سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك وبداية موسم الحج    مصرع أكثر من 29 شخصا وفقد 60 آخرين في فيضانات البرازيل (فيديو)    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    الخضري: البنك الأهلي لم يتعرض للظلم أمام الزمالك.. وإمام عاشور صنع الفارق مع الأهلي    جمال علام: "مفيش أي مشاكل بين حسام حسن وأي لاعب في المنتخب"    "منافسات أوروبية ودوري مصري".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    10 أيام في العناية.. وفاة عروس "حادث يوم الزفاف" بكفر الشيخ    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين في غزة جائزة حرية الصحافة لعام 2024    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    أيمن سلامة ل«الشاهد»: القصف في يونيو 1967 دمر واجهات المستشفى القبطي    بركات ينتقد تصرفات لاعب الإسماعيلي والبنك الأهلي    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    مصطفى شوبير يتلقى عرضًا مغريًا من الدوري السعودي.. محمد عبدالمنصف يكشف التفاصيل    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    محمد هاني الناظر: «شُفت أبويا في المنام وقال لي أنا في مكان كويس»    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    رسميًّا.. موعد صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    ملف رياضة مصراوي.. هدف زيزو.. هزيمة الأهلي.. ومقاضاة مرتضى منصور    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    الغانم : البيان المصري الكويتي المشترك وضع أسسا للتعاون المستقبلي بين البلدين    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    خالد منتصر منتقدًا حسام موافي بسبب مشهد تقبيل الأيادي: الوسط الطبي في حالة صدمة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ممثل الأزهر الاحتياطي في لجنة الخمسين ل "الوفد":
الجندي : الإسلام لا يعرف الدولة الدينية
نشر في الوفد يوم 12 - 12 - 2013

نحن علي أعتاب مرحلة فارقة في تاريخ مصر السياسي مع اقتراب الاستفتاء علي دستور مصر الجديد، الذي انتهي ماراثون صياغته مؤخرا وتؤكد العديد من القوي والرموز السياسية في أمصر أنه المنقذ والأمل للخروج بمصر من أزماتها التي تعانيها منذ قيام ثورة يناير مرورا بوصول الإخوان الي سدة الحكم وقيام ثورة 30 يونية، التي أزاحتهم من الحكم،
وتضمن الدستور الجديد مزايا عديدة أهمها مراعاة الطبقات المهمشة والفقيرة وذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، وإلغاء التمييز بين المصريين جميعا.
وحوارنا اليوم مع أحد الذين كانت لهم بصمة في الدستور الجديد وهو المفكر الإسلامي الدكتور محمد الشحات الجندي، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية والعميد الأسبق لكلية الحقوق بجامعة حلوان، وممثل الأزهر الاحتياطي في لجنة الخمسين لصياغة الدستور الجديد، وفي هذا الحوار يطرح رؤيته للمشهد السياسي الراهن كشخصية علمية وقانونية متميزة وصاحب فكر موسوعي له العديد من الأفكار المهمة والاجتهادات المفيدة في مجال الشريعة الإسلامية.. وإلى نص الحوار:
بطاقة شخصية
ولد في القاهرة في ديسمبر 1949م
حصل علي ليسانس كلية الشريعة والقانون بالقاهرة عام 1975م
عين معيدا بقسم القانون الدولي عام 1975م بجامعة الأزهر
حصل علي الماجستير شعبة السياسة الشرعية «القانون العام» عام 1979م
حصل علي الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولي عام 1983 في القانون الدولي مقارنا بالشريعة الإسلامية
أعير للجامعة الإسلامية العالمية - إسلام أباد عام 1990م
عين أستاذا للشريعة الإسلامية عام 1992م
عين عميدا لكلية الحقوق جامعة حلوان عام 2003م
ترجم العديد من الكتب من الانجليزية للعربية أبرزها «القياس وتطبيقاته المعاصرة»
له مؤلفات عدة أبرزها المدخل في الفقه الإسلامي والميراث في الشريعة الإسلامية
عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية لجنة الدراسات الفقهية
عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف
عضو الجمعية المصرية للقانون الدولي
أمين عام الجمعية الخيرية الإسلامية عام 2000م
عضو لجنة الجوائز التشجيعية بالمجلس الأعلي للثقافة، وزارة الثقافة
الأمين العام للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية 2008
سافر الي العديد من الدول الأوروبية للمشاركة في المؤتمرات العلمية والدولية مثل أمريكا والمجر واسبانيا وايطاليا وبلجيكا وتركيا ومالطا وماليزيا وبروناي بالإضافة الي العديد من الدول العربية
بداية.. ما رؤيتك للمشهد السياسي والأوضاع الحالية في مصر بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين؟
- لا شك أن المشهد السياسي مضطرب جدا، والرؤية فيه حتي الآن غائمة، لأننا كنا نتطلع أن تكون هناك انفراجة في الموقف وأن يكون هناك أيضا استقرار مجتمعي، لكن مسار الأحداث بعد سقوط الإخوان من سدة الحكم، بدا عدم رضا من جانبهم مطلقا واستعدادهم للتنازل عن أي شيء للعودة للحكم، وكما يقولون التمسك بالشرعية، وهذا هو مطلبهم الرئيسي ومن أجل ذلك يحاولون استقطاب المجتمع الدولي ويصدرون للعالم الخارجي رسالة بأن المجتمع المصري منقسم، وأن هناك ملايين الجماهير ترغب في عودتهم الي سدة الحكم، والنتيجة إراقة الدماء التي تحدث والتخريب في المنشآت والممتلكات العامة والخاصة، وكنا نتوقع ألا تتعدي هذه الأحداث شهرا أو شهرين بعد ثورة 30 يونية لكنها زادت الي 6 أشهر مع نهاية العام ومازال الأمر علي أشده، فالجامعات المصرية مضطربة وهناك مجموعات من طلاب الإخوان المسلمين
يندسون بين الطلاب لإفشال العملية التعليمية وأنصار المعزول «مرسي» يحتجون ضد قانون التظاهر ويرفضون خارطة الطريق، وهناك مسار جديد للجماعة يعد الأخطر وهو الاغتيالات وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا، حتي طالت الاغتيالات الجيش المصري نفسه والشرطة أيضا وأصبحت أرض سيناء مسرحا لجماعات تسعي الي تكفير الجيش والادعاء بأنه جيش للكفرة والطغاة لأنه انقلب علي الشرعية، وأغلبية الشباب ينساقون وراء أفكارهم طبقا لمبدأ السمع والطاعة، وما كنا نتوقع إطلاقا أو علي الأقل من وجهة نظري أن يحدث ذلك من أناس يتحدثون باسم الدين، ويرفعون شعار «الإسلام هو الحل»، فكلما أرادت الدولة أن تفعل شيئا نري دعايات مضادة لها، ومن المتوقع أن تكون هناك دعايات ضد الدستور ولكن أتوقع خروج الناس للاستفتاء وكل هذه الأمور بالتأكيد تجعل المشهد السياسي مشهدا بائسا بكل المقاييس، فهناك صراع علي السلطة وهناك من يؤيدون الإخوان لكن في الوقت نفسه ترفضهم الأغلبية، خاصة بعد أن خاضوا تجربة الحكم لعام كامل، وكانت هناك محاولات لفرض أفكارهم ورؤاهم، لكننا لم نر منهم شيئا، حتي مسألة تطبيق الشريعة لم نر شيئا من ذلك، ولم يكن همهم إلا السلطة ومازالوا يحاولون استعادتها بعد أن استولوا علي مؤسسة الرئاسة ومجلسي الشعب والشوري لكن سرعان ما تطورت الأحداث وخرجت الملايين ضدهم وقد ساندهم الجيش إرضاء للشعب وتنفيذا لرغبته وآلت الأمور الي ما عليه الآن.
الربيع العربي والغرب
هل تعتقد أن سياسة واستراتيجية العالم الغربي تجاه العالم الإسلامي بعد الثورات التي اجتاحت بعض بلدانه ستتغير بعيدا عن نظرة الاستعلاء والدونية التي يتعامل بها معه؟
- هذا يتوقف في رأيي علي مسار الثورات العربية التي مازالت تتخبط وهناك عدم وضوح في الرؤي والتماسك المجتمعي وأعتقد أننا سننتقل الي نظام جديد ولكن سيكون موقع الدول الإسلامية أيضا كما هو الحال أقل من الدول الغربية بكثير، لكن يجب أن تحاول هذه الدول أن تتحرر وأن تكون بها ديمقراطية بالمعني الصحيح وعندما يتحقق ذلك ستنال دول الربيع العربي كل احترام وتقدير من دول العالم الغربي وسيكون لها شأن كبير، لكن للأسف حتي الآن مسيرة الثورات الغربية غامضة ومقلقة، وهناك انقسامات ومتربصون، وهناك أيضا طائفية في الفكر، وهذا كله ليس في مصلحة البلاد، ولا يصنع تقدما، فوحدة المجتمعات ضرورية لتقدم أي دولة فما يحدث الآن صراعات وخلافات وكل تيار يريد أن يسود الموقف علي حساب الدولة، وهذا نذير خطر شديد علي وحدة المجتمع.
هناك من يشيع في أجهزة الإعلام أن ثورة 25 يناير لم تكن ثورة وأن الثورة الحقيقية حدثت في 30 يونية.. كيف تري هذا الطرح؟
- لا أوافق علي هذا الطرح لأن التغيير الحقيقي لمسار هذا البلد بدأ في ثورة 25 يناير 2011 والدولة كانت بالفعل دولة ظلم واستبداد فحكم الرئيس المخلوع حسني مبارك كان حكم نهب واستبداد ويقوم علي التوريث وهذه قضية ليست في حاجة الي برهان وكانت الأمور، قد وصلت الي تهميش قطاعات كبيرة جدا في المجتمع المصري، ولذلك كان الشعب يريد فقط من يشعل الشرارة الأولي للثورة، فعندما تجمع الشباب في بداية الثورة خرجت الجماهير كلها يوم 25 يناير واشتركت فيها كل قطاعات المجتمع، ووقف الجيش مؤيدا للثورة ومساندا للشعب ولولاه لقامت حرب أهلية، ولكن علي أي حال كانت ثورة 30 يونية تصحيحية أو استكمالا لمسار ثورة 25 يناير، إذ لولا ثورة يناير لما كانت ثورة 30 يونية، ولما جاء الإخوان الي سدة الحكم، فالإخوان بالفعل اختطفوا الثورة ووظفوها بحكم تنظيمهم وبحكم تأييد العديد من الناس لهم، خاصة عندما طرحوا شعار «الإسلام هو الحل» فقد أرادت الأغلبية أن يكون الإسلام هو الملاذ لهم ولأنهم كانوا يريدون بالفعل أن يروا العدالة الاجتماعية والحرية والعيش والمقومات الأساسية لهذا المجتمع، وبالتالي نقول إن ثورة 25 يناير هي الطرح الحقيقي لمسار التغيير في المجتمع المصري، وهي التي انضوي تحتها الشعب المصري كله، وبالتالي هي الثورة الأم إذا صح التعبير، وثورة يونيو استكمال لها، فقد صبت أن الفصيل الذي ارتقي الي سدة الحكم لم يكن مؤهلا لحكم البلاد وتحقيق مطالب الناس ولم يكن علي مستوي المسئولية والإخلاص للوطن وتحقيق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة.
لكن البعض يصر علي أن ما حدث في 30 يونية انقلاب عسكري رغم الغالبية التي تؤكد أنها ثورة أخري لبت فيها القوات المسلحة نداء الشعب، فما نظرتكم لهذا الطرح؟
- أبدا.. ليس انقلابا عسكريا.. لأن كل هذه الجماهير وخروجهم الي الميادين والجموع التي رأيناها لم يكن من صنع أحد، لقد شعرت الجماهير بأن آمالها وتوقعاتها بشأن حكم الإخوان المسلمين تبددت وربما كان هناك من يؤيد الإخوان من هذه الجماهير لكنه أصيبت بخيبة أمل، نتيجة التجربة الفاشلة علي مدار العام، والأزمات الكثيرة جدا التي عاني الجميع منها، وهذا كله جعل الأمر يتزايد، فشرارة الثورة كانت شعبية بالدرجة الأولي، ولكن القوات المسلحة كان لها دور قوي في هذا الصدد بمساندة الشعب وتلبية رغباته، فلم يحدث انقلاب إطلاقا لأن الناس صاحبة الشرعية الحقيقية وإذا لم ترض عن هذه الشرعية يمكن أن تبدلها لأن المفروض كما يقولون أن يكون الحكم بالعدل، فهناك شرط بقاء وانتهاء، أي شرط بداية ونهاية وهذا بمثابة العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم وهذا ما حدث وصحيح أإننا لا ننكر أن الصناديق جاءت بالدكتور مرسي وأن الجماهير أيدت الإخوان المسلمين، وكان ذلك بمثابة عقد اجتماعي بينهم، لكن الإخوان بتجربتهم وممارساتهم نقضوا بنود العقد الاجتماعي مما جعل الجماهير تخرج للشارع لإزاحتهم عن سدة الحكم.
علاقة ملتبسة
كيف تري العلاقة بين الدين والسياسة والحدود الفاصلة بينهما؟
-أصبحت علاقة ملتبسة بعد التجربة الإخوانية لأن الإخوان استغلوا الدين لصالح طموحات ورغبات وأهداف سياسية، وهي أن يظلوا في الحكم، فقد كانوا يريدون أن تكون مصر تحت حكمهم للأبد فاستغلوا الشرعية وأنهم جاءوا بصناديق انتخابات لأنهم كانوا أقرب للجماهير واستخدموا أساليب ملتوية، كما استخدموا الدين ولكن ما إن وصلوا للحكم حتي تنكروا للديمقراطية فأقصوا معارضيهم فالقوي السياسية كلها تقريبا كانت ضدهم بعد أن وظفوا الشعارات الإسلامية والفتاوي من أجل السياسة والمفترض أن هناك وفقا للدين ما يسمي ب«السياسة الشرعية» التي تقوم علي رضاء المحكومين علي الحاكم، واختيار المحكومين للحاكم وتقوم علي العدالة الاجتماعية وإشراك المجتمع كله في إدارة شئون الحكم بالإضافة الي تحقيق المقومات الحياتية للناس جميعا، وعدم تفضيل فئة علي أخري، والأهم من ذلك أن السياسة الشرعية في الإسلامية جاءت لتجمع الأمة كلها، فمن المفترض أن يكون الشعب المصري أغلبه مؤيد للحكومة لأن الحاكم حقق العدالة الاجتماعية وأشرك الجميع في العملية السياسية وكل ذلك لم يتحقق للأسف الشديد، لأن البلد في أزمات متتالية، وبالتالي أصيب الناس بصدمة، مما جعل البعض يتشكك في حكم الدين الإسلامي، وأنه لا يصلح لحكم الحياة المعاصرة، وقد رأينا ذلك عندما صدر الإعلان الدستوري علي يد الرئيس المعزول مرسي مما أحدث انقساما مجتمعيا بسبب الإصرار عليه، وكل ذلك أدي لتشويه صورة الإسلام و الإسلام بريء من كل ذلك، لذلك نقول هذه ليست تجربة إسلامية وإنما هي تجربة إخوانية، فقد لجأ الإخوان لأساليب أخري عندما طبقوا ما يشبه الدولة الدينية ومهدوا الطريق لميليشيات بدلا من الجيش ولجأوا لفتاوي تخدم أهدافهم وأطماعهم السياسية ولهذا قدموا شكلا خاطئا للإسلام السياسي أمام العالم الخارجي، وأنه لا يصلح لإدارة الحياة في الوقت المعاصر، مما شكك الكثيرون في الإسلام، ولذلك نقول إن من يريد أن يحكم البلاد بالإسلام فإنه لا يعرف الدولة الدينية ولا يوظف الدين لصالح السياسة.
لكم كتاب بعنوان «الدولة المدنية في الإسلام» ما المقصود بالدولة المدنية وهل تختلف عن نظام الدولة الذي تحقق في عهد النبي صلي الله عليه وسلم؟
- تقوم فكرة الكتاب باختصار علي الإجابة عن سؤال هو: ما شكل الدولة في الإسلام ومن واقع استقرائي لنظام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة ومرورا بعهد الخلفاء الراشدين، وحتي في الدولتين الأموية والعباسية نري أنه لا يوجد ما يسمي بدولة الكهنوت، أي لا يوجد ما يسمي بالدولة الدينية أو الثيوقراطية التي تعتمد علي حكم رجال الدين الذين يقولون إن كلمتهم لا ترد ولا تجوز معارضتهم، فالاستبداد عندهم أمر مقرر ومسلك طبيعي، ومثل هذه الأمور لم يعرفها الإسلام، وقلت في هذه الدراسة إن الدولة اصطلاح جاء بسبب ما كان سائدا في أوروبا في العصور الوسطي، فهو مصطلح وافد علينا، أرادوا أن يلصقوه بالإسلام بعد نمو ما يسمي بظاهرة «الإسلام السياسي» أي وجود الجماعات والأحزاب والتيارات التي تنادي بتطبيق الشريعة الإسلامية والعودة الي الإسلام مرة أخري فقالوا إن هذا معناه الدولة الدينية، لكن هذا ليس معناه أبدا، فالإسلام لا يعرف الدولة الدينية، ومن يمارس الإسلام بأن كلامه لا يرد وأنه ينبغي أن يطاع لأنه يحتكر التفسير، فهذا أمر مرجعه له، ولا ينبغي أن يحمل علي الإسلام لأن الإسلام بريء من ذلك، فالقرآن الكريم يقول للرسول صلي الله عليه وسلم «فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر»، فإذا كان هذا شأن الرسول الذي يوحي إليه ولا ينطق عن الهوي، ولم يقل عنه إن كلامه لا يرد، فالقرآن يقول له: «إن عليك إلا البلاغ» وقال أيضا: «وشاورهم في الأمر»، وقال: «ليس لك من الأمر شىء» مثل هذه الأمور كلها تؤكد أن الإسلام لم يمارس الدولة الدينية مطلقا ولذلك فهذا الكتاب إبحار في نظام الحكم الإسلامي والمقارنة بين الفكرين الإسلامي والغربي والتجربة الإسلامية الأولي والتجربة الغربية في العصور الوسطي، وينتهي الي أن الإسلام حمل زورا وبهتانا فكرة من يقول إن الدولة الدينية لصيقة بالإسلام وهي في الحقيقة ليست من الإسلام في شيء بالإضافة الي أن الكتاب تناول الدولة بين الدين والسياسة وأسس الحكم والنظام السياسي.
ما رأيكم في مواد الدستور الجديد الذي جرت صياغة مواده مؤخرا باعتباركم عضوا احتياطيا في لجنة الخمسين؟
- كعضو احتياطي في هذه اللجنة يمكنني القول إن هذا الدستور هو الأفضل بالمقارنة بالدساتير الأخري وليس دستور 2012 فقط، بل أقصد دساتير 1971 و1958 و1956 و1923، لأنه بالفعل أكثر ما يهتم بالطبقات المهمشة في المجتمع والطبقات الفقيرة التي لديها مطالب متعددة في الحياة كالمأكل والتعليم والعلاج فهذا الدستور لمس هذه الفئة في الحقوق والحريات بقوة، وتضمن ما لم يتضمنه دستور آخر ولأول مرة يضع 11 مادة تتحدث عن فئات ذوي الاحتياجات الخاصة وهم يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع المصري، فهناك في مصر 15 مليونا منهم أيضا نص الدستور علي أن التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم، ومنع التمييز بين المصريين جميعا وفرض الدستور معاشا لصغار الفلاحين والعمال، وضمن لهم حقوقا فهناك نقاط مضيئة في الدستور،. وليس معني ذلك أن هذا الدستور وصل الي درجة الكمال، لكن إذا قارناه بالدساتير السابقة عليه سنري أنه قفز خطوات للأمام والأفضل، من حيث مقاومة الطغيان والحد من سلطات الرئيس والبعد عن الرئيس الفرعون، ومنح الدستور حريات واسعة مثل حرية الإبداع والمرأة والصحافة، ويمكن معالجة أي قصور فيما بعد الموافقة عليه.
كنت ممثلا عن الأزهر في لجنة الخمسين.. ما أهم الركائز التي طالبتم بها؟
- طالبنا بأن تظل مبادئ الشريعة الإسلامية هي الأساس في المنظومة التشريعية والقوانين في الدولة المصرية فيجب ألا تنحي الدولة مبادئ الشريعة الإسلامية في التشريعات في مجالات الحياة المختلفة، ألا يتخطي الدستور هذه المبادئ أو يعمد إلي إهمالها أو تعطيلها أو المساومة عليها ولذلك أكد الدستور أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي لتشريع وهناك أمر آخر يتعلق بالتمسك بهوية الدولة الإسلامية لأن أغلبية سكان الوطن مسلمون وبالتالي ينبغي أن تكون الهوية إسلامية وليس معني ذلك إنكارا للإخوة المسيحيين وهم جزء من نسيج المجتمع المصري، لكن في النهاية كما يحدث في ألمانيا وغيرها من الدول هناك أحزاب ترفع راية المسيحية وهناك دساتير متعددة تنص علي المسيحية كجزء أساسي من هوية بعض المجتمعات في الدول الأوروبية وبالتالي ينبغي أن تكون هوية الدولة عندنا إسلامية وألا تتعارض أحكام الدستور مع النصوص القطعية للشريعة الإسلامية.
إذن التصويت ب«نعم» للدستور الجديد؟
- رأيي «نعم» للدستور دون فرض ذلك علي أحد، لكن ما نرجوه أن يقرأ الناس هذا الدستور والاطلاع علي مواده.
بم تفسر معارضة الإخوان والتيارات الإسلامية للدستور الجديد؟
- بسبب مسلكهم المعيب فقد جاءت لهم الفرصة علي طبق من ذهب وكان المفترض عندما تمكنوا من السلطة ومجلسي الشعب والشوري والرئاسة أن تتحقق العدالة في المجتمع لكن الإخوان ساروا بالمجتمع من أزمة الي أخري، ولم يتحقق ذلك، حتي مشروع «النهضة» الذي نادوا به كان علي مدي سنة مشروع الكوارث والأزمات وكما نعلم كيف تضخم الدين المصري الي أي مدي وكيف هبط الاحتياطي النقدي الي 13 مليار دولار، فالمواطن العادي لم يشعر بالارتقاء والتحسن في أحواله لذلك رفض الشعب الإخوان المسلمين نتيجة فشلهم الذريع في إدارة البلاد والخروج بها من أزماتها.
الإخوان المسلمون ربطوا فشلهم بسقوط الإسلام.. ما رأيك؟ وهل تري أنهم أساءوا للدعوة بصفة عامة؟
- إطلاقا هناك مقولة: «يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»، فأساس المشروع الإسلامي قائم علي الصدق والعدل وجمع الأمة لكن تجربة الإخوان في الحكم انحرفت بالإسلام، وقسمت المجتمع المصري الي أطياف، وبالتالي أدت الي عوار بالحكم وحدث استبداد وإقصاء للمعارضة ولم يتحقق شيء ولذلك نقول إن الإسلام السياسي لم يسقط وإنما سقط الإسلام الإخواني سياسة ومشروع الإخوان وليس الإسلام السياسي لأنه أكبر من ذلك بكثير.
وكيف تري الحكم بحظر أنشطة جماعة الإخوان المسلمين وتجميد أموالهم؟
- من المفترض أن يقتصر ذلك علي رؤوس ورموز وقيادات الإخوان لأنهم الذين حركوا هذا الركود الموجود في المجتمع، وخدعوا الشباب، لكن أن يتم تعميم ذلك، فهذا أسلوب خاطئ في الحكم علي الأمور، لأنهم جزء من المجتمع المصري فالأكثرية منهم لم يطلعوا علي حقيقة الإسلام، ويعتمدون علي مبدأ السمع والطاعة، لكننا نقول لهم إن السياسة بها رأي ورأي آخر، وليس بها مبدأ السمع والطاعة لكن بها مصلحة الناس ولذلك لابد من الترشيد في التعامل مع الإخوان ومن ثبت أنه كان ضحية للإخوان ينبغي أن نعيده مرة أخرى الي حظيرة المجتمع مرة أخري.
العزل السياسي
هل تؤيد العزل السياسي سواء لجماعة الإخوان المسلمين أو الحزب الوطني.. أم لا؟
- لا للعزل.. ولندع الجماهير هي التي تعزلهم، فقد أوصت لجنة العشرة بإلغاء مادة العزل السياسي من مشروع الدستور لأنه ربما يطالب البعض بتطبيق العزل علي أعضاء الحزب الوطني أو علي جماعة الإخوان المسلمين وهذا كان سيدخلنا في نفق مسدود لا خروج منه وأعتقد أن من تثبت عليه جريمة جنائية يعاقب ويحاسب ويطبق عليه قانون العزل أما من لم تثبت عليه أي جرائم وينتمي الي أحد النظامين السابقين لا يطبق عليهم بل يجب دمجهم في الحياة السياسية وعدم إقصائهم فهم مواطنون لهم كامل الحقوق وعليهم واجبات ولابد ألا يقصوا لمجرد انتمائهم لحزب أو فصيل بعينه.
كيف صان الفكر الإسلامي السياسي حرية التعبير للناس والشعوب؟
- أوجد الفكر الإسلامي السياسي ضمانات لتحقيق ذلك، منها علي سبيل المثال أنه ينبغي الحكم شمل الأمة كلها، لأن الإسلام جاء ليجمع الأمة «المسلم وغير المسلم» فقد قامت دولة الإسلام علي ذلك والدليل علي هذا صحيفة المدينة التي أدخلت حتي اليهود تحت غمار أو مظلة الدولة حتي الوثنيين، فالضمانات هي أن تجعل المجتمع موحدا وإن كانت هناك بعض الاختلافات داخل هذا المجتمع، أيضا من تلك الضمانات أن تكون هناك عدالة والعدالة هنا ليست انتقائية لفصيل دون آخر، وينبغي أيضا أن يكون للناس حق الاختيار والمراقبة علي حكامه، لأن الدين النصيحة، والمراقبة أيضا ضمانة للسير أو الالتزام بالشرعية الإسلامية، أيضا من تلك الضمانات تحقيق مصلحة الناس حتي يكون الحكم سليما.
في نقاط محددة.. ما أبرز المقومات التي تقوم عليها الدولة في الدستور الإسلامي؟
- أولا الحفاظ علي الأصالة الدينية للمجتمع المسلم مع عدم إغفال الهويات الأخري من الديانات ومن المهم أيضا المواطنة فالدولة الفتية التي أنشأها الرسول كانت تعتمد المواطنة حتي لليهود، ولم تكن للمسلمين فقط، واعترفت بحقوق كل فرد يعيش لواء دولة الإسلام، وكذلك الاعتراف بالتعددية داخل المجتمع وهذا حدث في الدولة الإسلامية أيضا، وأخيرا ينبغي عدم الخروج علي الأحكام القطعية في الشريعة الإسلامية.
كيف تري المشهد الدعوي الآن.. وهل هناك صراع بين التيارات الإسلامية للسيطرة عليه؟
- بالفعل مازال هناك صراع بين هذه التيارات خاصة في الري والنجوع بعيدا عن المدن الكبري وهناك من يروجون للفكر الإخواني والسياسات الإخوانية ولذلك مازال هناك تدافع نحو هل نمضي علي طريق الإسلام الوسطي أم نمضي علي طريق الإسلام المذهبي، نحن نريد الإسلام الوسطي.. إسلام الأمة التي ينبغي أن تكون في صدارة المشهد ولابد من الالتزام علي ما اتفق عليه المجموع.
كيف تري استقالة د. يوسف القرضاوي من هيئة كبار العلماء؟
- هذا قرار يعود إليه.. ويبدو أنه إذ صح التعبير أراح واستراح.
وما رؤيتك لدعوته للجهاد ضد الدولة المسلمة في مصر؟
- أمر مؤسف، وانحراف في تفكير د. يوسف القرضاوي فلماذا تحول بهذه الصورة؟ ويبدو أن انتماءه الإخواني غلب علي كل انتماء حتي انتمائه للمؤسسة التي تخرج فيها وهي الأزهر الشريف، فالقرضاوي يمر بمرحلة نسأل الله له العافية فيها وهذه الدعوة الخاطئة التي يعلن فيها الجهاد ضد الجيش ضد خير أجناد الأرض مرفوضة لأنه يريد سقوط الجيش العربي الوحيد الذي يقف حجرة عثرة أمام إسرائيل الآن.
البعض يتهم رموز التيار الإسلامي وكثيرا من المشايخ والدعاة بأنهم سقطوا في حب السلطة، فتهافتوا عليها.. فهل هذا صحيح؟
- للأسف.. الكثير من الشيوخ والدعاة ممن كانوا علي رأس الخطاب الديني انبروا للدفاع عن الإخوان المسلمين وعن التيار الإسلامي الذي كان يجب أن يدعوه الي ترشيد مسلكه وتقويم سياساته وتصحيح المعوج منها خاصة أن الرئيس السابق «مرسي» قال في بداية حكمه: «وليت عليكم فإن اعوججت فقوموني» لكنه عاد ليعاند القوي السياسية ويصر في عناده علي الكثير من الأمور وتصادم مع الرموز والتيارات السياسية من أجل ارضاء جماعته وحزبه مما أدي الي فشل الإخوان في نهاية المطاف وسقوطهم من سدة الحكم.
بعد سقوط الإخوان هل يمكن أن تكون السلفية منهجا يعتد به لمصلحة المسلمين؟
- أخشي أن أقول إننا خرجنا من مشكلة الي أخري ومن تجربة تيار الي آخر، لأن المشكلة أن هذا أو ذاك لا يعتنق الإسلام الوسطي فنحن نريد الإسلام الوسطي وهذه هي المعضلة الكبري نريد الإسلام الذي تجتمع عليه الأم، بعيدا عن التكفير والمزايدات والمذهبية.
ظهرت دعوات من تيار دعم تحالف الشرعية لمليونات رافضة للدستور الجديد ماذا تقول لهم؟
- هذا كلام ليس له أساس ونقول لهم حكموا ضمائركم وعقولكم وابتعدوا عن مبدأ السمع والطاعة وأقروا الدستور الجديد أولا وقارنوه بدستور 2012 ثم حكموا ضمائركم وانظروا أي دستور يقود الأمة الي الأمام بدلا من الانقسام والنزاعات والفرقة التي نعيشها اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.