وما يحدث في السوق من عمليات تهريب منظمة للخردة يهدد بكارثة في قطاعات صناعية قائمة بشكل أساسي علي الخردة خاصة خردة النحاس. إن الخردة هي الخامة الرئيسية لمصانع عديدة تعمل في تشكيل المعادن، وسبك وتقطيع وتصنيع الاواني المنزلية الشعبية ، وتصنيع أبواب وشبابيك وتحف فنية. كانت أزمة الخردة قد تكررت عدة مرات علي مدي السنوات الخمس الاخيرة نتيجة ارتفاع الاسعار العالمية للمعادن مما دفع وزارة التجارة والصناعة الي اصدار عدة قرارات وزارية بفرض رسم صادر علي خردة النحاس والحديد والرصاص والزنك . وعلي الرغم من تطبيق رسم الصادر ، الا أن مصدر الخردة لجأوا الي التحايل علي القرار بتحويل الخردة الي تماثيل وقوالب وطلائها بطبقات اخري لتغيير مسماها وتصديرها دون رسوم صادر، وهو ما دفع غرفتي الصناعات الهندسية والمعدنية باتحاد الصناعات الي المطالبة بحظر كامل علي تصدير الخردة أسوة بدول مثل السعودية وروسيا وغيرهما، وتشديد الرقابة علي المنافذ الجمركية وتدريب رجال الجمارك علي كيفية كشف التحايل لوقف تصدير الخردة. أكد محمد المهندس نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية أن كثيراً من المصانع المستخدمة لخردة النحاس والرصاص والألونيوم لا تجد الخردة لدي كبار التجار مما يهدد بتوقف الانتاج في كثير من المصانع . وأشار الي أن ارتفاع أسعار المعادن عالميا دفع كثيراً من التجار الي تصدير الخردة تحت مسميات اخري حتي لا يتم الخضوع لقرار رسم الصادر. وقال إن الغرفة بعثت بعدة مذكرات الي الدكتور سمير الصياد وزير الصناعة والتجارة الخارجية طالبت فيها بحظر التصدير وتحديد ميناءين فقط لتصدير المنتجات المعدنية لتسهيل كشف عمليات التحايل لتهريب الخردة .وأوضح أن غرفتا الصناعات الهندسية والمعدنية اجتمعتا مع مسئولي التجارة الخارجية في وزارة الصناعة واتفقوا علي تنفيذ خطوات سريعة وجريئة للقضاء علي الظاهرة واعادة التوازن والاستقرار الي سوق الخردة ، الا أن شيئا لم يتم حتي الآن. أضاف أن بعض اصحاب الورش والمصانع الصغيرة هددوا بعمل اعتصامات واضرابات اذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم بتوفير الخردة ، وهو ما دفع الغرفة الي اعادة ارسال مذكرة المطالب الي رئيس مجلس الوزراء. وكانت اسعار النحاس قد ارتفعت خلال 2010 من 7464 دولارا للطن الي 9415 دولارا خلال العام بنسبة زيادة قدرها 35٪ طبقا لتقديرات البورصات العالمية. وقال المهندس محمد عاصم رئيس شركة النحاس الاهلية أن اختفاء الخردة من الاسواق يعطل الانتاج في شركات النحاس باعتبار الخردة مصدرا رئيسيا للتشغيل . واوضح ان صناعة النحاس في مصر تعتمد علي عمليات تدوير الخردة لأن مصر ليست من الدول المنتجة للنحاس. وأكد محمد جمال العايدي عضو مجلس ادارة غرفة الصناعات الهندسية أن معظم الورش الصناعية العاملة في صناعات المعادن تعتمد علي الخردة بشكل كامل ، وقد توقفت بالفعل كل هذه المنشآت نتيجة الازمة الأخيرة. وقال إن وجود فارق كبير بين السعرين العالمي، والمحلي في الخردة خاصة خردة النحاس يغري كبار التجار بالتصدير بدلا من البيع للسوق المحلي. وكشف المهندس محمد حنفي مدير غرفة الصناعات المعدنية أن النحاس هو أكبر المعادن الذي تتعرض خردته الي التهريب في الآونة الاخيرة ، بسبب الارتفاع الكبير في أسعاره . وقال إن حجم الخردة المتداولة في السوق سنويا للنحاس تبلغ نحو 50 الف طن . وأشار الي أن عمليات تهريب خردة النحاس تتم من خلال عدة طرق منها صهر النحاس وصبه في قوالب وطليه بالألومنيوم حتي يتم تصديره علي كونه ألومنيوم، أو تحويله الي صلبان وأهلة وتصديره كمنتج تام ، أو ملء الحاويات بخردة نحاس وتغطيتها بسلع معدنية أخري يسمح بتصديرها بدون رسوم . وقال إن معظم عمليات تغيير شكل الخردة تتم في مناطق الصناعة العشوائية مثل " العكرشة " بالخانكة ، او حدائق البساتين في انشاص، أو ميت غمر. وأكد أن مواجهة الظاهرة ممكن من خلال تفتيش كافة الحاويات التي تنقل المنتجات المعدنية بالمواني وليس المصانع ، وضرورة مطابقة ما يتم تصديره مع نص البند الجمركي الذي يحدد طريقة انتاج كل صنف مع تكثيف زيارات مفتشي الجمارك للمصدرين للتأكد من مطابقة المواصفة عن الانتاج. أضاف ان الغرفتين الصناعات المعدنية والصناعات الهندسية ستعدان قوائم سوداء لمن يكتشف تحايله أو تهريبه للخردة ودعوة الوزارات المعنية الي رفعه من سجلات المصدرين وعدم الاكتفاء بالتصالح وسداد الرسوم.