قرار جمهورى بتشكيل مجلس أمناء الأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب    ونش نقل أثاث.. محافظة الدقهلية تكشف أسباب انهيار عقار من 5 طوابق    رئيس الوزراء يناقش مقترحات فتح أسواق جديدة لزيادة صادرات الصناعات الهندسية    تسع 300 شخص.. تطوير قاعة المؤتمرات بالوحدة المحلية لمدينة طور سيناء    شراكة بين «طلعت مصطفى» و«أبو غالي موتورز» لتقديم خدمات التنقل المتكاملة في مدينتي    عودة عدد كبير من شاحنات المساعدات لرفض الاحتلال مرورها إلى غزة    الجامعة العربية: عدم الانتشار النووى يعد عنصرا حاسما فى السلم والأمن الدوليين    شهيد وجريح في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    برلمان سويسرا يصوت ضد مشروع قانون للاعتراف بدولة فلسطين    الحصول على مياه صالحة للشرب.. رحلة صراع يومية لسكان غزة    دي بروين يغازل أندية الدوري السعودي    في انتظار قدوم عيد الأضحى 2024: تواصل الروحانية والتضحية في المملكة العربية السعودية    التحفظ على المطرب أحمد جمال بعدما صدم شخص بسيارته بطريق الفيوم الصحراوى    مهرجان المسرح المصري يختار بتول عرفة لإخراج حفل افتتاح دورته ال17    المنتج محمد فوزي في ذكرى ميلاد محمود عبد العزيز: لا يعوض فنا وخلقا    جميلة عوض تحتفل بعقد قرانها على المونتير أحمد حافظ | صور    مع اقتراب عيد الأضحى.. ما شروط وسنن الأضحية لغير الحاج؟    ما حكم صلاة عيد الأضحى في البيت؟ ..«الإفتاء» توضح الحكم الشرعي    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال تطوير وتوسعة شارع صلاح سالم    رئيس جامعة حلوان يفتتح معرض الطلاب الوافدين بكلية التربية الفنية    4 يونيو 2024.. البورصة ترتفع اليوم    انهيار عقار بالكامل في ميت غمر بالدقهلية    أتلتيكو مدريد يخطط لضم مهاجم السيتي    محمد علي يوضح صلاة التوبة وهي سنة مهجورة    مدير صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى نخل المركزي بوسط سيناء    رئيس بعثة الحج: غرفة عمليات القرعة تعمل لتقديم خدمة شاملة لضيوف الرحمن    مهاجم الأهلي السابق: الزمالك خارج المنافسة على الدوري    على رأسهم ريان وبوريكة وبن شرقي.. الزمالك يخطط لصفقات سوبر    «التعليم العالي»: التعاون بين البحث العلمي والقطاع الخاص ركيزة أساسية لتحقيق التقدم    ل أصحاب برج الجوزاء.. تعرف على الجانب المظلم للشخصية وطريقة التعامل معه    فيلم فاصل من اللحظات السعيدة يقترب من تحقيق 60 مليون جنيه بدور العرض    توقيع اتفاقية تعاون بين جامعة المنصورة الجديدة وجامعة إيفانستي الفرنسية    بعثة المنتخب الأوليمبي لكوت ديفوار تصل القاهرة للقاء مصر وديًا    المشدد 7 سنوات للمتهم بقتل شخص بسكين في قليوب    دعاء رؤية هلال شهر ذي الحجة.. أحب الأيام إلى الله    7 تحذيرات لطلاب الثانوية العامة 2024.. مكان كتابة الاسم وأقصى مدة للتأخير    مدير عام فرع التأمين الصحى بالشرقية يتفقد عيادة العاشر من رمضان    غداء اليوم.. طريقة تحضير البامية باللحمة    الكشف عن الكرة الجديدة للدورى الإسبانى فى الموسم المقبل    جامعة سوهاج تتسلم أرض مستشفى الحروق.. صور    ترقية 20 عضوًا بهيئة التدريس وتعيين 8 مدرسين بجامعة طنطا    أول رد من الإفتاء على إعلانات ذبح الأضاحي والعقائق في دول إفريقية    «شعبة مواد البناء»: إعلان تشكيل حكومة جديدة أربك الأسواق.. ودفعنا لهذا القرار    9 أفلام مجانية بقصر السينما ضمن برنامج شهر يونيو    مصرع شخص في حريق ب«معلف مواشي» بالقليوبية    26 مليون جنيه جحم الاتجار فى العملة بالسوق السوداء خلال 24 ساعة    "تموين الإسكندرية": توفير لحوم طازجة ومجمدة بالمجمعات الاستهلاكية استعدادا للعيد    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" يتابع سير العمل بالشيخ زايد و6 أكتوبر    بملابس الإحرام، تعليم الأطفال مبادئ الحج بمسجد العزيز بالله في بني سويف (صور)    محافظ القليوبية يناقش طلبات استغلال أماكن الانتظار بعددٍ من الشوارع    رئيس الدوما الروسي: وقف إمدادات الأسلحة لأوكرانيا من شأنه إنهاء الصراع    استعدادًا لمجموعة الموت في يورو 2024| إيطاليا يستضيف تركيا وديًا    أكرم القصاص ل القناة الأولى: التعديل الوزارى مطروح منذ فترة فى النقاشات    بتكلفة 650 مليون جنيه.. إنشاء وتطوير مستشفى ساحل سليم النموذجى الجديد بسوهاج    وزير العمل يلتقى مدير إدارة "المعايير" ورئيس الحريات النقابية بجنيف    إجلاء نحو 800 شخص في الفلبين بسبب ثوران بركان جبل "كانلاون"    سيف جعفر: أتمنى تعاقد الزمالك مع الشيبي.. وشيكابالا من أفضل 3 أساطير في تاريخ النادي    جلسة بين الخطيب وكولر لتحديد مصير البوركينابي محمد كوناتيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف مكي يكتب : مواجهة الإرهاب بدولة المواطنة
نشر في الوفد يوم 25 - 02 - 2014


يوسف مكى

لم يعد ممكناً تأجيل المواجهة الوطنية الكبرى للإرهاب، فقد تمكّن دعاته ورعاته والقائمون عليه، من تثبيت أقدامهم في كثير من الأقطار العربية، وآخر جرائمهم ما تقوم به ما تدعى بكتائب بيت المقدس في أرض الكنانة، من عمليات قتل وتفجير بحق الأبرياء من مدنيين وعسكريين، في مختلف المناطق المصرية .
لقد أصبح من المتعذر القول بحصانة أي بلد عربي من هذه الظاهرة، بما يعني أن عوامل التسلل والاختراق في البنيان الوطني، غدت من المشتركات بين معظم البلدان العربية .
المعضلة في مواجهة الإرهاب، أن الإرهاب عمل تآمري وسري، ديدنه العزلة والتهميش والإقصاء، والعداء للدولة والمجتمع، ورفض العلم وتقديس الوهم، والمصادمة مع العصر، وليس بإمكانه العيش في النور . وذلك ما يجعل منطق الحوار معه، وقبول الرأي والرأي الآخر معدوماً، أو غير مجد . ومن هنا لا تجد البلدان، المبتلاة به، سوى الحلول الأمنية، وذلك شر لا مفر منه، لكن تجربة العقد المنصرم، أكدت أن الحلول الأمنية وحدها، ليس بمقدورها اجتثاث هذه الظاهرة من جذورها .
لقد بذلت جهود كبيرة، لصياغة استراتيجيات محلية ودولية، من قبل كثير من البلدان، للقضاء على ظاهرة الإرهاب، وتجفيف موارده المالية والعسكرية، وضرب مرتكزاته الفكرية والثقافية والإعلامية، وإيجاد ثقافة بديلة تعتمد التسامح والتنوع، لكنها بقيت حتى تاريخه، عاجزة عن القضاء على اجتثاثه، فقد أصبحت قوى الإرهاب قادرة على المناورة، والانتقال من المواقع الخطرة، إلى مواقع جديدة أقل خطورة، لم تكن في الحسبان .
ويقينا أن من غير الممكن، الحديث عن الإرهاب، بمعزل عن الأجندات والتدخلات الإقليمية والدولية في منطقتنا، والتصدي لنزعات التوسع . ومن دون التنبه لذلك، يظل الحديث عن الأمن ومكافحة الإرهاب مجرد سجال، ليس بمقدوره القضاء على الإرهاب، واجتثاث جذوره .
ومن نافلة القول إن تحصين الجبهة الداخلية، بتحقيق التنمية المستدامة هو الخطوة الأولى على طريق مواجهة التهديدات، لبلداننا العربية، ما ظهر منها وما بطن، وحماية الأمن العربي . فشرط مواجهة الإرهاب والتخريب هو تحصين الذات . والتنمية بهذا المعنى، ليست مجرد تحقيق للرخاء والازدهار لأبناء الوطن جميعاً، وإنما أحد العناصر الجوهرية، للتأسيس للمواطنة، وإلغاء الظلم والحيف وتكنيس الترسبات الراكدة، التي تمثل البيئة المناسبة، لنمو ظاهرة الإرهاب والتطرف .
والمواطنة التي ننشدها، والتي هي أس مشروع النهوض العربي، تعني شيوع المساواة وتكافؤ الفرص، بين أفراد، ينتمون إلى جغرافيا مشتركة، وتاريخ مشترك، وذاكرة مشتركة وتنتظم العلاقة فيما بينهم، من خلال دستور مدني، يحدد حقوق وواجبات كل الأفراد المنتمين إليه، ويصبح الدستور هو عنوان الهوية الجامعة، يؤكدها انتماء إلى أرض ذات سيادة، وعقد اجتماعي، ينظم علاقة الندية والتكافؤ بين المنتمين لهذه الأرض، حيث يتمتعون بذات الحقوق، ولا يعود للانتماء الديني أو المذهبي أو القبلي، أو الإثني، قيمة تضفي تميزاً في الحقوق على الآخرين . والمواطنة بهذا المفهوم، تعطي للاختلاف والتنوع في المجتمعات العربية، شكلاً إيجابياً، يضيف قوة لها ولا يأخذ منها .
لا يتعايش الإرهاب مع الحرية، لأنه يستمد قوته من التجهيل، وتعطيل الوعي، وتغييب العقل وفرض الطاعة، وتغليب عقيدة الفرقة الناجية، وإبلاغ الأوامر من الأعلى إلى الأسفل، من غير مناقشة . فمن غير توفر هذه البيئة يستحيل على قادة الإرهاب، الزج بالشباب اليافعين في محرقة الإرهاب .
المعركة الوطنية الكبرى لمواجهة الإرهاب، تقتضي تدشين مؤسسات سياسية وقانونية، بعيدة عن هيمنة النزعات الفردية أو الفئوية، تنظم الحياة العامة، وتحمي الملكية الخاصة، وأن يطبق القانون على جميع الناس . كما تقتضي العمل السريع، من أجل بناء مؤسسات المجتمع المدني، والحواضن الفكرية، التي تعلي من شأن الكرامة الإنسانية، وصياغة برنامج قومي، يعبر عن هذه التطلعات، وتكون المواطنة رافعته، وإيجاد مناخات ثقافية وتربوية جديدة، تعزز من ثقافة العمل والإبعاد، ويعمم من خلالها في المدارس والمعاهد والجامعات، مناهج العلم الحق والعمل الحق، سوف تسهم من غير شك، في تضعضع القواعد الفكرية للإرهاب، وتضع الحجر الأساس لهزيمته .
ولن يكون تحقيق ذلك ممكناً، ما لم يتم التصدي للظواهر السلبية، التي تحول دون شيوع دولة المواطنة، حيث لكل مواطن حق في الرعاية، بما في ذلك كفالة الأشخاص الذين لا يتمكنون من الاعتماد على أنفسهم، كالأطفال والمرضى وكبار السن والعاجزين والعاطلين عن العمل . في دولة المواطنة أيضاً، تعمل الدولة على توفير السكن، والمأوى، وغير ذلك من المتطلبات الأساسية للبشر .
والأهم في هذا السياق، هو كفالة الدولة للتعليم . ففي معظم المناطق التي ينشط فيها الإرهابيون، تنتشر الأمية، حيث تقدر، على سبيل المثال نسبة الأمية في اليمن بخمسة وستين في المئة، والعراق بعد الاحتلال، بلغت الأمية فيه أكثر من خمسين في المئة، وهكذا الحال مع بقية الدول التي تنشط فيها التنظيمات الإرهابية المتطرفة .
وكلما ضمنت الحقوق السياسية والاقتصادية للمواطن، وتوسعت الدولة في تقديم الخدمات الاجتماعية، بمختلف تشعباتها، كلما تعزز مفهوم المواطنة، وأصبح انتماء الفرد لمجتمعه، عصياً على القهر . وتلك هي المناخات الملائمة لقهر الإرهاب .
مناخات الإرهاب، هي ضعف الدولة، ووجود الأزمات السياسية، وهدر الحقوق، وسيادة الجهل، ولذلك نرى قوى التطرف تنشط، حيث تضعف الدولة، وتغيب فكرة المواطنة، ويسود الانفلات الأمني، ويغيب الاستقرار . والأمثلة على ذلك كثيرة، ويكفي النظر إلى ما يجري في العراق وسوريا وليبيا واليمن ومالي وأفغانستان، وفي جميع هذه البلدان، هناك أزمات سياسية حادة، ارتبط بعضها بفشل عملية الانتقال السياسي، وغياب دولة القانون، وعجز الحكومات عن الوفاء باستحقاقات الناس .
تحفيز قيم المشاركة السياسية، وبناء دولة المواطنة، دولة العدل والقانون وإعلاء الكرامة الإنسانية، هي أنجع الأسلحة لمواجهة الإرهاب والتطرف .
نقلا عن صحيفة الخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.