أسعدنى مثل كل المصريين المحبين لتراب هذا الوطن رغم أنف الحاقدين والكارهين له والقائمين على تخريبه تحسن نتيجة رسوب مصر الغالية فى تقرير التنافسية العالمية فى التعليم ونجاحها فى امتحان الملحق لتحصل على الترتيب 70 فى الإنفاق على التعليم، و73 فى التعليم ككل، و54 فى نسبة الطلاب للمعلمين، وقال التقرير: «هذه نقطة جيدة جداً».. وهذا نشدو له بأغنية الفنانة الراحلة ليلى مراد «كلام جميل كلام معقول مقدرش أقول حاجة عنه». ولكن غير المعقول وغير المقبول أن يكون هذا النجاح تحقق بسبب المعجزة الجبارة التى بذلتها وزارة التربية والتعليم خلال الشهور الأربعة الأخيرة لدفع التعليم إلى الأمام.. لا أحد ينكر أن الدكتور محمود أبوالنصر وزير التربية والتعليم نجح فى جمع تبرعات من مجموعة من رجال الأعمال المصريين استخدمت فى بناء 500 مدرسة، بالإضافة إلى المنحة الإماراتية لبناء 800 مدرسة، و1500 مدرسة أخرى بالجهود الذاتية، وهذه المدارس تدخل الخدمة رسمياً العام القادم، ولكنها لم تكن السبب فى تلك القفزة فى تصنيف مصر.. أنا عن نفسى لو كانت الأربعة شهور التى قضاها وزير التعليم فى منصبه وراء تقدم مصر فى إصلاح ما عجز عنه وزراء التعليم السابقون على مدار عشرات السنين الماضية فإننى أرشح الدكتور أبوالنصر للحصول على جائزة نوبل فى مجال التعليم لمحو المعاناة اليومية للأسرة المصرية فى مختلف أرجاء المعمورة، كما أرشح الوزير ليكون شخصية عام 2013 مقارنة بوزراء التعليم فى الدول الحاصلة على مراكز متقدمة. لست متشائماً أو ناقماً.. وإنما أرى أن أقصر طريق للنجاح هو الصدق مع النفس والصدق مع الشعب.. لأن مصيبتنا السودة طوال العهود الماضية أن الحكومات لم تصارح الشعب ولم تقل له الحقيقة وظللنا نضلله ونظهر له أن الحياة وردى وزى الفل فى كل شىء، إلى أن فاق على الفجيعة الكبرى، واكتشف حقيقة الوهم الذى عاش فيه.. وأرى أيضاً ألا نبالغ فى الأمور ونعطيها أكثر من حجمها.. وقد يقول قائل: «ليه نظرة التشاؤم دى؟»، فأقول له: «أريد أن يكون بلدى العزيز مصر ووطنى الحبيب الذى أرى فى نفسى ألا يوجد من هو أكثر منى وطنية فى صدارة الدول بجميع التصنيفات الدولية ولا تأخذ مصر مراكز متأخرة.. ونكف عن ممارسة سياسات الخداع والتضليل للشعب التى كانت تستخدمها الأنظمة الفاسدة السابقة ويتم التعامل معنا وكأننا «هطل أو هبل» مش عارفين حاجة». ما يقوله الوزير يجافى الحقيقة وشىء لا يصدق أن ينقل التعليم نقلة نوعية غير مسبوقة ويقفز به من المركز الأخير إلى المركز الثالث والسبعين فى التنافسية العالمية الجديدة.. هل يعقل هذا؟!.. أكاد أشك فى نفسى؟! وأسأل نفسى أين كانت عبقرية الوزارة عندما كان الدكتور أبوالنصر رئيساً لقطاع التعليم الفنى عندما أتوا برئيس عام امتحانات الثانوية وزيراً لتربية وتعليم مصر؟!.. لماذا لم يحقق الوزير هذه المعجزة فى إصلاح التعليم الفنى من خلال استراتيجية تطوير التعليم الفنى التى زهق الناس من ترديد كلمة تطوير وإصلاح؟! تعوَّد الوزير منذ قدومه إلى الوزير وحتى عندما كان رئيساً لقطاع التعليم الفنى على الفرقعة الإعلامية و«يعملك البحر طحينة» وعندما تأتى إلى الحقيقه لا ترى شيئاً، وكأنك ترى سراباً، وتسمع صدى صوتك فى الخلاء. أرجو أن كل شىء يأخذ حجمه من التقدير وألا نهول ونهلل لمجرد حصولنا على مركز اعتبره مازال متأخراً جداً مقارنة بدول أحدث منا فى التعليم ولم يكن لديها القدرات العقلية التى يزخر بها التاريخ المصرى على مر العصور ولم يكن لديها نهضة تعليمية حقيقية حدثت مثلما حدث فى عهد محمد على.. لا نريد أن نبالغ فى المركز الذى حصلت عليه مصر لأنها لم تكن فى مركز متقدم قبل ذلك وتراجعت إلى الخلف وحصلت على «صفر» ثم عادت وتقدمت إلى مقدمة الدول مرة أخرى.. الحقيقة أن التعليم فى مصر فى حالة تدهور شديد ويعانى العديد من المشاكل المزمنة التى تحتاج إلى وضع خطط وبرامج طويلة الأجل لإصلاح أوضاع التعليم من الجذور وليس عمليات القص واللزق والترقيع التى تجرى فى العملية التعليمية وكلها مجرد انطباعات بشخص وكيف ومزاج كل وزير تولى هذه الوزارة؟.. الحقيقة أن مصر مكانتها أكبر من هذا المركز المتأخر الذى يهلل له الوزير فى الفضائيات بالنسبة لدول مجاورة حديثة النشأة والوجود مقارنة بعراقة وتاريخ وعظمة مصر.. نريد تعليماً خالياً من التكدس الطلابى.. وأن يجد كل تلميذ مكاناً فى المدرسة.. وأن توجد مناهج خالية من التعقيد والتعجيز، وأن تكون هناك جامعات قادرة على استيعاب كل طالب يريد له مكاناً فى الكلية التى يرغبها.. ويخرج التلميذ من المدرسة ويذهب إلى المنزل دون الاحتياج إلى مدرس خصوصى، وأن يكون التعليم لصناعة العقول التي يحتاجها سوق العمل وليس تخريج جيوش من العاطلين يجلسون على المقاهى وينخرطون فى الفكر المتطرف الذى تدفع مصر ثمنه الآن من دماء وأرواح أبنائها الأبرياء.. لا نريد أن يكون إصلاح ما أفسده الدهر فى التعليم بشخصية عبقرينو عصره وزمانه الذى جعل التعليم بقدرة قادر وخلال 4 أشهر أن يقفز من الرسوب الذريع بدرجة صفر ويحصل على مركز متقدم فى الدرجه 73.. كفانا تهويلاً!