توقفت لجنة الخمسين عند النظام الانتخابي الذي سيطبق علي الانتخابات البرلمانية القادمة لاختيار أعضاء مجلس النواب الجديد، ترجع الأسباب إلي فشل اللجنة في الاتفاق علي نظام محدد لتعارض آراء أعضائها، ورفعت الأمر إلي رئيس الجمهورية المستشار عدلي منصور لحسمه بصفته المشرع في الوقت الراهن. وفي كل الأحوال فإننا نطالب نظام انتخابي يضمن تمثيلاً حقيقياً لكل القوي والأطياف السياسية الفاعلة في المجتمع ومنع استغلال الطبقات الفقيرة، وعملية اختيار النظام الانتخابي سياسية بالدرجة الأولي وليست فنية يمكن لمجموعة من الخبراء وضعها، ورغم كون النظام الانتخابي آلية لتحويل الأصوات الانتخابية إلي مقاعد برلمانية إلا انه يتحكم في صورة وملامح المشهد السياسي الذي يعقب اجراء الانتخابات فقد يؤدي النظام الانتخابي إما إلي إثراء الحياة السياسية والحزبية أو يجعلها أسيرة الشلل والجمود وقد يسمح النظام الانتخابي بإنعاش المعارضة أو قد يجعل فوزها عسيراً مما يفتح الباب لممارسة سياسية من خارج النظام، وقد يؤدي النظام الانتخابي إلي الاستقرار السياسي أو قد يقود إلي تشكيل حكومات ضعيفة وغير مستقرة. ويشغل النظام الانتخابي الجديد اهتمام كافة الأحزاب والقوي السياسية للوصول إلي طريقة لاجراء الانتخابات أكثر ملاءمة للوضع السياسي والاجتماعي الحالي وتفادي الطعن علي البرلمان كما حدث مع مجلس الشعب السابق الذي تم حله بعد ثبوت عدم دستورية ترشح الأحزاب علي جميع المقاعد وكان هذا النظام قد جعل ثلثي المقاعد بنظام القائمة والثلث الآخر بالنظام الفردي وسمح للأحزاب بالترشح في كل منهما مما أدي إلي حرمان المستقلين من هذه الميزة، وحاول دستور 2012 الذي صدر في عهد الإخوان تصحيح هذا الخطأ فوضع مادة انتقالية تسمح للأحزاب والمستقلين بالترشح في كل من نظامي القائمة والفردي. كما كان نظام الانتخابات سبباً في حل البرلمان في عهد نظام مبارك مرة لحرمان المستقلين من الترشح ومرة بسبب المرأة. هناك عدد كبير من النظم الانتخابية المتعارف عليها في العالم منها نظام الأغلبية والتعددية ويشمل نظام الفائز الأول ونظام الكتلة ونظام الكتلة الحزبية ونظام التصويت البديل ونظام الجولتين وهناك نظام التمثيل النسبي ويشمل القائمة النسبية والقوائم المغلقة والقوائم المفتوحة والقوائم الحرة ونظام الصوت الواحد المتحول وهناك النظام المختلط. وتعد مسألة الاختيار بين الأنظمة الانتخابية المتعددة من أهم القرارات بالنسبة لأي نظام ديمقراطي ففي غالبية الأحيان يترتب علي انتقاء نظام انتخابي معين تبعات هائلة علي مستقبل الحياة السياسية وعادة ما تتأثر القرارات المتخذة لتغيير النظام الانتخابي المعتمد أو للإبقاء عليه بعاملين أساسيين هما افتقاد القوي السياسية للدراية الكافية بالنظم الانتخابية مما ينتج عنه غياب الوعي الكامل حول مختلف الخيارات المتوفرة والنتائج المترتبة علي كل منها أو علي العكس من ذلك استغلال القوي السياسية لدرايتها بتفاصيل النظم الانتخابية للدفع باتجاه اعتماد نظم يعتقدون انه يتلاءم بشكل أفضل مع مصالحهم الحزبية. وفي تقديري ان النظام الانتخابي المناسب أو المرجح لهذه الظروف التي تمر بها البلاد هو النظام الانتخابي المختلط المتوازي استناداً إلي دوائر انتخابية احادية التمثيل بالتوازي مع نظام القائمة النسبية المفتوحة، فهذا النظام يحقق حرية الناخب في اختيار مرشحيه مباشرة وفقاً للنظام الفردي ويفتح الطريق أمام الأحزاب السياسية لتقديم مرشحيها وفوز ممثلين لها وفقاً للقائمة النسبية مع مراعاة أن تتضمن هذه القائمة نسبة من المرشحين عليها من الأقباط والمرأة والفلاحين والعمال بما يضمن عدالة التمثيل لكافة شرائح المجتمع.