يصنف المتخصصون فى مجال الإعاقة الذهنية الأطفال المعاقين ذهنيا إما قابل للتعلم أو قابل للتدريب، ومن حسن الحظ أن كريم شاب معاق ذهنيا قابل للتعلم وأيضا فنان مبدع، يخرج من تحت يديه أحلى منتجات البامبو.. لم يكتف ببيعها فقام بتدريب زملائه من المعاقين ذهنيا على هذه الحرفة، وبالرغم من أنه يعانى من صعوبات في النطق إلا أن لديه قدرة فائقة على التواصل مع زملائه. يقول عنه احمد صابر ،مدرس بقرية الزهور بجمعية المعاق ذهنيا،: كريم من المتفوقين فى القرية وهو من الفئة التى تظهر كفاءتها فى التدريب المهنى، ومنذ عدة أشهر جعلناه يدرب زملاءه من المعاقين ذهنيا بعد أن تم تدريبه على ذلك ليصبح من العاملين الأساسيين بالجمعية بعد أن كان من روادها. وتعتبر الزهور أول قرية متكاملة لرعاية المعاقين ذهنيا ، وهى تابعة لجمعية صوت المعاق المشهرة برقم 4266، وتعمل على إتاحة بيئة نشطة ممتعة وملائمة لتنمية المهارات وتعديل السلوكيات والتأهيل المهنى فى ضوء المشاركة المجتمعية والمعايير القومية للتعليم والتأهيل. تمتد القرية على مساحة 3 فدادين، وتتكون من 9 فصول تتسع ل 300 طالب، بها ملاعب وحمام سباحة وقاعات للكمبيوتر وعيادات طبية. الدراسة في فصولها تعتمد على منهج الارتقاء بالأطفال تحت سن10 سنوات، وعندما يصل الطفل إلى تعليم الحروف والأرقام ينتقل إلى المنهج الأكاديمى وهذا فى إطار الاعاقة القابلة للتعليم. يقول صابر: المعاقون بعد سن 17 يتم تحويلهم إلى التأهيل المهنى فى ورش القرية للسجاد والبامبو والنجارة والخزف والرسم ، حيث يتم عمل اختبارات فى بداية قبول الأطفال لمعرفة أى الحرف والأنشطة مناسبة لهم . ويضيف: القرية بها كل ما يهم المعاق من رعاية صحية وتعليمية ومهنية بخلاف تنمية مهارات الاتصال التي نعتبرها أهم ما يحتاجه المعاق ذهنيا للتواصل مع المجتمع. ويبدأ يوم المعاق فى الجمعية في تمام الثامنة صباحا حيث تبدأ الدراسة ، ولما كان المعاق ذهنيا لا يستطيع الجلوس فى الفصل مده تزيد علي ساعة، فإن العمل بالفصول ينتهي في التاسعة بعدها يخرجون لممارسة النشاط البدنى، ثم يتم تحويلهم للنشاط المهنى ومنهم من يتم تحويله إلى غرفة الكمبيوتر، بالإضافة للحصص المخصصة لتعليم السلوكيات السليمه سواء فى اللعب أو فى الأكل حتى يتعلم المعاق الاعتماد على نفسه. وفى قرية الزهور لا يسمح بإقامة أى طفل إقامة دائمة لأن ذلك يقلل من تواصل الطفل مع أسرته ويبعده عن رقابتهم، ولأن الكثير من الحالات التى يصعب التعامل معها تكون بسبب إهمال الأهل.. لا تسمح القرية باستقبال الطفل وحده دون أسرته، فمتابعة الأهل والتواصل بين أولياء الأمور والمدرسين مهم جدا. احتواء وتطوير فلسفة الزهور أساسها أن كل الإعاقات لديها الفرصة للنمو والتطور.. لذا فإن معظم الحالات التي ترفضها مدارس التربية الفكرية تسارع القرية بقبولها ، ويتم التعامل معهم من خلال برامج متدرجة من الأسهل إلى الأصعب، حيث يتم تخصيص جلسة فردية لكل طالب على حدة، ويتم الكشف عليه وإذا احتاج الطفل إلى تخاطب أو علاج طبيعى أو كانت لديه مشاكل نفسية يتابعها الأخصائى النفسى . وتهتم القرية بسلوكيات الأطفال فتقوم بدمج البنات قبل سن 10 سنوات مع الأولاد ، ولكن بعد هذه السن يتم فصلهم لتلافى حدوث أية مشاكل بين الأولاد والبنات. عن بداية فكرة الجمعية ودورها تقول فاطمة عبد الحكيم ،مدير جمعية صوت المعاق ذهنيا، نشاط الجمعية بدأ من أكثر من 18 سنة، وكان الهدف منها الحد من الإعاقة من خلال الكشف المبكر لها، ولأني أم لابن معاق ذهنيا سألت نفسي " ما الذى أريده لابنى ؟ " فوجدت أنى أحتاج إلى مكان آمن لرعايته صحيا وعلميا وأيضا لتنمية قدراته العقلية والبدنية. ومن خلال التبرعات ،والكلام مازال لمديرة الجمعية، أقمنا الزهور وجهزناها بالورش والملاعب، أما دار الاستضافة والمستشفى فقد افتتحناها للتجريب فى أكتوبر الماضى وبدأنا العمل بها منذ 3 أشهر فقط وتشمل 8 عيادات للكشف المبكر عن الإعاقة ولتدريب الأطباء على الولادة الآمنة، إضافة لمركز البحث العملى الخاص بمجال الإعاقة الذهنية وهذا يتم العمل فيه منذ افتتاح القرية . وحول الفرق بين القرية وأى مدرسة تربية فكرية تقول: القرية جامعة لكل ما يحتاجه الشخص المعاق ذهنيا ولكن بعض مدارس التربية الفكرية يقوم على فكرة الدمج التي اعتبرها فكرة فاشلة بكل المقاييس تؤثر بالسلب على الطفل المعاق، فالقرية هى بيت المعاق ذهنيا الذى يشعر فيه بالأمان والذي يمارس حياته فيها بشكل عادى جدا، إضافة إلى أننا في القرية ندرب الآباء والأمهات والأشقاء على التعامل مع الإبن المعاق . وتختتم كلامها مشيرة إلى أطفال معاقين ذهنيا من ابناء القرية نبغوا فى الأعمال اليدوية ويشتركوا بأعمالهم في المعارض الفنية التي تقيمها الزهور ، وبعضهم ممن برعوا في التواصل مع الغير يتم تشغيلهم بالقرية لتدريب زملائهم ويتقاضون رواتب مما يدل على نجاح القرية في تطوير قدرات هذه الزهور البريئة.