في تجربة جديدة، تؤكد مكانة ومتانة الديمقراطية في المجتمع الألماني، انتخبت ألمانيا - يوم الأربعاء الماضي - رئيساً جديداً لها، الرئيس كريستيان وولف - أصغر رئيس عرفته ألمانيا في تاريخها علي الإطلاق، حيث فاز مرشح الائتلاف الحكومي فولف بالمنصب الرئاسي بعد ماراثون انتخابي صعب من ثلاث جولات شهدت منافسة حادة ومحترمة مع مرشح المعارضة يوآخيم جاوك. وأعلن رئيس البرلمان الألماني »يالبوندستاج« نوربرت لامرت نتيجة التصويت، بعد الجولة الثالثة والأخيرة، ليحصل فولف علي ستمائة وخمس وعشرين صوتاً، بينما حصل منافسه جاوك علي أربعمائة وأربعة وتسعين صوتاً. الجمعية الاتحادية الألمانية هي الهيئة المخولة في ألمانيا بانتخاب رئيس للبلاد كل خمس سنوات، وكما كان متوقعاً، فقد فشل الائتلاف الحكومي برغم أغلبيته في حسم الانتخابات من الجولة الأولي والثانية - وهما الجولتان اللتان تقتضيان حصول المرشح الرئاسي علي الأغلبية المطلقة من أصوات المندوبين، ولم ينجح مرشح حكومة المستشارة ميركل إلا بالأغلبية النسبية في الجولة الثالثة فقط، وبالرغم من أن المنصب الرئاسي في ألمانيا منصب شرفي وبروتوكولي، لا يتيح لصاحبه التدخل في السياسات الحكومية، إلا أن رمزية المنصب، تقتضي إجماع الأغلبية علي اختياره، وهذا ما حدث في ألمانيا. الرئيس الألماني الجديد كريستيان فولف من الحزب المسيحي الديمقراطي، أي حزب المستشارة انجيلا ميركل، والذي يشغلُ حتي لحظة انتخابه منصب رئيس وزراء ولاية ساكسونيا السفلي، بل ورشحته دوائر عديدة ليخلف ميركل ربما في منصبها في الانتخابات المقبلة، ولذا يعتقد البعض أن المستشارة الألمانية ضربت عصفورين بحجر واحد، انتخاب مرشح ائتلافها الحكومي رئيساً، والتخلص في الوقت نفسه من منافس قوي لها علي منصب رئيس الحكومة. الرئيس الألماني الجديد كريستيان فولف يبلغ من العمر واحداً وخمسين عاماً، وكان يمارس منصبه كرئيس لوزراء ساكسونيا السفلي ببساطة تماماً مثلما هي مشاركاته في مباريات كرة السلة بالولاية. فولف الذي يحظي بشعبية واسعة كان مرشحاً دائماً من حزبه لتولي المناصب العليا في البلاد. الأمر الذي لفت انتباه أنجيلا ميركل، وأثار التساؤلات لديها أيضاً حول إمكانية أن يكون فولف نفسه مرشحاً للحزب لمنصب المستشارية، ولذا رشحته ميركل مباشرة بعد استقالة كولر للمنصب الرئاسي، لتضرب بذلك عصفورين بحجر واحد، إسناد المنصب الرئاسي لشخصية محبوبة سياسياً، والتخلص من مرشح محتمل لمنصب المستشارية، ورغم تيقنه من تلك القضية إلا أنه أعرب عن سعادته بمهمته الجديدة، التي سيعمل من خلالها علي توطيد الروابط بين فئات المجتمع الألماني علي نحو أفضل، لم تكن طفولة الرئيس الألماني الجديد فولف سهلة، فقد انفصل والداه وهو صغير السن نسبياً، ورغم ذلك تولي رعاية أمه المريضة، بعد ذلك تزوج فولف من صديقته التي تعرف عليها أثناء الدراسة وأنجب منها ابنة. لكن حياته الزوجية فشلت، وهو أمر غير مألوف لسياسي كاثوليكي محافظ، فتزوج ثانية وأنجب مرة أخري. وفي مطلع العام الحالي أقدم فولف المحافظ علي خطوة أثارت ضجة في الأوساط السياسية المحافظة في ألمانيا، وذلك بعد أن قام بتعيين الألمانية من أصل تركي أويغول أوزكان كأول سياسية مسلمة في منصب وزاري بالولاية. وأصبح كريستيان فولف النزيل الجديد لقصر بيلفوه في برلين باعتباره أصغر رئيس في تاريخ ألمانيا.