«أسهم التجزئة تشعل الحرب الكلامية في البورصة» هكذا وصل الحال في سوق الأسهم خلال اليومين الماضيين، فمنذ قيام البورصة للسماح للأسهم التي تقل أسهمها عن 5 ملايين سهم وأجتاحت حمي المضاربات والتلاعبات الأسهم وسجلت العديد من الشركات ارتفاعات جنونية قد تضر السوق ومن قبلهم صغار المستثمرين. رغم أن عملية التجزئة لن تضيف للسهم أو المساهمين جديداً، اللهم سوي زيادة السيولة، إلا أن مافيا المتلاعبين استغلوا ذلك بإيهام صغار المستثمرين أن التجزئة بمثابة حدث جوهري من شأنه تحقيق مكاسب لهم قد تعوضهم عن الخسائر التي تكبدوها منذ الأزمة المالية العالمية، ثم تداعيات ثورة 25 يناير. مجتمع سوق المال رفع سيفه في وجه البورصة ورئيسها الدكتور محمد عمران باعتبار أنه ترك الأمر «سداح مداح» مما ينذر بكارثة ويعيد للذاكرة مصيبة 29 شركة التي أوقفها ماجد شوقي رئيس البورصة الأسبق في 2009 بعدما سجلت ارتفاعاتها قياسية و«بلع الطعم» وقتها صغار المستثمرين وخسروا كل محافظهم الاستثمارية، إذا كان هذا الحال في مجتمع سوق المال فماذا ستفعل البورصة لاسترداد سيطرتها، والحفاظ علي أموال صغار المستثمرين وحمايتهم من محترفي التلاعب، خاصة أن السوق المحلي يفتقد كفاءة السوق التي تميز الأسواق المتقدمة عن غيرها من الاسواق الأخري. «الماده (49) من قواعد قيد وإستمرار قيد وشطب الأوراق المالية بالبورصة تشعل الصراع في السوق، حيث أتاحت للشركات التى يقل فيها معدل السيولة عن النسبة التى تحددها البورصة 5 ملايين سهم السير فى الإجراءات السابقة للتجزئة لمرة واحدة خلال السنة دون شروط)، هكذا يلخص عمرو صابر، خبير أسواق المال تحليل المشهد في البورصة، خاصة إشعال المتلاعبين لتلك الأسهم، بسحب صغار المستثمرين وتدبيسهم في الأسهم بأسعار جنونية. وتابع «أن البورصة تعاملت مع الأمر متأخرة وقامت بإطلاق تصريحات لتهدئة المتعاملين والمضاربين على تلك الشريحة من الأسهم بأن تجزئة القيمة الأسمية للسهم لا يترتب عليه أى تأثير على حقوق المساهمين، ولا علي المركز المالى للشركة، وبالتالى لن تتاثر قيمة ملكية المساهمين قبل أو بعد التجزئة وهددت إدارة البورصة بعدم موافقة لجنة القيد على السير فى إجراءات التجزئة فى حال وجود تحركات سعرية غير مبررة على أسهم أى من الشركات». إذن التلاعبات التي شهدتها الأسهم يتحملها مجلس ادارة البورصة ورئيسها بحسب «صابر» إذ إن القرار غير مدروس وانعكاساته السلبية على الشركات المدرجة وعلى السوق خاصة أن عدد الشركات التي يقل عدد أسمها عن 5 ملايين جنيه 38 شركة، وكانت الأعلى ارتفاع منذ يناير 2014 أسهم مطاحن ومخابز الإسكندرية، حيث صعدت 54%، تلاها شركة العقارية الوطنية للبنوك والتنمية بنسبه تغير 47.28%، وشركة الألومنيوم العربية بنسبة صعود 40.30%، والخليجية الكندية للاستثمار العقارى العربى بنسبة تغير 35%. «قرار التجزئة تم استغلاله بصورة سلبية لخداع صغار المستثمرين الشائعات»، هو ما قاله وائل أمين، محلل أسواق المال، فقد حول دفة التعاملات من الأسهم الكبري والقائدة إلي الأسهم الصغيرة التي تحظي بالمضاربات التي ستعمل علي ارتفاع القيم السوقية لهذه الشركات بصورة لا تتلاءم مع أصول الشركات وقيمها. «كل ذلك سيؤدي إلي حدوث فقاعة سعرية للعديد من تلك الأسهم انخفاضات كبيره علي مستوي تلك الأسهم لذلك سيدفع ثمنها صغار المستثمرين وستتحمل البورصة مسئوليتها عن هذه الأخطاء، بحسب أمين. تحاول البورصة من قرارها علي حد تحليل «أمين» تنشيط السوق وزيادة أحجام التداولات اليومية والارتفاع من معدل دوران السيولة، خاصة أن الشركات التي تستحوذ علي النسبة الكبري من التنفيذات تنحصر في شركات محدودة، ويتبين أن شركة واحدة فقط تستحوذ علي ما يقرب من 20% من إجمالي التداولات، وكذلك 5 شركات تستحوذ علي ما يقرب من 60% من التعاملات وهو وضع سلبي داخل السوق المصري، وأن البورصة حرصت علي أن تتجاوز هذا الوضع السلبي، ولابد تحديد مزيد من التسهيلات بالنسبة للشركات التي تزيد عدد أسهمها علي 5 ملايين سهم، ولكن معدلات السيولة بها ضئيل للغاية، ويستشهد «أمين» في هذا الصدد بشركة «عز الدخيلة» وهي من الشركات التي سيساعد تقسيم أسهمها علي ارتفاع نشاط تلك الأسهم. إذا كان ذلك وضع البورصة فإن المستثمر عليه دور في تحري الدقة قبل اتخاذ القرار الاستثماري, وأن كنا تتعامل مع السوق علي أنه مضاربة قصيرة المدي فإن المستثمر هو أكبر الخاسرين، «هكذا قال أمين». «القرار ساهم في زيادة المضاربة على الأسهم بشكل كبير»، وفقاً لقول محمد الجندي، المحلل بأسواق المال، وهو ما دفع أغلبها للصعود القوي وترتب عليه إلغاء البورصة أغلب العمليات التي تمت على هذه الأسهم. واجهت الدكتور محمد عمران، رئيس البورصة، بكل هذه الانتقادات فأجابني قائلاً: «إن قواعد القيد الجديدة تسمح بتجزئة القيم الأسمية لأسهم الشركات التى يقل إجمالي عدد أسهمها عن 5 ملايين سهماً وذلك للوصول إلى نسبة توفيق الأوضاع وهي 5 ملايين سهم فقط وذلك حال اتفاقها مع شرط السيولة». وتابع «أن الشركات التى يقل عدد أسهمها عن 5 ملايين سهم، ولكن تتسم بسيولة مرتفعة عن 60% من معدل الدوران من إجمالي أسهم التداول الحر لن يتاح لها تجزئة أسهمها بنسب كبيرة، إلا فقط للوصول إلى عدد 5 ملايين سهم، لذا فإن البورصة حريصة علي رصد أي تحركات غير طبيعية على الأسهم، وأنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والسجن فوراً حال ثبوت أي تلاعبات أو مضاربات وأنه سيتم رفض تجزئة هذه الأسهم».