العمليات الإرهابية التى شهدتها مصر خلال اليومين الماضيين تضع أيدينا بشكل واضح على قصور فكرى وأمنى لدى بعض القادة، ليس من المنطقى أن تترك منشأة أمنية عرضة لاقتحامها بسيارة دون وضع متاريس على بعد أمتار من أبوابها، وليس من المعقول أن يتم الاعتداء أكثر من مرة على حافلات للقوات المسلحة على طريق الإسماعيلية دون أن نؤمن الحافلات أو الطريق، ليس من المقبول أبدا أن تضرب منشأة حكومية فى وسط المدينة من أعلى منشأة أخرى دون أن يشاهد أحد الجناة. لا نقبل بأقل من عزل قيادات مديرية أمن جنوبسيناء عقابا على تقصيرهم فى تأمين أهم رمز لوزارة الداخلية فى المحافظة، مهما كانت سيناريوهات الواقعة الإرهابية التى نفذت فالمؤكد أنها تمت لوجود تقصير شديد فى تأمين مديرية الأمن، نحن جميعا نعلم جيدا أن العمليات الإرهابية مستعرة بشمال سيناء وهى على بعد كيلو مترات، وجميعا بدون استثناء نتوقع أن ينتقل أو يهرب أو يفر بعض الإرهابيين من شمال إلى جنوبسيناء، وأن ينفذوا بعض العمليات فى الجنوب لتخفيف الضغط عن زملائهم فى الشمال، وقد تخيلنا جميعا أن أجهزتنا الأمنية والنظامية شرطية كانت أو عسكرية تؤمن جيدا الدروب والطرق والمداخل والمخارج، وأنها تضع سيناريوهات عدة لتأمين قرى ومدن وطرق وشواطئ الجنوب، ليس فقط بغرض التأمين بل أيضا لنصب أفخاخ لاصطياد الفارين والمتسللين من مواجهات الشمال، لكن للأسف القيادات الأمنية فى الجنوب فشلت حتى فى حماية بيتها، أن يبدأ الإرهابيون عملياتهم فى جنوبسيناء من بيت الداخلية ورمزها فى ظنى كارثة، وهى فى رأيى مثل من دخل البيت وضرب صاحبه ونزع عنه ملابسه أمام ضيوفه والجيران وأهل الحى. قد يرى البعض أن العملية كانت انتحارية، وكان من الصعب التصدى لها، نقول لهؤلاء هذه مبررات فاشلة، فتأمين المنشآت يلزم بتحديد منطقة حرم أو منطقة عازلة لعدة أمتار حول المنشآت، تنصب فيها المتاريس والصدود التى تمنع تخطى السيارات أو الدراجات البخارية منطقة الحرم أو العزل، هذا عن المنشآت فما بالك عن الخطط والشراك التى تنصب فى المدقات الصحراوية وعلى الطرق والممرات لتصيد المتسللين والفارين من الشمال، قد يفلت من الشراك والفخاخ ويتسلل للمدينة او القرية، لكن ان يصل به الأمر إلى دخول بيت الداخلية ويهز هيبتها بهذه الصورة، هذا يحتاج إلى إعادة نظر فى الخطط الأمنية ويحتاج إلى تغيير فى القيادات التى تخطط هناك، فمن لا يستطيع حماية بيته لن يحمى المواطنين. نفس الكلام نقوله فى حادث الاعتداء الوحشى على أولادنا بالقوات المسلحة فى طريق الإسماعيلية، هذه العملية تحديدا بنفس السيناريو سبق ووقعت على نفس الطريق وعلى طرق فرعية تتبع محافظة الإسماعيلية، وهذه الواقعة تذكرنا بكمين الريسة فى شمال سيناء الذى اعتدى عليه الإرهابيون أكثر من 45 مرة بنفس الأسلوب دون أن يفكر القيادات هناك فى وسيلة لحماية أرواح أولادنا بالكمين، ناهيك عن القبض او تصفية الإرهابيين، تكرار الحوادث هو فشل وإفلاس فكرى وخططى يصل إلى حد الإهمال الذى يستوجب المحاكمة للقيادات المسئولة عن تكرار حوادث بعينها وسقوط شهداء ومصابين بها. قبل شهور كتبنا هنا عدة مرات واقترحنا بتقسيم المناطق الخطرة والمناطق المجاورة لها إلى مربعات أمنية، يخصص لكل مربع(مساحة) القوات والمعدات التى تتناسب وحمايته، وطالبنا بزرع كاميرات تغطى كل مربع، يتم وضعها فى الطرق والمبانى والميادين والمدقات، واقترحنا كذلك بتحريك الأكمنة وعمل أكمنة وهمية داخل الأكمنة أو مجاورة لها، وطالبنا بتخيص منطقة حرم او عزل حول الأكمنة والمنشآت العسكرية والشرطية والحكومية، وعند حديثنا عن الأنفاق فى شمال سيناء اقترحنا تخصيص منطقة حرم أو عزل من 500 متر إلى كيلو تفصل بين الحدود والمبانى المصرية فى رفح، لكى تتمكن قواتنا من كشف الحدود بشكل جيد، تنقل من هذه المنطقة المبانى والمزارع وتخلو تماما من أية منشآت أو إشغالات، وقلنا ان هذه المنطقة سوف يصعب حفر أنفاق بطولها، وستمكن قواتنا من التأمين الجيد، صحيح تم الأخذ بهذه الفكرة وجار تنفيذها، لكن يجب ان نفهم جيدا أن مصر تواجه الموت والخراب، وهذا يتطلب أن نختار قيادات قادرة على التخطيط والتفكير والقتال والمناورة، ومن يثبت فشله أو تقصيره أو إهمال يتم نقله أو عزله أو محاكمته لأن الأخطاء سوف يترتب عليها شهداء أو مصابون أو خراب لمنشآت أو طرق، وسوف يترتب على الأخطاء أو الإهمال أو التقصير أو الفشل اهتزاز لهيبة الدولة. على أية حال يجب أن ننشئ إدارة للمتابعة المرئية، تتكون من ضباط من الأجهزة المختلفة، المخابرات والتحريات وأمن الدولة والبحث الجنائي، أو من أمن الدولة والبحث الجنائى فقط، مهمتها متابعة المربعات الأمنية بالمدن والأحياء والطرق الزراعية والصحراوية والمدقات والممرات والجبال على الكاميرات، على أن نوفر لهم الأجهزة والمعلومات التى تعينهم على تحديد هوية الشخصيات والسيارات والدراجات البخارية، توفر لهم أجهزة كمبيوتر تضم معلومات وصور وبيانات عن المواطنين، تقام هذه الإدارة فى المدن والمراكز وتربط بالمديريات وبوزارة الداخلية وبالمخابرات العامة والحربية، وأن تعمل هذه الإدارات على توجيه القوات الراكبة إلى مواقع الأحداث وتزودهم بالمعلومات، أيها السادة عصر المخبرين لم يعد كافيا، علينا ان نستعين بالتكنولوجيا. [email protected]