إفادة مهمة جداً تقدم بها المستشار المحامي القدير نائب رئيس حزب الوفد بهاء الدين أبو شقة لزميل صحيفة الوفد مصطفي دنقل أمس حول ما طال انتظار ما يسمونه «قانون جديد للتظاهر» وتنظيم استخدامه كحق دستوري للمواطنين، فتأتي إفادة أبو شقة لتكاد تنطق بأننا لسنا في حاجة إلي قانون جديد!، ويدلل أبو شقة علي هذا بكثير من الأسانيد الدالة علي أن القوانين القائمة فيها ما يكفي لكل ما يختص بحق التظاهر، كذلك فيها ما ينص علي أن من حق الدولة أن تصدر ما تراه من القوانين المانعة لاستخدام العنف، ويلفت «أبو شقة» إلي أن اصدار قانون جديد للتظاهر وتنظيمه قد أصبح مقروناً ومحاطاً بكثير من الخوف والحذر، خاصة ان بعض الشخصيات قد بدأت تتخذ من الاعلان عن مشروع هذا القانون وسيلة للبلبلة، بدعوي ان هذا القانون من شأنه أن يقوض ويقضي علي الضمانة الدستورية المستقر عليها، باعتبار ان هذا الحق مكفول دستورياً لما يضمنه من حق التعبير عن الرأي، ويطمئن أبو شقة الجميع علي أن حق التظاهر السلمي لا يملك أحد الغاءه، غير انه من حق أي دولة قانوناً أن تنظم استعمال أي حق بما يحقق الأمن والأمان لصالح الوطن والمواطن. وعندي- وعند كثيرين غيري- ان الأهوال والفواجع التي أصبحت جماعة التخريب وأشياعها ترتكبها باسم الحق في التظاهر السلمي- الذي لم يعد سلمياً علي أي مستوي- لا يمكن معها أن تنتظر الناس صدور قانون جديد ينظم التظاهر!، كما انه لابد أن هناك الكثير من الوسائل والتدابير التي كفلها القانون القائم- دون انتظار لقانون جديد- يردع من ينظمون المظاهرات والمسيرات بالعنف الذي أصبحت البلاد تشهده كل يوم!، ولم يكن أحد من الناس يصدق أن الدولة عاجزة عن مواجهة هذا النوع من المظاهرات والمسيرات العنيفة بالقوانين الرادعة القائمة، التي يلقي أبو شقة الضوء عليها تفصيلاً ليثبت للجميع أن الحكومة- فيما يبدو- لا هي تستخدم روادع القوانين القائمة!، ولا هي تقدم ما تراه- ربما- أشد ردعاً وفعالية من بدائل قانونية سواء كان هذا هو القانون الجديد للتظاهر أو ما تراه من تعديلات علي القوانين القائمة!. ويزيد أبو شقة معرفة للجميع- خاصة من لا يعرف- أن مصر قد عرفت ضوابط التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي بالتجمهر في القانون رقم 10 لسنة 1914، الذي يعطي السلطة العامة الحق في تفريق أي تجمهر من خمسة أشخاص فأكثر. وكل من بلغه أمر فض التجمهر ورفض طاعته وضعت له عقوبة جنائية هي الحبس، بل إذا كان الغرض من التجمهر التأثير علي السلطات في أعمالها، أو حرمان شخص من حرية العمل، سواء كان ذلك باستخدام القوة أو التهديد باستعمالها، كما صدر القانون رقم 14 لسنة 1923 الذي وضع الأحكام الخاصة بالاجتماعات العامة- وهذا القانون منقول من القانون الانجليزي- ونص علي أن الاجتماعات حرة علي الوجه المقرر في هذا القانون، فلابد من إخطار السلطات قبل عقد الاجتماع بثلاثة أيام، ويكون الإخطار شاملاً لبيان الزمان والمكان المحددين للاجتماع، وبيان موضوع الاجتماع، وأعطي للمحافظ والمدير والشرطة في المركز منع الاجتماع إذا رأي ان من شأنه أن يترتب عليه اضطراب في النظام أو الأمن العام. وقد استطرد أبو شقة في حديثه عن النظم القانونية للترخيص بعقد أي اجتماع من عدمه، وبين بجلاء الأوامر والنواهي في ذلك، مما يجعلني أؤكد ان المطلوب الآن- وقد كنت قد طالبت بمنع المظاهرات والمسيرات أياً ما كان نوعها وأغراضها منعاً باتاً- في الظروف القلقة التي سببتها هذه التجمعات!، وكل ما أفاد به المستشار أبو شقة يؤكد ان مصر ليس بها فراغ تشريعي بمعني اننا نعاني من عجز في النصوص ونحن نلاحظ- دونما اجتهاد من أحد- ان حق التظاهر والتعبير الجماعي عن الرأي بما ينتهي إليه كل ذلك من العنف واللاسلمية الواضحة.. بما يجعل الحق الذي كفله الدستور ونظمه القانون حقاً فوضوياً بلا حدود!، لا يضبطه غير تفعيل القانون الذي احترم الحق ووضع له الضوابط التي تحول دون تحوله إلي جريمة!.