ليست هي المرة الأولى التي يستهدف فيها الإرهابيون منشآت المخابرات الحربية، وليست المرة الأولى التي يفجرون فيها منشآت عسكرية أو شرطية، فقد هاجموا على مدار الأسابيع الماضية العديد من المنشآت والحافلات والكمائن العسكرية والشرطية، كما أنها ليست المرة الأولى كذلك التي يفخخون فيها سيارات أمام أو داخل المنشآت العسكرية والشرطية والمخابراتية، فقد سبق كذلك وفخخوا العديد من السيارات في شمال سيناء وجنوبها. وبما أنها ليست المرة الأولى، وبما أننا قد حفظنا جيدا عن ظهر قلب ما الذى يستهدفونه، والأسلوب المستخدم فى عملية الاستهداف، سواء كان بالأر بى جى أو بتفخيخ السيارات أو بزرع القنابل الموقوتة أو الألغام، فإن ألف باء أمن وتأمين كما يقول الكتالوج أن نؤمن المنشآت والطرق بما يعيق أو يحبط عمليات اقتحام المنشآت أو تفخيخ السيارات فى محيطها أو ضربها بالأر بى جى. وألف باء تأمين المنشآت كما سبق واقترحنا وشرحنا هنا عدة مرات، يكون بزرع كاميرات كاشفة لمحيط المنشأة العسكرية والشرطية ولداخلها، وأن يخصص فريق أمنى لمتابعة الصور التي تنقلها الكاميرات من داخل المبنى ومن خارجه، وأن يستعين هذا الفريق بقاعدة معلومات تعينه على تحديد هوية الجناة وهم يرصدون ويتابعون أو وهم يحاولون تفخيخ واقتحام المبنى أو الاعتداء على بعض أفراده. البند الثاني في كتالوج التأمين للمنشآت العسكرية والشرطية والكمائن هو تخصيص منطقة عازلة بين المنشأة والمارة، وقد سبق واقترحنا وشرحنا هذه المنطقة أكثر من مرة منذ عدة شهور لتأمين حدودنا في رفح، تختلف المنطقة العازلة في المنشآت عن الحدود في أنها تكون بمحيط المبنى وليست أمام بوابته الرئيسية فقط، ومن شروط مساحة الحرم أو المساحة العازلة أن تتناسب مساحتها إن كانت متوفرة بشكل كبير وتأمين المبنى من ضرب الأر بى جى، وإن كانت في منطقة سكنية يتم وضع متاريس في بدايتها لكي تعيق عمليات الاقتحام بالسيارات المفخخة أو بالدراجات البخارية. العامل الثالث فى تأمين المنشآت والكمائن كما يقول الكتالوج أن يتم زرع أفراد امن متخفين في المنطقة المحيطة للمنشأة خارج منطقة الحرم أو العزل ربما كشفوا هوية بعض الجناة أو أنهم يطبقون عليهم من الخلف عند محاولة اقتحام المبنى. المؤسف أن عملية الإسماعيلية التي وقعت أول أمس تقطع أن السادة رجال المخابرات فى المبنى أشبه بالموظفين، فقد سمعوا وتابعوا العمليات الإرهابية التي تقع على بعد أمتار فى سيناء وعلى الطريق الصحراوي بين الإسماعيلية والقاهرة ورغم هذا لم يفكروا في تأمين المبنى بشكل كاف، بزرع الكاميرات، بتسييج المبنى بمنطقة حرم، بمنع وقوف السيارات بمحيط المبنى، بتخصيص أفراد للكشف عن السيارات الواقفة على بعد أمتار من المبنى فى الشارع. نقلت وسائل الإعلام أن الإرهابيين قاموا بتفخيخ سيارة طبيب يسكن فى عمارة مجاورة لمبنى المخابرات الحربية، وهو ما يعنى أن الإرهابيين قاموا برصد المنطقة لفترة، وجمعوا معلومات كافية عن السكان وتحركاتهم وسياراتهم وتوقيت خروجهم وعودتهم، وهذه الخطوة تحتاج فترة زمنية، كما أنها تحتاج لأفراد يتابعون ويرصدون لساعات فى المنطقة، فكيف تمت عملية الرصد والمتابعة للسكان دون أن يشعر السادة أعضاء المخابرات؟. السؤال الذي يجب أن نتوصل لإجابة عنه: متى زرعوا المتفجرات في سيارة الطبيب؟، هل وهى واقفة بجوار مبنى المخابرات العسكرية؟، هل فى عمله؟، هل عند أقاربه؟، الذين رصدوا سكان العمارة لفترة هل هم من سكان المنطقة أم استعانوا بمن يعرف بعض سكانها أم رصدت مجموعة حتى وقع الاختيار على الطبيب؟. السؤال الأهم: إذا كان الإرهابيون قد نجحوا فى الوصول إلى مبنى المخابرات الحربية وهو من الأجهزة المكلفة بحماية المواطنين، فماذا سيفعلون فى البلاد؟، هل الأجهزة الأمنية المسماة مخابرات عامة وحربية وتحريات وأمن دولة وغيرها قادرة بالشخصيات والقيادات التى تعمل بها حاليا على حماية المواطنين بجد؟، الله أعلم.