اعرف طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    20 لاعبًا بقائمة الاتحاد السكندري لمواجهة بلدية المحلة اليوم في الدوري    مصرع أكثر من 29 شخصا وفقد 60 آخرين في فيضانات البرازيل (فيديو)    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك وبداية موسم الحج    الخضري: البنك الأهلي لم يتعرض للظلم أمام الزمالك.. وإمام عاشور صنع الفارق مع الأهلي    جمال علام: "مفيش أي مشاكل بين حسام حسن وأي لاعب في المنتخب"    "منافسات أوروبية ودوري مصري".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    10 أيام في العناية.. وفاة عروس "حادث يوم الزفاف" بكفر الشيخ    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين في غزة جائزة حرية الصحافة لعام 2024    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    أيمن سلامة ل«الشاهد»: القصف في يونيو 1967 دمر واجهات المستشفى القبطي    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    بركات ينتقد تصرفات لاعب الإسماعيلي والبنك الأهلي    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    مصطفى شوبير يتلقى عرضًا مغريًا من الدوري السعودي.. محمد عبدالمنصف يكشف التفاصيل    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    محمد هاني الناظر: «شُفت أبويا في المنام وقال لي أنا في مكان كويس»    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    انخفاض جديد مفاجئ.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالبورصة والأسواق    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    الأرصاد تكشف أهم الظواهر المتوقعة على جميع أنحاء الجمهورية    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    الغانم : البيان المصري الكويتي المشترك وضع أسسا للتعاون المستقبلي بين البلدين    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    هالة زايد مدافعة عن حسام موافي بعد مشهد تقبيل الأيادي: كفوا أيديكم عن الأستاذ الجليل    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما لا يعرفه الإخوان عن كاهنهم الأكبر (7)
سيد قطب أشاع العنف بزعم إكراه الناس على أمور الدين كتب الإخوان تدعو إلي تكفير المجتمع حتي بشأن أمور الفقه

لم تكن حوادث اعتداء المتطرفين والإرهابيين علي المصريين بدعوي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتي حدثت في مدن الصعيد إبان التسعينيات خاصة في الجامعات ثم عقب ثورة 25 يناير كالتي قُتل فيها أحد أبناء السويس الذي كان جالسا مع خطيبته في إحدي الحدائق، ثم في مدن محافظة الشرقية وغيرها من المحافظات المصرية.
لم تكن كل تلك الحوادث بدون ركيزة أيديولوجية أرساها سيد قطب ومن قبله حسن البنا، ومن بعدهما أئمة الفكر التكفيري وزعماء التنظيمات الإرهابية علي مدار العقود الماضية وحتي اليوم. أمثال شكري مصطفي زعيم التكفير والهجرة، وعمر عبدالرحمن مفتي الجماعة الإسلامية، وصالح سرية زعيم حزب التحرير الإسلامي، وتنظيم الجهاد بزعامة عبدالسلام فرج صاحب كتاب «الفريضة الغائبة»، وصولا إلي بن لادن وأيمن الظواهري زعيم القاعدة وما تفرع عنها من تنظيمات فرعية في أنحاء الوطن العربي.
ولا تزال فكرة إكراه المسلمين علي أمور الدين تحت دعوي «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» شائعة بين تنظيمات الإسلام السياسي بأنواعها المختلفة، تستمد أفكارها من كتابات سيد قطب وأبوالأعلي المودودي وغيرهما، تبيح القتل وسفك الدماء وكافة أنواع العنف في المجتمعات الإسلامية بدعوي إجبار الناس علي اتيان أمور دينهم بالقوة، وأن من يرتكبون هذه الجرائم يعتبرون أنفسهم أقوي الإيمان في المجتمع الذي لا يحوي في نظرهم سوي كفار وجهلة، وأن مسئولية هذه الجماعات الإرهابية إعادتهم إلي الدين!!
دعاوي الإكراه علي الدين في كتب سيد قطب وسيد سابق
- يدعو سيد قطب في كتابه (معالم في الطريق) صراحة إلي الإكراه في الدين، ويزعم أن قوله تعالي: «لا إكراه في الدين» لا يعني النهي عن استخدام الإكراه في أي أمر من أمور الدين، وانما يعني لا إكراه علي اعتناق العقيدة فقط أما غير ذلك من أمور الدين فيجوز إكراه الناس عليها.. إذ يقول في ص 83 «لا إكراه في الدين.. أي لا إكراه علي اعتناق العقيدة». وفي مواجهة هذه الدعوة الخطيرة التي تفتح الباب علي مصراعيه للفتن والصراعات بين المسلمين باسم الدين، فلنعد إلي آيات القرآن لندرك بطلانها وتعارضها الكامل مع ما يأمر به المولي عز وجل، فالله تعالي يقول: «لا إكراه في الدين» (البقرة 256) أي لا إكراه في أي أمر من أمور الدين، حيث جاء لفظ الدين في الآية بشكل مطلق بما لا يملك أي إنسان كائنا من كان أن يُقيِّده أو يحدده بالزعم بأن المراد به هو العقيدة وحدها لا الدين كله.
والدين كما عرّفه سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما جاءه من يسأل عن الإسلام والإيمان والإحسان فكان قول حضرته «الإسلام هو شهادة أن لا إله إلا الله، وأن سيدنا محمد رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا، والإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره. والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك». ثم في النهاية وبعد انصراف السائل قال صلي الله عليه وسلم: «هذا جبريل جاء يعلمكم دينكم».
- فالدين إذن هو الإسلام والإيمان والإحسان، ومن ثم فإن قوله تعالي: «لا إكراه في الدين»، أي لا إكراه في الإسلام ولا إكراه في الإيمان ولا إكراه في الإحسان، بمعني لا إكراه علي قول لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول الله، ولا إكراه علي إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا.. ولا إكراه في الإيمان، بمعني لا إكراه في الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره. ولا إكراه في الإحسان.. وهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك، وبالتالي فلا إكراه في أي أمر من أمور الدين. ومن هنا يتبين لنا أن أي قول بجواز الإكراه في الدين أو الادعاء بأنه لا إكراه في أمور العقيدة فقط. هو في حقيقته خروج واضح علي آيات القرآن وأحاديث الرسول الصحيحة، وهو إدعاء باطل لا يستهدف سوي إثارة العنف والفتن بين المسلمين.
- ولقد اعتمد مثيرو العنف في مزاعمهم عن الإكراه في الدين علي بعض الروايات المدسوسة مثل تلك الرواية التي تقول: «أمرت أن أقاتل الناس حتي يقولوا لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها أو بحق الإسلام». فهذه الرواية مدسوسة لانها تتعارض تعارضا تماما مع قوله تعالي «لا إكراه في الدين».. بل إن هذه الرواية التي يستند إليها دعاة الفتنة تتعارض حتي مع المفهوم الخاطئ الذي يروج له هؤلاء بأن قوله تعالي «لا إكراه في الدين» يعني (لا إكراه في العقيدة).. لان هذه الرواية المدسوسة تدعو إلي إكراه الناس في العقيدة أيضا بإكراههم علي قول لا إله إلا الله وقتلهم إذا ما رفضوا.. ولعل هذا التعارض فيما يستند إليه مثيرو الفتنة في مزاعمهم عن الإكراه في الدين يؤكد بطلان كل مزاعمهم وتعارضها مع ما أنزل الله في الكتاب والسنة الشريفة.
- ولقد تبع سيد سابق - مؤلف (فقه السنة) وهو من قدامي الإخوان - سيد قطب في الدعوة إلي العنف والإكراه في أمور الدين، فنجده في الجزء الأول من كتابه يحكم بتكفير المسلم الذي يترك الصلاة تكاسلا أو تشاغلا رغم إيمانه بها واعتقاده بفرضيتها، والحكم بوجوب قتله إذ يقول «ترك الصلاة جحوداً وإنكاراً لها كفر وخروج عن الملة، أما من تركها مع إيمانه بها واعتقاده فرضيتها ولكنه تركها تكاسلا أو تشاغلا بما لا يعد في الشرع عذراً فقد صرّحت الأحاديث بكفره ووجوب قتله». وهذا الزعم باطل من أساسه لأنه لا يوجد أي حيث صحيح يأمر بقتل المسلم علي تركه الصلاة لأي سبب لان ذلك يخالف قوله تعالي «لا إكراه في الدين». كما أن هذا الزعم يفتح الباب علي مصراعيه لاتهام المسلمين بالكفر ثم قتلهم بحجة المحافظة علي أداء الصلاة، علي حين أن المسلم الذي يقصر في أداء الصلاة هو في حقيقة الأمر عاص لم يلتزم بما أمر به الله وله عقابه عند المولي عز وجل، فهو سبحانه وتعالي المتكفل بحسابه ولم يعط لأحد الحق في محاسبته علي ذلك، وليس هناك من دليل شرعي علي هذه المزاعم، كما أنه ليس بكافر لأن التقصير في أداء الصلاة لا يخرج الإنسان من الإسلام إلي الكفر طالما أنه يعترف بوجوبها وفرضيتها من الله تعالي، ولنا أن ندعوه بالحكمة والموعظة الحسنة ليخرج عن هذا التقصير عملا بقوله تعالي: «ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن». فكل صور الإكراه في الدين إجماله وجزئياته حرمها الله تعالي في كتابه، ويكفي أن نتذكر هذا الخطاب الإلهي للرسول «فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر» (الغاشية 21- 22) وقوله تعالي «فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب» (الرعد: 40) وقوله تعالي «ولو شاء ربك لآمن في الأرض كلهم جميعا، فأنت تكرِه الناس حتي يكونوا مؤمنين» (يونس: 99) حتي يتبين لنا مدي خروج أمثال هؤلاء الذين يتاجرون بالشعارات عما أنزله الله في كتابه وسنة رسوله الكريم.
شكري مصطفي يُكفِّر كل من يقع في معصيته
- يضع شكري مصطفي - وهو من الإخوان شديدي التطرف الذي أنشأ جماعة التكفير والهجرة التي قتلت الشيخ حسن الدهبي وزير الأوقاف عام 1977- قاعدة خطيرة يزعم فيها أن أي معصية يقع فيها المسلم هي بمثابة وقوع في الشرك، إذ يقول في ص 1427 من التحقيقات: «إن المعاصي شرك بالله تعالي». ويتساوي عنده أي معصية سواء أكانت صغيرة أم كبيرة فكلاهما شرك بالله تعالي، إذ يضع تعريفا جديدا للكبائر من الذنوب فيقول: «إن كل ما حرمه الله تعالي من (الكبائر) أي الذنب الكبير، أما الصغائر فتعني - عنده «عدم المواظبة علي النوافل».
- كما يدعي شكري مصطفي أن عدم أداء طاعة واحدة مفروضة (مثل الصلاة أو الصوم) تسقط بقية الطاعات الأخري التي يؤديها المسلم إذ لابد أن تؤدي جميع الطاعات المفروضة مجتمعة وإلا فكأنها لم تكن، إذ يقول في ص 1459 من التحقيقات: «إن كل فريضة فرضها الله شرط في الإسلام وإن تواجد الفرائض جميعا مع غياب واحدة محبط للجميع وكأنها لم تكن»!! ثم يؤكد هذا المعني في ص 1459 فيقول: «الاصرار علي معصية واحدة كفر بالله العظيم ومحبط لكل أعمال البر وإن كانت كجبال تهامة»!!، ثم يتمادي في تكفير مرتكب أي معصية، فيقول في ص 1519: «الإصرار علي المعصية نقض كامل للشهادة بوحدانية الله وكفر كامل بوجوب عبادته».
- وعندما سألته المحكمة عن موقفه ممن بلغتهم دعوة جماعته ولم يستجيبوا لها، قال شكري مصطفي: «بل أحكم علي كل من بلغته دعوتي ولم يستجب لها بالكفر لهذا السبب وحده»!! ثم عندما سألته المحكمة عن مصير كل هؤلاء الذين حكم بتكفيرهم أجاب في ص 1465 «الكافر أصل الحكم فيه أنه حلال الدم والمال والعرض». ثم أضاف في ص 1471: «إن الكافرين مستحقون للقتل سواء أكانوا جماعة أو أفراداً».
- وللرد علي هذه الأباطيل يجب أولا أن نتعرف علي معني الإيمان والكفر: فالإيمان: هو التصديق بكل ما في الدين من أمور اعتقادية، وقد عرّفه الرسول صلي الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره» وهذه كلها أمور غيبية وبالتالي فإن محلها القلب .. أما الكفر: فهو في المقابل الإنكار أو الجحود بهذه الأمور الاعتقادية، كلها أو بعضها، أي أنه أيضا محله القلب.. ولأن ما في قلوب العباد لا يعلمه إلا خالق العباد مصداقا لقوله تعالي «يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور» (غافر: 19)، ولهذا فالمسلم لا يمكن أن يحكم أبدا علي غيره بالإيمان أو الكفر، فقط لنا ظاهر الإنسان، فإن أعلن وأظهر الإسلام قلنا إنه مسلم، وإن أعلن وأظهر الكفر قلنا إنه كافر. أما الحكم علي إنسان ما بالكفر وهو يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول الله من خلال الحكم علي أعماله التي نراه يؤديها فذلك مما لا يجوز أبداً لأحد، لأن حقيقة هذه الأعمال تحددها النية الكامنة في قلب كل إنسان كما يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم في حديثه الشريف «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي». ومن ثم فان الحكم علي إيمان الناس أو كفرهم مرجعه إلي الله تعالي، ولا شريك له في ذلك.
- أما قول شكري مصطفي إن أي معصية هي شرك بالله تعالي فإنه يناقض حديث سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي أوضح فيه حضرته أن الشرك أمر منفصل عن المعاصي تماما، وذلك في قوله صلي الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري: «بَشِّر الناس أنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة» فقال أبوذر: «وإن زني وإن سرق يا رسول الله؟ فأجاب حضرته «وإن زني وإن سرق».. فأعاد أبو ذر السؤال ثلاث مرات وأعاد الرسول الإجابة في الثالثة قال له: «وإن زني وإن سرق رغم أنف أبي ذر». فالحديث يثبت بوضوح بالغ أن الشرك منفصل تماما عن الزني والسرقة.. أي عن الكبائر.
- كما تفصل العديد من الآيات القرآنية بين الشرك والمعصية، منها قوله تعالي: «قل تعالوا أقل ما حرّم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق ذلكم وصّاكم به لعلكم تعقلون» (الأنعام: 151) حيث تفصل هذه الآية بوضوح تام بين الشرك وبقية الكبائر الأخري من قتل وفحشاء.
- وللرد علي ما زعمه شكري مصطفي عن مزاعم من أن أي مسلم عادي إذا وقع في أي ذنب صغير فقد ارتكب كبيرة من الكبائر، وإن كل الذنوب في عرفه كبائر وليس هناك من الذنوب صغائر، ولإظهار بطلان هذه المزاعم بورد قوله تعالي «إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما» (النساء: 31). حيث تثبت هذه الآية أن هناك (كبائر ما تنهون عنه)، وبالتالي فهناك (صغائر ما تنهون عنه)، ومن ثم فليس الأمر كما يزعم زعيم التكفير والهجرة أن كل ما حرمه الله تعالي من الكبائر. ومن هنا يجب أن نتنبه جيدا إلي أن الحكم علي الذنوب مرده إلي الله تعالي ولا يستوي فيه شخصان أبدا في الأمة الإسلامية، فالمعصية لمن يعلم خطورتها وجسامتها ليست مماثلة لمن لا يعلم، مصداقا لقوله تعالي: «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون». أما ادعاء زعيم التكفير والهجرة بأن عدم أداء طاعة واحدة يحبط بقية الطاعات الأخري، فإن أبسط رد علي هذا الادعاء الباطل هو في قوله تعالي «إن الحسنات يذهبن السيئات» (هود: 114) والتي تؤكد أن الطاعات والحسنات يذهبن المعاصي والسيئات.
الدعوة لاستخدام العنف بزعم تغيير المنكر باليد:
- يدعو الكثيرون من أصحاب الفكر المتطرف إلي استخدام العنف والقوة لإجبار الأخرين علي إتيان المعروف والانتهاء عن المنكر، وذلك اعتماداً منهم علي المفهوم الخاطئ للحديث الشريف: «من رأي منكم منكرا فليغيره بيده، فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان». وهي دعوة باطلة أخرجت الحديث الشريف عن مقصوده في تحديد مسئولية الإنسان في الإسلام وهدايته إلي الله تعالي وقد اعتمد المروجون للمفهوم الخاطئ لهذا الحديث الشريف ليس فقط علي أقوال سيد قطب السابق الإشارة إليها، ولكن أيضا لفتاوي غيره من أصحاب الفكر المتطرف من قبله ومن بعده.
- من ذلك ما ورد في كتاب (الوهابية - حركة الفكر والدولة الإسلامية) حيث يقول في ص 22 «إننا نعمل الزين (المعروف) ونغصب الذي عندنا عليه، وننهي عن الشيء (المنكر) ونؤدب الناس عليه». ثم يقول: «إن الإكراه بالقوة والترغيب علي تنفيذ الشعائر الدينية أمر طبيعي». كما ورد في العدد الثالث عشر من (رسالة الإمام) التي يشرف علي إصدارها د. الأحمدي أبوالنور وزير الأوقاف الأسبق، وتصدرها وزارة الأوقاف قولا لابن حزم يقول فيه: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب علي كل مسلم، إن قدر فبيده، فإن لم يقدر فبلسانه، وإن لم يقدر فبقلبه ولابد، وذلك أضعف الإيمان، فإن لم يفعل فلا إيمان له». ويعلق المؤلف علي هذا القول في ص 18، 19 بنفس الرسالة فيقول: «وإذن فلا يعفي المسلم مهما كانت إمكاناته من هذه الوسيلة المتاحة، وذلك قوله (ولابد) وإلا فإن سبيله للقلب هنا تعني فقدانه الإحساس، ونضوب مشاعر الانتماء فيه، ومعني ذلك أنه معزول عن الأمة كلها». ثم يذهب د. أحمدي أبوالنور بعيدا في تعليقه هذا إلي حد عدم اشتراط أن يكون الأمر بالمعروف والناهي عن المنكر، منتهيا هو بنفسه عن إتيان المنكر، وأن عليه أن ينهي عن المنكر رغم إيتانه المنكر، فيقول: «ولا يختص وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمن لا يرتكب مثله، بل من رأي منكرا وهو يرتكب مثله فعليه أن ينهي عنه، ولذا قيل: يجب علي متعاطي الكأس أن ينكر علي الجلاَّس (أي متناول الخمر). وقيل أيضا: يجب علي من زنا بامرأة أمرها بستر وجهها عنه»!! ولا أدري بأي منطق وبأي سند من القرآن والسنة يفتي د. أبوالنور بجواز أن يقوم شارب الخمر بدعوة الناس إلي الامتناع عنه؟! ألم يقرأ قوله تعالي: «يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون»؟!
- ولقد فهم الكثيرون هذا الحديث الشريف والصحيح فهما خاطئا تماما مما أدي إلي إثارة الفتن والصراعات بين المسلمين بعضهم بعضاً باسم تغيير المنكر. حيث يدعو الفهم الخاطئ للحديث كل مسلم إلي تغيير ما يراه من منكر في غيره من الناس باليد- أي باستخدام العنف ليكون أقوي الإيمان، فإذا تعذر عليه ذلك فعليه أن يلجأ إلي لسانه ليحارب به هذا المنكر الذي يراه، فإن لم يستطع أن يغير المنكر الذي يراه في غيره لا بيده ولا بلسانه، فليستنكر ذلك بقلبه، وحينذاك يكون إيمانه هو أضعف الإيمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.