جاءت"العصفورة" إلى جريدة الوفد لتضفى عليها بصمات تزيد من رونقها فى عالم الصحافة وتدل على استمرار نضالها للكشف عن قضايا الفساد فى المؤسسات المختلفة ، لتكون بذلك عصفورة تنقر كل فاسد عبث يوماً بحقوق الوطن وأبنائه. وكانت الصحفية اللامعة سعاد أبوالنصر ابنة أخبار اليوم صاحبة فكرة عمود "العصفورة" التى كان يخشاها الوزراء وكبار المسئولين، بل هى صاحبة فكرة رسم عصفورة على هذا الباب وكانت سعاد أول من قدم هذه النوعية من الأخبار للوفد, إلا أن سعيد عبدالخالق تلقف الفكرة وتلقف أخبارها الأولى من الكاتبة الصحفية ليتولى عبد الخالق كتابة عمود العصفورة بعد ذلك لتكون كل الأخبار والمعلومات الواردة بالعمود على نفس الوتيرة من الصياغة الصحفية. استطاع سعيد عبد الخالق أن يجعل من "العصفورة" بابا رائعا جاذبا للقراء بشكل كبير وتقدم عبد الخالق بباب العصفورة إلى الأمام، وطور أخبارها من مجرد باب صغير إلى أن أصبحت تنشر على صفحة كاملة، ومنذ هذه اللحظات ارتبط باب العصفورة باسم سعيد عبدالخالق وكان القارئ ينتظر باب العصفورة كل خميس أكثر مما ينتظر جريدة الوفد نفسها، كما كان يشتريها الوزراء ليلا لمعرفة محتواها. وعندما أصدرت جريدة الوفد اليومية فى مارس 1987 تم إجراء العديد من المحاولات لتحويل العصفورة من أسبوعية إلى يومية ولكن كان من الصعب على الجريدة فى ذلك الوقت، فتم الإبقاء عليها أسبوعية فقط، لعدة أسباب أولها أن كاتب العصفورة كان يلجأ إلى أسلوب العصفورة أى عدم ذكر أسماء من تشملهم هذه الأخبار بسبب خوفه من بطش الحكومة ومطاردة الجريدة قضائيا بعد ذلك. وبعد زيادة معدل الحرية الصحفية، واتساع سقف الحريات تم نشر الأخبار بأسمائها الحقيقة ولم يعد كاتب العمود بحاجة إلى المبنى للمجهول فتوقفت العصفورة، ولكنها سرعان ما عادت إلى الوفد مرة أخرى بسبب هبوط التوزيع، لتحتل صفحتين بدلا من كونها قطعة صغيرة أو عمود فى صفحة. وكان الهدف من العصفورة هو الكشف عن الفساد داخل المؤسسات دون ذكر أسماء مسئوليه، لتترك الاستنتاج إلى ذكاء القارىء، وتعتبر الوفد أول صحيفة تفتح المجال أمام هذا النوع من الكتابات الصحفية، لتقوم بعض الصحف باتباع أسلوب العصفورة بعد الوفد من أجل الفوز بحصة أكبر من التوزيع. وكشفت العصفورة العديد من قضايا التلاعب المالى والفساد السياسى داخل مؤسسات الدولة بالاضافة الى الكشف عن الطرف الثانى من المسئولين والوزراء فى ذلك الوقت ، ومن بين هذة القضايا فساد ذكى بدر وزير الداخلية الاسبق وفوزى معاذ محافظ الاسكندرية الاسبق ، وكان اخر هذة القضايا قضية المرسيدس . وكان كاتب العصفورة يلقب كل نائب أو وزير بلقب ،فهذا نائب التأشيرات أبولمعة وذلك مدبولى الفشار وهذا وزير القمار وهكذا، فكانت ألقابه لاذعة تكشف حقيقة الفساد المستتر، وقد تعرض سعيد عبدالخالق لحملة مراقبة من زكى بدر وزير الداخلية الراحل ليعرف مصادر أخباره . وكانت الخلافات التى نشبت بين الكاتب الصحفى سعيد عبد الخالق و الدكتور نعمان جمعة رئيس الحزب انذاك السبب الذى أودى بحياة العصفورة وخاصة بعد رحيل عبد الخالق من الصحيفة إثر هذة الخلافات ، فلم تجد العصفورة من يعطيها رونقها كما أعتادت من قبل كاتبها الذى اثراها بالكثير من المصادر الكاشفة للفساد . وهكذا كانت عصفورة الوفد تنمنم فى أذان الشعب المصرى بالعديد من الاسرار الكاشفة للفساد والفاضحة لمن حللت لهم ضمائرهم النهب من اموال الدولة، ورحلت العصفورة عن الوفد تاركة وراءها تراث لن يغفله من عاصر تاريخ الصحافة الحرة ، لتعبر عن سماء النضال والكفاح التى رفرفت فيه داخل بيت الامة .