المصالحة بين شعبنا والإخوان هي الموضة الآن. والمدهش أن النخبة العجوز عندنا تتبناها وكذلك أمريكا بينما يشترط الإخوان شروطا مستحيلة. أما الشباب الذين لم يتلوثوا بعد فيرفضونها تماما. السؤال ما دخل أمريكا في الأمر؟!. الحجة التي تقال لنا إن كل ما يهم أمريكا هو ضمان أمن إسرائيل حتى لا يهاجمها أحد. فهل بقيت بلاد عربية حول إسرائيل قادرة علي تهديدها؟. مصر بينها وبين إسرائيل معاهدة تلزمها بالسلام. وقد ثبت أن السلام كان أفضل من الحروب التي لم نكسبها أبدا والتي كلفتنا أموالا كثيرة. فهل سوريا التي ظلت طيلة 36 سنة راضية باحتلال الجولان يمكن أن تحارب إسرائيل ولو بعد 36 عاما أخري؟ هذا إذا ظلت سوريا كما هي ولم تتفتت إلي دويلات صغيرة متناحرة. هل هي العراق ؟ أم اليمن أم السودان؟.أم قطر؟!. الأمل الأخير كان في مصر إذا صارت عاصمة خلافة إسلامية جديدة تجمع كل الدول الإسلامية. والإخوان ظلوا يهتفون لعشرات السنين (ع القدس.. رايحين شهداء بالملايين) ومؤخرا بشرونا بإعلان الخلافة قريبا! وستكون عاصمتها القدس، ومعني كلامهم أن إسرائيل ستختفي من علي الخريطة وأن أمريكا لن تغامر لتدافع عنها خاصة أن القوي الأخرى من سلفيين وجهاديين وإرهابيين لا تقول غير ذلك، وأيضا قوي الليبراليين- إذا وجدوا - والناصريين والقوميين، كلهم يعلنون الجهاد ضد إسرائيل فما الفرق بينهم وبين الإخوان؟ ربما يقول أحد الأذكياء أن أمريكا تشك في أن كلامهم غير حقيقي وأنها اتفقت مع الإخوان علي أن يتركوا إسرائيل في حالها طيلة حكمهم واتفقوا مع حماس علي ألا تغضبهم. وقد أكدوا ذلك ببرقية مرسي إلي صديقه العزيز بيريز. فهل بقية الفصائل والأحزاب تفكر فعلا في محاربة إسرائيل اليوم أو بعد عشرين سنة مثلا؟. المؤكد أن جمال عبدالناصر لم يفكر أبدا في محاربة إسرائيل فلم تكن عند زعيم العرب في أي وقت خطة للحرب ضدها، وهي حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها إلا إذا كانت التصريحات والخطب الرنانة العنترية بمثابة حرب حقيقية. والمعروف أن خطب الزعيم نادرا ما خلت من تهديد إسرائيل لأنها كانت تستجلب تصفيق الجماهير من المحيط إلي الخليج. لكن من يخطط للحرب لا يحشد قواته ويصورها تليفزيونياً وهي في طريقها إلي سيناء! إنما يقصد الجعجعة فقط لا غير باعتبار أن العالم سيتدخل ليمنع العركة. وبالطبع حرب الاستنزاف كانت بغرض عمل أي شيء يحسن الموقف ولم يتحسن. ولم تكن حرب أكتوبر بغرض هزيمة إسرائيل ولا حتى استرداد سيناء. ولكنها كما يعرف العالم كانت بغرض الوصول إلي اتفاق ليس أكثر وانتهت باتفاقية لا تجعل السيادة كاملة علي أرضنا. لكنها تمنع الحرب. فإذا وقفت أمريكا اليوم تدعم الإخوان فهي لا تفعل ذلك من أجل إسرائيل. فقد بادر الإخوان من تلقاء أنفسهم وبعثوا بأحر التحيات علي لسان مرسي العياط لعزيزه بيريز .ومرسي لن يترك مشاكل مصر ليحارب إسرائيل بالنيابة عن حماس!. وبما أن الموضة الآن هي المصالحة، وبما أن الإخوان عندنا والإخوان في غزة «إيد واحدة» فقد تاهت ولقيناها. فتكون المصالحة بين الإخوان المصريين والإخوان الغزاويين معا بقيادة مرسي العياط وإسماعيل هنية أمام ممثل من القوات المسلحة المصرية ومراقبين محايدين مثل الدكتور عمرو حمزاوى والدكتور معتز عبد الفتاح، ويكونان في نفس الوقت حلقة الوصل مع أمريكا، وهذا طبعا بحضور السفيرة الأمريكية الجليلة آن باترسون. مع ضرورة وجود مراقب من تركيا. ويمكن تقسيم سيناء إلي ثلاثة أقسام. ثلث لجمهورية غزة العربية وثلث لجمهورية مصر العربية وثلث يسمي بالثلث الخالي بيننا وبين غزة. بحيث يصبح هذا الجزء منزوع السلاح ويمكن أن يكون تحت رقابة الجانب الإسرائيلي المحايد. قد يسأل سائل: إذا كانت المشكلة لا علاقة لها بإسرائيل فلماذا تؤيد أمريكا الإخوان؟. الإجابة المنطقية، كي تساهم في إقامة الخلافة الإسلامية الكبرى. الله أكبر. ظهر الحق وزهق الباطل. إن الباطل كان زهوقا.