أي باحث محايد في التاريخ سيجزم أن أحداث ثورة 1919 تجلت فيها جميع مظاهر الوحدة الوطنية بين المسلمين و المسحيين فقد كانت القيادة الوطنية بزعامة سعد باشا زغلول- واعية منذ البداية لاهمية موضوع الوحدة الوطنية والتي أفرزت شعارات رائعة مثل الدين لله والوطن للجميع اوعاش الهلال مع الصليب , ولو رجعنا للوراء بالذكرة الوطنية فاننا نجد نوبار باشا المسيحي ذو الاصل الارمني هو اول رئيس لوزارة مصر و بطرس باشا غالي الذي كان رئيس لوزارة مصر ايضا كما حفلت الساحة بعدد من السياسين الاقباط البارزين امثال مكرم باشا عبيد و ابراهيم باشا فرج و سينوت باشا حنا و فخري بك عبد النور و غيرهم فقد كان الوجود القوي للاقباط في تلك الحقبة الزمنية يرجع الي ان الدول اتعاملت مع الاقباط كا جزء من النسيج الوطني . فقد شارك الأقباط في الحياة السياسية بقوة في هذه الفترة و التي اعتبرها من أزهى فترات الوحدة الوطنية حيث تواجد الأقباط بشكل ملحوظ على الساحة السياسية وفي كافة المراكز القيادية ولذلك لم يكن بمستغرب ان المرشح القبطي يتم ترشيحة في دوائر كلها مسلمين وكان ينجح بصرف النظر عن ديانة هذا المرشح , هكذا تواجد الأقباط تواجدا فعالا على الساحة السياسية سواء كان في الحكومة او البرلمان أو في كافة المجالات ولكن بعد ثورة يوليو 1952 اختلفت الصورة تماما . لاشك ان احد اهم اهداف الارهاب في مصر هو ضرب الوحدة الوطنية بين الاقباط و المسلمين و ظهر في ذلك بوضوح في احداث الزاوية الحمراء في سبعينات القرن الماضي ثم احداث اسيوط مرورا باحداث الكشح و غيرها من العمليات الارهابية التي كانت تستهدف الاقباط بشكل فردي او جماعي ثم تطور استهداف الاقباط في حادث كنيسة القدسين في الاسكندرية و الذي راح ضحيتة العشرات بجانب العديد من المصابين و في كل حادث كان عين الارهاب دائماً علي إثارة الاقباط و احداث صدام بينهم و بين المسليمين و لكن في كل مرة كان الارهاب يفشل في فعل ذلك علي الرغم من قسوة تلك العمليات علي الاقباط و في نفس الوقت لا ننكر ان الحواث الارهابية كانت تترك بعض الاثر في نفوس جميع الاطراف , و لكن تاتي النقطة الفارقة في في تاريخ شعب مصر مع قيام ثورتي 25 يناير و 30 يونية فقد خرج الجميع لاعادة انتاج ثورة 1919 بشكل عصري جديد فقد خرج المصريين تحت شعارات وطنية بعيدا كل البعد عن الطائفية و لا شك ان تلك الثورات ساهمت بشكل كبير في اعادة انتاج الوطنية المصرية و التي قد تترك اثرها علي الاجيال القادمة في تعميق مبدأ الجميع مصريين و لا فرق بين المسلم و المسيحي فالجميع يعمل من اجل حرية وطنة , فتارة انصهر الجميع لتخليص مصر من نظام استمر ثلاثيين عام و تارة لتخليص مصر من حكم جماعة الاخوان الارهابية و الذي اراد زرع الفتن و الفرقة بين ابناء الشعب الواحد و حينما فشل في ذلك لجأ الي احراق الكنائس عقب ثورة 30 يونية حتي انهم قاموا بحرق حوالي مائة كنيسة في اقل من أربع و عشرين ساعة و لكن تاتي الرياح بما لاتشتهي السفن فقد زادت تلك الهجمات الارهابية من وحدة شعب مصر و اتحدوا ضد الارهاب بجانب ايضا ان هناك قوة دولية و اقليمية لا تريد استقرار مصر و تريد استخدام ورقة الاقباط لاثارة النعرات الطائفية بين المسلمين و المسحيين و لكن في كل مرة تفشل بفضل الازهر الشريف و الكنيسة المصرية رمز الاعتدال و السماحة و الحب ليس في مصر فقط لكن في كل الوطن العربي . و اخير ... مصر الذي ذكرت في القران الكريم و الانجيل المقدس لن يقدر عليها احد و لن يفرق شعبها اي نوع من انواع التطرف او الارهاب فمصر محفوظة بقرار الهي . كاتب و باحث في الشان السياسي و القبطي رئيس الاتحاد العام لأقباط من أجل الوطن .