قرأت الأسماء المرشحة(مع كامل التقدير والاحترام) لتشكيل المجلس الأعلى للصحافة، وكما توقعت أغلبها من التيار اليساري والناصري، مثلما تم فى تشكيل المجلس الأعلى لحقوق الإنسان، وهذا التشكيل يثير سؤالاً على قدر كبير من الأهمية وهو: هل سنرفع الشلة الإسلامية من ادارة البلاد لكى يركب بدلا منها الشلة الناصرية واليسارية؟، وهل هذه الشلة هى التى ستسيطر على مؤسسات الدولة خلال الفترة القادمة؟. قد عاصرنا جميعا الفترة الماضية منذ ثورة 23 يوليو وحتى اليوم، وشاهدنا تقلب الناصريين واليساريين على ادارة مؤسسات الدولة، فى الثقافة والإعلام والهيئات والوزارات، ما ان تسند المسئولية لأحدهم حتي يجر سائر شلته، وللأسف الشديد انتهى بنا نظام الشلل العقيم إلى التخلف الاقتصادى والسياسى والاجتماعى والثقافى، لأن الإدارة لم تسند إلى الكفاءة بل للأصدقاء ورفقاء الشلة، وقد أفرخ نظام الشلة فكرة التوريث، من شلة إلى شلة فى نفس التيار الفكرى، والتوريث من الأب للابن، حيث وضعت بعض المواد فى لوائح الوزارات بمنح استثناءات لأبناء العاملين، وأذكر جيدا أن هذه الاستثناءات أسفرت نتائجها على العمالة فى المصانع والوظائف فى الشركات والمؤسسات الحكومية، حيث اغلقت معظم الوظائف على أبناء العاملين، والطريف أنها لم تقف عند حد التوظيف بل دخلت إلى نظام التعليم، حيث تم منح أبناء العاملين فى التعليم درجات استثنائية فى القبول بالمدارس، وبمرور السنوات تجذرت الشلل والاستثناءات وتوريث الأبناء فى جميع مؤسسات ووزارات مصر، فى أعضاء هيئة التدريس، فى المصانع، فى الصحف ووسائل الإعلام، حتى المساجد والكنائس أصبح الابن يرث وظيفة والده. وهذا النظام وان كان موجودا بشكل ما فى النظام الملكى، إلا أنه قد تأصل له منذ قيام ثورة 23 يوليو، حيث بدأ بشلة من الضباط، وتطور إلى شلة ممن يتبنون الفكر الاشتراكى بين الضباط، ثم انتقل من مؤسسة الحكم إلى مؤسسات وهيئات الدولة، وشلة تأتى بشلة، وشلة تزيح شلة، وفى داخل كل شلة يؤصل للشلل الأسرية وهى توريث الوظائف، وتطور النظام واستفحل حتى وصل بنا إلى فكرة توريث الحكم، الطبيب والعامل والصحفي والاعلامى والأستاذ الجامعى والقيادى الحزبى والتاجر والصنايعى جميعا يورثون وظائفهم لأولادهم، فلماذا لا يورث الرئيس حكم البلاد لابنه؟. وانفجرت البلاد من فساد وفشل وديكتاتورية وعجز الشلل وخرجوا فى ثورة يناير: عيش حرية عدالة اجتماعية، لا للفساد، لا للقهر، لا للشللية، وتم تنحية الرئيس مبارك بما ورثه من الشللية، لكن للأسف هذه الثورة نجحت فقط فى ازاحة شلة من الحكم، شلة أو شلل سيطر عليها الفكر اليسارى والناصرى والرأسمالية النفعية المنحرفة، منذ عبدالناصر وحتى آخر يوم لحسنى مبارك، وللأسف لم تنجح هذه الثورة فى الخروج من نظام وفكر وآلية الشلة، بل لم تنتبه للثورة عليها والمطالبة بآلية ديمقراطية حقيقية، لهذا سلم البعض منا(تحت تأثير فكر الشلة العاجز) البلاد لشلة أخرى بلحية، فقد حكمنا الناصريون واليساريون لمدة ستين سنة وفشلوا فى إنقاذنا من عنق الزجاجة، فلماذا لا نسلم البلاد لأصحاب اللحى الذين يعرفون الله ويسجدون له صباح مساء. أصحاب اللحى مثلهم مثل أصحاب الفكر اليسارى والاشتراكى، ومثلهم مثل الملايين الذين جاءوا بهم، يرون الحياة من نافذة الشلة، بعد ان ظهرت نتائج الصناديق رفعوا راية الشلة، وأعلنوا الثورة على الشلة التى تتولى ادارة المؤسسات، وقامت بإزاحتها وتسكين شلتها هى، وبسبب فجاجة التسكين وافتقار شلة اللحى لحلول تنقذ البلاد، ولانشغالهم فقط بتسكين شلتهم فى كل شبر بالبلاد بفجاجة وصلافة، انتبه المواطن المصرى للخطأ الفادح الذى وقع فيه، واتضح له انه كان يجب ان يفرمط فكر الشلل مع نظام الحكم، كان يجب ان يرفض تماما آلية وفكر الشلة، ان يتولى إدارة البلاد تيار سياسى بعينه، فهل سنخرج من التيار اليسارى الناصرى إلى التيار المتأسلم؟. ولخطورة الوضع على هوية وملامح البلاد وحضارتها خرج معظم الشعب المصرى إلى الشوارع، ليس لرفض ديكتاتورية أصحاب اللحى، وليس لعجزهم الفكرى فى ادارة البلاد، بل خرجوا لكى ينقذوا بلادهم من فكر وأيديولوجية قد تغير هويته وملامحه وتراثه وحضارته وسماحته. للأسف معظم النخب لم ينتبهوا جيدا لأسباب الثورة، وظن بعضهم أو أغلبهم أن الشعب خرج لأنه تأكد ان أصحاب اللحى لا يمتلكون برنامجا ولا فكرا لانقاذ البلاد، مع أن جميع الشواهد تؤكد رفض الشعب لفكر الشلة، خاصة المتطرف او المتشدد منها. ولهذا اعتقد أصحاب الفكر اليسارى والناصرى أن بضاعتهم ردت إليهم بعد ازاحة شلة أصحاب اللحى، وأن عليهم ان يعودوا مرة أخرى بشلتهم وفشل السنين إلى ادارة البلاد، فمهدوا لهذا باشاعة مماثلة بين عبدالفتاح السيسي وعبدالناصر، وبين صلاح الدين وعبدالناصر والسيسى، وثم سعوا فى تسكين أنفسهم فى مؤسسات الدولة. على اية حال نحن نرفض اغلاق المؤسسات والهيئات، ومن بينها المجلس الأعلي للصحافة على اليسار مرة اخرى، واما ان تفتح الدائرة للتعددية الحقيقة أو نشكل مجلساً موازياً للصحافة، لن نقبل بعد اليوم نظام الشلل، والأقليات التى تتحكم وتدير، كانت هذه الأقليات من الناصريين أو أصحاب اللحى.