رفع درجة الاستعداد وتكثيف الحملات الرقابية بالأقصر استعدادا لعيد القيامة    رئيس الأعلى للإعلام يهنئ البابا تواضروس الثاني بمناسبة عيد القيامة المجيد    التنمية المحلية: عدم إصدار تراخيص المباني الجديدة وشهادات المطابقة دون اشتراطات الكود الهندسي    الصحة تنشر قوافل علاجية تزامناً مع احتفالات عيد القيامة المجيد.. اعرف الأماكن    تشييع جنازة الإذاعي أحمد أبو السعود من مسجد السيدة نفيسة| صور    تراجع قوي لمؤشر الذهب بالتداولات العالمية بعد قرارات الفيدرالي الأخيرة    توريد 147 ألف طن قمح لشون وصوامع الوادي الجديد    المتر ب 15 ألف جنيه.. بدء طرح شقق أبراج حدائق أكتوبر خلال أيام    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    تنشيط السياحة تستقبل الباخرة Seabourn Quest بميناء الإسكندرية    فلسطين تطالب بتحقيق دولي في واقعة اغتيال الطبيب عدنان البرش بسجون الاحتلال    البنك الأهلي يفتقد أسامة فيصل بمواجهة إنبي بالدوري    تحدث لأول مرة.. مفاجأة «فيفا» تشعل نهائي الأهلي والترجي التونسي    وزير الرياضة يتفقد مركز شباب سانت كاترين بجنوب سيناء    أول قرار ضد سائق متهم بدهس طفلتين بحلوان    عرض حياة المواطنين للخطر.. القبض على طالب استعراض بدراجته النارية    نَزِّله وداس عليه| أهالي ضحية أتوبيس الحضانة في المنوفية يطالبون بحقه    جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 والثانوي الأزهري    السعودية تصدر بيانا مهما بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    إيرادات هزيلة لفيلم "أسود ملون" بطولة بيومي فؤاد، والنشطاء: سقط في بحر غزة    بالفيديو| أيتن عامر تغني "عيونه دار".. وتامر حسني: إيه الحلاوة دي    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    الصحة تنشر رقم الخط الساخن للإبلاغ عن حالات التسمم بالفسيخ.. تعرف عليه    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    سر المحترفين.. إضافة هذه المادة لسلطة الرنجة هتودي طعمها فى حتة تانية| تفاصيل    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    عفروتو يكشف تفاصيل مكالمته مع محمد صلاح    لاعبة طائرة الأهلي: لن نفرط في اللقب.. ورغبتنا كبيرة في التتويج بالرباعية    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    محافظ المنوفية يحيل 37 من المتغيبين بمستشفيات الرمد والحميات للتحقيق    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    دفاع طفل شبرا الخيمة يتوقع أقصى عقوبة لطفل الكويت معطي التعليمات    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    توفيق عكاشة: شهادة الدكتوراه الخاصة بي ليست مزورة وهذه أسباب فصلي من مجلس النواب    المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة "ابدأ" .. الليلة مع أسامة كمال في مساء dmc    روسيا تسقط مسيرتين أوكرانيتين في بيلجورود    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    دعاء يحفظك من الحسد.. ردده باستمرار واحرص عليه بين الأذان والإقامة    الباقيات الصالحات مغفرة للذنوب تبقى بعد موتك وتنير قبرك    كرة السلة، أوجستي بوش يفاجئ الأهلي بطلب الرحيل    حسين هريدي: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    السيسي يعزي في وفاة نجل البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    موسم عمرو وردة.. 5 أندية.. 5 دول.. 21 مباراة.. 5 أهداف    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات بمدينة شرم الشيخ.. اليوم    اليوم.. إعادة فتح البوابة الإلكترونية لتسجيل استمارة الدبلومات الفنية 2024    ما حكم تهنئة المسيحيين في عيدهم؟ «الإفتاء» تُجيب    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق فى حوار ل "الوفد":
نسير في نفق مظلم ومستقبل مصر يصنعه الشباب لا العجائز
نشر في الوفد يوم 09 - 04 - 2014

الحوار مع قيمة ثقافية كبري ذات بصمة عالمية له مذاق خاص، فالدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق أحد صناع الثقافة المصرية وأركانها
سواء عندما أصبح أمين عام المجلس الأعلي للثقافة والذي نقله من المحلية إلي العالمية، أو عندما تولي مدير المركز القومي للترجمة، والذي قام بدور منشود في ترجمة الكتب العالمية، وقبل هذين المنصبين يأتي دوره كأديمي وأستاذ جامعي للغة العربية والنقد الأدبي بجامعة القاهرة والجامعات الأجنبية، وقبل قيام ثورة يناير 2011 بقليل اختير وزيراً للثقافة في حكومة الفريق أحمد شفيق، إلا أنه ترك المنصب واستقال بعد عشرة أيام من توليه، رافضاً أن يكون ضمن جوقة من الوجوه القديمة التي أسهمت في الفساد، مما كان سبباً في تقديم استقالته.
تخرج «عصفور» في مدرسة عميد الأدب العربي د. طه حسين، وتصدي عبر كتاباته ومقالاته لمخاطر تصاعد تيار الإسلام السياسي، وكتب أيضاً عن الدولة المدنية والمواطنة، هذا إلي جانب مشاركته بآرائه وأفكاره وخبرته في الحياة العامة، وفي حواره مع «الوفد» ركز «د. عصفور» علي أخطر مشكلة تواجه مصر في المرحلة القادمة بعيداً عن الأصولية الدينية، وهي مشكلة التنمية، مؤكداً أن مصر في حاجة عاجلة إلي خطة تنمية وطنية شاملة تنهض بها، وتكون نتاج رؤية قيادة سياسية واعية ويقتنع بها الشعب المصري كي تنهض من جديد، ودعا وزير الثقافة الأسبق الشعب المصري إلي الالتفاف حول المرشح الرئاسي صاحب البرنامج الانتخابي، الأكثر تكاملاً وإنباء بمستقبل مشرف لمصر والأكثر قدرة علي تحقيقه أياً كان.. وإلي نص الحوار:
ما تحليلك لما يجري علي الساحة السياسية في دول الربيع العربي.. خاصة بعد فشل معظم الإسلاميين في حكم أغلبية الدول العربية؟
- ما حدث في دول الربيع العربي مؤامرة أمريكية، وكان تنفيذاً لخطة أمريكية أطلقت عليها منذ فترة طويلة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس «الفوضي الخلاقة»، التي تم تنفيذها، وبالطبع كانت مصر ضمن هذا السياق، لكن الذي لم يعمل الأمريكان له حساباً هو إرادة الشعب المصري، التي تمردت علي الخطة الأمريكية، ومن ثم انتزعت الجماهير حريتها بأيديها، واستطاعت بتلقائية وعفوية وحس صادق أن تسقط المخططات الأمريكية في المنطقة، وبالطبع هناك عدد من الدول التي أضيرت ضرراً بالغاً لا نعرف ما الذي سيترتب عليه في هذه الدول، لكن المؤكد أن تماسك الشعب المصري وقوة جيشه، ووحدته هي التي أنقذت مصر وتمضي بها إلي شاطئ الأمان في هذه المرحلة، وهذا يجعلنا في وضع أفضل من غيرنا، فلو نظرنا من حولنا نجد مأساة، فما يحدث في ليبيا وسوريا مأساة بمعني الكلمة، والعراق أيضاً مأساة، ومن هنا يمكن القول إنه لم ينج من لعنة «الكابوس العربي» وليس «الربيع العربي» إلا مصر بفضل الحيوية والعفوية التي يتمتع بها شعبها.
ثورة يونية
كيف تري إيجابيات وسلبيات ثورة 30 يونية وهل هي بالفعل ثورة مثل ثورات العالم أم حركة احتجاجية لإسقاط النظام؟
- 30 يونية هي باختصار شديد ثورة لاسترجاع ثورة 25 يناير وإعادتها إلي الطريق السليم، فثورة 25 يناير قامت لتحقيق عدد من الأهداف المهمة جداً «الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية» وهذه الشعارات سرعان ما سرقها الإخوان المسلمون عندما استولوا علي السلطة، وكدنا نقع في الشرك، لكن إرادة الشعب هي التي استعادت ما نهب من 25 يناير.
هل تري أن الثورات العربية التي اندلعت في كثير من البلدان نجحت في إحداث تأثير كبير في العقل العربي؟
- لا.. فلا أستطيع أن أقول هذا، بل أكاد أقول إنه حتي الآن الأثر التدميري هو الأغلب في الوضوح، وإنه ربما تحدث آثار إيجابية بعد ذلك، لكن حتي الآن لا.
برأيك ما الأخطار التي تعرضت لها مصر منذ ثورة 25 يناير وما أكثر ما خسرته بعد الثورتين؟
- أهم ما خسرته مصر بعد الثورتين أولاً الأمن والأمان.. ثانياً الانهيار الاقتصادي الفظيع، ولولا المعونات الخليجية الآن لكنا في حالة لا يمكن تخيل مأساويتها.
في نظرك.. ما الذي نحتاجه لإقرار الحريات ومنع ظهور ديكتاتوريات جديدة؟
- لابد من الالتزام الكامل بالدستور، والمضي للأمام علي خطاه، وأنا أؤكد علي ذلك، لأنني أري بعض الانحرافات علي مبادئ الدستور وقواعده، وأرجو أن تكون هذه الانحرافات علي مستوي الأخطاء الفردية هنا أو هناك ولا تكون عملية ممنهجة بأي حال من الأحوال.
بعد الثورات الكبري تظهر دائماً مشاريع نهضوية وتنويرية كبري.. هل تري أن ذلك تحقق بعد ثورتي 25 يناير و30 يونية؟
- لا.. فالثورات تقوم بناء علي مشاريع تنويرية، فتبدو كأنها نتيجة لها، كما يحدث عندما نقول إن الثورة الفرنسية مثلاً هي نتاج أفكار التنوير الفرنسي، ومن أفكار جان جاك روسو وفولتير وديدرو وغيرهم من مفكري الاستنارة الفرنسية.
العودة إلي الوراء
وإلي أي مدي يعطل الإسلام السياسي مشروعات التنوير؟
- إلي أكبر مدي يمكن أن تتخيله، لأنه باختصار شديد هو يعيد الحياة كلها إلي الوراء، وبدلاً من أن يجعلك تتطلع إلي نموذج متطور في المستقبل فإنه يحاول أن يجعلك تستعيد لحظات زمنية فات أوانها وانتهت منذ آلاف السنين، ولا يحمل هذا سوي الخراب كما حدث في أفغانستان، علي سبيل المثال فما الذي نجحوا فيه هناك، أولاً تحريم تعليم المرأة، ثانياً إرجاع الحياة الأفغانية إلي القرون الوسطي، ثالثاً إلغاء الحريات، رابعاً كارثة اقتصادية غرق فيها المجتمع الأفغاني إلي أبعد حد.
ما أهم المشكلات الأخري التي تواجه مصر في المرحلة القادمة بعيداً عن الأصولية الدينية؟
- مشكلة التنمية، فمصر عليها أن تضع خطة تنمية وطنية شاملة، بحيث تكون نتاج رؤية سياسية وتكون خطة قومية متكاملة، تدفع للأمام بكل معني الكلمة وتحقيقها يعتمد علي اقتناع الشعب بها، وهذا ليس جديداً، فقد حدث ذلك في المكسيك وفي دول نصف العالم الآسيوي مثل ماليزيا والصين وكوريا الجنوبية، فلابد أن تكون لدينا خطة للتنمية، وهذه الخطة تتحقق بإرادة الشعب وبقيادة حكيمة سليمة.
وزارة الثقافة تحتاج لمثقف يرأسها بالضرورة.. لكن ليس كل مثقف يمكن أن يكون وزيراً للثقافة.. إلي أي مدي هذه العبارة دقيقة وأنت مثقف كبير وكنت وزيراً للثقافة؟
- لا.. هي تحتاج إلي مثقف هذا صحيح، لأنني أعتقد أن أي وزارة تحتاج إلي مثقف لديه رؤية، لكن في مجال وزارته، فوزارة الاقتصاد تحتاج إلي مثقف اقتصادي، ولديه رؤية اقتصادية، ووزارة التجارة أو الصناعة تحتاج إلي مثقف لديه رؤية صناعية وهكذا، فكل وزارة بالضرورة تحتاج إلي مثقف والمهم ألا يكون هذا المثقف مثقفاً فقط، بل لابد أن تكون لديه رؤية شاملة متكاملة لعمل وزارته ضمن إطار نهضة قومية، وعندما يتوافر ذلك في وزير تنجح الوزارة وينجح الوزير وعندما لا يتوافر ذلك يحدث العكس.
الحرية في مجتمعنا هل تراها أزمة حكم أم أزمة مجتمع؟
- الاثنان، هي أزمة حكم وأزمة مجتمع، وعندما تقول أزمة مجتمع، فإنك تعني أزمة ثقافة مجتمعية وتقاليد بالية، فالقضية ليست فقط في أن يكون الحكم في الأغلب الأعم حكماً استبدادياً أو ديكتاتورياً، إنما التقاليد عند الناس نفسها والعادات الاجتماعية هي عادات تغل من هذه الحرية وتكاد تقضي عليها.
كيف تفسر فشل الإخوان خلال العام الذي حكموا فيه مصر وهل تعتقد أن الشعب المصري تعرض لخدعة كبري لثقته في الإخوان؟
- لم تكن ثقة، لكنها كانت نوعاً من حسن الظن الذي سرعان ما كذبته الأحداث والوقائع، لقد كانوا يتظاهرون بأنهم علي أقصي درجة من القرب من الناس في أزماتهم ويلعبون علي ورقة الدين والاحتياج الاقتصادي، فعندما تولوا الحكم اكتشف الناس أنه لا دين لهم، وليس لديهم القدرة علي حل مشاكلهم الاقتصادية.
ما تقييمك لردود الأفعال الأجنبية التي لم يرض أغلبها بثورة 30 يونية وإزاحة الإخوان عن سدة الحكم؟
- كان من الطبيعي أن يحدث ذلك، أولاً بسبب مجموعة من الأخطاء الداخلية، وثانياً لأن المجتمعات الغربية لديها صورة نمطية للثورة، وهي صورة الانقلابات التي يقوم بها الجنرالات في أمريكا اللاتينية، فعندما أزاح الجيش الرئيس المعزول «مرسي» تصوروا أن هذا انقلاب كما يحدث في أمريكا اللاتينية، خصوصاً أن الانقلاب دعمه الجيش، فقالوا لأنفسهم هذا هو نمط الانقلاب السائد في أمريكا اللاتينية، وهذا ما حدث في مصر، وهذا خطأ لأن ما حدث في مصر ليس انقلاباً، بل ثورة قام بها الشعب أولاً وثانياً وثالثاً، وأما الجيش فقد ناصر الشعب في حالة الثورة، ومن هنا فهذا ليس انقلاباً، ولكن هذا كان صعباً عليهم أن يفهموه.
مصر تمر بحالة انقسام فهناك شعب ودولة في طرف.. وهناك جماعة الإخوان في طرف آخر.. فكيف نصل لإنهاء هذه الحالة؟
- هي ليست حالة انقسام أصلاً، فمصر لها شعبها وهناك مجموعة من الخارجين علي العقد الاجتماعي لهذا الشعب، فليس هناك طرفان، ولسنا في حالة توازن مع الإخوان المسلمين فهم ليسوا قسماً ونحن لسنا قسماً آخر، فنحن شعب مصر، وهم خارجون علي الميثاق الخاص بهذا الشعب، ومن ثم فقد تحولوا إلي إرهابيين.
محاكم استثنائية
البعض يطالب بمحاكمة الإخوان في محاكم استثنائية فهل تؤيد هذا الطرح؟
- أنا أؤيد أن تكون هناك محاكمات استثنائية بمحاكمة الإخوان المسلمين، لأن تباطؤ مراحل القضاء يعرقل المرحلة الانتقالية ويطيلها.
أين الأحزاب السياسية في مصر الآن وهي أنت راض عن الأداء السياسي حالياً؟
- أري أنه لا توجد لدينا أحزاب سياسية في مصر، لقد كانت موجودة وفاعلة في فترة ما من تاريخ مصر، ونحن لدينا الآن - بشكل عام - حالة تحجر في القيادات السياسية أو ما يسمي ب «النخب السياسية» فهي نخب كهلة، وينبغي إعطاء الفرصة للقيادات الشابة بشكل عام لتكون قادرة علي الحركة ومن ينكر ذلك مغالط لنفسه، فهناك مصطلح في العلوم السياسية اسمه «تدوير النخب» فالمجتمع الحي المتقدم هو المجتمع الذي يحدث تدوير دائم لنخبه، أي تتجدد، فنحن نري رئيس حزب العمال في إنجلترا، من الشباب، حتي أن رئيس أمريكا عندما تولي رئاستها كانت سنه أقل من 50 عاماً وهذه هي الأمم الحية، فقد سعدت كثيراً عندما انتخب حزب الدستور امرأة شابة في الخمسينيات من عمرها، لتتولي رئاسته وهي هالة شكر الله، ولديها قدرة فاعلة علي الحركة والفعل، فلو قارنت بينها وبين الدكتور محمد البرادعي، فسأعطي صوتي لهذه المرأة، لأن البرادعي عقلية عجوزة، وأعتقد أن ما ينسب له من الأخطاء الكارثية سببه السن، فلو كان «البرادعي» أصغر سناً من ذلك ما كان ارتكب هذه الأخطاء، في مواجهة فض اعتصامي رابعة والنهضة، فما حدث كان من الممكن ألا يحدث لو كانت هناك عقلية شابة حازمة بعيدة عن التردد والترهل في السن، الذي رأيناه.. إن الأمر كان في بدايته بسيطاً وصغيراً وحدثاً محلياً، إلا أنه نتيجة البطء والتراخي أصبح حدثاً عالمياً، فلابد أن نؤمن بشيء كل العالم يؤمن به وهو الشباب الذي ينبغي أن يتصدي للمسئولية فهم الذين قاموا بثورة 25 يناير و30 يونية، فالشباب كان متمرداً وصنع المعجزات التي لم يستطع أن يفعلها السياسيون الكبار ذوو السن المتقدمة، فهم أصحاب خبرة، لكنهم ليسوا قادرين علي الفعل والحركة، ولهذا أري أن مستقبل مصر في أجيالها الشابة وليس في جيل العواجيز من أمثالي، وما أصدق ما قاله عبدالرحمن الأبنودي في قصيدته «الميدان»: «آن الأوان أن ترحلي يا دولة العواجيز»، فقد كان مقصوداً بها كل القيادات الكبيرة في السن، والحمد لله الثورة سواء 25 يناير أم 30 يونية حققت تجديداً فعلياً وقوياً في النخب، فقيادة حركة «تمرد» جيل من الشباب المثقف ولديه ثقافة ثورية وحمل الأمانة والعبء واستطاع أن يحقق شيئاً رائعاً.
ما رأيك في قانون التظاهر وهي تراه أدي دوره أم أن هناك خللاً في تطبيقه؟
- أري أنه لا يطبق في حالات كثيرة، فالذي يحدث في الجامعات كل يوم معناه أن قانون التظاهر لا يطبق.
عانينا من ثالوث التخلف والفقر والجهل.. ما خطورة ذلك؟
- نحارب الجهل عن طريق نظام تثقيفي وليس تعليمياً، لأن هناك 50٪ من الشعب المصري في حالة أمية، وهذه الكارثة الأولي، أما الكارثة الثانية، فهي أن ما يقرب من 50٪ تحت خط الفقر، فهناك كارثتان ومن ثم لا نستطيع دخول التاريخ، فلابد من التخلص من الأمية والفقر.
كيف تري العنف داخل الجامعات وما طرق المواجهة التي تقترحها؟
- أري أن ذلك سيستغرق وقتاً لكن سيحسمه الأمن في نهاية الأمر، إلا أننا نحتاج إلي مزيد من الحسم، وفيما يتصل بالجامعات فهناك أيد مرتعشة وقرار متأخر، كان من نتيجته كل هذه الكوارث التي حدثت، لقد حارب البعض الحرس الجامعي في عهد الرئيس الأسبق «مبارك» لأنه كان يسيطر عليه أمن الدولة، لكن الآن نحن في حالة ثورة، فكيف نمنع الحرس الجامعي الآن من التواجد داخل الجامعة؟.. هذا غباء سياسي، لأن النتيجة أنه عندما شعر طلاب الإخوان المسلمين بأنه لا يوجد حرس ولا أمن حقيقي بدأوا يفعلون من الجرائم الفظائع ما يفعلون.
ما تقييمك للحالة الثقافية الآن.. وكيف تقرأ مستقبل الثقافة المصرية؟
- الثقافة المصرية في كارثة، فالوضع المأساوي الذي نحن فيه الآن سببه الثقافة، وبالمناسبة لا أبالغ في ذلك لأننا إذا تحدثنا مثلاً عن عقليات الشباب في جماعة الإخوان المسلمين، سنري أن هناك كارثة ثقافية، لأن الأفكار التي في أذهانهم متخلفة، فكيف تستطيع أن تحارب هذه الأفكار المتخلفة وتدخل في ذهنه، هذا هو التحدي المطروح عليك ولا مستقبل لك إلا إذا استطعت أن تواجه هذا التحدي.
هل تري أن الصراع السياسي الآن وراء حالة الانهيار الاقتصادي في مصر الآن؟
- الانهيار الاقتصادي له عوامل متعددة وليس الصراع السياسي فقط ولكن هناك عوامل كثيرة.
المواطن المصري لم يعد يخشي السلطة فماذا تغير في الشخصية المصرية من وجهة نظرك؟
- أنه لم يعد يثق فيها باختصار شديد، فهناك علي سبيل المثال مظاهرات عمال المحلة الكبري، فقد كنا نعتقد أن هذه المظاهرات بسبب الأجر، وإذ بنا نكتشف أنها بسبب أنه ليس هناك قطن أصلاً ولا شيء موجود داخل المصانع للعمل به، فمن المسئول عن إخفاء هذه الحقيقة وتصوير أن عمال المحلة كانوا يتظاهرون بسبب الأجور، فمن فعل ذلك ينبغي أن يحاكم.
كيف تري سبل التعامل مع مثلث التهديد الخارجي لمصر سواء تركيا وقطر وحركة حماس؟
- هناك سبيل واحد ليس هناك غيره في مواجهة الأخطار الخارجية وهو أن تقوي ذاتياً، فكلما ازددت قوة في الداخل يزداد موقفك الخارجي قوة وصلابة، ويهابك الجميع، أي لابد من تهيئة بيتك الداخلي أولاً، وعندما يقوي بيتك، كل أحجار العالم لن توقعه، فالمهم الآن هو تهيئة البيت المصري من الداخل، بحيث يكون قوياً جداً ضد أي تهديد خارجي.
هل تري أن التقارب المصري - الروسي مؤخراً يصب في مصلحة مصر؟
- أي تقارب مع دول العالم يصب في مصلحة البلد دون شك، بشرط ألا نضع البيض كله في سلة واحدة، كما فعل الرئيس الراحل السادات في السابق، فلا نقول مثلاً إن 99٪ من أوراق اللعبة في يد أمريكا، فهذا غير صحيح، فنسبة 99٪ من أوراق اللعبة في يدك أنت، ما دمت قوياً، ومن خلال قوتك بعد ذلك من الممكن أن تفتح كل مجالات التعاون مع كل دول العالم علي قدم وساق، بشرط أن تكون من موقع الندية والمساواة.
ما رؤيتك لملف سد إثيوبيا؟
- تفتقر إلي وجود حل سياسي.
وما رأيك في قرار السعودية والإمارات والبحرين بسحب سفرائها من قطر مؤخراً؟
- هذا أقل شيء كان ينبغي أن يتم فعله، مع هذه الدويلة التي تمارس جرائم لم ترتكبها إسرائيل نفسها، ورأيي الشخصي أن قطر تقوم بدور إسرائيل في المنطقة.
وهل سياسات قطر تعادل سياسة إسرائيل؟
- نعم.. فالسياسات القطرية كأنها سياسات إسرائيل، فهي تهدف إلي إيقاع الفرقة بين الدول، وإحداث فتن داخلية بين الدول العربية، فمن مصلحته ذلك، فهي كدولة عربية مستحيل، لكن أمريكا وإسرائيل من مصلحتهما أن يحدث كل ذلك في المنطقة.
في أحد حواراتك الصحفية السابقة قلت إن التطبيع مع إسرائيل ليس خيانة.. فما ردك؟
- لم أقل ذلك أبداً.. فلم أسمح بأي تعاون مع إسرائيل خلال تقلدي كل المناصب التي شغلتها في السابق، فعندما كنت رئيساً للمجلس الأعلي للثقافة طلب منا كثيراً عقد حوارات ثقافية ودعوة مثقفين إسرائيليين إلا أننا رفضنا، واستمر الوضع إلي آخر لحظة في المركز القومي للترجمة، وعندما ترجمنا كتباً إسرائيلية، ترجمنا عن طريق لغة وسيطة وليس عن طريق اللغة العبرية، وحتي الحالات التي ترجمنا فيها عن طريق اللغة العبرية لم يكن هناك تعامل بيننا وبين ناشر إسرائيلي، فكيف أقول إن التطبيع مع إسرائيل ليس خيانة، مازلت حتي الآن عند رأيي أنه لا تطبيع مع إسرائيل إلا بعد قيام سلام عادل شامل في المنطقة حتي نكون أكثر وضوحاً.
الأوامر من أعلي لأسفل
كثيراً ما قلت إن الدولة الدينية تخلق الاستبداد أو الديكتاتورية.. فما سر ذلك وهل مازلت مصراً علي رأيك؟
- أري أن هناك تركيبتين متشابهتين، هما التركيبة العسكرية والتركيبة الدينية، وأوجه التشابه بينهما أن كلتا التركيبتين، الأوامر فيها تأتي من أعلي إلي أسفل، ففي الدولة الديكتاتورية يصدر الديكتاتور القرار فيهبط إلي أسفل، حتي المجموعة الإرهابية دائماً ما يكون لهم أمير، وهذا الأمير هو الذي يصدر القرارات إلي من هو أسفل منه، وفي الوحدة العسكرية القرار يصدر من أعلي إلي أسفل، لكن في الدول المدنية الديمقراطية القرارات تصدر من أسفل إلي أعلي، وهذا معناه أن الرئيس في الدولة الديمقراطية المدنية هو موظف عند الناس، إنما في الدولة الديكتاتورية الناس هم الذين يشتغلون لدي الحاكم.
تجربتك كوزير للثقافة لم تستمر لمدة 9 أيام علي الأكثر.. فهل استفدت منها؟
- كان قراراً صائباً.. وقد استفدت من التجربة، ألا أكررها، لقد استقلت لأنني أدركت أن كل الوزارة التي أتواجد بها أو أغلبها علي الأقل من رجال مبارك، وقد أسهموا في الفساد قبل ذلك فكان من الطبيعي جداً أن أستقيل، وقد نشرت جريدة «الوفد» نص الاستقالة أكثر من مرة لأنها استقالة مسببة.
ما مواصفات رئيس مصر القادم في نظرك وما الذي ستنتخبه رئيساً؟
- سأنتخب الرئيس صاحب البرنامج الأكثر تكاملاً والأكثر إنباء بمستقبل مشرف لمصر، فليس عندي حكم مسبق علي من سأنتخبه، فافتراضياً إلي الآن لا يوجد سوي مرشحين، ومن الممكن أن يكونوا أكثر عند فتح باب الترشح، ولكن أياً كان العدد، فمعياري بسيط وهو البرنامج الانتخابي الذي ينقل الأمة المصرية من واقع التخلف إلي واقع التقدم، بالإضافة إلي أنني لابد أن أكون متأكداً وعلي يقين أن هذا الشخص سوف ينفذ البرنامج.
ماذا تقول للإعلام في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر؟
- أتمني أن يقف علي الحياد وأن يكون نزيهاً وشفافاً.
هل أنت متفائل بمستقبل مصر؟
- نحن نمضي في نفق مظلم لكنني أري النور في نهاية النفق، وهذا معناه أننا سنظل لعدد محدود من السنوات في تلك المعاناة لكن في نهاية الأمر ستنتهي هذه المعاناة، وندخل إلي أفق النور والمستقبل المتقدم.
كيف تري من يقول إن مصر سوف تعود لحكم العسكري إذا نجح المشير السيسي في الانتخابات الرئاسية؟
- ليس بالضرورة، أولاً لأن «البدلة» ليست مقياساً للحكم العسكري، فهناك عوامل أخري حاسمة، فالولايات المتحدة علي سبيل المثال حكمها أيزنهاور وهو جنرال، وفرنسا حكمها ديجول وهو جنرال، ولم تكن العبرة كونهما عسكريين، فالعبرة كانت بأن أمريكا وفرنسا كانتا بهما أبنية ومؤسسات ديمقراطية، وهذا هو الأساس، وما دامت مصر تكتمل مؤسساتها الديمقراطية «دستور ومجلس شعب منتخب ووزارة في يدها صلاحيات أكبر كافية، فلا خوف في هذا الجانب»، المهم ألا نعطي لأي رئيس جمهورية الفرصة لكي يستأسد وأن نخلق منه ديكتاتوراً جديداً، لكنني للأسف أخشي من حملات النفاق التي نراها الآن تخلق ديكتاتوراً جديداً.
ماذا يشغلك الآن وما مشروعاتك الثقافية القادمة؟
- أنهيت كتاباً وأصبح علي وشك الصدور وهو عن النقد الأدبي والرواية، لأنني صاحب مقولة: «زمن الرواية»، والكتاب اسمه «هذا زمن القص»، وأنهيت كتاباً آخر «عن تحديات الناقد الأدبي المعاصر»، وفي يدي عدة كتب أخري أعمل علي الانتهاء منها، وأرجو أن تكون هذه مشروعات العام الحالي.
أخيراً.. رسالة توجهها للشعب المصري فماذا تقول له؟
- اصبر وحاذر.. بقدر ما تحتمل ما يحدث لك، وحاذر وميّز بين الزائف والأصيل، لأننا في مرحلة انتقالية تختلط فيها الأوراق والأمور، فلابد أن يكون الشعب يقظاً لأبعد حدود اليقظة.
سيرة ذاتية
- ولد د. جابر عصفور بالمحلة الكبري 25 مارس 1944.
- حصل علي الدكتوراة من قسم اللغة العربية بآداب القاهرة بمرتبة الشرف الأولي 1973.
- رأس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة «1990 - 1993».
- عمل أستاذاً مساعداً زائراً للأدب العربي بجامعة ويسكونسن - ماديسون الأمريكية.
- عمل أستاذاً زائراً للنقد العربي بجامعة ستكهولم بالسويد.
- عمل أستاذاً معاراً ثم عميداً مساعداً بكلية الآداب - جامعة الكويت.
- أستاذ زائر للنقد العربي بجامعة هارفارد الأمريكية.
- أمين عام المجلس الأعلي للثقافة من «1993 - 2007».
- مدير المركز القومي للترجمة من 28 مارس 2007.
- عين وزيراً للثقافة في 9 فبراير 2011 واستقال بعد عشرة أيام من توليه المنصب بسبب عدم رغبته في المشاركة في وزارة ذات وجوه من العهد البائد في عصر مبارك.
- عضو في لجان جوائز الدولة التشجيعية وجائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.. وجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية بالإمارات.
- عضو المجلس القومي للمرأة.
- عضو لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلي للثقافة سابقاً.
- عضو لجنة الآداب والدراسات اللغوية بمكتبة الإسكندرية منذ تشكيلها.
- عضو بالجمعية الأدبية المصرية بالقاهرة واتحاد كتاب مصر.
- سكرتير عام الرابطة المصرية لاتحاد كتاب آسيا وأفريقيا بالقاهرة.
- شارك «عصفور» في عشرات المؤتمرات والندوات التخصصية داخل مصر وخارجها.
- له العديد من المؤلفات أبرزها «النقد الأدبي والهوية الثقافية» و«زمن الرواية» و«أنوار العقل».
- حصل علي العديد من الجوائز والأوسمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.