جامعه الإسكندرية تستعد لاستقبال لجنة التقييم الخاصة بمسابقة أفضل صديق للبيئة    وزير الدفاع يشهد تنفيذ مشروع تكتيكي بالذخيرة الحية لإحدى وحدات الجيش الثاني.. القائد العام: القوات المسلحة قادرة على مجابهة أي تحديات تفرض عليها.. ومصر لها ثوابت لا تحيد عنها    الأطباء تناشد السيسي بعدم التوقيع على قانون "تأجير المستشفيات": يهدد صحة المواطن واستقرار المنظومة    محافظ أسيوط يوقع بروتوكول مع تنمية المشروعات لتطوير مدرستين ووحدة صحية    محافظ شمال سيناء يكرم متدربي مشروع السجاد اليدوي (صور)    بضغوط من التجاري الدولي والقلعة، البورصة تخسر 2 مليار جنيه بختام تعاملات الأسبوع    «نقل البرلمان» توافق على موازنة الهيئة العامة لقناة السويس    هل نحن ذاهبون إلى حرب؟!    ملك البحرين خلال لقاء بوتين: غزة أحد النقاط المؤلمة للعرب    زغلول صيام يكتب: من فضلكم ارفعوا إعلانات المراهنات من ملاعبنا لحماية الشباب والأطفال وسيبكم من فزاعة الفيفا والكاف!    بث مباشر مباراة الأهلي والترجي في نهائي دوري أبطال أفريقيا    الزمالك يسعى لسداد مستحقات أجواش الأسبوع المقبل    رفض الطعن المقدم من المتهمين بقضية ولاية السودان    التعليم لطلاب الثانوية العامة: غير مسموح الكتابة في كتيب المفاهيم    أميرة هاني: تعلمت من نبيلة عبيد الالتزام ورفض القبلات والمايوه    قرار عاجل ل مصطفى كامل تجاه أبناء "الموسيقيين" من الأيتام    النيابة تحقق في واقعة العثور على مومياء بأحد شوارع أسوان    الأزهر للفتوى يوضح فضل حج بيت الله الحرام    توريد 76.6 ٪ من المستهدف للقمح المحلي بالإسماعيلية.. 48 ألفًا و137 طنا    عاجل.. محمود الخطيب يفاجئ محمد صلاح برسالة مثيرة    غيابات بالجملة في قائمة الأهلي قبل مواجهة الترجي    وصول جثمان شقيق هاني أبوريدة إلى جامع السلطان حسين بمصر الجديدة "صور"    بمشاركة زعماء وقادة.. ملايين الإيرانيين يلقون نظرة الوداع على رئيسي (فيديو)    القوات الإسرائيلية تعتقل 18 فلسطينيا من الضفة الغربية    أيام قليلة تفصلنا عن: موعد عطلة عيد الأضحى المبارك لعام 2024    وكيل «تعليم الأقصر» يوجه رسالة هامة لطلاب الإعدادية    تجديد حبس سائق ميكروباص معدية أبو غالب وعاملين بتهمة قتل 17 فتاة بالخطأ    مواعيد قطارات السكك الحديدية على خط «السد العالي - القاهرة»    «قانونية مستقبل وطن» ترد على CNN: مصر ستواصل دعم القضية الفلسطينية    باحثة سياسية: مصر تعي خطورة المخططات الإسرائيلية لتهويد فلسطين    9500 طلب لاستخراج شهادات بيانات للتصالح في مخالفات البناء بالشرقية    أميرة هاني تكشف سابقة تعرضت لها من سائق «أوبر»    القائم بأعمال رئيس جامعة بنها الأهلية يتفقد سير الامتحانات بالكليات    هل يجوز شرعا التضحية بالطيور.. دار الإفتاء تجيب    مستشار الرئيس للصحة: مصر تمتلك مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    «صحة المنيا»: تقديم الخدمات العلاجية ل7 آلاف مواطن خلال شهر    النائب محمد المنزلاوي: دعم الحكومة الصناعات الغذائية يضاعف صادراتها عالميا    بنمو 173%.. aiBANK يحقق 475 مليون جنيه صافي ربح خلال 3 أشهر    السيد الغيطاني قارئا.. نقل شعائر صلاة الجمعة المقبلة من ميت سلسيل بالدقهلية    مسلسل البيت بيتي 2.. هل تشير نهاية الحلقات لتحضير جزء ثالث؟    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    عضو مجلس الزمالك: نعمل على حل أزمة بوطيب قبل انتقالات الصيف    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    أسعار البقوليات اليوم الخميس 23-5-2024 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    وفد المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض يجري زيارة ميدانية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    «حماة الوطن»: انتهاكات إسرائيل في رفح الفلسطينية تفضح نية نتنياهو تجاه الهدنة    «الصحة»: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشري HIV    الأرصاد: انخفاض مؤقت في درجات الحرارة يومي الجمعة والسبت    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    أول تعليق من دانا حمدان على حادث شقيقتها مي سليم.. ماذا قالت؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    «زى النهارده».. وفاة الكاتب المسرحي النرويجي هنريك أبسن 23 مايو 1906    استشهاد 8 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي على وسط غزة    «دول شاهدين».. «تريزيجيه» يكشف سبب رفضه طلب «أبوتريكة»    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة الإسماعيلية يوم الكرامة والتضحية
«سراج الدين» يأمر ضباط الشرطة بالدفاع حتى آخر رصاصة
نشر في الوفد يوم 25 - 01 - 2014

على مدى عقود طويلة والصورة الذهنية لضباط الشرطة مشوهة، وسلبية، ومطموسة، بفعل سنوات القهر، والقمع، وتغيير مهمة الشرطى من رجل يحفظ أمن المواطن إلى رجل يحفظ أمن النظام، ومن موظف يخدم الشعب إلى موظف يخدم السلطة.
ورغم عودة الاحترام والتقدير نسبيا إلا أن رجل الأمن بعد شهور اللاستقرار التى شهدتها مصر فى أعقاب ثورة يناير، إلا أن الصورة الذهنية لرجال الشرطة لم تعد كما كانت قبل ثورة يوليو، تلك الصورة المضيئة التى كانت أجمل نماذجها فى 25 يناير 1952 يوم معركة الإسماعيلية.
ذلك يوم مشهود ترجم فيه رجال الشرطة الأوفياء وطنيتهم وإخلاصهم وشرفهم إلى نموذج عملى للفداء أقل ما يكون استشهاداً فى سبيل استقلال مصر وكرامتها. كان فؤاد سراج الدين وقتها هو وزير الداخلية فى حكومة الوفد الأخيرة. لقد بدأ الرجل منذ تولى مسئولية الداخلية دعمه المباشر لحركة الفدائيين فى قناة السويس، فسهّل باعتباره وزيراً للداخلية مهمة نقل السلاح إليهم، وهو ما شهد به وجيه أباظة فيما بعد فى محاكمة الثورة لفؤاد سراج الدين.
لقد ألغى مصطفى النحاس باشا معاهدة 1936 فى خطاب شهير بالبرلمان عام 1951 بعبارته الشهيرة: «باسم مصر وقعت معاهدة 1936، وباسم مصر أطالبكم اليوم بإلغائها».. وقتها انجرفت الجماهير فى شلالات تأييد مذهلة وتوحدت جهود الشعب والحكومة لبدء الكفاح المسلح ضد الإنجليز.. وبالفعل تطوع مئات الشباب فى معسكرات تدريب لضرب مصالح الإنجليز ومنشآتهم فى مدن القناة، وانسحب أكثر من 90 ألف عامل مصرى من خدمة تلك المعسكرات، وأصبح الاحتلال البريطانى يعانى كل يوم من خسائر بشرية ومادية نتيجة ضربات المقاومة.
وطبقاً للمصادر البريطانية فإن قوات الاحتلال التى كانت تتركز فى منطقة قناة السويس بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية طبقاً لاتفاقية 1936 رصدت مشاركة ضباط شرطة فى امداد الفدائيين بالسلاح، وهو ما دفع لندن إلى تفريغ منطقة القناة من الشرطة المصرية ومصادرة أسلحتهم.
وبدأ الجنرال «اكسهام» قائد الجيوش البريطانية فى يوم 25 يناير سنة 1952 بإرسال خطاب إلى محافظ الإسماعيلية يطالبه بتسليم الشرطة لكامل أسلحتها إلى قواته.. وفى ذلك الوقت كانت المحافظات تابعة لإدارة الداخلية، فما كان من اللواء أحمد رائف قائد بلوكات النظام، وعلى حلمى وكيل المحافظة ومصطفى رفعت ضابط الاتصال المصرى أن اتصلوا بفؤاد سراج الدين وزير الداخلية وأخبروه بالأمر، فسأل فؤاد سراج الدين عن آرائهم، فردوا فى حماس: نرفض الإنذار لأنه جرح للكرامة المصرية.. فقال لهم فؤاد باشا: قاتلوا حتى آخر رصاصة.
ولم يصدق الجنرال «اكسهام» نفسه عندما سمع رفض الإنذار من جانب محافظة الإسماعيلية، ولم يصدق رد مصطفى رفعت، وقادته انفعالاته إلى أن يصرخ فى وجوه مساعديه بضرورة سحق الإرادة المصرية بأى ثمن.. كيف يجرؤ وزير داخلية مصر على رفض طلبه، وكيف يعلن رجال الشرطة رغبتهم فى مقاومة الإنجليز.
كان عدد جنود الشرطة المصرية يقترب من الألف، وحشد «اكسهام» نحو سبعة آلاف جندى بريطانى ليحاصروا مبنى المحافظة ويطلقوا نيرانهم العنيفة تجاهها.
لقد دفعه الحقد الأعمى إلى إطلاق النيران صباح الجمعة الخامس والعشرين من يناير بكثافة من كافة الجهات، ودافعت الشرطة المصرية بحماس، وقاتل الضباط والجنود بفدائية وروعة، واستمرت المعركة ست ساعات كاملة، وسقط 50 شهيداً وعشرات الجرحى، وتم هدم جدران المبنى.. وصرخ الجنرال «اكسهام» فى مكبرات الصوت داعياً رجال الشرطة لتسليم أنفسهم، لكنهم رفضوا واستمروا يقاومون حتى آخر رصاصة.
وسقط نحو 13 بريطانياً قتيلاً، فضلاً عن جرح 15 آخر، وأبدى ضباط الجيش البريطانى إعجابهم بفدائية وشجاعة رجال الشرطة فقدموا لهم التحية العسكرية وتم أسرهم، وقامت المظاهرات فى القاهرة تدعو إلى استمرار النضال ضد الاحتلال ودحره حتى تطور الأمر إلى حريق القاهرة.
وقد سعى كثير من خصوم الوفد إلى تحطيم أسطورة المقاومة ووصمها بالخطأ، وكان من بين هؤلاء الرئيس الأسبق أنور السادات الذى قال «إن للوفد أخطاء كثيرة ليس أقلها أن يصدر وزير الداخلية فؤاد سراج الدين أمراً إلى البوليس أن يقفوا فى وجه الإنجليز وكانت نكتة مبكية أن يستخدم هؤلاء بنادق الرش فى مواجهة مدافع الإنجليز» (كتاب من أوراق السادات - أنيس منصور).
وقد كال كثيراً من الشتائم والاتهامات للرجل انطلاقاً من تلك المقولة وهو ما دفع فؤاد سراج الدين أن يكتب إلى السادات وهو رئيس الجمهورية خطابا تاريخيا يقول فيه: «لقد نسبتم إلينا فى خطبكم وبياناتكم المتلاحقة صفات كثيرة مثل «السقالة» البذاءة والرذالة ووصل الأمر الى أن ذكرتم فى خطابكم الأخير بجامعة الإسكندرية فى يوم 16 مايو بأن الانجليز كانوا يضربوننا بالصرم».
ويرد «سراج الدين» على رئيس الدولة بعنف: «إننا يا سيادة الرئيس لم نكن من الرجال الذين يضربون بالصرم، ومن يحاربون الإنجليز فى معركة القناة فى عام 1951 ويطلقون الرصاص لا يمكن أن يضربوا بالصرم، ومن يمنعون السفن الإنجليزية بالقوة من اجتياز خليج العقبة حفاظاً على سيادة مصر لا يصدق عنهم أنهم يضربون منهم بالصرم، ومن يلغون معاهدة 1936 متحدين الإنجليز ولهم عشرات الألوف من الجنود فى قاعدة القناة لا يمكن أن يقال عنهم إنهم كانوا يضربون بالصرم».
ولا شك أن المؤرخين أنصفوا «سراج الدين» فى معركة الإسماعيلية واعتبروا قراره متسقاً مع الإرادة الوطنية لضباط الشرطة الذين رأوا عدوهم ومحتلهم يجبرهم على تسليم أسلحتهم.. لقد اتفقت إرادة الوفد والشعب والشرطة فى ضرورة المقاومة، واختار رجال الشرطة الأوفياء التضحية بحياتهم، بدلاً من التفريط فى كرامتهم وكرامة مصر. فكان يوماً من فخار، وصار جديراً باعتباره عيداً للشرطة المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.