الشيخ محمد الأباصيرى الداعية السلفى قال: إن حسنى مبارك وأسرته أشرف وأشجع من قيادات الإخوان، لماذا؟، لأنهم على حد تأكيده واجهوا مصيرهم بشجاعة ولم يهربوا كالفئران، وقال أيضا إن طارق الزمر ومن على شاكلته من قيادات الإخوان ليسوا إلا عصابة من الجبناء والخونة المتآمرين على مصر وجيشها، ينتقلون بين مجموعة الدول التى تدعم المشروع الصهيونى فى المنطقة، التى تسمى الشرق الأوسط الجديد قطر وتركيا وإيران ، ويعملون على تنفيذه . فى ظنى ان رأى الأباصيرى هذا وهو من التيار السلفى أحد الآراء التى قد نسمعها أو قد يجيب عنها التاريخ حول عدم هروب مبارك وأسرته بعد ثورة 25 يناير مثلما فعل رؤساء بعض البلدان، ومثلما فعل قيادات الإخوان بعد ثورة 30 يناير. بعد أيام من القبض على الرئيس مبارك وابنيه علاء وجمال، سألت هنا: لماذا لم يهرب الرئيس حسنى مبارك بعد تنحيه إلى السعودية أو دولة الإمارات؟، ولماذا لم يهرب علاء وجمال مبارك؟، لماذا فضل مبارك وأولاده أن يزج بهم إلى السجون بدلا من التمتع بثرواتهم خارج مصر؟، لماذا اختاروا ان يقضوا المتبقي من عمرهم فى مهانة وحرمان وتقييد حرية عن الحياة وسط أسرهم وأصدقائهم؟، ما الذى يدفع بإنسان إلى أن يخاطر بحياته وبحريته أو أن يتنازل عنهما؟، هل مبارك وأولاده لم يكونوا على يقين من محاكمتهم وربما إعدامهم؟ وحاولت بقدر المتاح من معلومات أن أقف على إجابة وللأسف كل ما توصلت إليه وقتها أن الرئيس مبارك يريد أن يموت ويدفن في وطنه مثلما قال في الخطاب الذي ألقاه قبل ساعات من موقعة الجمل، فهو قد كبر في السن، وأصبح في سن الشيخوخة، وصحته لم تعد تساعده، والأيام المتبقية من حياته لم تعد كثيرة، والأفضل له أن يموت ويدفن في بلده بدلا من الموت في المنفى، واعتقدت أن الرئيس مبارك اتخذ هذا القرار بناء لقناعات خاصة به، مثل أنه كان من أبطال وقيادات حرب أكتوبر المجيدة، وأنه قدم لمصر الكثير، وأن الشعب المصري بطيبته قد يتذكر له هذا ولن يتنكر له، أضف إلى هذا أن كرامة مبارك وقناعاته جعلته لا يتقبل فكرة أن يعيش حياة الطريد أو الهارب أو المجرم فى أى بلد من البلاد، أنا مصري وعشت وتربيت وأخطأت فى مصر وبلدى وأولاد بلدى أولى بى، وأعتقد كذلك أن مبارك على يقين أن الأخطاء التي وقع فيها لا تصل إلى حد الجريمة، وأن ما قدمه فى تحرير سيناء وفى بناء مصر يشفع ويغفر له جميع خطاياه. إذا كانت هذه مبررات بقاء مبارك فى البلاد وعدم هروبه للخارج، ماذا عن ولديه وأسرهما؟، لماذا لم يهرب جمال وعلاء مبارك بعد الثورة إلى خارج البلاد؟، ولماذا أصرا على البقاء رغم تأكدهما من أن الشعب الثائر سوف يقدمهما للمحاكمة؟، لماذا اختارا أن يقضيا بقية حياتهما فى السجن عن التمتع بأموالهما فى الخارج؟. كل التوقعات كانت تؤكد أن ابني الرئيس سوف يحملان ما خف وزنه وينجوان بحياتهما بعيدا عن الشعب الثائر إلى بلد المنفى، لكن الواقع جاء على خلاف ذلك، أسرة الرئيس لم تهرب وفضلت أن تواجه اتهامات بالتربح وسرقة أموال الشعب، واستغلال النفوذ، والاشتراك في قتل المتظاهرين إلى غير ذلك من الاتهامات السياسية والمالية، والمتوقع أن تصدر ضدهما أحكام تجعلهما يقضيان السنوات المتبقية لهما داخل السجن، وهو ما يعنى القضاء على هذه الأسرة بالكامل وتشريد أولادها الصغار. هذه الصورة كما قلت لم تكن بعيدة عن ذهنية جمال وعلاء وسوزان مبارك، ولا عن زوجتيهما، فلماذا لم يهربا خارج البلاد؟، لماذا اختارا البقاء؟، لماذا فضلا الحياة داخل زنزانة عن الحياة الرغدة؟، هل لثقتهما في براءة ذمتهما المالية؟، هل لأنهما لم يشاركا في عمليات فساد؟، هل لأنهما لم يكونا ثروات مشبوهة؟، لماذا اختار جمال وعلاء وأسرتاهما والسيدة سوزان مواجهة هذه الصورة السوداء؟ السؤال الذى يطرحه الواقع الذى نعيشه اليوم: لماذا هرب قيادات الإخوان من مصر؟، لماذا لم يبقوا فى البلاد مثلما فعل الرئيس مبارك وأسرته لمواجهة محكمة الشعب؟، هل لأنهم لم يقدموا لمصر ما قدمه مبارك؟، هل لأنهم على يقين بالجرائم التى اقترفوها فى حق هذا الشعب؟