بعد أن وصلت خسائرها إلي مليارات الجنيهات نتيجة التعديات الواسعة والممتدة التي طالت مواردها وممتلكاتها منذ زمن بعيد، خاصة في فترة الانفلات الأمني بعد الثورة, فضلا عن توقف استثمارات الهيئة في عهد الإخوان، أصدر الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف قراراً بتكليف المهندس صلاح جنيدي برئاسة هيئة الأوقاف بشكل رسمي في 21 أغسطس الماضي، ومنذ توليه الهيئة عمل علي تنفيذ المشاريع المعطلة والارتقاء بمستوي الإسكان. وكان «جنيدي» قد تعرض لضغوط من قبل الوزارة السابقة التي كانت تتدخل بشكل مباشر في أعمال الهيئة ولم تعط له الفرصة كاملة لاتخاذ ما يراه مناسبا.. في هذا الحوار يستعرض «جنيدي» خطة تطوير الهيئة والحفاظ علي أوقاف المسلمين وحمايتها وتنميتها وكيف تتعامل معها الهيئة من خلال مشروعاتها العديدة وكيفية استثماراتها وتنميتها لمصلحة الوقف والتنمية الاقتصادية. ما خطتكم لتطوير هيئة الأوقاف؟ - الهيئة تعمل بكل جهد لتطوير مجالات الاستثمارات الأساسية التي تقوم بها، ونسعي لأن تكون هيئة عصرية ومؤسسة اقتصادية قوية وتقوم بدور رئيسي في التنمية على مستوى الجمهورية، فالهيئة كبيرة ولها من التاريخ والموارد والكوادر والخبرات في كثير من المجالات والاستثمارات ما يجعلها تنافس الكيانات الاقتصادية الموجودة في مصر والعالم، ورأينا أن يتم تطوير الهيئة بالأسباب العلمية والتكنولوجيا العصرية ونضع الشباب في بؤرة الاهتمام، بتأهيلهم وتدريبهم بشكل علمي بهدف إيجاد صفوف جديدة في الهيئة قادرة علي العمل والإنجاز في ظل استخدام وسائل العصر الحديثة فضلا عن الاستعانة بخبراء في الاقتصاد والإدارة لتحديث المنظومة بالهيئة بحيث تتواكب مع التحديث. ما التحديات التي تواجه الهيئة؟ - أهم المشكلات التي تواجه الهيئة حاليا تتمثل في التعديات الموجودة علي أراضي الأوقاف سواءً كانت أراضي زراعية أو مشروعات سكنية، وذلك نتيجة للانفلات الأمني الذي حدث بعد ثورة 25 يناير. أراضي وممتلكات الأوقاف كانت ومازالت مطمعاً للكثير للاستيلاء عليها.. ما قيمة التعديات حتى الآن؟ - هناك تعديات حدثت علي الأصول التابعة للهيئة تصل إلي نحو 2 مليون متر مربع خلال الفترة الأخيرة منها أكثر من 4 آلاف فدان من أجود الأراضي الزراعية وتم تحويلها إلي مبان.. فهناك 30 ألف حالة تعد يقابلها 30 ألف قرار إزالة صدر من قبل أن أتولي رئاسة الهيئة وفي خلال الشهر الماضي فقط أصدرت ما يقرب من 4000 قرار إزالة لتلك التعديات. من المتسبب فى ضياع أراضى الأوقاف؟ - ذوو النفوس الضعيفة والانفلات الأمني الذي شهدته البلاد خلال الفترة الماضية أدي إلي اعتداء بعض البلطجية على شقق وعمارات وأراضى الأوقاف. فعلي سبيل المثال تم الاستيلاء علي 1118 شقة في قليوب خصصتها الأوقاف لإسكان الشباب ومقر الهيئة الإداري في البحيرة، كما تم التعدي علي 4 آلاف فدان للأوقاف في مختلف المحافظات. ما خطة استعادة الأراضي المنهوبة؟ - تحاول الهيئة جاهدة بمساعدة الأجهزة الأمنية في استرداد أراضيها وحقوقها وإزالة المخالفات، وتم بالفعل حصر جميع الأراضي المنهوبة علي مستوي المحافظات وستكون الأولوية لاستعادة هذه الأراضي التي استولي عليها البعض دون وجه حق خاصة بعد الثورة والفوضي التي عمت البلاد علي أيدي مجموعة من البلطجية استباحوا لأنفسهم الاستيلاء علي شقق وأراضي الأوقاف، وبمجرد استعادة الأمن عافيته سيتم استرداد جميع التعديات ولن أسمح بالتفريط في شبر واحد من أراضي الأوقاف. ماذا تعنى ثقافة الوقف؟ - أموال وأراضي خيرية تركها الواقف لأهداف نبيلة والهيئة لا تمتلكها ولكن تديرها لأغراض محددة كشرط للواقف وللأسف بعض المسئولين لا يعلمون شيئاً عن هذه الثقافة ويعتقدون أن أراضي الأوقاف أملاك دولة. كيف يتم نشر تلك الثقافة؟ - تقع علي عاتق الإعلام والأئمة بالمساجد بأن يوضحوا للناس مفهوم ثقافة الوقف.. وإحياء سنة الوقف ويستوعبها الأفراد بوقف الأراضي لله كصدقة جارية يستفيد منها المجتمع. سبق أن أعلنتم أنه لو أحسنت إدارة أموال الأوقاف يمكن أن تسهم في زيادة عجلة الإنتاج للدولة.. كيف يتم ذلك؟ - من خلال تنفيذ عدد من المشروعات الكبري للمساهمة في خطة التنمية وتوفير فرص عمل للشباب فهناك تعاون بين هيئة الأوقاف والمحافظات لتنفيذ عدد من المشروعات الزراعية والصناعية والسياحية التي تتوافق مع طبيعة كل محافظة. قلت إن من أهم أولوياتك تنفيذ مشروعات عملاقة وغير تقليدية لخدمة الاقتصاد.. حدثنا عن تلك المشروعات؟ - تعمير سيناء هو شغلي الشاغل بتنفيذ المشروعات التنموية في شتي المجالات سواء الزراعية أو الصناعية أو السكانية. رصدنا نصف مليار جنيه لإنشاء 6 آلاف وحدة سكنية بمدينة الطور وخمسة آلاف أخري بشمالها إلي جانب إنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي بالطور وشرم الشيخ ورأس سدر وبناء مزارع نبات الجاتروفة والجوجوبا علي مياه الصرف الصحي والذي يستخدم كوقود حيوي للطائرات. وكذلك إقامة مصنع لتعبئة المياه المعدنية النقية لخدمة الفنادق والقري السياحية بمحافظة جنوبسيناء.. بالاضافة إلي تشغيل مزارع حيوانية داجنة بالطور ونويبع ومزارع سمكية برأس رايا ومزرعة نباتات طبية بسانت كاترين إلي جانب إنشاء 8 محطات وقود غاز ومصانع للمباني الجاهزة والرخام بالحسنة والعريش مع استغلال ثروات سيناء التعدينية من خلال إنشاء مصنع للجرانيت والرمل الزجاجي والكاولينا النقية. هذا بالنسبة للمشروعات التنموية في سيناء.. ماذا عن باقي المحافظات؟ وكيف تكون الهيئة استثمارية وقاطرة التنمية في مصر؟ - الهيئة وقعت بروتوكولات تعاون مشترك مع بعض المحافظات لإقامة مشروعات تنموية، علي سبيل المثال بروتوكول التعاون مع محافظة أسيوط لزراعة نباتات الجوجوبا والجاتروفا التي تتغذي علي مياه الصرف الصحي وتستخدم كوقود حيوي للطائرات. وهناك أيضا بروتوكول تعاون بين الهيئة ومحافظة الوادي الجديد لتنفيذ مشروعات بتكلفة 12 مليار جنيه كإنشاء مزارع علي مساحة 30 ألف فدان في الفرافرة والداخلة وصوامع غلال ومصانع أسمدة وأعلاف ومجمع تصنيع زراعي بالداخلة وزراعة نباتات الجوجوبا والجاتروفا لإنتاج الوقود الحيوي بالخارجة. ماذا تع ني بالوقود الحيوي؟ - هيئة الأوقاف أخذت زمام المبادرة في إنتاج الوقود الحيوي عندما كنت وكيل وزارة الإسكان بالهيئة لأنه صديق للبيئة.. ففي عام 2020 لم تسمح أوروبا بدخول طائرات بمجالها الجوي إلا إذا كانت مزودة بالوقود الحيوي لذلك بدأنا زراعة الغابات الشجرية في أسوان علي مساحة 10 آلاف فدان والآن توسعنا في زراعتها وبدأت المحافطات المختلفة زراعة هذه الغابات التي تدر عائداً استثمارياً ضخماً وفي نفس الوقت توفر زراعتها فرص عمل كثيرة لآلاف الشباب بالمحافظات فضلا عن أنها تساهم في التخلص من مياه الصرف بشكل آمن. كنت وكيل وزارة الإسكان للهيئة سابقا.. هل لديكم إسهامات أو استثمارات لحل أزمة إسكان الشباب؟ وماذا تقدم من مشروعات إسكانية وسياحية؟ - نهتم بالإسكان الاجتماعي والمتوسط وفوق المتوسط والفاخر وبناء المولات التجارية، وتم إنشاء مدينة للحرفيين بمدينة الغردقة تقع على مساحة 60 فدانا وتضم 1350 ورشة للمهن المختلفة، كذلك قامت الهيئة بعمل ممشي سياحي في مدينة أسوان على غرار الممشي السياحي الموجود في شرم الشيخ. وغيرها الكثير. ما تقييمك لفترة حكم الإخوان؟ - كانت فترة تخبط وفشل ومحاولة لتمكين القيادات علي أجهزة الدولة بالكامل.. فضلا عن أن الإخوان ليس لهم خبرة لإدارة أي مؤسسة. كيف كانت الهيئة في عهد الدكتور طلعت عفيفي الوزير الإخواني السابق؟ - حدث تهميش للقيادات ذات الكفاءة بالهيئة، كما سيطر عليها جماعة الإخوان وأصيبت استثمارات الهيئة بالتوقف، والآن استأنفنا مسيرتها التي كانت تسير عليها قبل وصول الإخوان لسدة الحكم. من وجهة نظرك.. ما سبب توقف الاستثمارات في عهد الإخوان؟ - السبب هو فكرهم الذي يعتمد علي عدم الاعتراف بوضع الأموال بالبنوك العامة وهذا من شأنه يعطل الاستثمارات ومن المفترض الوضع في الاعتبار المنظومة البنكية في البلد وأن تدار استثمارات مصر بأسس اقتصادية. وماذا عن الوزير الجديد؟ - الدكتور مختار جمعة يدير الوزارة بأسلوب علمي وعصري ومتحضر وبمنتهي البساطة والقوة والموضوعية والوطنية.. فهو يحمل علي عاتقه نشر الفكر الوسطى. وكيف يتعامل مع الهيئة؟ - الوزير يمتلك رؤية تجعله جديراً بأن يكون ناظراً للوقف، يتعامل مع الهيئة علي اعتبار أنها كيان اقتصادي متكامل ولدية القدرة علي إدارة أموال الوقف باستثمارات حديثة ومتقدمة ومتطورة بعكس الدكتور عفيفي الذي كان يدير الوزارة بفكر المجموعة الإخوانية. ما رأيك في المشهد السياسي؟ - أري بزوغ الأمل فى مصر بعد سقوط الإخوان، وأدعو إلي تكاتف الجهود من الجميع للعمل والإنتاج حتي ننهض بالبلاد. كيف قرأت ثورة يونية.. وماذا تقول لمن يدعي أنها انقلاب عسكري؟ - 30 يونية هي الثورة الحقيقية وقام بها الشعب نفسه وما حدث ليس انقلاباً. بطاقة شخصية المهندس صلاح جنيدي كان وكيل وزارة الأوقاف للإدارة الهندسية وهو صاحب المشاريع الرئيسية لهيئة الأوقاف، ولكن في عهد الإخوان تم تهميشه من قبل الدكتور أسامة كمال رئيس الهيئة الإخواني السابق. وقام «كمال» بإسناد صلاحياته لنفسه. منح «جنيدى» الدكتوراه الفخرية من أكاديمية بناة المستقبل الدولية بالتعاون مع جامعة الأزهر لجهوده فى نشر الدعوة وإظهار سماحة الدين الإسلامى عندما كان مدير عام الأوقاف المصرية في يونية الماضي. أصدر الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف قراراً بتكليفه رئاسة الهيئة بشكل رسمي في 21 أغسطس الماضي وعمل علي تنفيذ المشاريع المعطلة والارتقاء بمستوي الإسكان. وكان «جنيدي» قد تعرض لضغوط من قبل الوزارة السابقة التي كانت تتدخل بشكل مباشر في أعمال الهيئة ولم تعط الفرصة كاملة ل«جنيدي» لاتخاذ ما يراه مناسبا.
هيئة الأوقاف في سطور - أنشئت هيئة الأوقاف لإدارة الأوقاف بموجب القانون رقم80 سنة 1971 بعدما قامت ثورة 1952 بتخصيص إدارة الأوقاف للإصلاح الزراعي والمحليات، وباعت الكثير من الأوقاف، لذلك أنشأ الرئيس السادات هيئة الأوقاف في أكتوبر 1971، وهي هيئة عامة تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزير الأوقاف بصفته ناظرا علي الأوقاف الخيرية ويكون مقرها مدينة القاهرة ويجوز إنشاء فروع لها بالمحافظات بموافقة مجلس الإدارة, وتختص هيئة الأوقاف المصرية وحدها بإدارة واستثمار أموال الأوقاف.