محافظ أسيوط: حصاد 103 آلاف فدان قمح وتوريد 63 ألف طن للشون والصوامع حتى الآن    محافظ قنا يتابع سير العمل بمزرعة النخيل والصوبات الزراعية    محافظ المنيا يوجه بتنظيم حملات لتطهير الترع والمجاري المائية    النائب محمد الرشيدي: تهديدات الاحتلال الإسرائيلي باجتياح رفح ستسفر عن نتائج كارثية    عزت الرشق: أي عملية عسكرية في رفح ستضع المفاوضات في مهب الريح    كريم شحاتة يتقدم باستقالته من منصبه مع فريق البنك الأهلي    نجم ميلان يحسم موقفه من الانتقال للدوري السعودي    محافظ مطروح يشهد فعاليات النسخة الأخيرة لبرنامج شباب المحافظات الحدودية    بالصور - تتويج زياد السيسي بالذهبية التاريخية في بطولة الجائزة الكبرى للسلاح    بالصور.. تهشم سيارة مطرب المهرجانات عصام صاصا في حادث اصطدام شاب ووفاته أعلى دائري المنيب    مصرع شخصين وإصابة 3 في حادث سيارة ملاكي ودراجة نارية بالوادي الجديد    "فاصل من اللحظات اللذيذة" يعود مرة أخرى للارتفاع ويحقق مليون و500 ألف    بعد إصابته بالسرطان.. نانسي عجرم توجه رسالة ل محمد عبده    المستشار حامد شعبان سليم يكتب :الرسالة رقم [16]بنى 000 إن كنت تريدها فاطلبها 00!    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    أحمد إمام يفوز بعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري لتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة    التعليم تعلن تعليمات عقد الامتحانات الإلكترونية للصفين الأول والثاني الثانوي    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث بالوادي الجديد    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات ويوجه بمتابعة جميع الأنشطة الدعوية والقرآنية    الري تفتح الحدائق والمزارات أمام المواطنين في احتفالات شم النسيم    نزوح أكثر من ألف أسرة بسبب الفيضانات في أفغانستان    6 مشروبات مهمة يجب تناولها عقب وجبة الرنجة والفسيخ في شم النسيم    ختام فعاليات المؤتمر الرابع لجراحة العظام بطب قنا    معهد أمراض العيون: استقبال 31 ألف مريض وإجراء 7955 عملية خلال العام الماضي    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    «الصحة»: إجراء 4095 عملية رمد متنوعة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 37 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    أسهلها الدفع أونلاين.. تعرف على طرق حجز تذاكر القطارات لكافة المحافظات (تفاصيل)    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    5 ملفات تصدرت زيارة وفد العاملين بالنيابات والمحاكم إلى أنقرة    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية بحياة ماجدة الصباحي (فيديو)    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    مفاجأة.. فيلم نادر للفنان عمر الشريف في مهرجان الغردقة لسينما الشباب    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    زيادة قوائم المُحكمين.. تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    طارق العشرى يُخطط لمفاجأة الأهلي في مواجهة الثلاثاء    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    ماكرون يطالب نتنياهو بعدم اقتحام رفح الفلسطينية وإدخال المساعدات إلى غزة    "دور المرأة في بناء الوعي".. موعد ومحاور المؤتمر الدول الأول للواعظات    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    إزالة 164 إعلان مخالف وتقنين 58 آخرين بكفر الشيخ    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    قصف روسي على أوكرانيا يتسبب في انقطاع الكهرباء عن سومي وخاركيف    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    بالصور.. الأمطار تتساقط على كفر الشيخ في ليلة شم النسيم    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لواء حسام سويلم يكتب:
مغزى تشكيل وحدة "الإنقاذ والتدخل السريع"
نشر في الوفد يوم 03 - 04 - 2014

استبق المشير عبدالفتاح السيسى إعلان استقالته والترشح لانتخابات الرئاسة بتدشين عمل قوة خاصة للإنقاذ والتدخل السريع، قائلاً: إن تشكيل تلك القوة يأتى لتعزيز قدرة الجيش وما نراه اليوم من هذه القوة هو إعجاز، فهناك دول تستغرق سنوات لتجهز وحدات مماثلة، تأسيس تلك الوحدات يعنى قدرة قتالية وتحركاً عالى المستوى وقدرة كبيرة على المواجهة»،
ثم أوضح المشير «السيسى»، أن قوة التدخل السريع «تضم أفضل عناصر الجيش من أسلحة المشاة والمدرعات والدفاع الجوى والقوات الخاصة وتمتاز بالقدرة العالية على المناورة وسرعة الحركة لتنفيذ جميع المهام، وهو ما يجعلها تزيد من قدرة الجيش المصرى على فعل المستحيل»، وأكد قدرة التشكيل الجديد على تنفيذ مهام جريئة وخاطفة بالتسرب البرى العميق والابرار الجوى السريع. ثم أشار إلى أن هذه القوة مشكلة للقيام بمهام خاصة جداً، وتأسيسها تمت مناقشته مع أجهزة القوات المسلحة المختصة التى أكدت القدرة على تشكيلها من دون وجود صعوبات، فقد قامت كل الإدارات والهيئات بدورها فى وقت قياسى وبطريقة مشرفة أسعدتنا جميعاً، وكشف المشير «السيسى» أن القوة الجديدة ستخضع لبرامج تدريب غير تقليدية من جانب هيئة تدريب القوات المسلحة، وقال، مخاطباً عناصر القوة الجديدة: «ما نراه اليوم عظيم جداً، فنحن نتحدث عن مدى زمنى غير مسبوق، وقدرة نيران وكفاءة قتالية عالية جداً حتى نحمى البلاد على مستويات مختلفة وفى أى مكان».
وقد نفى مسئول عسكرى ما تناقلته تقارير صحفية عن أن هذه الوحدة القتالية الخاصة التى تم تدشينها أخيراً ستعمل على فض التظاهرات، وأشار إلى أن هذه القوة ستعمل ضمن منظومة الجيش ولا علاقة لها بالتظاهرات التى تضطلع بها الشرطة الحديثة، ثم أوضح أن قوات التدخل العسكرى المحمولة جواً ذات التشكيل الخاص تتسم بالقدرات العالية وطبيعة العمل الخاصة وتسليحها وفقاً لأحدث نظم التسليح العالمية، ما يمكنها من الانتشار والتدخل السريع لتنفيذ كل المهام بالتعامل مع الأهداف النمطية وغير النمطية والوصول إلى مسارح العمليات داخل البلاد وخارجها فى أسرع وقت ممكن باحترافية وتحت مختلف الظروف، بما تمتلكه من إمكانات نيرانية وقتالية عالية، وقدرة على المناورة وخفة الحركة.
مغزى توقيت الإعلان عن هذه القوة
مما لا شك فيه أن توقيت الإعلان عن تشكيل قوة التدخل السريع قد تحدد بعد أن تم اتخاذ قرار تشكيلها، واستكمال بنائها وتدريبها على النحو الذى تم الإعلان عنه، ويرتبط ذلك بديهياً بما تواجهه مصر من تهديدات أمنية خطيرة ومتعددة لأول مرة فى تاريخها الحديث، حيث العدائيات تحيط بها من الشرق، حيث تتواحد حركة حماس فى قطاع غزة، والتى تشكل قاعدة لوجستية للمنظمات الإرهابية، التى تعمل فى سيناء، وعلى رأسها أنصار بيت المقدس ومجلس شورى المجاهدين وأنصار الشريعة والشرعية وغيرها، حيث تمدهم حماس بالأفراد والأسلحة والذخائر والمعدات والأموال التى تحصل عليها من إيران، فضلاً عن مراكز التدريب التى يتم فيها تدريب الإرهابيين ثم ترسلهم عبر الأنفاق المستمرة فى حفرها رغم الجهود المصرية لإغلاقها، أما من الغرب، وبسبب الفوضى التى عمت ليبيا أخيراً بعد سقوط نظام حكم القذافى، وما أصابها من تمزق وتفكك وانقسامات سياسية وجغرافية، فضلاً عن تهريب وتجارة أسلحة وذخائر ومعدات إلى خارجها على نطاق واسع، كان نصيب مصر هو الأكبر من حجم هذا التهريب، وما نتج عن ذلك من دعم الجماعات الإرهابية فى مصر بالأسلحة والذخائر، واستغلال جماعة الإخوان الإرهابية لهذا الوضع بأن سيطرت على القسم الأكبر من إقليم برقة فى شرق ليبيا والملاصق للحدود مع مصر، خاصة بعد أن أعلنت الميليشيات التابعة للإخوان فى هذا الإقليم انفصاله عن ليبيا، وبالتالى أصبحت تشكل عمقاً استراتيجياً فى الغرب للمنظمات الإرهابية العاملة فى مصر، فقد تأكد لأجهزة الاستخبارات المصرية تواجد نحو 18 ميليشيا إسلامية مسلحة فى ليبيا، لها معسكرات تدريب تضم حوالى 70 ألف مقاتل إسلامى لديهم جميع أنواع الأسلحة المتقدمة، من هذه العشرات يوجد 10 معسكرات قرب الحدود مع مصر معظمها فى منطقة خليج «بردى» على مسافة 60 كم من الحدود المصرية، كل معسكر يضم 700 إرهابى يتم تدريبهم على أيدى مقاتلى القاعدة جاءوا من سوريا والعراق وأفغانستان وباكستان، يشرف عليهم صلاح شحاتة الذى قدم منذ شهرين من إيران بعد لقائه رئيس المخابرات التركية «هاكان فيدان» فى أنقرة، إلى جانب إشراف أجهزة مخابرات أجنبية كبرى تتولى التنظيم والإشراف على تشكيل ما يطلق عليه «جيش مصر الحر»، ووضع خطط العمليات ضد مصر وبعض دول المغرب العربى، أما فى جنوب مصر فيوجد نظام حكم إخوانى آخر تحت قيادة البشير ثبت قيامه بإنشاء معسكر لتدريب إرهابيين تابعين للإخوان وحزب الله ويتم تسليحهم وتمويلهم من قبل إيران وإرسالهم عبر درب الأربعين إلى صحراء مصر الشرقية ثم سيناء وهو ما كشفت عنه الهجمات الجوية الإسرائيلية لمصنع اليرموك للأسلحة جنوب الخرطوم وقوافل نقل الأسلحة إلى داخل مصر خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ناهيك عن البؤر الإرهابية الكبيرة داخل المحافظات المصرية فى الداخل، والتى هى بمثابة قواعد لشن عمليات إرهابية ضد الأهداف الاستراتيجية ومقار الجيش والشرطة، هذا فضلاً عن التهديد الناجم من إثيوبيا بحجز جزء من مياه النيل بسبب بناء سد النهضة.
كل هذا الحجم من العدائيات المحيطة بمصر شرقاً وغرباً وجنوباً وفى الداخل، فضلاً عما يتم من تهريب أسلحة وإرهابيين عبر البحر المتوسط على سواحل مصر الشمالية، كل ذلك فرض على القيادة العسكرية فى مصر أن تشكل قوات خاصة تكلف بمهام خاصة لضرب هذه العدائيات، بل واستباقها بالضربات لردعها عن شن أى عمليات عدائية ضد مصر فى الداخل بالتعاون مع إرهاب الداخل المتمثل فى جماعة الإخوان وحلفائها، حيث لم يعد الأمن القومى المصرى بعد كل ما واجهه من تهديدات فى الأعوام الثلاثة الماضية، يتحمل رفاهية انتظار وقوع هجمات إرهابية معادية وصدها، بل شن ضربات استباقية ضدها لردعها والقضاء عليها فى مهدها بمعسكراتها وأماكن إيوائها سواء داخل مصر أو خارجها.
ومع الحرص على عدم توريط قوة التدخل السريع فى عمليات فض التظاهرات شبه اليومية، حيث تتولى قوات الشرطة هذه المهمة، إلا أن تواجد أهداف عسكرية كثيرة داخل المدن، مثل مقر وزارة الدفاع فى وسط القاهرة، إلى جانب مقار أجهزة المخابرات العامة والحربية، والهيئات والإدارات العسكرية، وقيادات القوات الجوية والدفاع الجوى.. وغيرها، كذلك مقار قيادات المناطق العسكرية داخل المدن «المنطقة الشمالية فى الإسكندرية، والمنطقة الغربية فى سيدى برانى، والمنطقة الجنوبية فى أسوان، وهو ما تعتبره المنظمات الإرهابية أهدافاً ثمينة ذات أهمية خاصة تستحق من جانبها أن تستهدفها بهجمات إرهابية لما تحدث من تأثيرات معنوية، كل ذلك يفرض على قيادة القوات المسلحة المصرية أن تضع حماية كل هذه الأهداف الاستراتيجية العسكرية فى إطار المهام التى ستكلف بها وحدة التدخل السريع، ولو تدخل فى إطار مهام قوات الشرطة.
كما أن تطور واتساع نطاق عمل المنظمات الإرهابية وتهديدها بتخريب منشآت ومرافق مدنية ذات أهمية استراتيجية، مثل المصانع الكبرى والقناطر الخيرية والمطار والسكك الحديدية والسد العالى ومحطات المترو.. إلخ، وهو ما قد يكون خارج قدرات قوات الشرطة، يفرض على القوات المسلحة أن تطور تشكيلاتها العسكرية لتتواءم مع مهمة حماية هذه الأهداف الاستراتيجية والحيوية، وتعتبر إضافة إلى قوات مكافحة الإرهاب التابعة لوزارة الداخلية.
لذلك وبالنظر لتصاعد التهديدات من جانب جماعة الإخوان الإرهابية وحلفائها، لاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية بعد أن تحددت أسماء المرشحين وعلى رأسهم المشير عبدالفتاح السيسى، وهو ما يعنى قرب انتهاء استحقاقات المرحلة الانتقالية، حيث لم يتبق منها بعد ذلك إلا الانتخابات البرلمانية، وتشكيل حكومة ديمقراطية، وهو ما يعنى ضمنياً فرض شرعية جديدة تلغى مزاعم جماعة الإخوان بأنهم يمثلون الشرعية، ويتوقع معه زيادة حالة السعار الذى انتاب هذه الجماعة بعد تهاوى حلمها بحكم مصر الذى أسقطه الشعب المصرى فى 30 يونية 2013، وما يرافق هذه الحالة من تخبط وارتباك وضربات جنونية هوجاء فى أكثر من اتجاه، كل ذلك يفرض ضرورة التحسب لجميع الاحتمالات، خاصة أن الأعمال الإرهابية التى تمارسها هذه الجماعة وحلفاؤها تلقى دعماً سياسياً ومالياً وتسليحاً من دول معادية لمصر فى البيئة الإقليمية لا تقتصر فقط على حركة حماس وإخوان ليبيا والسودان، ولكن أيضاً من جانب قطر وتركيا وإيران وإسرائيل، فضلاً عن دعم سياسى واستخباراتى من جانب الولايات المتحدة ودول حلف الناتو.
أهمية تشكيل وحدة تدخل سريع فى مصر الآن
لم تكن مصر متأخرة فى تشكيل وحدة التدخل السريع فى العمليات العسكرية والأمنية، فقد بدأت الاهتمام بهذا التوجه العملياتى الاستراتيجى منذ سبعينات القرن الماضى، عندما واجهت وتنبأت بتوسع أعمال المنظمات الإرهابية المعادية لمصر فى الداخل والخارج، فقامت بإنشاء المجموعة 777 لمواجهة عدائيات الداخل والمجموعة 999 لمواجهة عدائيات الخارج والمتمثلة أساساً فى عمليات إرهابية ضد مصالح مصر فى الخارج وهجمات ضد السفارات والمكاتب المصرية وخطف طائرات.. إلخ.
إلا أن التهديدات الأمنية التى تتعرض لها مصر حالياً، وسبق الإشارة إليها وما واكب ذلك من متغيرات سياسية فى البيئتين الإقليمية والدولية، فرض على مصر أن تنشئ وحدة عسكرية خاصة جديدة لتواجه هذه المتغيرات، فمما لا شك فيه أن عدد من يتربصون بمصر فى الداخل والخارج زاد وتنوع بعد ثورة 30 يونية، وأصبحت هوياتهم مكشوفة، الأمر الذى ضاعف من حجم المسئوليات العسكرية والأمنية الواقعة على كاهل القوات المسلحة، وإذا كانت مصر فى الآونة الأخيرة بفضل الله تعالى قد استعادت علاقاتها الطيبة مع معظم دول الخليج، إلا أن دور قطر المعادى لمصر وصار مكشوفاً فرض علينا أن نولى اهتماماً خاصاً لهذا البعد العدائى الجديد المتمثل فى هذه الدويلة التى لا تكف عن تمويل وتسليح وتدريب الجماعات الإرهابية المناهضة للنظام السياسى القائم فى مصر وتتحالف مع أعداء آخرين لمصر فى الخارج وتشارك وتمول مؤامراتهم ضد مصر، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، بل وتكرس منابرها الإعلامية للتهجم على مصر، هذا بينما يتواجد على أرض قطر نحو 80.000 مصرى يعملون هناك ويشكلون فى نظر النظام القطرى رهائن تضغط بهم على مصر لمنعها من قطع علاقاتها مع قطر بشكل كامل ونهائى، خشية ترحيلهم إلى مصر وقطع أرزاقهم، كذلك الوضع مع ليبيا والسودان وحماس وإثيوبيا وجميعها تشكل بؤراً عدائية تعمل ضد مصر، وهو الأمر الذى يفرض التخطيط لمواجهة هذه العدائيات فى الخارج باستخدام جميع الوسائل الاستراتيجية الدبلوماسية وغير الدبلوماسية بما فيها العسكرية لمواجهة تهديدات هذه العدائيات، بل وإجهاض مخططاتها مبكراً قبل أن تنفذ.
إن تحرك مصر العربى والأفريقى مؤخراً كان له الأثر الإيجابى فى المحافظة، على المصالح المصرية ضد التهديدات الخارجية السابق إيضاحها، وبما يشكل نطاق آمن لمصر يمكنها من التعامل بإيجابية مع الدول الشقيقة والصديقة فى المحيط الإقليمى، مثل السعودية والإمارات والبحرين بشكل لم يكن متاحاً فى الماضى، وهو ما تمثل فى المناورات العسكرية المشتركة التى قامت بها قوات مصرية مشتركة مع السعودية والإمارات أخيراً، كذلك تبادل التعاون العسكرى فى مجالات أخرى مثل صفقات الأسلحة الأخيرة التى أبرمتها مصر مع روسيا، والتصنيع العسكرى، والتعاون الاستخباراتى والأمنى فى مجال المعلومات ومكافحة الإرهاب، كذلك بشائر تعاون استراتيجى مع دولة جنوب السودان بعد زيارة وزير دفاع هذه الدولة لمصر أخيراً، وما قد يعنيه ذلك من مواجهة التهديدات الإثيوبية ضد مصر فى منطقة أعالى النيل، بتعاون عسكرى وثيق مع جنوب السودان انطلاقاً من هناك. وهو ما قد يفرض فى المستقبل تواجداً عسكرياً لمصر فى هذه الدول لحماية المصالح والأهداف والأمن المشترك بين مصر وهذه الدول، لاسيما فى ضوء أطماع التوسع الإيرانى فى منطقة الخليج والذى امتد إلى المشرق العربى فى فلسطين وسوريا ولبنان والعراق وجنوب البحر الأحمر لمضيق باب المندب بعد سماح إريتريا لإيران بإقامة قاعدة بحرية عند مدخل البحر الأحمر فى باب المندب، وبما يهدد الملاحة فى قناة السويس، كل هذه المتغيرات والتهديدات تفرض على مصر بناء قوة عسكرية مناسبة ومتميزة تؤمن وتحمى مصالحها، فى المحيط الهندى والخليج وخليج عمان وبحر العرب والبحر الأحمر بشكل أفضل عما كان الحال فى الماضى، ويساعدها على استعادة دورها الإقليمى عربياً وأفريقياً، خاصة مع استمرار تربص إسرائيل بمصر، وتحينها أى فرصة ضعف تمر بها مصر لاستغلالها لتوجيه ضربة عسكرية تستعيد بها احتلال سيناء بعد أن فقدتها عقب حرب أكتوبر 1973، فضلاً عن دور إسرائيل التآمرى فى التعاون مع إثيوبيا لحرمان مصر من حقوقها فى مياه النيل، واستعداد جنوب السودان للتعاون مع مصر فى هذا الصدد.
تشكيل قوة التدخل السريع المصرية
لابد أن يكون حجمها متوائماً مع التهديدات التى تواجهها مصر على النحو السابق إيضاحه واتساع نطاقها، وبما لا يقل عن حجم لواء مشكل من أكثر من ثلاث كتائب أسلحة مشتركة: قوات خاصة «مظلات وصاعقة»، مشاة، عناصر مدرعة خفيفة، مدفعية خفيفة، دفاع جوى خفيف، وحدة هليوكوبتر نقل وهليوكوبتر هجومى، وحدة طيران نقل ثقيل ونقل خفيف، وحدة استطلاع واستخبارات، وحدة زوارق سريعة ولنشات صواريخ للدعم النيرانى البحرى، وحدات لوجستية «إشارة، صيانة وإصلاح وتسليح»، وحدة نقل برى، وحدة طبية، إمداد بالأفراد، وحدة إمداد بالمياه والتعيينات والوقود، بالإضافة إلى وحدة حرب إلكترونية وحاسب آلى، عنصر قيادة وسيطرة وإدارة عمليات.
تتشكل لها قيادة عملياتية قادرة على توفير قيادات فرعية تقود عمليات فى جبهات منفصلة بعيدة عن بعضها البعض، ويتوفر لها الاكتفاء الذاتى قتالياً ولوجستياً، على أن تتبع هذه القيادة هيئة عمليات القوات المسلحة، التى تخطط لها عملياتها وتخصص لها مهامها القتالية، وتنظم وتنسق عملياتها مع وزارة الداخلية عند العمل فى الداخل فى إطار مكافحة الإرهاب ووزارات أخرى، ومع وزارة الخارجية والدول الصديقة عند العمل فى الخارج.
أما من حيث التبعية القيادية فغالباً ما ستتبع قائد المنطقة العسكرية المركزية الذى سيشرف على اختيار عناصرها، وتشكيل الوحدة من أنواع الأسلحة والإدارات التخصصية فى الجيش، فضلاً عن المحافظة على كفاءتها القتالية واستعدادها القتالى، كما سيشرف أيضاً على وضع خطط تطوير وتدريب وتسليح وحدة التدخل السريع.
أما تسليح هذه القوة فيشمل أسلحة صغيرة وصواريخ مضادة للدبابات وصواريخ أرض جو محملة وصواريخ أرض أرض فردية أو مزدوجة قصيرة المدى، ومعدات وأجهزة قيادة وسيطرة وحرب إلكترونية، فضلاً عن دعمها بهليوكوبترات اقتحامية وهجومية وطائرات نقل وزوارق سريعة، ومركبات قتال مدرعة «ب.م.ب 3»، ومركبات نقل خفيفة جيب ونصف نقل قادرة على العمل فى الأراضى الصعبة وأجهزة إضاءة ليلية.. إلخ.
وقد تشكل لهذه القوة مدرسة خاصة للتدريب، أو قد تستفيد من مدارس الجيش فى الوحدات الخاصة أو الأسلحة التخصصية، كما قد تعتمد على القاعدة اللوجستية الأكبر للجيش فى الحصول على احتياجاتها المعيشية، أو قد تنشئ لنفسها قاعدة لوجستية صغيرة لتشمل العناصر الإدارية المختلفة.
تخطيط وإدارة العمليات
يعتبر الحصول على معلومات مبكرة قدر الإمكان عن العدائيات التى سيتم التعامل معها بواسطة هذه الوحدة، وفى أدق التفاصيل فى الداخل والخارج، عاملاً أساسياً فى نجاح عملياتها القتالية، وهو ما ينبغى أن يُعطى لهذه الوحدة أو من يخطط لها فى المستويات الأعلى اهتماماً بالغاً، سواء بالحصول على هذه المعلومات من وزارة الداخلية عند العمل فى الداخل، أو أيضاً من جهازى المخابرات العامة والحربية عند العمل فى الخارج، كذلك بواسطة وحدة الاستطلاع الخاصة داخل تشكيل وحدة التدخل السريع، على أن تكون المعلومات موقوتة وكاملة ودقيقة ويجرى تجديدها تباعاً، مع إجراء التحليل المبكر لها للخروج باستنتاجات شبه يقينية عن احتمالات عمل العدو المستقبلية، فضلاً عن المعلومات اللازمة عن الطبيعة الجغرافية والمناخية والسكانية لمناطق العمل فى الداخل والخارج، لذلك فإن الزيارات الميدانية المسبقة بواسطة قادة وضباط وحدة التدخل السريع لأماكن العمليات فى الداخل والخارج، كلما كان ذلك متاحاً، ومشاهدة أفلام تسجيلية عنها، تساعد كثيراً على توفير هذه المعلومات، وبما يؤدى إلى نجاح العمليات القادمة.
كما يعتبر تطبيق مبادئ الحرب فى عمل وحدة التدخل السريع عاملاً مهماً فى نجاح عملياتها لاسيما مبدأ المفاجأة، وذلك من حيث الوقت والمكان وأسلوب الهجوم والوسائل المستخدمة فيه لذلك ينبغى أن تتصف جميع عملياتها بالهجوم وليس بالدفاع، ويرتبط تحقيق عامل المفاجأة بخداع وتضليل العدو عن الاتجاه الحقيقى للهجوم ووقت تنفيذه، ولأن عمليات التدخل السريع غالباً ما تتم داخل أراضى العدو ووسط قواته، لذلك ينبغى الحرص على عزل منطقة العمل عن باقى الأماكن المتواجد بها قوات للعدو لمنع تدخلها فى العملية لحين إنجازها والانسحاب منها بسلام، وعند تطبيق مبدأ الحشد يراعى عند تحديد الهدف المعادى الذى سيتم التعامل معه وقوة التدخل السريع التى ستكلف بمهمة الهجوم عليه، أن يكون حجمها متفوقاً قدر الإمكان على حجم العدو، وأن تختار أسلحتها ووسائل قتالها بما يحقق سرعة إسكات وتدمير وسائل نيران العدو، وكذلك فى أن تفرض قواتنا الجوية تغطية كاملة لسماء المعركة ومنع مقاتلات العدو من التدخل فى العملية، وأيضاً لتغطية انسحاب قواتنا بعد تنفيذ المهمة، فضلاً عن تأمين تعاون من السكان المحليين فى منطقة الهدف مع قواتنا، وبما لا يكشف العملية إلى جانب تقليص مدة التعامل مع الهدف المعادى فى تحقيق المهمة إلى أدنى حد عند العمل فى عمق أراضى العدو.
وتعتبر مركزية التخطيط للعمليات ولا مركزية التنفيذ مبدأ مهماً فى عمل قوات التدخل السريع، حيث ينبغى أن تشترك قيادة قوة التدخل السريع فى تخطيط العملية وتبدى وجهة نظرها لكى تقتنع بالمهمة، ثم يترك لقائد القوة الحرية فى اختيار أسلوب تنفيذ المهمة على الأرض طبقاً لظروف الموقف الذى سيواجهه فى حينه، مع الاستعداد لدعمه بقوات إضافية إذا تطلب الموقف ذلك، أو سحبه قبل تنفيذ العملية إذا ما تم اكتشاف مخاطر تهدد بإفشال العملية.
وإذا تناولنا مهمة وحدة التدخل السريع فى إطار مكافحة الإرهاب على الصعيد الداخلى فى مصر، وهى مهمة أمن قومى بامتياز تضطلع بتنفيذها أولاً قوات الشرطة على النحو الذى يجرى حالياً، فإن عمل وحدة التدخل السريع لا يبدأ إلا بعد أن تطلب قيادات الشرطة ذلك، إذا ما عجزت عن مواجهة جحافل من الإرهابيين تفوق قدراتها، وعند ذلك تطلب دعم القوات المسلحة التى تدفع بوحدة التدخل السريع لمساندة قوات الشرطة أو لتحل محلها، إذا ما تكبدت خسائر جسيمة فى مواجهاتها مع الإرهابيين، وهو ما يفرض تنظيم تعاون مسبق بين قوات الشرطة ووحدة التدخل السريع حول طريقة وشكل الدعم الممكن أن تقدمه الأخيرة لقوات الشرطة، ودور كل منهما عند المشاركة فى العمليات فى المحافظات المختلفة، وقد يكون التعاون فى إطار توزيع مناطق العمليات المحتملة بين الشرطة ووحدة التدخل السريع، بحيث تتولى الشرطة مسئولية العمل فى عدد من المحافظات فى حين تتولى وحدة التدخل السريع مسئولية العمل فى محافظات أخرى، وقد يشمل توزيع المسئولية حماية الأهداف الاستراتيجية بين الجهتين، وقد يتطلب هذا الأمر تقسيم وحدة التدخل السريع داخلياً إلى عدة أقسام تتواجد فى محافظات مختلفة فى وقت واحد، وكل وحدة فرعية لها قياداتها تنفذ مهامها بالتعاون مع الشرطة أو مستقلة على أن يتحقق لها الاكتفاء الذاتى فى الجوانب التسليحية واللوجستية، ولا يتم تقسيم وحدة التدخل السريع على هذا النحو إلا فى حالات التوتر الأمنى الزائد وما يصاحبها من رفع درجة استعداد القوات، وفى هذه الحالة تتواجد وحدة التدخل السريع الفرعية فى عاصمة المحافظة مستعدة لعمل فى أى اتجاه منها.
وتختلف وسائل تعامل وحدة التدخل السريع عند العمل فى الداخل عن العمل فى الخارج، فعند العمل فى الخارج تتزايد المخاطر التى تتعرض لها هذه الوحدة القتالية، الأمر الذى يتطلب استخدام الأسلحة النارية فور التعامل مع العدو، أما عند العمل فى الداخل ضد الإرهابيين، فإن وحدة التدخل السريع ينبغى أن تتعامل أولاً بأسلحة مثل القدرة غير المميتة nondethal weapons من أجل تقليل الإصابة فى المدنيين، ودون إحداث تدمير فى الممتلكات أو أضرار بالبيئة، ما قد تتسبب فى إثارة منظمات حقوق الإنسان وغيرها، وتضم هذه النوعية من أسلحة مثل القدرة غير المميتة تقنيات متعددة مثل أسلحة الليزر منخفضة القدرة والمنطقة الكهرومغناطيسية غير النووية، ومشعات البث الضوئى المبهر وأنظمة الموجات تحت الصوتية والمواد المهدئة والمنومة، والمواد الكاوية شديدة القلوية، أما إذا تصاعدت التهديدات الإرهابية لتشكل خطراً على أفراد الوحدة أو تخريب المنشآت الحيوية المدافع عنها، فيتم استخدام الذخيرة الحية على الفور للدفاع عن النفس وعن الهدف الحيوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.