هذا البنك يسجل أعلى سعر للدولار.. وسعره الآن في السوق السوداء    مركز تدريب "الطاقة الذرية" يتسلم شهادة الأيزو ISO 2100: 2018    "صحتك تهمنا" حملة توعية بحرم جامعة عين شمس تقدم كشفا بعدد من التخصصات الطبية    نائبة بالشيوخ تستعرض تفاصيل طلب مناقشة حول جودة التعليم    الثلاثاء.. أكاديمية البحث العلمي تعقد أنشطة احتفالا بيوم اليتيم    رئيس الوزراء: ما يحدث في غزة يخالف كل ما تعلمناه وسمعناه من الغرب عن حقوق الإنسان    الرئيس السيسي: مصر تحملت مسئوليتها كدولة راعية للسلام في العالم من خلال مشاركتها بعملية حفظ وبناء سلام البوسنة والهرسك    مصرع 42 شخصًا على الأقل في انهيار سد سوزان كيهيكا في كينيا (فيديو)    "3 فترات".. فيفا يصدم الزمالك ويعلن قراره رسميا    5 نقبوا عن الآثار في الجيزة.. قرار عاجل من النيابة العامة    بالصور.. أحمد صلاح السعدني في جنازة عصام الشماع بمسجد السيدة نفيسة    قبل الحلقة المنتظرة.. ياسمين عبد العزيز وصاحبة السعادة يتصدران التريند    ارتفاع الكوليسترول- هل يسبب ألم العظام؟    تحرير 186 مخالفة عدم التزام بقرار الغلق للمحلات لترشيد استهلاك الكهرباء    الجندي المجهول ل عمرو دياب وخطفت قلب مصطفى شعبان.. من هي هدى الناظر ؟    التضامن الاجتماعي: إتاحة سينما للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية    إيرادات قوية لأحدث أفلام هشام ماجد في السينما (بالأرقام)    أنشيلوتي لا يعرف الخسارة أمام بايرن في دوري أبطال أوروبا    «اقتصادية قناة السويس» تستقبل نائب وزير التجارة والصناعة الإندونيسي والوفد المرافق له    وزير الصحة: توفير رعاية طبية جيدة وبأسعار معقولة حق أساسي لجميع الأفراد    صعود سيدات وادي دجلة لكرة السلة الدرجة الأولى ل"الدوري الممتاز أ"    عواد: كنت أمر بفترة من التشويش لعدم تحديد مستقبلي.. وأولويتي هي الزمالك    عرض صيني لاستضافة السوبر السعودي    محافظ أسيوط يشيد بمركز السيطرة للشبكة الوطنية للطوارئ بديوان عام المحافظة    إصابة عامل بطلق ناري في قنا.. وتكثيف أمني لكشف ملابسات الواقعة    «أزهر الشرقية»: لا شكاوى من امتحانات «النحو والتوحيد» لطلاب النقل الثانوي    استمرار حبس 4 لسرقتهم 14 لفة سلك نحاس من مدرسة في أطفيح    1.3 مليار جنيه أرباح اموك بعد الضريبة خلال 9 أشهر    فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا.. «البحوث الإسلامية» يطلق حملة توعية شاملة بمناسبة عيد العمال    «العمل» تنظم فعاليات سلامتك تهمنا بمنشآت الجيزة    الأنبا بشارة يشارك في صلاة ليلة الاثنين من البصخة المقدسة بكنيسة أم الرحمة الإلهية بمنهري    إعلام عبري: عشرات الضباط والجنود يرفضون المشاركة في اجتياح رفح    أبو الغيط يهنئ الأديب الفلسطيني الأسير باسم الخندقجي بفوزه بالجائزة العالمية للرواية العربية    515 دار نشر تشارك في معرض الدوحة الدولى للكتاب 33    محافظ الغربية يتابع أعمال تطوير طريق طنطا محلة منوف    كيف احتفلت الجامعة العربية باليوم العالمي للملكية الفكرية؟    محمد شحاتة: التأهل لنهائي الكونفدرالية فرحة كانت تنتظرها جماهير الزمالك    عامر حسين: لماذا الناس تعايرنا بسبب الدوري؟.. وانظروا إلى البريميرليج    بالاسماء ..مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    الوادي الجديد تبدأ تنفيذ برنامج "الجيوماتكس" بمشاركة طلاب آداب جامعة حلوان    المشاط: تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري يدعم النمو الشامل والتنمية المستدامة    ضحايا بأعاصير وسط أمريكا وانقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل    مؤسسة أبو العينين الخيرية و«خريجي الأزهر» يكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين.. صور    ضربه بالنار.. عاطل ينهي حياة آخر بالإسماعيلية    ولع في الشقة .. رجل ينتقم من زوجته لسبب مثير بالمقطم    مصرع شخض مجهول الهوية دهسا أسفل عجلات القطار بالمنيا    «الرعاية الصحية» تشارك بمؤتمر هيمس 2024 في دبي    خلي بالك.. جمال شعبان يحذر أصحاب الأمراض المزمنة من تناول الفسيخ    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    رئيس الوزراء: 2.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة تدهورت حياتهم نتيجة الحرب    رمضان السيد: الأهلي قادر على التتويج بدوري أبطال إفريقيا.. وهؤلاء اللاعبين يستحقوا الإشادة    سعر الذهب اليوم الاثنين في مصر يتراجع في بداية التعاملات    مطار أثينا الدولي يتوقع استقبال 30 مليون مسافر في عام 2024    البحوث الفلكية: غرة شهر ذي القعدة فلكيًا الخميس 9 مايو    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    كوريا الشمالية: لا يمكن للولايات المتحدة هزيمة الجيش الروسي    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوفد" تنفرد بأول حوار مع صفوت العالم وزير الإعلام الجديد
الإعلام ضحية ضعف القرار السياسى
نشر في الوفد يوم 14 - 07 - 2013

فى وقت عاش فيه الصحفيون والإعلاميون والمثقفون يحلمون بنسيم الحرية فى الرأى والتعبير كانت ممارسات الأنظمة السياسية الحاكمة ظالمة قاسية ضد تلك الحريات، وعندما تنسم الإعلام هذه الحرية فى أواخر عهد المخلوع مبارك كانت حرية منقوصة تتعامل بمبدأ:
قولوا ما تشاءون وسنفعل ما نريد ولم يكن بالتالى للإعلام أى تأثير، وبعد ثورة 25 يناير دخل الإعلام فى نفق السياسة المظلم وأصبح بسبب السياسة فى مأزق لم يستطع حتى الآن الخروج منه وأصبح متهماً بتأجيج الأحداث فى البلاد والعمالة والحصول على تمويل خارجى ونشر الفتن وقلب نظام الحكم وأصبح الإعلام هو الوجه الآخر للسياسة.
وزير الإعلام الجديد الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام السياسى والرأى العام بإعلام القاهرة ورئيس لجنة تقييم الأداء الإعلامى فى مصر هو نموذج متميز لأستاذ الإعلام الذى غالباً ما يمشى على الأشواك فى أوقات يتباين فيها المشهد الإعلامى ويرتبك ولكنه قادر دائماً على تقييم هذا الأداء ووضع الحلول والسبل للخروج من هذا المأزق الذى أصبح يعيشه الإعلاميون.. فى حواره مع «الوفد».
كشف وزير الإعلام الجديد عن أن الإعلام هو ضحية ضعف القرار السياسى وتأخره وارتباكه بعد ثورة يناير وضحية للخطاب الإعلامى الرئاسى المرتجل الذى لا يتناسب وهيبة وهيئة الرئاسة.. آراء وأطروحات وحلول فى حوار «العالم» مع «الوفد»..
فى البداية ما رؤيتكم للمشهد السياسى فى مصر بعد ثورة 30 يوليو؟
- لا شك أننا نعيش مرحلة تحول، هذه المرحلة تتسم بالدقة، ومن الضرورى أن نتكاتف لنمر بها مروراً سليماً، وحتى يمكن أن نتجاوزها أعتقد أننا بحاجة لأن نتعلم من دروس الماضى القريب ونستفيد من أخطائنا وألا نقصى أى طرف أو فصيل أو اتجاه سياسى من المشهد، لأن الوطن ملك للجميع وحقوق المواطن يجب أن تكون مكفولة لكل اتجاه سياسى أو كل فصيل، وما كنا نشكو منه بالأمس القريب يجب ألا نمارسه اليوم، وبالتالى لابد من الاستفادة من كل الكفاءات والخبرات المتنوعة التى ينعم بها هذا الوطن من كوادر متخصصة فى جميع مجالات الحياة المتخصصة.
وما تأثير هذا على المشهد الإعلامى الآن؟
- المشهد يتسم بالارتباك ويعانى بعض حالات الشطط فى الحرية تأثراً للتغيرات المتلاحقة للنظام السياسى، ويبتعد فى كثير من الأحيان عن الممارسات المهنية، وبالتالى أنا أرى أن القضية الأهم التى يمكن أن ترتبط بالمشهد الإعلامى ولابد من حسمها، هى ضرورة تحديد العلاقة بين النظام السياسى ومؤسسات الإعلام فى مصر، لأنه فى كثير من الأحيان يرتبط الإعلام بالنظام السياسى، وبالتالى يعكس اهتماماته ويبرز أولوياته، وينفصل الإعلام بوسائله وأساليبه عن حقوق التثقيف والتنوير والوعى التى يجب أن يمارسها فى علاقته بالرأى العام، وبالتالى تحديد هذه العلاقة يعتبر نقطة فاصلة فى تحديد مدى الاستفادة من الإعلام ومدى إمكانية تطوير الأداء الإعلامى فى المرحلة المقبلة.
الخطاب الإعلامى متهم منذ ثورة 25 يناير بأنه بسبب الأزمات التى تمر بها مصر.. فما ردكم؟
- لكى نوضح كيف وصل الخطاب الإعلامى إلى هذه المرحلة لابد أن نعلم أن الأداء الإعلامى فى فترة فى السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك كانت هناك حريات وآليات عديدة للنقد، ومحاولة تعديل كثير من القرارات والسياسات، وكان النظام السياسى يستفيد من الحريات الظاهرية التى كان يعطيها للإعلام والإعلاميين والصحفيين ويستخدمها كأحد الأدلة والشواهد، التى تؤكد أن مصر تعيش عصراً يتسم بالحرية والديمقراطية، وفى هذا السياق كانت هناك مقولة شهيرة يمكن أن تقال بين السياسيين والإعلاميين وقولوا ما تشاءون فقد أعطيناكم الحق فى حرية الرأى والتعبير ولكننا نحن كسياسيين سنفعل ما نريد!!
خلاصة القول: إنه لم يكن هناك أى تأثير للإعلام فى تغيير القرارات أو تحديد السياسات التى يستهدفها النظام فى كثير من الممارسات السياسية والاقتصادية.
معنى ذلك أن الثورة هى التى أعطت للإعلام هذا التأثير فى السياسة؟
- بعد ثورة يناير التى أطاحت بمبارك ارتبك الأداء الإعلامى ارتباكاً شديداً فى المراحل الأولى للنظام وحدت هناك حالة من الشطط والانفلات فى حرية الإعلام نتيجة إعادة تغيير أولويات المصالح والاهتمام لدى النظام السياسى وأيضاً كانت هناك بعض الممارسات من الإعلاميين كانت تحتاج إلى تقنين للأداء خاصة وأن هذه الفترة صاحبتها 3 انتخابات متتالية واتسمت فى كثير من الأحيان الممارسات الإعلامية بعدم المهنية والمبالغة، وأيضاً، ونتيجة لغياب القرار السياسى فى الفترة التى حكم فيها المجلس العسكرى أو تأخره، لم يجد الناس بديلاً لحل الأزمات إلا ما يمكن أن يكتب فى الصحف أو يبث ويذاع ويقرأ حول هذه الأزمات من وسائل الإعلام ومن هنا ظهر ما يسميه بعض السياسيين بالانفلات الإعلامى ولكنه لم يكن انفلاتاً بقدر ما كان كاشفاً لغياب السياسيين أو بالأحرى المجلس العسكرى عن اتخاذ القرارات وبالتالى أصبح الإعلام هو الآلية الوحيدة لنقل وكشف التظاهرات والفعاليات والأنشطة السياسية وأصبح لدينا نوع من لو صح التعبير «أعلمة السياسة» فلم تكن هناك سياسة حقيقية ولكن هناك وسائل إعلام أو قرارات جادة فى مراحل بناء الوطن ولكن هناك إعلام يبرز النشاط السياسى ولطالما أن الجمهور شاهد السياسيين يتخذون قرارات ويجتمعون فى هذه الاجتماعات فصار وكأنهم يمارسون العمل السياسى فى هذا الوطن.
ونتيجة غياب الإعلاميين عن معالجة الأزمات والاضطرابات اتهم الجميع الإعلام والإعلاميين بأنهم يستفيدون من الوضع القائم ولا يساعدون فى حل الأزمات.
وماذا عن فترة الرئيس المعزول مرسى إلى أين وصل فيها الخطاب الإعلامى؟
- فى المرحلة الأولى من فترة مرسى كان هناك استبشار من الجميع بأننا سنعيش فترة سياسية مختلفة نتيجة تجربة الانتخابات التى مررنا بها وبعد فترة وجيزة من حكمه وبغض النظر عن نوعية الخطاب السياسى للرئيس، اتخذ الرئيس خطوة أعتقد أنها كانت فارقة فى طبيعة العلاقة بين الإعلام والعمل السياسى فى مصر وهى خطوة الإسراع فى إطلاق الإعلان الدستورى والإسراع فى اعتماد الدستور وطرحه للاستفتاء العام قبل أن يتم التوافق عليه، وكانت هذه الخطوة بداية لانقسام المجتمع إلى مؤيدين للدستور من أجل أن تدور عجلة الوطن وهم من الإسلاميين الذين يؤيدون ما يسمى بالمشروع الإسلامى، وقطاع آخر كبير من المعارضين لهذا الأسلوب فى عرض الدستور، فضلاً عن مواد الدستور وانعكس هذا الانقسام بشكل حاد فى وسائل الإعلام وانعكس أكثر فى درجة وحدة التأييد أو المعارضة لقرارات وسياسات الرئيس وانعكس أكثر نتيجة طبيعة وحدود الخطاب السياسى للرئيس الذى يتسم بالارتجال والافتقار والانتقاد إلى ما يسمى بهيئة وهيبة الرئاسة وتعاظم هذا الانقسام مع وجود العديد من الممارسات من أهمها:
- توجيه الاتهامات لوسائل الإعلام والإعلاميين بأنهم يتلقون أموالاً مشبوهة.
- تعرض العديد من الإعلاميين والصحفيين للمساءلات القضائية وتحقيقات النيابة رغم التراجع بعد ذلك، وإذا كنا نتراجع فلماذا فعلنا ذلك من الأساس؟!
- برور حدة الانتقادات للإعلام فى الخطاب الإعلامى الخاص للرئيس وفى خطابات وزير الإعلام وهى أمور حتى الآن لم يتم تقديم الدليل عليها.
- أيضاً ظهور العديد من الظواهر الإعلامية التى استفادت من الواقع السياسى المعاش، فأصبح لدينا المذيع «الناشط السياسى» و«الضيف المنفلت» و«المداخلات التليفونية المصنوعة»، مقدمات البرامج الدعائية توظيف الرسائل sms والمكالمات التليفونية فى الحصول على تأييد ظاهرى من الجماهير وتعاظمت حدة الخطاب السياسى فى القنوات الدينية فوجدنا مثلاً من قسّم المجتمع إلى مسلمين ومسيحيين من أجل نجاح المشروع الإسلامى ومن يصف مذيعاً فى قناة أخرى بأنه مسيحى أشر، وبعض أشكال من الخطاب الدينى الذى مثله «عبدالله بدر» و«محمود شعبان» فى إطار ثقافة «هاتوا لى راجل» وتوجيه الانتقادات غير الملائمة للفن والفنانين والأطر الثقافية التى قام على أساسها المجتمع المصرى واستمرت حدة الصراع بين الطرفين فى وسائل الإعلام وظهرت الكثير من الأزمات التى عكست ممارسات غير مهنية فى وسائل الإعلام نتيجة أخطاء فى القرار السياسى مثلاً أزمة النائب العام نتيجة الخطأ أو العناد فى القرار السياسى تظهر جلية فى وسائل الإعلام بعد الحكم الذى صدر للنائب عبدالمجيد محمود بأن هذا الحكم حكماً قضائياً باتاً ومستشار آخر يقول: إن هذا الحكم ليس بات ويمكن الطعن عليه ويتصل مستشار ثالث فيقول: إنه يجب على النائب العام الحالى أن يتحمل مسئولية الأحكام التى يصدرها فى هذه القضايا وتشتت الجمهور واتهم الإعلام بأنه سبب لهذه المفارقات ولكن السبب الحقيقى كان فى العناد المصاحب للقرارات السياسية وعدم تنفيذ الأحكام القضائية، مثال آخر هو تشكيل حكومة قنديل التى لم تقدم أى برنامج أو رؤية فى حل مشكلاتنا الاقتصادية وحل أزمات الكهرباء والسولار وارتفاع الأسعار وغيرها ورغم ذلك إذا تناولها الإعلام يتهم بأنه يؤجج الجماهير ضد القيادة والحكومة وإذا تجاهلها سيصبح فاقداً لدوره ومهامه أمام الرأى العام فماذا كان المطلوب أمام هذه الحكومة الضعيفة؟! إذن فكثير من الأخطاء التى اتهم فيها الإعلام كانت فى الأساس أخطاء فى الممارسة السياسية وغياب وتأخر القرار السياسى.
وهل غيرت 30 يونيو هذا المشهد الإعلامى؟
- للأسف المشهد الآن يعانى العديد من الأزمات الخطيرة:
- الأزمة الأولى تتمثل فى صورة مصر فى كثير من المجتمعات الخارجية وهى صورة وصلت للخارج بشكل معوج يتمثل فى أن ما حدث هو انقلاب عسكرى وزادت حدة هذه الصورة مع أحداث الحرس الجمهورى وافتقاد الرأى العام الخارجى الصورة الدقيقة لما حدث.
- الأزمة الثانية هى إغلاق العديد من القنوات التى ترتبط بالاتجاه الدينى أو الإسلامى وأعتقد أن هذا إجراء احترازى ليس إلا وأتمنى أن تعود هذه القنوات بعد أسابيع قليلة تدعيماً لحرية الرأى والتعبير وحق الجميع فى الإعلام الحر الذى يعبر عن جميع الاتجاهات السياسية.
- الأزمة الثالثة وأعتقد أنها أخطر مشكلة أننى ألمح العديد من الممارسات التى تعظم من حدة الانتقادات إلى صورة السياسى المسلم بهيئته الشكلية وممارساته اللفظية سواء فى الأعمال الإعلامية والبرامجية والفنية، ومثل هذه الممارسات ستزيدالحدة والانقسام داخل المجتمع وستساهم فى تعميق الفجوة بين فئات المجتمع وهو أمر لا يتلائم مع الأدوار والوظائف التى يجب أن يسعى إليها الإعلام.
تحدثت عن الخطاب الرئاسى فى كلماتك السابقة.. فهل لهذا الخطاب تأثير على المشهد؟
- الحقيقة كانت هناك العديد من الملاحظات على الخطاب الإعلامى الرئاسى الذى يشبه إلى حد كبير معظم الخطاب الإعلامى للمنتمين للتيار الإسلامى، ولكن الفارق هنا أن هذا خطاب رئاسى كان لابد أن يتسم وهيبة هذه المكانة ولكن للأسف لم يكن هناك بنيان فكرى لخطب السياسة التى يقدمها الرئيس ويتناولها فقد تناول أكثر من 59 خطاباً بمعدل خطاب كل 5 أيام والاتجاه العام الغالب كان قائماً على الارتجال دون وجود بنيان فكرى ونص مكتوب وهو أمر لا يصلح فى خطابات الرؤساء، فكل كلمة من فم الرئيس تزن طناً، وأحياناً الأفكار لا تصل للجمهور بشكل يتصف بالاكتمال وعندما يكون الخطاب ارتجالياً فعلينا أن نتخيل التقايرر التى يمكن أن يكتبها سفراء الدول بعد استماعهم إلى هذه الخطابات التى تتسم بالارتجال والافتقاد إلى الدقة.
- استخدام الرئيس السابق لكثير من العبارات الغامضة والضمنية التى تحتمل التأويل وتساهم فى زيادة الشائعات مثل «الحاوى والقرداتى والحية التى تقرص والأصابع التى تلعب والحارة المزنوقة» وهى عبارات لا تناسب أبداً مع طبيعة الخطاب الرئاسى الرسمية وتساعد على التأويل وتساهم فى زيادة الشائعات عند التفسير وتجعل الرأى العام يتساءل ويفكر ما المقصود بهذه الكلمة أو تلك.
كيف حللت الخطاب الأخير للرئيس بعد ثورة 30 يونيو؟
- فى الواقع أنه فى الوقت الذى وجد فيه الرأى العام البيان العسكرى الأول الذى يتحدث على أن هذا الشعب المصرى لم يجد من يحتضنه أو يحنو عليه فى استحالة إقناعية عاطفية مؤثرة كدعم العلاقة بين الجهة التى تصدر البيان والرأى العام فى مصر، نجد بعد يومين خطاب الرئيس وهو يعظم من شرعيته كرئيس ويربط بينها وبين الدم وأنه لديه استعداد للتضحية بالدم فى سبيلها دون أى التفات للجماهير والملايين التى خرجت وهو الأمر الذى يمثل إنكاراً لاتجاهات الرأى العام والملايين التى خرجت فى الميادين والمحافظات هنا وهناك وهو الأمر الذى يبرز مدى التناقض، لأن مخاطبة الجماهير التى تفتقد إلى التعاطف والتسلسل المنطقى وبناء العلاقات الوجدانية التى تشعر كل مواطن بأن الرئيس يخاطبه بصدق وهو ما افتقده الخطاب للعلاقة بين الرؤساء والمرءوسين.
فى الوقت الراهن ما هى الرسالة الإعلامية التى يجب أن توجهها للغرب؟
- أعتقد أن صورة مصر لدى الغرب إعلامياً ستتضح وتكتمل بعد أسابيع قليلة لأن تحرك الجيش جاء استجابة لرغبة الملايين التى تظاهرت، فضلاً عن أنه أصدر العديد من البيانات التى كان يمكن أن تبنى عليها المرحلة المقبلة ولكن استمرار إرادة الجماهير فى التظاهر مع عناد مؤسسة الرئاسة وافتقارها إلى طرح السيناريوهات والحلول التى يمكن أن تمثل مخرجاً سياسياً للأزمة هو الذى تسبب فى تدخل الجيش وإنهاء حكم الرئيس.
- إن الجيش لم يمارس الحكم يوماً بل أعطى السلطة بنص الدستور إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا وها هو كرئيس مؤقت وبدأ فى إصدار الإعلان الدستورى وتحديد خارطة الطريق للمرحلة السياسية المقبلة، وتكليف رئيس الوزراء القادم بعيداً عن مؤسسة الجيش وأن هناك حالة استجابة لرغبة الملايين بعد عناد مؤسسة الرئاسة ولو تركها الجيش تستمر فى سياسة التجاهل والإنكار للملايين كان يمكن أن يؤدى بالبلد إلى حالة أقرب إلى التطاحن والانقسام الشديد بين المواطنين، وكانت الخطوة التى اتخذها الجيش هى الأصلح والأسلم لحل هذه الأزمة.
وما الرسالة الإعلامية التى يجب أن توجهها للداخل؟
- نحن فى حاجة إلى خطاب إعلامى للجمهور المصرى يقوم على ما يلى:
- أولاً أهمية وتحديد طبيعة العلاقة بين الإعلام والنظام السياسى وفى إطار ذلك لابد من التأكيد على أننا جميعاً متساوون كمواطنين رغم أننا مختلفون ومن هنا تبرز احترام ثقافة الاختلاف وحق الآخر فى حرية الرأى والتعبير.
- ثانياً تعميق الانتماء للوطن والمواطن فالانتماء للوطن يجب أن يكون هو رسالة الإعلام دون تعظيم للشفونية المصرية بل الانتماء الذى يبنى مراحل التقدم ويستفيد من دروس الماضى القريب.
- عدم إقصاء أى فصيل أو اتجاه سياسى أو حزبى لأن مصر بجميع أبنائها وجميع الاتجاهات السياسية والحزبية والمدنية والإسلامية ومن كان فى الحكم اليوم قد يكون فى المعارضة غداً.
فى النهاية.. ألا يمكن الوصول لميثاق شرف إعلامى يحدد خطى الإعلام فى الفترة المقبلة؟
- هناك أدوار مهمة وجهود جادة تمت فى الشهور الأربعة الماضية واستخلصنا من خلالها فى كلية الإعلام بمشاركة عشرات الممارسين لوضع ميثاق شرف للممارسة الإعلامية سواءكانت صحفية أو إذاعية أو تليفزيونية ولكن الأمر كان يستلزم إجراء نقاش فى جميع المؤسسات الإعلامية ونقابة الصحفيين والعاملين فى الفضائيات ومدينة الإنتاج الإعلامى حول هذا الميثاق لأنه حتى يتم تطبيق هذا الميثاق لابد أن يكون هناك توافق واحترام وفهم من الأسرة الإعلامية بكل أطيافها واتجاهاتها نحو تطبيق هذا الميثاق وإلا صار هذا الميثاق بمثابة ورقة توزع ولا تحترم، والأهم من وضع الميثاق ضرورة الإسراع بتأسيس المجلس الإعلامى السمعى المرئى والمكتوب حتى يمكن أن تتوافر لهذا المجلس درجة من الاستقلال عن النظام السياسى على أن يتشكل من كبار الممارسين والخبراء فى كل مجالات الإعلام وعدد من الخبرات الأكاديمية والإعلامية وبعض القانونيين ويجب أن يكون هذا المجلس مستقلاً عن الحكومة والنظام السياسى واختيار هؤلاء الأشخاص وفقاً لخبراتهم المهنية فى مجالات الإعلام المختلفة على أن تتبعه عدة لجان منها لجنة للرصد والمتابعة ولجنة لتقييم الأداء ولجنة للقيم المهنية والأخلاقيات ولجنة للتثقيف والتدريب.
البطاقة الشخصية
صفوت محمد مصطفى العالم
من مواليد الزقازيق فى يونيو 1955
أستاذ الإعلام السياسى والرأى العام بجامعة القاهرة كلية الإعلام
رئيس لجنة تقييم الأداء الإعلامى
رشح وزيراً للإعلام أكثر من مرة
له أكثر من 35 مؤلفاً فى مجالات الإعلام المختلفة
أب لسارة المعيدة بكلية الإعلام وفرح ومصطفى ومازالا فى التعليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.