مشكلة المرور من المشاكل المعقدة التي يصعب حلها في فترة وجيزة، نظراً لزيادة أعداد السيارات التي وصلت إلي 4.5 مليون سيارة تسير في شوارع العاصمة، لكن الأزمة الحقيقية بدأت تزداد بعد ممارسات الإخوان التي انتهجوها لتعطيل مصالح المواطنين والخروج في مسيرات حيث تعمدوا الخروج في أوقات الذروة، وإيقاف حركة المرور في الكثير من المناطق في آن واحد، وعجز رجال المرور عن السيطرة علي الموقف، أو تحقيق السيولة المرورية، فاختفت المحاور والكبارى، وارتفع صراخ المواطنين من طول فترة التكدس والزحام. وتحولت الأزمة المرورية إلي أزمة مستعصية ازدادت حدتها الأيام الماضية، والتي سعت فيها جماعة الإخوان إلي إرهاق المسئولين في الدولة بتلك الأزمات، حيث قاموا بتنظيم العديد من المسيرات خلال أوقات الذروة وفي الشوارع المهمة من أجل إصابة الشوارع بالشلل التام وتعطيل المواطنين عن الذهاب لأعمالهم كما تعمدوا استقلال سياراتهم والسير بها بصورة متلاصقة وببطء شديد من أجل إحداث المزيد من الزحام في المناطق الحيوية مثل شارع صلاح سالم والمحور والدائرى، فضلاً عما أطلقوه من دعوات من أجل تعطيل حركة المرور من خلال تعطيل سياراتهم فوق الكبارى لإعاقة الحركة المرورية، كل ذلك تسبب في حالة من الفوضى والشلل التام في جميع الشوارع والميادين، فضلاً عن التأثير السلبى لحالة حظر التجوال والتي تجعل المواطن يقوم بمشاويره خلال فترات النهار وقبل بدء حالة الحظر، ما أسهم في زحام الطرق وجميع وسائل المواصلات طوال النهار، وقد أسهمت سلوكيات المواطنين السيئة في زيادة حدة الأزمة، حيث تسببت حالة الانفلات الأمني في قيام المواطنين بالسير عكس الاتجاه في العديد من الشوارع، ما يؤدى لإحداث حالة من الارتباك المرورى، والفوضى، فضلاً عما تسببه تلك السلوكيات في وقوع العديد من الحوادث المتكررة، والتي يسقط فيها الكثير من الضحايا نتيجة حالة اللامبالاة. انفلات أمنى لم تكن حالة الزحام المرورى هي السبب وراء الشلل التام الذي أصاب الشوارع مؤخراً، بل تدخلت عدة عوامل أخرى، منها حالة الانفلات التي سادت الشوارع والتي استغلها البعض في السيطرة علي حرم الطريق، حيث يقوم البعض بركن السيارات فوق الرصيف المخصص لسير المارة دون مراعاة لأحد، ما يعرض حياة الناس للخطر. ومن ناحية أخري، يقوم البعض باستغلال المساحات الموجودة أمام العقارات أسوأ استغلال، فلم يكتف أصحاب السيارات بالوقوف في صفوف موازية في مختلف الشوارع وتضييق حرم الطريق، لكنهم قاموا بوضع بعض الحواجز كالحجارة والسلاسل أمام المنازل، وكأن من يملك أي عقار يملك الرصيف أيضاً. ومن ناحية أخرى، استغل بعض البلطجية الساحات الموجودة في الشوارع وقاموا بوضع أيديهم عليها وتأجيرها لكل من يريد ركن سيارته، بل وزاد الطين بلة أنهم أصحبوا يتحكمون في الأسعار التي تتراوح من 5 إلى 10 جنيهات في المناطق الراقية بغض النظر عن مدة الانتظار، فأصبحت مهنة لمن لا مهنة له، ومع الأسف يضطر المواطن للرضوخ أمام هؤلاء من أجل الحفاظ على مكان للسيارة لحين قضاء مصالحهم. والجراجات الخاصة ارتفعت أسعارها في الآونة الأخيرة، ولم يعد يقبل عليها سوي القليل، فلم يكن أمام الناس سوي الشارع الذي لم يعد يتحمل الزحام. وعلي الرغم من أن الحكومة قررت عدة مرات إعادة فتح الجراجات المغلقة الموجودة أسفل العمارات، والتي من شأنها تخفيف حدة الزحام وتكدس السيارات علي جانبي الطريق، فإن هذه القرارات لم تدخل حيز التنفيذ الجدى حتي الآن، واستمر صراخ المواطنين من زحام الشوارع طوال فترات النهار وخلال الليل أيضاً في ظل عجز الحكومة عن إيجاد حلول عاجلة لتلك الأزمة التي عجزت عنها الحلول المسكنة. ويعلق الدكتور مجدي نور الدين، أستاذ هندسة الطرق والمرور بجامعة القاهرة، علي حالة الشلل التي أصابت الشوارع، ويقول: إن الانفلات الأمني بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد وعدم تواجد الشرطة في الشارع، ومظاهرات جماعة الإخوان أدت إلي غلق المحاور والطرق الرئيسية، ما أدى لإحداث حالة من الاختلال في شبكة الطرق، ويزيد من حالة الازدحام، هذا فضلاً عن التأثير النسبي لحظر التجوال، وسعي المواطن لقضاء احتياجاته ومصالحه قبل بدء فترة الحظر، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في الاعتماد الكامل على السيارات الخاصة التي يملكها الأفراد والتي ازدادت أعدادها في الشوارع في الآونة الأخيرة، ما أدى لإحداث ضعف شديد في الشبكات، كما لم يعد مترو الأنفاق يكفي للقيام بالرحلات اليومية، فشهد أيضاً تكدساً وزحاماً، وأصبح عدد الرحلات أكبر من قدرة الشبكة، لذا لابد من زيادة ورفع كفاءة وسائل النقل العام الجماعى، والاعتماد عليها لنقل الموظفين إلي أعمالهم خلال فترات الصباح، كما يحدث في العديد من بلدان العالم. ولابد من حل مشكلة الزحام عن طريق نقل الوزارات إلي المدن الجديدة، مع تزويدها بشبكة نقل عام جماعي، والأهم من ذلك هو ضرورة القضاء علي حالة الانفلات والفوضى الأمنية.