للعام الثالث علي التوالى تستمر معاناة الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام والتي كانت في أشد القطاعات المتضررة منذ ثورة يناير وحتى الآن، حيث شهدت شركات قطاع الأعمال العام التابعة لوزارة الاستثمار تراجعاً حاداً في أرباحها ووصلت إلي أقل من 2 مليار جنيه مقابل 5.4 مليار جنيه في عام 2010 فضلاً عن توقف أغلب الاستثمارات الجديدة في الشركات وتراجع معدل الأداء وتزايدت المطالب الفئوية مخلفة وراءها ضغطاً مالياً بلغ نحو 1.5 مليار جنيه علي موازنات الشركات، ويبدو أن الأمر مرشحاً لمزيد من التأزم في ظل استمرار مشكلات الشركات دون حل، وهو الأمر الذي يؤكده تأجيل الجمعيات العامة لموازنات للشركات لأكثر من مرة خلال الفترة الماضية والاكتفاء بالجمعيات العامة والمقرر أن تبدأ بعد عيد الأضحى وخلال شهر نوفمبر. كان من أكثر القطاعات تأثراً الشركات التابعة للقابضة للسياحة والفنادق، وشركات الدواء وقطاع الإنشاءات والمقاولات الذي كان من أكثر القطاعات التي تحقق أرباحاً فيما مضى وربما ساهم قرار الحكومة الأخير في إفاقة قطاع المقاولات، حيث تم سداد نحو 600 مليون جنيه من مستحقات شركات المقاولات لدى الحكومة، وهو الأمر الذي وصفه المهندس صفوان السلمى رئيس مجلس إدارة الشركة القومية للتشييد والتعمير بأنه قرار اقتصادى مهم جداً، حيث كانت الشركات تعاني من تراجع حجم أعمالها بنسبة فاقت 50٪ والآن أصبح من المتوقع أن يتم تشغيل كافة الشركات في المشروعات المقررة في خطة التحفيز الاقتصادى التي اهتمت بمشروعات البنية الأساسية والطرق والكبارى في المحافظات المختلفة. الشهادة الحقيقية علي حال قطاع الأعمال العام من خلال نتائج الأعمال, حيث بلغت إيرادات النشاط للشركات القابضة، والتي تعتمد بالأساس علي حصتها في أرباح شركاتها التابعة والمشتركة، بلغت في 2010 - 2011 حوالى 4127 مليون جنيه مقابل مبلغ 4846 مليون جنيه في العام السابق، وقد جاء النقص البالغ 15٪ بسبب تأثر أداء العديد من الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام بأحداث عام 2011 وبلغ صافى ربح الشركات القابضة 2659 مليون جنيه عام 2010/2011 مقابل 2711 مليون جنيه في العام السابق. وانخفض صافي ربح الشركات التابعة بعد خصم خسائر الشركات الخاسرة من 4977 مليون عام 2009/2010 إلي 3836 مليون جنيه بنسبة انخفاض حوالى 23٪. وبلغ عدد الشركات الرابحة 98 شركة من إجمالي 145 شركة، حيث حققت هذه الشركات إجمالي أرباحاً بلغت 5646 مليون جنيه بالمقارنة بأرباح بلغت حوالى 6 مليارات عام 2009/2010. كما بلغ عدد الشركات الخاسرة 47 شركة، حيث حققت تلك الشركات إجمالي خسائر قدرها 1810 ملايين جنيه بالمقارنة بحوالى 1100 مليون جنيه عام 2009/2010. وشهدت 6 شركات قابضة انخفاضاً فى إجمالي أرباح شركاتها بالمقارنة بعام 2009/2010، بينما شهدت شركات الغذائية والتأمين والنقل تحسناً. جاءت أعلي نسب انخفاض في إجمالى الأرباح في الشركات التابعة للقابضة للسياحة والسينما، والقومية للتشييد، والصناعات الدوائية بالمقارنة بعام 2007/2008 الذي حققت فيه الشركات نتائج متميزة نجد أن صافى الربح انخفض من 5312 مليون جنيه إلى 3836 مليون جنيه بنسبة انخفاض بلغت 28٪. هناك تركز في خسائر الشركات الخاسرة التي بلغت عام 2010/2011 حوالى 1810 ملايين جنيه، منها 975 مليون جنيه خسائر شركات الغزل والنسيج قبل إضافة أرباح شركات الأقطان، وعلي رأسها شركات كفر الدوار، غزل المحلة، مصر حلوان للغزل والنسيج وولتكس. وتشير البيانات إلي أنه مازال هناك تركز في أرباح الشركات, حيث تحقق 16 شركة تابعة لقطاع الأعمال العام حوالى 74٪ من أرباح الشركات الرابحة أهمها الشرقية للدخان، مصر للألومنيوم، السكر والصناعات التكاملية، النصر للتعدين، شركات تداول الحاويات الثلاث ومصر للتأمين والقومية للأسمنت. وتبدو الصورة المستقبلية قاتمة إلي حد كبير, حيث مازالت خطط التطوير المطلوبة في عدد من الشركات لم تتم بعد, وهي كما يؤكد المسئولون في الشركات تعد طوق النجاة الوحيد لها وهذا الحال ينطبق علي شركات الدواء الحكومية وبحسب الدكتور عادل عبدالحليم رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الدوائية فإن شركات الدواء في حاجة إلي خطة عاجلة لإنقاذها، وإلا أصبحت مهددة بالخروج من السوق ما لم تلتفت الدولة إلي مطالب الشركة بضرورة تعديل سياسة تسعير الدواء واستثناء الشركة القابضة من قرار التسعير، بالإضافة إلي علاج مشكلة الأدوية المخسرة وارتفاع المطالب الفئوية وتعديل شروط مناقصات الدواء الخاصة بوزارة الصحة والتي تسبب أعباء للشركات المنتجة التابعة للدولة. وفي شركات السياحة يبدو الأمر خطيراً, إذ تراجعت إجمالى المؤشرات المالية في الشركات التي أصبحت بعضها غير قادر علي الوفاء برواتب العاملين فيها، فضلاً عن استمرار تراجع السياحة وشركات الغزل والنسيج نموذج أكبر للأزمة، حيث إنها في وضع صعب وتسحب شهرياً من الوزارة نحو 60 مليون جنيه لسداد رواتب العاملين ومصروفات التشغيل مع استمرار مسلسل الخسائر فيها. ويصبح السؤال عن خطة الحكومة لإنقاذ الشركات هو الأهم ولكنه لن يجد إجابة في ظل غياب الرؤية الحقيقية لإنقاذ قطاع الأعمال العام وشركاته وعماله.