جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:" أقريب ربُّنا فنناجيه أم بعيدٌ فنناديه؟"، فسكت عنه فأنزل الله تعالى:"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون"، وهناك رواية أخرى تقول:" سأل أصحاب رسول الله: أين ربُّنا؟، فأنزل الله:" إذا سألك عبادي عني فإني قريب.......". لقد جاءت هذه الآية" الدعاء" بعد آية الصوم" شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان......."؛ لشدة ارتباط الدعاء بالصوم ارتباطًا وثيقًا، والسنة النبوية تثبت ذلك؛ حيث قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:" ثلاثة لا تُرد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة مظلوم يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين". يا له من أمر عظيم حين يكون الدعاء مستجابًا ونحن صائمون!، فليس الأمر بالهين أن يكون المسلم صائمًا، ويأتي وقت الإفطار ويكون شغله الشاغل دعاء يُستجاب له وتتحقق له رغبة ناسيًا الطعام والشراب، وهذا يوافق قول الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه:" إني لا أحمل همًا للإجابة ولكني أحمل همًا للسؤال". إذا نظرنا نظرة القارئ الأريب الذكي في هذه الآية؛ نجد ربَّنا عزوجل قال:" وإذا سألك عبادي عني فإني قريب"، ولم يقُل" وإذا سألك عبادي عني فقل إني قريب" كباقي الآيات القرآنية مثل: ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم......"، يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج......."، وآيات أخرى غيرهما، فنلاحظ أن آية الدعاء جاءت بأداة الشرط غير الجازمة"إذا" وجوابها" فإني قريب..." غير مقترن بالفعل الأمر "قل"، وهذا إن دلَّ على شيء فإنه يدلُّ على قرب السميع العليم من عباده المحتاجين له في كل وقت وحين، حيث قال تعالى:" ونحن أقرب إليه من حبل الوريد"؛ لذا لا نعجز من الدعاء خاصة لمصر الحبيبة؛ لإن الله أنزل:" ادعوني أستجب لكم".