لكل عصر خوارجه، إذ لم يحدث أن مر قرن من القرون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الا وكان فيه من خرج عن اعتدال الإسلام وسماحته، كان لكل زمن رجال يتعسفون في فهم الدين ويجعلون من أمراضهم النفسية وفساد نفوسهم طريقتهم في فهم الدين حتى في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء اليه ثلاثة نفر سألوا عن عبادة الرسول فاعتبروها قليلة، فأخذوا عهدا على أنفسهم بأن يخرجوا من نطاق سنة الرسول في العبادة والحياة ويتجهون الى نهج متشدد، فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: «من رغب عن سنتي فليس مني». لذلك لم يكن من المستغرب ان تكون جماعة الإخوان بخروجها عن أهل السنة وتبنيها للتكفير بل وممارستها له هي فرقة الخوارج لهذا الزمن، أما عن الخوارج الأصلية فقد نشأت في نهاية عصر سيدنا عثمان بن عفان وبداية عصر سيدنا علي بن أبي طالب، وقد أطلقوا على أنفسهم اسم «جماعة المؤمنين» اذ كانوا لا يرون مؤمنا الا هم، وقد رأى الخوارج وفقا لمذهبهم ان معظم الصحابة ارتدوا عن الإسلام، وأجازوا لأنفسهم قتال وقتل من لا يؤمن بأفكارهم، الا ان الغريب ان هؤلاء الخوارج كانوا يقيمون الليل ويقرأون القرآن ويبكون خشوعا في صلاتهم، ولكن الفهم لم يكن يقترب من رؤوسهم أبدا بل كانوا قوما جبارين سفاكين لا يرعون في مسلم اختلف معهم الا ولا ذمة. ولا أخفيكم سرا أنني رأيت هذه الأفكار منذ زمن وأنا في جماعة الإخوان، رأيتها تقترب حثيثا من قادتهم ثم رأيتها تسيطر على جمهورهم فتركتهم وأنا غير آسف على تركهم، وكانت رحلة الخروج من جماعة الإخوان رحلة شاقة لاشك في ذلك، ويكتنفها مغبات كثيرة ومحاذير ومع ذلك فانني واجهت هذه المغبات وتحديت هذه المحاذير، وخرجت وكتبت وانتقدت وكشفت وصحت بأعلى صوتي كي ينتبه بنو وطني لأفكار الجماعة الخوارجية. ولا أظن ان المسألة شاقة لو عدنا لأفكار حسن البنا الذي قُدم للأمة على أنه مجدد القرن الفائت، وهو في الحقيقة لم يكتب كتابا واحدا الا مذكراته الشخصية، ولن تجد له اسهاما في الفقه أو التفسير أو علوم الحديث، فقط كوَّن هذا الرجل تنظيما عسكريا محكما ضم فيه منذ بدايته مجموعة من أنصاف المتعلمين أو الأميين، ولكن من خلال ما يسمى ب«رسائل حسن البنا» ستجد فكرا تكفيريا من الطراز الأول يظهر أكثر ما يظهر في رسالة التعاليم، ومن بعد حسن البنا جاء سيد قطب الأب الروحي لهذه الجماعة ليضخ فيها مشروعا تكفيريا كاملا أصبح هو دستور الجماعة، وعليه تتلمذ محمد بديع ومحمود عزت ومحمد مرسي ورشاد البيومي وخيرت الشاطر وآخرون كانوا هم دعاة التكفير وقادة خوارج العصر. ومن خلال من أطلقوا عليهم «فقهاء الإخوان» مثل الشيخ الخطيب والشيخ عبدالرحمن البر استحضروا فقها في غير موضعه، فأحلوا لأنفسهم الكذب والخديعة تحت مظلة «الضرورات تبيح المحظورات» لذلك عندما تقرأ للإخوان ينبغي ان تقرأ وأنت تصطحب معك فراستك وقاموسك اللغوي، فالإخوان حقيقة هم أكثر الناس حرفية في استخدام المعاريض، والمعاريض هي نوع من أنواع التورية حيث يكتب الواحد منهم اذا أراد ان يكذب كلمة تحتمل أكثر من معنى، وكان من النكبات التي نكبنا بها الإخوان الشيخ الأخ عبدالرحمن البر صاحب فتاوى التكفير الذي أصدر العديد من الفتاوى التي تجيز للأخ الإخواني ان يقتل غيره دفاعا عن صندوق الانتخابات ونتائجه وأطلق عليه «الجهاد من أجل الصندوق» ومن قبله كان الشيخ الخطيب الذي قذف في وجوهنا عشرات الفتاوى التكفيرية التي تدل على عقلية موغلة في التطرف. ومن سمات خوارج العصر ما فعلوه بمصر في الشهر الأخير من قتل وترويع وتعذيب، وكان الأغرب ان يمارس الإخوان عبادة غريبة لا يعرفها الإسلام ولم يعرفها من قبل، اذ يتكالبون على رجال الشرطة ويشرعون في ذبحهم وسلخهم وهم يهتفون «هي لله هي لله !!» والله ما كان الدين ما فعلوه، ولكنها جرائم وحشية، وكم من الجرائم ارتكبوها باسم الإسلام. ثروت الخرباوي