على الرغم من أن الجوائز لا تصنع الروايات أو الروائيين، لكن لا يستطيع أحد أن ينكر أن جائزة «البوكر» العربية أسهمت في تفرغ الكتاب لتطوير تجاربهم ورواياتهم، ومكنت كتابا من تصدر المشهد الثقافي وإظهار أسماء جديدة لم يكن بوسعها الانتشار كما تنتشر الآن، وخلقت الجائزة حيوية في المشهد الثقافي العربي، وساعدت على تحفيزه. أعلنت لجنة التحكيم لجائزة البوكر العربية برئاسة الأكاديمي السعودي سعد البازعي في مؤتمر صحفي عقدته بمنتدى شومان الثقافي في العاصمة الأردنيةعمان، القائمة القصيرة للروايات المرشحة لنيل الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2014 في دورتها السابعة.. وضمت لجنة التحكيم العراقي عبدالله إبراهيم والتركي محمد حقي صوتشين الذي أعطى موافقته عبر التقنية الحديثة «سكايب» لوجوده في المستشفى، والليبي أحمد الفيتوري، والناقدة المغربية زهور كرّام، وستعلن الرواية الفائزة بالجائزة عشية افتتاح معرض أبوظبي الدولي للكتاب فى 29 إبريل المقبل. وأشار البيان الذى صدر عن لجنة التحكيم إلى أن الروايات الست تغطي طيفاً لافتاً من حيث الموضوع ومن حيث الشكل، فهي تتضمن نصاً مثيراً عن السجن فى المغرب، وقصة عائلة عراقية تواجه الشتات حول العالم منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى الوقت الحالي، وحكاية فرانكشتاين الذي يطلع في بغداد ويرهب أهلها ومتابعة قوى الأمن له، وقصة رجل يطوف الشمال الأفريقي والشرق الأوسط باحثا عن المعرفة، ورواية ترصد صراع البقاء لعائلة في حلب، إضافة لرواية سيكولوجية تدور أحداثها في مستشفى للأمراض النفسية في القاهرة. وقد وصلت للقائمة القصيرة للبوكر هذا العام ست روايات. هي «لا سكاكين في مطبخ هذه المدينة» للسوري خالد خليفة، و«فرانكشتاين في بغداد» للعراقي أحمد سعداوي، و«طائر أزرق نادر يحلق معي» للمغربي يوسف فاضل، و«طشّاري» للعراقية إنعام كجه جي، و«تغريبة العبدي المشهور بولد الحمرية» للمغربي عبدالرحيم لحبيبي، و«الفيل الأزرق» للمصرى أحمد مراد. وكان قد تم الإعلان عن القائمة الطويلة في 7 يناير 2014 التي ضمت 16 رواية تم اختيارها من بين 156 رواية ينتمي كتابها إلى 18 دولة عربية وضمت القائمة الطويلة: إسماعيل فهد إسماعيل علم الكويت «في حضرة العنقاء والخلّ الوفيّ»، واسيني الأعرج علم الجزائر «رماد الشرق: الذئب الذي نبت في البراري»، وبدرية البشر علم السعودية «غراميات شارع الأعشى»، وخالد خليفة علم سوريا «لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة»، وأشرف الخمايسى علم مصر «منافى الرب»، وأنطوان الدويهى علم لبنان «حامل الوردة الأرجوانية»، وعبدالخالق الكابى علم العراق «ليل على باب الحزين»، وأمير تاج السر علم السودان «366»، وأحمد سعداوى علم العراق «فرانشكتاين فى بغداد»، وإسماعيل غزالى علم المغرب «موسم صيد الزنجور»، ويوسف فاضل علم المغرب «طائر أزرق نادر يحلق معي»، وإنعام كجه جي علم العراق «طشارى»، وعبدالرحيم الحبيبى علم المغرب «تغريبة العبدي المشهور بولد الحمرية»، وإبراهيم عبدالمجيد علم مصر «الإسكندرية فى غيمة»، وأحمد مراد علم مصر «الفيل الأزرق»، وإبراهيم نصر الله علم فلسطين علم الأردن «شرفة الهاوية». وطغت على الروايات الفائزة بالقائمة القصيرة المشكلات السياسية والاجتماعية التي يعيشها الوطن العربي وما يواجهه أفراده وجماعاته من معاناة، خاصة العنف والشتات اللذين يواجههما الإنسان العربي ودفعت الأقليات الدينية والإثنية ثمنه، وتنوعت الروايات بين سرد تقليدي وآخر مجدد ومبتكر في تبني أساليب من شأنها بث المزيد من الحياة والتطور في الرواية العربية. «الفيل الأزرق» أحمد مراد كاتب مصري من مواليد القاهرة عام 1978، استطاع منذ صدور روايته الأولى «فيرتيجو» في عام 2007, التى ترجمت إلى الإنجليزية والإيطالية والفرنسية، ثم تحولت إلى مسلسل تليفزيوني عام 2012 أن يضع نفسه فى بداية الصف الأول لشباب الكتاب فى مصر، وعلى الرغم من تباين ردود الفعل من قبل النقاد وكبار الكتاب نحو وصول روايته الأخيرة «الفيل الأزرق» إلى القائمة الأخيرة للجائزة، ووصف الجائزة بالمسيسة، إلا أنه لا يستطيع أحد أن يتغافل عن كون مراد استطاع فى السنوات الأخيرة أن يعيد جمهورالشباب إلى القراءة ويصنع منهم قاعدة جماهيرية كبيرة له. أصدرمراد روايته الثانية «تراب الماس» في 2010، ودرس التصوير السينمائي في المعهد العالي للسينما بالقاهرة، وربما كان هذا السبب فى أن بعض النقاد يعدونه يكتب وعينه على الصورة والكادر السينمائى أكثر من الورق، تخرج عام 2001، وتدور «الفيل الأزرق» وهى روايته الأخيرة، فى قالب بوليسي في مستشفى العباسية للصحة النفسية بالقاهرة وتحديدا القسم «8 غرب» الذى يقرر مصير مرتكبي الجرائم، حيث يستخدم الطبيب مخدرا جديدا يدعى «الفيل الأزرق» في العوالم الغريبة التي تخلقها المخدرات. يقول أحمد مراد فى حوار له عن روايته: رحلة «الفيل الأزرق» استغرقت عامين من البحث فى عالم «8 غرب» النفسى المسكون بالخطر وقصص الجريمة والانحرافات النفسية والإجرامية «استطعت من خلال صديق لى دخول مستشفى العباسية ومنها إلى 8 غرب، الذى استطعت فيه الاقتراب من الحالات الخطرة ومشاهدة سلوكها، حتى استوعب هذا العالم بشكل صحيح.. وبشهادة الأطباء أنفسهم نقلته بشكل دقيق فى الرواية، وتبعت ذلك بالبحث النفسى حتى أستطيع أن أجد الحالة التى أبحث عنها على حالة واحدة لبطل روايتى». الاقتراب من حالات «الفصام» تحديداً فى العمل الأدبى وحتى السينمائى شابه الكثير من العوار لما التصق به من صور نمطية مشوهة لهذه الحالة النفسية المعقدة. والروائي أحمد مراد الذى استخدم هذه التيمة بشكل ما فى عمله الروائى يقول: «حاولت أن أعمق بحثى حتى يخرج العرض بالشكل العلمى المطلوب بعيدا عن الصورة الساذجة التى روجت لها السينما كثيرا، وظهرت الحيرة فى تشخيص الحالة ما بين فصام وأمراض أخرى حتى يظل القارئ فى حالة اللهث وراء البطل وقصة بحثه». «لا سكاكين في هذه المدينة» للروائى السورى خالد خليفة التى حصل بها أيضا على جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية، ولد «خليفة» في سوريا عام 1964 وحصل على بكالوريوس الحقوق من جامعة حلب، كتب العديد من السيناريوهات التليفزيوبية والسينمائية الناجحة ويكتب مقالات في جرائد عربية متنوّعة، وصلت روايته الثالثة «في مديح الكراهية» (2006) إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2008 وإلى القائمة الطويلة لجائزة الإندبندنت للأدب الأجنبي. وتحكي «لا سكاكين في هذه المدينة» التي وصفت بأنها رواية الأسى والخوف والموت الإنساني عن مجتمع عاش بشكل متوازٍ مع البطش والرغبات المقتولة، عبر سيرة عائلة حلبية اكتشفت أن أحلامها ماتت وتحولت إلى ركام، كما تحولت جثة الأم إلى خردة يجب التخلص منها ليستمر الآخرون في العيش. وتضع الرواية القارئ أمام حقائق خراب الحياة العربية في ظل أنظمة استباحت حياتهم ودمرت أحلامهم، وتقتحم المسكوت عنه في الحياة العربية عامة والسورية خاصة. «فرانكشتاين في بغداد» للروائى أحمد سعداوي وهو روائي وشاعر وكاتب سيناريو عراقي من مواليد بغداد 1973، يعمل في إعداد البرامج والأفلام الوثائقية. صدر له «عيد الأغنيات السيئة» (شعر 2000) وثلاث روايات: «البلد الجميل» (2004)، «إنه يحلم أو يلعب أو يموت» (2008) و«فرانكشتاين في بغداد» (2013).. حاز على عدة جوائز وأختير ضمن أفضل 39 كاتبا عربيا تحت سن الأربعين في مشروع «بيروت 39» في 2010. ورواية «فرانكشتاين في بغداد» تحكي عن ضحايا تفجيرات بغداد في ربيع 2005 حيث يقوم بطلها هادي العتاك بخياطة بقايا بشرية على شكل جسد جديد، لينهض كائن جديد - يسميه «الشسمة» وتطلق عليه السلطات «إكس»، وآخرون «فرانكشتاين» - يقود حملة ثأر وانتقام من كل من قتله. «طائر نادر يحلق معي» ليوسف فاضل وهوروائي ومسرحي وسيناريست من مواليد الدار البيضاء، المغرب 1949، قضى فترة في أحد معتقلات سنوات الرصاص - معتقل مولاي الشريف (1974/1975) - نشر العديد من المسرحيات والروايات و«طائر أزرق نادر يحلق معي» (2013) هي روايته التاسعة. كذلك فازت «طائر نادر يحلق معي» هذا العام بجائزة المغرب الأدبية، وتحكى الرواية عن مرحلة رهيبة من تاريخ المغرب تعرف بسنوات الجمر والرصاص من خلال قصة طيار في القاعدة الجوية يعشق الطيران حتى أنه ينسى ليلة زفافه، ومع الفجر يغادر بيته ليعود بعد 18 عاما قضتها زوجته «زينة» متنقلة بين السجون والمدن والغابات، والأسئلة والوعود المخيبة للآمال والانتظارات الكاذبة للبحث عنه، لكنها تعثر عليه بعد أن دس غريب قصاصة في جيبها لتستدل على «عزيز» معتقلاً. «طشاري» لإنعام كجه جى ولدت في بغداد عام 1952 درست الصحافة وعملت في الصحافة والراديو العراقية قبل انتقالها إلى باريس لتكمل أطروحة الدكتوراة في جامعة السوربون. من أعمالها الروائية «سواقي القلوب» (2005) و«الحفيدة الأميركية» (2008) التي وصلت إلى القائمة القصيرة للبوكر عام 2009. وتتناول «طشاري» - وهي كلمة عراقية تستخدم لطلقة الصيد - كارثة الشتات العراقي من خلال سيرة طبيبة عملت في الجنوب وأبنائها الثلاثة الموزعين في ثلاث قارات، وجراء تمزق العائلة يبتكر الحفيد إسكندر مقبرة إلكترونية جعل منها موقعا خاصا على الإنترنت، ودفن فيها موتى العائلة. «تغريبة العبدي» لعبدالرحيم لحبيبي الروائي المغربي وهومن مواليد مدينة أسفي عام 1950، حصل على الإجازة في اللغة العربية من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس سنة 1970، عمل أستاذاً للغة العربية وآدابها بالتعليم الثانوي من العام 1970 إلى 1982 ومفتشا تربويا ومنسقا للبرامج، أصدر ثلاث روايات: «خبز وحشيش وسمك» (2008)، و«سعد السعود» (2010).. وتعتمد «تغريبة العبدي المشهور بولد الحمرية» حيلة سردية هي عثور باحث على مخطوطة فيسعى لتحقيقها لتصير أطروحة جامعية لكنه يفشل، وتحكي المخطوطة رحلة بحث عن مصادر العلم يقوم بها العبدي من المغرب إلى الحجاز، لكنها تتحول إلى تحليل واقع العرب والمسلمين المتخلف وتأكيده على الاستفادة من أوروبا لتجاوز التخلف. اللافت هذا العام فى القائمة القصيرة للبوكر العربية هو خلوها وللمرة الثالثة من اسم الروائي الجزائري واسيني الأعرج، الذي يعد واحداً من رواد الحداثة في الرواية العربية، وكان قد دخل القائمة الطويلة التي أعلنت يناير الماضي، وهي المرة الثالثة التي يتأهل فيها واسيني الأعرج للقائمة الطويلة دون أن يتأهل للقائمة القصيرة، حيث وصل إلى القائمة الطويلة في عامي 2011 بروايته «البيت الأندلسي» و2013 بروايته «أصابع لوليتا». كذلك غاب عن القائمة القصيرة الروائي الفلسطيني إبراهيم نصر الله، الذي تأهل للقائمة الطويلة، وقد سبق اختياره ثلاث مرات، حيث دخل القائمة الطويلة في يناير الماضي عن روايته «شرفة الهاوية»، وكان قد وصل للقائمة القصيرة عام 2009، بروايته «زمن الخيول البيضاء»، وإلى القائمة الطويلة عام 2013 بروايته «قناديل ملك الجليل». كذلك خلت القائمة القصيرة من الرواية الخليجية، على الرغم من فوز الكويتى سعود السنعوسى بالجائزة العام الماضى عن روايته ساق البامبو، لكن خرجت الرواية الخليجية هذا العام رغم انها سجلت حضورا في القائمة الطويلة تمثلت في روايتين لكل من الروائي الكويتي إسماعيل فهد إسماعيل عن روايته «في حضرة العنقاء والخل الوفي»، والكاتبة والروائية السعودية بدرية البشر عن روايتها «غراميات شارع الأعشى». يذكر أن اثنين من الفائزين في هذه القائمة كانا ضمن الفائزين على قائمة القائمة القصيرة في السنوات الماضية، وهما إنعام كجه جي في دورة 2009 عن رواية «الحفيدة الأمريكية» وخالد خليفة في دورة 2008 عن روايته «في مديح الكراهية». والجائزة العالمية للرواية العربية جائزة سنوية تختص بمجال الإبداع الروائي في اللغة العربية.. أُطلقت الجائزة في أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة، في شهر إبريل عام 2007.. وترعى الجائزة مؤسسة جائزة بوكر في لندن، بينما تقوم هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في الإمارات العربية المتحدة بدعمها مالياً. ويحصل كل من المرشّحين الستة في القائمة القصيرة على 10 آلاف دولار أمريكي، كما يحصل الفائز بالجائزة الكبرى على 50 ألف دولار أمريكي إضافية.