ثورة 1919 وحتي ثورة 25 يناير 2011؟ الحكومة مطالبة بأن تصارحنا ولكن عليها ان تقول لنا ماذا بعد المصارحة؟.. عليها ان تقول إن مشكلة الكهرباء أسبابها كذا وكذا.. وعلينا ان نتحمل قطع التيار جزئيا، ولكن التحسن سيبدأ من تاريخ كذا أو المشكلة ستنتهي تماماً في موعد كذا.. لأن قطع التيار هو قطع أرزاق وشهادة وفاة لأطفال وشيوخ وزيادة معاناة للمرضي وخاصة من يقومون بغسيل الكلي أكثر من مرة أسبوعيا.. حان وقت المصارحة وإعلان ماذا ستفعل الحكومة في رغيف الخبز الذي تقدمه للمواطن يومياً.. هذا الرغيف الذي يكلف الدولة 22 مليار جنيه سنوياً.. يذهب معظمها فاقداً لأن معظمه غير صالح للاستخدام الآدمي.. ما جدوي رغيف عيش مجاني تعافه الحيوانات فما بالك بالبشر؟.. لابد ان يكون هناك حل ولا خوف من ثورة جياع حين يقدم لهم رغيف آدمي حتي لو تضاعف سعره حاليا.. ما المانع ان يتم رفع السعر لعشرة قروش مع تجويد صناعته في هذه الحالة سيقل ما تقدمه الحكومة دعماً.. لماذا لا تدرس الحكومة إطلاق سعر الرغيف للجميع وتقوم بتقديم دعم نقدي للمستحقين للقضاء علي خراب الذمم ومتاجرة أصحاب الأفراد في الدقيق.. بمعني ان صاحب الفرن يقوم بشراء الدقيق بسعره الحقيقي وتستلم الحكومة منه عدداً معيناً من الأرغفة وتحاسبه علي سعره الحقيقي ثم تقدم هذا الخبز الجيد للمستحقين للدعم ببطاقة التموين أو ببطاقة الرقم القومي أو شهادة الميلاد أو شهادة الفقر أو بكروتها الذكية الذهبية والفضية والصفيح.. إلي متي نظل ندفن رؤوسنا في الرمال وإطلاق تصريحات بلا مساعٍ.. وفي الحقيقة مليارات الجنيهات تذهب إلي كروش الفاسدين ومعاونيهم من بعض التموينيين؟ لابد من مصارحة الشعب ان استمرار دعم البنزين والسولار بالوضع الحالي هو خراب بيوت.. وان الحكومة علي وشك الإفلاس ما لم يتم تعديل منظومة هذا الدعم.. والأهم من دعم البنزين والسولار للمواطنين.. هو دعم الشركات الخاصة والعامة والسفارات وفروع المنظمات الدولية في مصر.. يحصل السفير الأمريكي علي البنزين بالسعر الذي يحصل عليه صاحب السيارات فيات 128 والشاهين واللادا؟.. لماذا تحصل السفارة البريطانية والفرنسية والسويسرية والألمانية وغيرها من السفارات علي الوقود والغاز والكهرباء بنفس السعر الذي يحصل عليه المواطن الغلبان؟.. لماذا يحصل كبار رجال الأعمال وأصحاب القصور والمنتجعات وشركات السياحة والصناعة علي الوقود والكهرباء بنفس السعر الذي يحصل عليه المواطن الفقير؟.. تسألون أين يذهب دعم الوقود الذي يصل إلي نحو 200 مليار جنيه سنوياً؟.. لا تضعوا رؤوسكم في الرمال فأنتم تعرفون جيداً أين تذهب هذه الأموال ولجيوب من؟.. والحل يكمن في توحيد سعر الطاقة والكهرباء وان تجدوا حلاً مناسباً لكي يحصل المستحقون علي حقوقهم دون ضرر أو ضرار. يا أهلا بالمصارحة وحكومة المصارحة «المقاتلين سابقا» التي تقودنا للأمام وليس محلك سر لأنه هو التخلف بعينه.. صارحونا بالحقائق وبرامج العمل والحلول المناسبة للمشكلات المزمنة.. وإذا كانت لديكم الشجاعة في رفع سعر الغاز للمنازل.. وهذه خطوة إيجابية لرفع العبء نسبياً عن كاهل الحكومة.. فلابد ان تتلوها خطوات في مجال الكهرباء والمياه والبوتجاز والبنزين.. الحكومة حددت سعر 40 قرشاً لمتر الغاز حتي استهلاك شهري 25 متراً .. وجنيه للاستهلاك من 25 إلي 50 متراً.. وما زاد علي ذلك يدفع المستهلك 150 قرشاً للمتر.. من يستهلك أكثر عليه ان يدفع أكثر وبالسعر الحقيقي دون أي دعم و«اللي يزعل يشرب من البحر».. فلنساعد أنفسنا حكومة وشعباً.. ولابد ان تكون قدوة لنا وبلاش حكاية شد الحزام فلم يعد هناك بطون للفقراء.. فلتبدأ الحكومة بنفسها وترشد استهلاكها من الكهرباء والوقود والسيارات الفارهة وتجديد المكاتب وتركيب التكييفات، عليها بالترشيد ثم تطالب الشعب بعد ذلك.. فربما تكون المصارحة هي الحل.