حالة من الغضب والحزن تعم وتلف بثيابها الأسود مايقرب من 20 ألف نسمة بقرية مرزوق إحدى قرى قطاع منبال غرب مركز مطاى بشمال المنيا، ونيران تشتعل داخل النفوس منتظرة شرارة الاشتعال، لتأكل الأخضر واليابس، وذلك عقب قيام طالب مسلم وشقيقه بقتل معلم قبطى عقب انتهاء اليوم الدراسى لرفضه قيام الطالب بالتدخين داخل الفصل، مأساة بمعنى الكلمة أن تتدنى أخلاق البشر حتى تصل إلى هذا الحد، من عدم التقدير والتوقير، خاصة من قبل طالب لمعلمه، كل همه أن يزرع فيه القيم الحميدة والسلوك القويم، ونسينا مقولة «كاد المعلم أن يكون رسولا». فالمدرسة قبل أن تكون بيتاً للعلم فهى رفيق درب جنباً إلى جنب للوالدين فى التربية وتقويم السلوك للتلميذ، كل هذا سقط حينما تطايرت ورقة التوت، لتثبت فشل العملية التعليمية، وليسقط معها «أشرف عاطف الهم غالى حنا» 35 سنة، صريعاً برصاص تلميذه «علاء ناصر» 15 سنة، وشقيقه «محمد» 16 سنة، خارج سور المدرسة، ويتم نقله لمستشفى المنيا الجامعى ليلفظ أنفاسه الأخيرة بعد 4 أيام، متسائلاً: بأى ذنب وجريرة تم سفك دمي؟.. ثم يجىء إعلان أهل المعلم عدم قبول العزاء ليجعل القرية على صفيح ساخن، لأنه حسب الأعراف الصعيدية، يكون ذلك طلبا لأخذ الثأر. انتقلت «الوفد» حيث بادرت زوجته قائلة، والدموع تذرف من عينيها: بأى ذنب يقتل زوجي هكذا هل اتهم بالتعذيب مثلما يتهم غيره؟.. هل قتل تلميذاً حتى الموت كما اتهم من قبل غيره، و«الله» - على حد قولها - ربنا مش هيسيب المسئولين عن التعليم فى مصر، فلم نسمع عن معلم أطلق رصاص على طالب أو تلميذ.. تصمت قليلاً فى محاولة لاستجماع قواها وتعاود حديثها، فزوجى كان يعتبر كل التلاميذ أبناءه وأشقاءه، وكان يبديهم علينا فى المنزل، ويشترى لهم الهدايا، ولو كان ذلك على مصلحة طلبات واحتياجات منزله، ولا نطالب سوى بالقصاص العادل والرادع من القتلة المجرمين. وأكد محمد عبدالمنعم، أحد زملاء المعلم القتيل، أن المعلم قتل بدم بارد، وأن من قتله هم المسئولون عن التعليم، فمنذ أن أعلن حسين كامل بهاء الدين، وزير التعليم الأسبق معاقبة أى معلم يستخدم العصا فى المدرسة، وأهين المعلم وشعر الطالب بعدم الخوف والندية لمعلمه، فلم نسمع يوماً عن تعنيف تلميذ أو طالب إعدادى قتله فى يوم من الأيام، ولكننا نسمع منذ ذلك الحين على سنج وسواطير وأسلحة بيضاء وآلية تدخل المدارس، والضحية المعلم. وأضاف ماهر عياد، ابن عم القتيل، وعيناه مملوءتان بالحزن والبكاء: لقد دفنا معلماً قتل من أجل قيامه بعمله على أكمل وجه، مشهوداً له بالأدب والاحترام والأخلاق الحميدة، فهل يعقل أن يقوم طالب وشقيقه بقتل معلمه، من أجل رفضه أن يقوم بسلوك مشين وهو التدخين داخل الفصل، فى النهاية ابن عمى راح ضحية عدم وجود قوانين تحمى المعلم من بطش الطلبة والتلاميذ، ودمه سيظل فى رقبة القتلة والمسئولين، وشاهد عيان على فساد العملية التعليمية. وقد سارعت فور وفاة المعلم بعض المنظمات التعليمية والحقوقية بإصدار بيانات وتهديدات بالتوقف عن التدريس والإضراب عن العمل من معظم معلمى محافظة المنيا، وكذلك من المجلس الوطني للتعليم، وحركات المعلمين الأحرار، والمعلمين المستقلة، عقب الإعلان عن وفاة مدرس اعدادى داخل مستشفى المنيا الجامعي، متأثراً بإصابته بطلق نارى بالرأس على يد طالب وشقيقه عقاباً له على توبيخه، مطالبين بتشريع قانون يحمى ويصون كرامة المعلم. ومن جانبه فقد أصدر المجلس الوطني للتعليم بالمنيا بياناً، أكد فيه أدهم القاضي المتحدث باسم المجلس، إدانتهم للواقعة وهدد البيان بتوقف المعلمين عن التدريس والإضراب عن العمل في حالة عدم الحفاظ على كرامة المعلم داخل وخارج الفصل، والعمل على سن تشريع يصون كرامة المعلم من أى تعديات، فالمعلم أهم من التوك توك الذي صدر له تشريع خاص من قبل رئاسة الجمهورية. وأضاف حسن عبدالحميد، رئيس العلاقات العامة بإدارة المنيا التعليمية أن هناك لجنة يرأسها عبدالنعيم أبوزيد، مدير عام الإدارة ستكون أول الباحثين عن حق المعلم المتوفى. يذكر أن اللواء أسامة متولى، مدير أمن المنيا، قد تلقى بلاغاً من أهالى قرية مرزوق التابعة لمركز مطاى بقيام طالب وشقيقه بإطلاق أعيرة نارية من فرد خرطوش على مدرس أثناء خروجه من مدرسة قلاية الإعدادية. وقرر إيهاب صلاح، مدير النيابة العامة بمركز مطاى، حبس كل من علاء ناصر مصطفى «15 سنة» طالب بالصف الثانى الاعدادى بمدرسة مرزوق الاعدادية وشقيقة «محمد» 16 سنة «فلاح» 4 أيام على ذمة التحقيق لاتهامهم بقيام الأول بالتحريض والثانى بإطلاق أعيرة وإصابة أشرف الهم غالى حنا «35 سنة» مدرس اللغة الإنجليزية بمدرسة مرزوق الاعدادية فى أعقاب قيام المدرس بتوجيه اللوم إلى الطالب خلال إشعاله سيجارة داخل الفصل الدراسى.. وكثفت الأجهزة الأمنية برئاسة اللواء سمير سالم، حكمدار الشمال، وإشراف اللواء أسامة متولى، مدير الأمن الإجراءات الأمنية بالقرية، ودفعت بعدد من فرق وقوات الأمن بالقرية، خاصة عقب قيام عائلة المدرس القبطي بمطاى، عدم تقبل العزاء في ابنهم قبل الأخذ بثأره من قاتله. وعززت قوات الأمن من تواجدها وتطويقها لمداخل ومخارج قرية مرزوق مسقط رأس المدرس، فارضة حولها كردوناً أمنياً تحسباً لوقوع أي أعمال عنف أو محاولات الأخذ بالثأر خلال دفن الضحية.