أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما دعمه لأوكرانيا عبر استقباله رئيس وزرائها في البيت الأبيض ووجه تحذيرا جديدا إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين مع اقتراب موعد الاستفتاء حول انضمام القرم إلى روسيا. وقال أوباما بعد استقباله أرسيني ياتسينيوك في المكتب البيضوي في حين ترفض موسكو شرعية حكومة كييف "نواصل القول للحكومة الروسية أنها إذا واصلت النهج الحالي (...) فسنكون مجبرين على فرض ثمن لقيام روسيا بانتهاك القانون الدولي في أوكرانيا". وأكد أوباما أن "طريقا أخر" لا يزال ممكنا معربا عن أمله في أن تؤدي الجهود الدبلوماسية الراهنة الى "اعادة التفكير" في العملية التي تفضي إلى الاستفتاء الأحد. ولكن قبل أربعة أيام فقط من تقرير مستقبل شبه الجزيرة التي يعيش فيها مليونا نسمة بينهم من ينتمي الى اقلية تتارية وأخرى ناطقة بالأوكرانية، تبدو القرم شبه مقطوعة عن بقية أنحاء أوكرانيا مع سيطرة القوات الروسية على النقاط الاستراتيجية فيها وإعلان "رئيس الوزراء" فيها سيرغي اكسيونوف نفسه "قائدا للجيش" وعدم تمكن سكانها من التقاط سوى قنوات التلفزة الروسية. وأعلن ياتسينيكوك في المكتب البيضوي متحدثا بالانكليزية "سنقاتل من أجل حريتنا، من أجل استقلالنا، من اجل سيادتنا. ولن نستسلم أبدا". وأكد أن أوكرانيا "جزء من العالم الغربي وستبقى كذلك"، علما بأن الأزمة اندلعت جراء رفض الرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش الموافقة على تحقيق تقارب مع الاتحاد الأوروبي. وأكد رئيس الوزراء من جهة أخرى أن بلاده ستظل "صديقا وشريكا لروسيا" رغم أنها تقيم علاقات أقوى مع غرب أوروبا. ولدى خروجه من البيت الابيض، طالب ياتسينيوك روسيا بأن "توقف هذا التدخل العسكري المرفوض". ومستعيدا خطابا شهيرا ادلى به الرئيس الاميركي الأسبق رونالد ريجان في برلين متوجها الى الزعيم السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف، حض ياتسينيوك الرئيس الروسي على "اسقاط هذا الجدار". وقال "رسالتي الى الرئيس بوتين هي اسقاط هذا الجدار، جدار الحرب هذا، جدار الترهيب والعدوان العسكري. فلنتحدث". وفي نيويورك، افاد دبلوماسيون أن الدول الغربية تبحث امكان احالة مشروع قرار على مجلس الامن يشكل ردا على استفتاء القرم عبر تاكيد ضرورة احترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها والتذكير بأن الاستفتاء يشكل انتهاكا للدستور الأوكراني. وقال دبلوماسي إن "روسيا ستلجا إلى الفيتو في كل الاحوال"، لكن امتناعا صينيا عن التصويت من شأنه أن يعزل موسكو أكثر. وتؤكد تصريحات الرئيس الأوكراني الانتقالي ألكسندر تورتشينوف على ما يبدو أن كييف رضخت لوضع التخلي عن القرم لروسيا وباتت قلقة من تدخل محتمل عند حدودها الشرقية حيث يعيش العديد من الاوكرانيين من اصل روسي. وصرح تورتشينوف قائد الجيوش الاوكرانية لفرانس برس "لا يمكننا خوض عملية عسكرية في القرم لانه لن يعود هناك قوات على الحدود ولن تكون اوكرانيا محمية وهذا ما يراهن عليه الجنود الروس". واضاف "عند الحدود الشرقيةلاوكرانيا تنتشر وحدات كبيرة من المدرعات". وفي هذا السياق، اعلن نائب وزير الدفاع الروسي كما نقلت عنه وكالة ايتار تاس ان روسيا اجازت لاوكرانيا القيام بطلعة استطلاعية فوق اراضيها للتاكد من عدم اجراء اي تدريبات عسكرية للقوات الروسية تهدد امن اوكرانيا. في موازاة ذلك، شكك احد قادة الاقلية التتارية في اتصال هاتفي طويل مع بوتين في شرعية الاستفتاء الذي سينظم الاحد المقبل في القرم. وقال مصطفى جميليف في مقابلة مع القناة الاوكرانية الخامسة "ابديت شكوكا في امكان تنظيم هذا الاستفتاء وشرعيته". ولا يزال الجدار مسدودا بين الروس والغربيين رغم تكثف المشاورات الدبلوماسية في الايام العشرة الاخيرة بين وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف اللذين سيلتقيان مجددا الجمعة في لندن. ويصل وزيرا الخارجية والدفاع الفرنسيان لوران فابيوس وجان ايف لودريان الى موسكو في 18 مارس بحسب ما اعلن الكرملين. لكن الرئاسة الفرنسية اوضحت لاحقا أن الاجتماع سيتم في حال احراز "تقدم في شان اوكرانيا". وحذر مسؤولون في الدول الغربية من مجموعة السبع أن استفتاء في القرم حول التحاقها بروسيا "لا قيمة قانونية له" وطالبوا موسكو بوقف دعمها لهذه المبادرة "فورا". من جهتهم، يسرع الاوروبيون وتيرة تقاربهم مع كييف. وأعلنت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ان الجانب السياسي في اتفاق الشراكة مع أوكرانيا يمكن ان يوقع خلال القمة المقبلة للاتحاد الاوروبي المقررة في 20 و21 مارس. واعلن ياتسينوك من واشنطن الاربعاء أنه واثق بان أوكرانيا ستوقع الجانب السياسي من هذا الاتفاق "الأسبوع المقبل". وفي مؤتمر صحفي في وارسو، كررت ميركل ورئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك أن الاتحاد الأوروبي مستعد لبدء "المرحلة الثانية من العقوبات" بحق روسيا. وقالت ميركل "نامل بنزع فتيل التصعيد، ولكن أذا لم يحصل ذلك فان وزراء الخارجية الأوروبيين سيبحثون الاثنين المرحلة الثانية من العقوبات" التي ستشمل تجميد أموال شخصيات روسية وأوكرانية تعتبر مسؤولة عن الازمة وحرمانها من الحصول على تأشيرات.