يأتي كتاب "نسوان زمان" لمؤلفه الكاتب البحريني المعروف خالد البسام ليكشف خطى جيدة اتخذتها المرأة المصرية في سبيل النضال الأدبي والعلمي والسياسي، وقد اعتمد في جنى صفحات هذا الكتاب على أرشيف كبير في دار الكتب والوثائق المصرية، وتكمن أهمية الكتاب في إلقائه الضوء على بعض السيدات المصريات اللواتي حققن دوراً بارزاً بأنشطتهن المختلفة في المجتمع المصري من واقع أرشيف الصحف والمجلات القديمة التي اعتمد عليها المؤلف لرصد هذه الأمجاد وتخليدها. دكتوراة من السوربون فتحت عنوان "درية فهمي تحرز الدكتوراة من جامعة السوربون" نشرت صحيفة "الأهرام" في 28 أبريل عام 1935 موضوعاً مطولاً عن المصرية التي حصلت على أعلى شهادة علم في العالم حيث أقامت مجموعة من سيدات مصر في ذلك التاريخ حفلا تكريمياً كبيراً بدار الاتحاد النسائي المصري للمتفوقة الدكتورة درية فهمي بمناسبة عودتها إلى مصر بعد نيلها أرقى شهادة تعليمية في فرنسا وهي دكتوراة الدولة من جامعة السوربون. عمل المرأة وتتحدث صفحات أخرى من الكتاب عن هجوم عنيف شنته الفنانة زوزو ماضي ضد التقاليد في حديث صحفي نشرته مجلة "الإثنين" عام 1937 مؤكدة أن عمل المرأة لا يعيب ولا يتعارض مع رسالتها في الحياة. وقالت زوزو إن التقاليد الشرقية لا تزال تقف في وجه اشتغال المرأة المصرية بالسينما وهاجمت الداعين إلى منع المرأة من دخول ميادين العمل. أول قائدة طائرة وقد نبغت المرأة المصرية في مجالات خطرة مثل الطيران وكان ذلك في وقت مبكر جداً ففي عام 1944 وتحديداً يوم 19 مايو نشرت الصحف المصرية أن الحسناء الصغيرة الآنسة لندا أمين مسعود هي أول امرأة في مصر والشرق تقود الطائرة بنفسها، بل أصبحت تعلم الطيران لزملائها الرجال، ورغم أن لندا لم تكن بلغت سن العشرين إلا أنها حصلت على شهادة تدريس الطيران وعينت في مدرسة للطيران. رحلتي لأوروبا ولم تكن تلك هي التجربة الأولى للمرأة المصرية مع الطيران ففي عام 1922 قامت فخرية سالم زوجة الطيار أحمد سالم بتأليف كتاب عن رلحتها الجوية إلى أوروبا بطائرة زوجها تحت عنوان "20 ألف كيلو متر بالطائرة" تحدثت فيه عن تفاصيل الرحلة وكل الحوادث التي وقعت أثناءها. أول بكالوريوس علوم ويذكر المؤرخ البحريني أن المصرية إحسان القوصي هي أول فتاة عربية تحصل على درجة البكالوريوس في العلوم وذلك في يوليو عام 1929 بعد أن أتمت علومها العليا في الجامعة الأمريكية في بيروت. المرأة لوحة تشكيلية وللمرأة المصرية حضور كبير في الفن التشكيلي وقد بدأ نبوغها الفني منذ زمن الفراعنة، وما تركه أجدادنا الأوائل من آثار خير دليل على ذلك حيث كشف مؤتمر عقد بالقاهرة تحت عنوان "دور المرأة في التراث" نظمته "الجمعية المصرية للحفاظ على التراث" أن المرأة المصرية كان لها دور بارز في إثراء الحركة التشكيلية عبر العصور القديمة وما قبل الميلاد. الباحث التشكيلي سيد هويدي أكد أن علاقة المرأة المصرية بالإبداع قديمة، وكانت الفنانة الراحلة نازلي مدكور قد كشفت في كتابها "المرأة المصرية والإبداع الفني" عن أن الفترة الهيلينية المصرية برز فيها نجم فنانتين في الإسكندرية، وهما مصريتان من أصل يوناني، إحداهما "هيلينا" إبنة تيمون مصر، عاشت في نهاية القرن الرابع قبل الميلاد، واشتهرت برسم معركة "إيسوز" ونقلت لوحتها لتعرض في روما بساحة السلام، أما الفنانة الثانية فتدعى ألكسندرا إبنة الفنان نيالسيز. وأشار هويدي إلى أن المرأة برعت خلال الفترة القبطية في أعمال النسيج، وتشهد بذلك مناطق أخميم، ونقاده، وسيوة. أما في الفترة الإسلامية فجاء إسهام المرأة مؤثراً في مجال الخزف والفخار والزجاج والأبسطة. الباحثة شريفة فتحي أكدت أن هناك ما يشير في أطلال مدينة الفسطاط إلى إبداع المرأة في أكثر من مضمار فني، منها أطباق فخار مكتوب في قاعها "عمل مليحة" وأوعية من الخزف الملون ممهورة باسم "خديجة". بينما بدأ تألق العديد من المبدعات في العصر الحديث جاء مع انفتاح المجتمع المصري على الحياة الأوروبية مع بداية القرن 19 وسفر سيدات الطبقات الأرستقراطية إلى أوروبا لتعلم الفنون المختلفة كالرسم والموسيقى على أيدي فنانين أجانب. وفي القرن العشرين سافرت بعثات رسمية خارجية، وكانت زينب عبده أول مبعوثة رسمية إلى لندن في عام 1924 ، وتحتفظ الجمعية الجغرافية بالقاهرة بلوحة تحمل توقيع فتحية ذهني في عام 1906 وهي اللوحة التي تجسد حفلة زار بكل التفاصيل الدقيقة للملبس والحركة العنيفة، وتلتقي مفيدة شعبان مع الفنان الفرنسي هنري ماتيس في تناوله لعناصر تراثية في خلفية لوحاتها. وعموماً تنفرد المرأة في مجال فن الحلي بالساحة وحدها، ويعد إسهام الرجل هنا استثناء. وفي العصر الحديث لا نستطيع أن نغفل دور المرأة في ازدهار الفن التشكيلي بمصر فنجد الفنانة نظيمة سليم من أقدم الأسماء التي ذكرتها مراجع الفن. ومن أشهر الفنانات التشكيليات المصريات من ذوات الأصول الأجنبية الفنانة إيمي كالي عياد زوجة الفنان التشكيلي راغب عياد، والفنانة فيسيلا فريد، والفنانة خواكينا كساسي شهدي زوجة الفنان المصري عباس شهدي. أما أبرز الفنانات المصريات فهن زينب عبده، عفت ناجي، مارجريت نخلة، إنجي أفلاطون، تحية حليم، جاذبية سري، زينب السجيني، عطيات السيد، رباب نمر وأخريات. وأبدع في تصوير المرأة فنانون كثر ومنهم من قدم معارض في هذا الشأن في الفترة الأخيرة مثل الفنان صلاح طاهر الذي جسد المرأة في الريف المصري والفنان أحمد صبري صاحب لوحة "بنت البلد بالبرقع".