مازالت طبول حرب المياه على مصر مستمرة , ومازالت الرغبة في تحطيم المعنويات المصرية مشتعلة بنفوس حكومات الدول الأفريقية.. فها هى إثيوبيا تعلن انتهاءها من بناء أكثر من 24% من "سد النهضة" بفضل دعم وتمويل دول الخليج ودول إفريقيا لها..لتتوالى "الصفعات المهينة" لمصر من جهة الجنوب , بعد مساهمة شعب الصومال بأكثر من مليون دولار لبناء "نهضة إثيوبيا". أربعة سنوات فقط تفصلنا عن انتهاء بناء السد.. أربعة سنوات كافية للتفكير في بديل لتعويض حصة مياه النيل المفتقدة, والتفكير في كيفية إعادة هيبة الدولة المصرية التى أهانتها الدول الممولة والموقعة على اتفاقية العنتيبي التى حددت نصيب مصر من النيل. كانت إثيوبيا قد أعلنت شروعها في بناء سد النهضة وتحويل مجري مياه النيل الأزرق , بعد ساعات قليلة من زيارة الرئيس المعزول لها , في مفاجأة حادة للشعب المصري , وصفتها صحيفة واشنطن بوست ب "الصفعة المهينة " لمصر, مشيرة أن المعزول لم يتخذ موقفاً صريحاً من أديس أبابا , فأثيوبيا لم تجرؤ على بناء هذا السد وقت الرئيس الراحل أنور السادات الذي هدد صراحة بضربة عسكرية لهدم السد حال بنائه رافضا تهديد أمن مصر القومي والمائي في ظل تدخل بعض الدولة العدائية لمصر لتمويل المشروع كوسيلة للضغط والسيطرة علي مصر . كما لم يختلف موقف "المخلوع"مبارك عن السادات تجاه سد إثيوبيا , فقام بتهديد رئيس الوزراء الإثيوبى مليس زيناوى بتدمير أى سد يقام على النيل الأزرق، وكان رد فعل مصر قويا جداً تجاه الأمر .. أما الرئيس المعزول فكان موقفه سلبياً الأمر الذي انعكس جلياً ببناء أكثر من 24% من السد دون اعتبار للرئيس المصري ولا لحكومته. كان الرئيس المعزول "محمد مرسي" قد أكد في إحدى خطاباته أن "جميع الخيارات مفتوحة للتعامل مع النهضة".. ولكن في الفترة الأخيرة قبل عزله كان نفوذ إثيوبيا يزداد في وقت ضعفت فيه نفوذ مصر, ليتأكد للجميع ضعف إمكانيات المعزول لحكم دولة بحجم مصر , وأنه افتقد للبديهة والاحتراف في التعامل مع صعوبات البلاد. بل ان المعزول وضع القوى الوطنية المصرية في موقف "لا تحسد عليه" حينما اجتمع بهم لمناقشة تطورات وإبعاد بناء السد وفتح لهم مجال الحديث واستفاضة الأفكار للحول دون بناءه .. لتخرج علينا أفكار النخبة السياسية دون حرج, منها ما أثار سخرية الجميع ومنها ما اقترح بضربات استخبارتية لأثيوبيا !..لينتهى الاجتماع "السري" مع المعزول فيعلن بعدها أن تلك الجلسة كانت مسجلة ومذاعة على الهواء ! ..في موقف أثار غضب الجميع , وصفه البعض بأنه طريقة "لإحراج القوى السياسية أمام العالم" . وفي الوقت الذي انشغل فيه المعزول "بانتقامه" السياسي من القوى الوطنية , ناسياً أو متناسياً أزمة "النهضة" التى ستجعل الأراضي المصرية عطشة خلال 10سنوات أو أقل .. فجرت صحيفة "نازرت" الأثيوبية قنبلة مدوية صدعت جدار الثقة بين الشعب ورئيسه .. ففى تقرير لها نشر منذ شهرين أعلنت الصحيفة أن الرئيس المصرى السابق محمد مرسى قد وافق على بناء سد النهضة وبدون تصعيد من جانبه وحكومته فى مقابل صفقة تبلغ قيمتها مليار دولار، كثمن الموافقة على بناء السد..بل أن الصحيفة تحدت "المعزول" أن يقوم بنفي ذلك الخبر , مؤكدة في الوقت ذاته أن زيارته لأثيوبيا كانت بهدف اتمام تلك الصفقة. بيد أن د. مرسي كان ينوى قبل عزله أن يبيع مصر ويجيع شعبها , فقد نوى مسبقاً أن يهدى شعب السودان ب"حلايب وشلاتين" ,واعداً إياهم بإعادة تلك المنطقة تحت تصرف السيادة السودانية مثلما كانت قبل عام 1995 ,وكأن مصر أصبحت جمعية خيرية تتبرع بأراضيها , ليعود الرئيس المعزول كما عهدناه ليكذب تلك التصريحات ومؤكداً أن مصر وشعبها أمانة في رقبته .. وها هى ألاعيب المعزول تنكشف جلية فخرج علينا وزير البيئة السوداني موضحاً كذب تصرحات مرسي ومؤكداً أن "النظام السابق كان يرفض التفاوض مع السودان بخصوص حلايب وشلاتين، لكن الرئيس مرسي قال إنه على استعداد لإعادتها لنا ". لكن يبدو أن مجريات تمويل سد النهضة قد تغيرت بعد ثورة 30يوينو وعزل الرئيس مرسي فقد كشفت مصادر دبلوماسية أن دولة الإمارات العربية المتحدة سحبت عرضها بتمويل سد النهضة في إثيوبيا وأوقفت تسليم أقساط التمويل إلى الحكومة الإثيوبية، بعد أن كانت قد سلمت أديس أبابا الدفعة الأولى من التمويل متذرعة بأنها تفضل الانتظار لحين وضوح الأمور وتحديد مصير الأوضاع في مصر. لتزداد حدة التوتر بين الدولتين ,فتخرج إثيوبيا بتصريحات حادة تؤكد فيها أن "عملية إنشاء السد لن تتوقف بسبب نقص التمويل" . ونشرت الصحف الأسبوعية الإثيوبية اليوم تصريحات لوزارة الخارجية الإثيوبية تقول فيها إنها تلقت اتصالًا هاتفيًا من وزارة الدفاع المصرية أنذر فيه الجيش المصري الحكومة الإثيوبية بعد تماديها ببناء السد وهددها بهدم السد ".. وذلك في موقف قوى حاول فيه الفريق السيسي إعادة هيبة مصر ومكانتها وسط دول حوض النيل .. وبعد مرور نحو يوم واحد على بيان السيسي لإثيوبيا , "واصل منسوب نهر النيل ارتفاعه أمام السد العالي اليوم، حيث وصل اليوم إلى 173.70 مترًا بارتفاع 10 سنتيمترات على منسوب أمس " وذلك وفقاً للتقرير الذي تلقته وزارة الموارد المائية والرى من هيئة السد العالى.