رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    مصر والأردن تبحثان تنفيذ أوبرا تجمع الحضارتين الفرعونية والنبطية    السعودية تحذر من الدخول لهذه الأماكن بدون تصريح    برلمانى: التحالف الوطنى نجح فى وضع أموال التبرعات فى المكان الصحيح    الرئاسة الفلسطينية: استيلاء إسرائيل على معبر رفح من الجانب الفلسطيني تجاوز الخطوط الحمراء    حزب الغد: نؤيد الموقف الرسمى للدولة الفلسطينية الداعم للقضية الفلسطينية    إدارة مودرن فيوتشر في الإمارات للتفاوض على شراء ناد جديد    حالة وفاة و13 مصابًا الحصيلة النهائية لحادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    مركز السينما العربية يكشف عن أسماء المشاركين في فعالياته خلال مهرجان كان    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    مواصفات سيارة تويوتا كامري ال اي ستاندر 2024    عزت إبراهيم: اقتحام إسرائيل لرفح الفلسطينية ليس بسبب استهداف معبر كرم أبو سالم    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    الرئيس الكازاخستاني: الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يمكنه توفير الغذاء لنحو 600 مليون شخص    كوارث خلفتها الأمطار الغزيرة بكينيا ووفاة 238 شخصا في أسبوعين.. ماذا حدث؟    مرصد الأزهر لمكافحة التطرف يكشف عن توصيات منتدى «اسمع واتكلم»    «لا نعرف شيئًا عنها».. أول رد من «تكوين» على «زجاجة البيرة» في مؤتمرها التأسيسي    سلمى الشماع: مهرجان بردية للسينما الومضة يحمل اسم عاطف الطيب    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    وزير التعليم يُناقش رسالة ماجستير عن المواطنة الرقمية في جامعة الزقازيق - صور    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    عام المليار جنيه.. مكافآت كأس العالم للأندية تحفز الأهلي في 2025    «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    توت عنخ آمون يتوج ب كأس مصر للسيدات    «اسمع واتكلم».. المحاضرون بمنتدى الأزهر يحذرون الشباب من الاستخدام العشوائي للذكاء الاصطناعي    حسن الرداد يكشف عن انجازات مسيرته الفنية    «فلسطين» تثني على اعتراف جزر البهاما بها كدولة    .. ومن الحب ما قتل| يطعن خطيبته ويلقى بنفسه من الرابع فى أسيوط    محافظ أسوان: مشروع متكامل للصرف الصحي ب«عزبة الفرن» بتكلفة 30 مليون جنيه    السنباطى رئيسًا ل «القومى للطفولة» وهيام كمال نائبًا    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    مناقشة تحديات المرأة العاملة في محاضرة لقصور الثقافة بالغربية    رئيسة المنظمة الدولية للهجرة: اللاجئون الروهينجا في بنجلاديش بحاجة إلى ملاجئ آمنة    «تويوتا» تخفض توقعات أرباحها خلال العام المالي الحالي    كريستيانو رونالدو يأمر بضم نجم مانشستر يونايتد لصفوف النصر.. والهلال يترقب    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    عامود إنارة ينهي حياة ميكانيكي أمام ورشته بمنطقة البدرشين    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الأرصاد تعلن تفاصيل حالة الجو اليوم.. فيديو    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خرجوا بعد الثورة من المدرجات للشوارع
"الألتراس" من "ملاعب" الكرة إلي "ألاعيب" السياسية
نشر في الوفد يوم 06 - 04 - 2014

تحولت ظاهرة الألتراس في مصر من ظاهرة رياضية تجمع مشجعي الأندية الرياضية وترغب في مساندة فرقها، إلى ظاهرة سياسية أكثر تأثيراً وقدرة علي التغيير من نشأتها سابقاً.. ظهرت مجموعات الألتراس في العديد من الأحداث السياسية
شاركوا في العديد من المليونيات يتصدرون الصفوف الأمامية ويعلنون مسئوليتهم عن حماية أسر الشهداء وأيضاً حماية أنديتهم الرياضية.. واكتسبت المنافسات الرياضية نكهة سياسية واضحة، ليس فقط بين الجماهير بعضها البعض، بل بين مجموعات الألتراس المختلفة، وإنما المشكلة الكبري أن الألتراس مجموعة بلا قائد.. ارتفعت أعدادهم بصورة هائلة.. ويأخذون قراراتهم بشكل داخلى.. والتنظيم يأتى من داخل تلك المجموعات.. وهم ليس لهم كيان قانونى ينظمهم أو إطاراً للمحاسبة، مما يتطلب تفعيل دور الألتراس في الحياة السياسية، حتي لا يصبحوا أداة أو ورقة ضغط في يد أجندات داخلية أو خارجية، خصوصاً بعدما تطور سلوك الألتراس عقب قيام الثورة.. فبعد أن كانوا يعرفون بانتمائها وولائها الشديد لفرقها الرياضية وأصوات غنائهم كانت تعلو أرجاء المدرجات طوال مدة ال 90 دقيقة عمر المباراة، أصبحت تحركاتهم أكثر جرأة عما ذي قبل وتضمنت خطواتهم رسائل سياسية واضحة، وهو ما خطف الأنظار بفضل ما تحلت به من تنظيم قوي وأداء مبهر، جعلتهم يحتلون العناوين الرئيسية للصحف، من حيث تنظيم أنفسهم في المظاهرات والهتافات التي تنادي بالديمقراطية، وأصبح الكثير يعتبرونهم مثالاً للشجاعة.
كلمة الألتراس ليست عربية وإنما لاتينية، وهي تعبر عن روابط ومجموعات تعرف بالانتماء والولاء الشديد لفرقها الرياضية، ويعتقد أنها ظهرت في إيطاليا عام 1963 لكن البعض يؤكد أنها ظهرت قبل ذلك في كل من المجر والبرازيل.
وعلى المستوى العربي، فمن المعتقد أن روابط الألتراس ظهرت في دول المغرب العربي قبل نحو 15 عاماً، قبل أن تظهر بقوة في مصر عام 2007 عبر إنشاء رابطة مشجعي الأهلي التي حملت اسم «ألتراس أهلاوي» ورابطة مشجعي الزمالك التي حملت اسم الفرسان البيض أو «وايت نايتس»، ومن بعدهما تم إنشاء روابط لأندية أخرى كالإسماعيلي والمصري والاتحاد السكندري.
أحمد شبرا، كبير مشجعي رابطة ال «وايت نايتس» ألتراس الزمالك، يقول: «أعضاء الألتراس دخلوا الحياة السياسية لرغبتهم في إحداث تغيير حقيقي في الشأن السياسي، ولكن ليس بقدر اهتمامهم بالرياضة، فالمدرجات هي حياة شباب الألتراس، علي الرغم من أننا ممنوعون من دخول الملاعب حالياً، لأسباب غير معلومة، ولكن نآمل جميعاً في استقرار الوطن والعودة لتشجيع الفريق الرياضي وللحياة الكروية مثلما سبق، وأريد أن أوصل رسالة لكل القيادات السياسية والرياضية في مصر بأنه لن يفلح أحد في استغلال الألتراس لصالحه، مؤكداً أن أعضاء الألتراس لا يخضعون للتوجيه من الخارج، وإنما لقيادتهم فقط».
ويضيف «شبرا»: «المدرج هو الذى يجمع الأعضاء، علماً بأن غالبية شباب الألتراس متعلم ومنهم معيدون في الجامعات والمعاهد والمدارس، ومعظمهم يمتلكون القدرة المالية الهائلة، لذا نحن لسنا في حاجة لمساعدة مالياً، ولم نتقاض تمويلاً من أحد، كما أن الرابطة لن تهدأ قبل أن تسترجع حقوق الشهداء، وكل من فقد دماءه للحافظ على أرض الوطن وتطهيره من الفساد».
أحمد همام، عضو مشجعي ألتراس الأهلي، يقول: «النادي فوق الجميع وهو شعار ألتراس أهلاوي وعددنا كبير لا حصر له وليس لدينا علاقة بالصراعات السياسية أو النزاعات علي المناصب، بل نطالب بوضوح بتركنا لمدرجاتنا ولتشجيع فريقنا»، مؤكداً أن أعضاء الألتراس لن يتنازلوا عن الحرية وحب الوطن وهو ما نؤمن به، وليس كلاماً بل عمل ومثابرة، لذا سنظل نصر ونصمم علي ذلك.
ويتابع «همام»: «نخاطب أصحاب العقول والضمائر للمطالبة بالإفراج عن زملائنا المقبوض عليها علي خلفيات الأحداث السابقة».
الدكتورة رباب المهدي، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، تري أن جميع المؤشرات تلمح إلي أن الألتراس سيصبحون ناشطين سياسيين بصورة أكبر، لكننا سننتظر لنرى الآليات التي سيستخدمونها للقيام بذلك، مؤكدة أن الفترة القادمة هي التي ستحدد الهيكل التمثيلي للحركة.
وتذكر الدكتورة «رباب»: «إن تحول الألتراس إلى حركة ثورية يعود الى حد ما إلى الصعوبات المرتبطة بهويتهم الرياضية، وأن هناك اختلافاً شديداً في وسائل الاتصال التي يستخدمها أعضاء الألتراس، فهذه الوسائل لا تقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي والتفاعل الفردي فقط، وإنما تعتمد بصورة كبيرة على الاجتماعات التي كانت تعقد بصفة دورية قبل المباريات المهمة».
وأوضحت الدكتورة «رباب»: «أن الألتراس ثاني أكبر جماعة منظمة بعد جماعة الإخوان الإرهابية، حيث تعتبر قوتهم في عددهم ؛ فإن بعد أحداث 25 يناير، أدركوا أن القوة لم تعد مع الصفوة، وأن زمام الأمور أصبحت في أيدي عامة الشعب الذين يشكلون الأغلبية»، مشيرة إلى أنه يوجد مزيج من الطبقات الاجتماعية المختلفة داخل الألتراس، وبالتالي لا يمكن تعريف هذه الجماعة، حيث يوجد تباين هائل بداخل هذه الحركة، فهي تضم المتعلم والأمي، والغني والفقير، فلا يوجد خاصية واحدة تميز بينهم.
الدكتور أيمن عبدالوهاب، مدير برنامج المجتمع المدني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، يؤكد أن شباب الألتراس مثل البعض من شباب الثورة، لا يملكون الخبرة السياسية وإنما يستندون علي الحماس الانفعالي مما يجعل الأمور تخرج عن السياق فكرة الدولة، فضلاً عن أنه في أحيان كثيرة تم استغلالهم وتوظيفهم سياسياً لخدمة جهات بعينها، وبالتالي يجب أن يدرك كل شاب من الألتراس الآليات والوسائل اللازمة لكي يمكن انتقاله من الحالة الثورية إلي النظام وفقاً لأطر الدولة، مما يتطلب ضرورة انخراطهم في الشأن السياسي من خلال التنظيمات السياسية المختلفة إما بانضمامهم إلي الأحزاب السياسية أو بتشكيل أحزاب سياسية جديدة تابعة لهم أو بالانضمام لمؤسسات المجتمع المدني، لأنهم بحاجة ملحة لعملية تنظيم لعملهم وتفاعليتهم التي عادة ما تخرج عن المألوف، وتكون وليدة حماس انفعالي أو رؤية قاصرة تنظر للأحداث من منظور ضيق، لذا تغيب عنهم فكرة المصلحة العامة.
وأضاف الدكتور «عبدالوهاب»: من المؤسف أن تقود هذه التجمعات المنظمة فكر عشوائي يدفعهم لأعمال مشينة.. وأعتقد أنها أضرتهم كثيراً وهو ما ينعكس بالسلب علي دورهم ورؤية المجتمع لوجودهم وأسلوب عملهم، وهذه نقطة ينبغي ان يقوموا بدراستها جيداً بعدما اقتربوا من خسارة أرضيتهم في الشارع، لافتاً إلي أن الكثير من الحركات الثورية والاحتجاجية خبت ولم يعد المجتمع يتقبل وجودها نتيجة لغياب الخبرة السياسية، ودفعها لسيناريو الفوضي أكثر من سيناريو اقامة الدولة.
منوهاً علي أهمية قيام دورالقيادات السياسية والرياضية بالعمل المجتمعي علي تنمية وعي هؤلاء الشباب لكي يمكنه امتلاك جوانب متعددة يستطيع عن طريقها التعبير عن وجهات النظر المختلفة والتعامل سياسياً بحنكة ولباقة وهو ما يدعم فكرة استمراريتهم في الحياة السياسية، كحل مناسب لإحداث تغيير حقيقي في عقلية هؤلاء الشباب، وليس بالاعتماد علي آليات التعبئة والحشد عديمة الفائدة، خاصة أنه إذا استمر هؤلاء علي العبث بمقدرات الدولة فسوف يأخذ المجتمع منهم موقفاً عدائياً وسيكون مؤثراً في المراحل القادمة.
الدكتور رفعت لقوشة، المفكر السياسي والأستاذ بجامعة الإسكندرية، أوضح أن ظاهرة الألتراس ما هي إلا انتماء رياضي في الأساس، لكنه يعمل حالياً في إطار سياسي، وهذا مسموح به في معظم الدول المتقدمة، مستشهداً بتجربة مدينة ميلانو في إيطاليا، التي قادها فرقتان رياضيتان.. الأول تشكل مع الفئات الشعبية والآخر شكلته الجاليات الأجنبية في إيطاليا، ليحدثا اندماجاً كبيراً بين الرياضة والسياسة.
وأضاف الدكتور «لقوشة»: أن أعضاء الألتراس يضمون أعداداً كبيرة من الشباب الذين يتمتعون بكافة حقوقهم السياسية، وبالتالي يمكن ان يعملوا سياسياً أو رياضياً في إطار تنظيمي، وذلك مشروط بأنه لن يكون الأعضاء طرفاً في خصومات أو صراعات عدم الاستقرار، حتي لا تكون سلوكيات الممارسة السياسية متجهة نحو العنف، مضيفاً إلي أن المشهد السياسي الآن يفرض علي الألتراس إلحاق بالسياسة وليس المساعدة فيها، وعندها سيكون الألتراس جزءاً من اللعبة السياسية وسوف يباشر حقوقه وأعماله السياسية كجزء من ذلك المشهد، لأن مصير الألتراس سوف يرتبط بالمجتمع إذا ما استطاع الأخير الوصول لمعادلة سياسية في إطار الاستقرار سوف يظل الألتراس جزءاً من العشوائية وعدم الاستقرار وتذهب ممارساته للعنف، مما يتطلب وجود مقترحات ورؤى تتمتع بالنضج والذكاء لمخاطبة تلك الفئة.
ويشير الدكتور «لقوشة» إلي أن مجموعات الألتراس دائماً ما تطلق على نفسها «خط الدفاع الأخير» الذي يدافع عن كرامة واسم النادي الذي ينتمون إليه، ويحملون علي عاتقهم الحفاظ علي الصورة المشرفة لجماهير ذلك النادي الذي عشقوه وترجموا هذا العشق بأفعال يشهد الجميع بها.
وأضاف الدكتور «لقوشة»: أنه لا يوجد للألتراس رئيس أو قائد، بل تتكون من مجموعة من المؤسسيين الذين سرعان ما يتراجع دورهم بعد أن تصبح المجموعة قادرة علي الوقوف علي أرض صلبة، ويدير العمل داخل الألتراس مجموعات عمل صغيرة تختص كل منها بتنظيم أنشطة المجموعة من تصميم وتنفيذ اللوحات الفنية وقيادة التشغيل داخل المدرجات وتنظيم الرحلات والإشراف علي مصادر تمويل المجموعة، فضلاً عن أنه يتميز الألتراس بالتركيز علي روح المجموعة باعتبارها كياناً واحداً لا يتجزأ ومن ثم تغيب أي نزاعات أو تطلعات فردية، فقيمة عضو الألتراس بما يقدمه للمجموعة من جهد وعطاء، ولذا كان يظهر أفراد الألتراس عادة ملثمي الوجوه، بعيدين عن الظهور الإعلامي، ناهيك عن أن الأضواء التي كانت مسموحة لهم لأن يكونوا تحتها فقط أضواء الملاعب خلف المرمي مشجعين فريقهم طوال ال 90 دقيقة من عمر المباراة.. مضيفاً أن الأحداث الأخيرة المؤسفة التي قام بها شباب الألتراس جعل المجتمع ينظر إليهم بعين الريبة، ويعتبرهم تهديداً لها، إما بسبب خشيتها من أن تؤجج مجموعات الألتراس العنف في الملاعب، أو نتيجة لقدرة الألتراس الكبيرة على الحشد والتنظيم، ومؤخراً إمكانية استغلال تلك القدرة في عالم السياسة.
الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، أضاف أن الطريق مفتوح أمام من يريد المشاركة بمفردة من شباب الألتراس في الحياة السياسية، لكنه يجب أن يعلم أنه سيعاقب إذا ما أخطأ، وما عدا ذلك يجب ألا يخرج الأمر عن المسائل الرياضية علي الإطلاق، خاصة أن حالة الغموض التي تحيط بالألتراس وتحركاتهم السياسية، بسبب سلوكهم المائل للتصعيد والمواجهة في الفترة الأخيرة مع قوى الأمن يعتبره البعض ليس فعلاً تلقائياً، وإنما بهدف إشاعة المزيد من الفوضى والتوتر الأمنى، في مقابل تحمل جميع نفقات الألتراس، ونحن عانينا من مسألة بيع الألتراس وأعمال العنف والشغب التي شهدتها مصر، ناهيك عن أن الشعب المصري لم يستطع تحمل ظواهر سلبية جديدة تضر بالصالح العام وتهدد استقرار البلاد، مشدداً على ضرورة إقامة حوارات جادة مع مجموعات الألتراس من أجل إقناعهم بالعودة إلى الملاعب للتشجيع.
حسين عبدالرازق، عضو مجلس رئاسة حزب التجمع، يري أن هذه الظاهرة محيرة للغاية، حيث ولدوا من مجموعة من مشجعي كرة القدم شديدي الولاء لكرة القدم والمعروفين باسم رابطة مشجعي نادي الأهلي والزمالك ومتشبهين بحركات مماثلة في الدول الأوروبية، وإنما اشتهرت تجمعات الألتراس بسلوكهم السافر، وتوجه استراتيجياتهم شديدة الولاء إلى دعم الفريق الذي يشجعونه وترويع منافسيهم، ولكن بعد اندلاع الثورة، اختلفت الصورة من الرياضة للسياسة، وإنما لكي يستدعي العقل السياسي وتكون المشاركة أكثر فعالية في الحياة السياسية فدائماً يكون هناك حاجة إلى العقلانية لكى نشق الطريق إلى المستقبل، ومن ثم يجب عليهم الظهور والتحدث عن أنفسهم ورؤيتهم في وسائل الإعلام لكي يعرفهم المواطنون حتي تزول معالم القلق والريبة الذين تسببوا فيها الشهور الماضية، مما يجعلهم يسيرون في اتجاه بناء دولة جديدة وهذا هو الهدف الاستراتيجى لثورة 25 يناير، بعيداً عن الأضرار أو العبث بالوطن،
أحمد عودة، أستاذ القانون وعضو الهيئة العليا بحزب الوفد، يقول: هذه مجموعات مشجعة لعمل رياضي للعبة معينة هي كرة القدم، وبالتالي إذا ما أرادت أن يكون هناك استمرارية في العمل السياسي فيجب أن تتجهه من منطلق قاعدة عقلانية منظمة وهادئة تحميها وتخطط لها أسلوب عملها بشكل قائم علي أسس وأفكار بنائه في معالجة الأمور المجتمعية، بشرط ألا تنجرف إلي استخدام القوة حتي لا يأخذ علي تلك الجماعات، لأن أعمال القتل والتدمير والتخريب كلها تنطوي تحت مسمي جرائم جنائية يعاقب عليها القانون وتصل أحكامها للإعدام، مشيراً إلي أن الألتراس مجموعة بلا قائد ويأخذون قراراتهم بشكل داخلى، والتنظيم يأتى من مجموعة داخل الألتراس وهم ليس لهم كيان قانونى ينظمهم ويكون إطاراً للمحاسبة.
الدكتور أحمد يحيي عبدالحميد، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة السويس، يقول: الألتراس لعبت دوراً كبيراً في الحياة السياسية طوال الفترة الماضية، وقد استغلت تلك التجمعات المنظمة من قبل بعض التنظيمات السياسية، خاصة الجماعة الإرهابية التي استخدامتها كورقة ضغط علي الحكومة المصرية، حيث حرصت علي التواصل معهم من أجل تحقيق أهداف ومنافع سياسية، ومن الواجب الآن علي وزارة الشباب والأندية الرياضية التي يتبعها هؤلاء الشباب ضرورة توجية هذه التجمعات المنظمة نحو العمل السياسي الإيجابي وحماية المجتمع عن طريق التواصل مع قيادات الألتراس وذلك بعقد لقاءات للحوار والمناقشات السياسية معهم وبإمكانهم تعديل الاتجاهات نحو خدمة الوطن وليس بغرض مصلحة شخصية لفرد أو جماعة معينة، بحيث يكون لهم سيطرة وكلمة علي باقي الأعضاء، ولاستخدامهم فيما ينفع المجتمع وهي مسئوليتهم الرئيسية، لأنه إذا تركوهم فسوف تتلقفهم الجماعات الأخري ويمكن استغلالهم بشكل سيئ في أعمال عنف أو شغب تهدد الأمن والسلم الاجتماعي.
ويضيف الدكتور «عبدالحميد»: إذا كان البعض يقوم بتقديم الأموال والرشاوي السياسية لتلك التجمعات، فيجب أن يعلم الجميع أن هذه الفترة مؤقتة وسوف تنتهي بعد استكمال الاستحقاقات السياسية التي ستصب في بناء الدولة ومؤسساتها كافة، واتمني عدم المواجهة الأمنية مع هؤلاء التجمعات، لأنها قد تؤدي إلي مردود سيئ كما شاهدنا من قبل.. مضيفاً أن تلك التجمعات الشبابية بلا إعداد أو رؤية وتضم فئات المجتمع المصري ككل وتعبر عن مشاعرها بأسلوب عنيف ولكنه منظم وتستغل استغلال غير إيجابي ضد المجتمع والدولة وهي جزء من التنظيمات الموجودة الآن في المجتمع التي يجب التواصل معها والحوار معها والتعرف علي اتجاهاتها وتنظيماتها وامكانيتها واستثمار هذه التجمعات لتفيد المجتمع ككل.
أحمد الفولي، عضو اللجنة الأوليمبية رئيس الاتحادين الأفريقي والعربي للتايكوندو، يقول: هؤلاء التجمعات المنظمة يحتاجون من جانب القيادات السياسية والرياضية إلي تواصل مستمر بالتركيز علي فكرة الدولة ودورهم تجاه وطنهم، وهو ما يجعلهم يتمكنون من التعامل السياسي بعيداً عن اتجاه الحماس الانفعالي أو مسارات الفوضي وبمرور الوقت يمكن أن يكسبوا خبرات سياسية وثقافية كبيرة التي تجعلهم قادرين علي اتخاذ القرار السليم، مطالباً الشباب بالبحث عن فكر جديد ينقل الوطن لعصر جديد من التقدم والازدهار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.