السلطة القضائية إحدي العقبات التي تقف ضد رغبة الإخوان في الهيمنة والاستحواذ علي الدولة، وأخونة القضاء سبيل الجماعة لبقائها في السلطة وتنفيذ سياساتها، فكانت المحاكم والقضاة والقانون في مرمي نيران الإخوان منذ فوز الرئيس مرسي في انتخابات الرئاسة، لكون فلسفتهم ونهجهم وطموحاتهم تتعارض مع الدستور والقانون فهم يريدون قضاة ومحاكم وقوانين تخدم مصالحهم وتحقيق أجندتهم وتحمي عبثهم. ظهرت رغبة الإخوان ونيتهم في الإطاحة بمبدأ استقلال القضاء ومخالفة الدستور والقانون منذ اليوم لتولي مرسي حكم البلاد ومحاولاته الهروب من أداء اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا وقام بأداء اليمين في ميدان التحرير وجامعة القاهرة وظل يتملص هو وجماعته من أداء اليمين أمام الدستورية طبقا للدستور باعتباره المكان الوحيد الذي لا يجوز أن يتولي الرئيس مهام منصبه إلا بعد أدائه القسم أمام المحكمة الدستورية، وبعد محاولات وتيقنهم من عدم استطاعته أن يتولي حكم مصر إلا بعد القسم أمام قضاة أعلي سلطة قضائية في البلاد، كان يحاول أن يؤدي اليمين دون أن تصوره عدسات المصورين وأن يكون بعيداً عن البث المباشر حتي لا يراه المصريون وهو يؤدي اليمين أمام هذه المحكمة التي كانت ومازالت النية مبيتة للقضاء عليها وتصفيتها باعتبارها العقبة الكبري أمام الرئيس وجماعته في تمرير قوانينهم المشبوهة، وتكون المحكمة هي التي أصدرت قراراً بحل مجلس الشعب الذي كان الإخوان وأنصارهم يهيمنون عليه وحتي تكون معهم السلطة التشريعية والتنفيذية لأخونة الدولة. حصار المحاكم كان الحصار الأول في تاريخ مصر والعالم والذي تضامنت معه 64 محكمة دولية هو حصار المحكمة الدستورية العليا لمنعها من أداء عملها وإصدار أية أحكام خاصة ببطلان انتخاب مجلس الشوري والذي جاء بقانون غير دستوري كما هو في مجلس الشعب الذي قررت المحكمة بطلانه، وكذلك بطلان قانون تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وظل الإخوان وأنصارهم محاصرين للمحكمة لمنعها من نظر هذه الدعاوي لضمان بقاء مجلس شوري جاء بقانون غير دستوري وبقاء جمعية تأسيسية باطلة لوضع دستور البلاد. حصار محكمة القضاء الإداري وإرهاب قضاته ومحاولة إجبارهم علي إصدار أحكام تتماشي مع رغبة الإخوان سواء كان في بطلان التأسيسية لوضع الدستور، وكذلك الأحكام الخاصة بإلغاء قرارات الرئيس والإعلانات الدستورية التي يصدرها والتي اعتبرتها المحكمة أعمالا إدارية تختص المحكمة بنظرها مثل إلغاء قرارات الرئيس بدعوة الناخبين للانتخابات البرلمانية. رغم تعهد الرئيس والقسم علي احترام الدستور والقانون كان هو أول خالف الدستور والقانون ووضعهم تحت قدميه، فكان قراره بعودة مجلس الشعب إلي الانعقاد رغم حله بحكم المحكمة الدستورية العليا هو أول تعد فاضح رئيس مرسي علي أحكام القضاء وعلي القانون. وتصدت المحكمة الدستورية مرة أخري لقرار الرئيس وأبطلته، مما وضع المحاكم وقضاتها خاصة المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية في مواجهة مع الرئيس وعشيرته وكان تصفية المحكمة والقضاء عليها أحد مطالبهم، وتم الإجهاض عليها بموجب الدستور فقلصوا عدد أعضائها من 19 عضوا إلي 11 عضوا وأطاحوا بالمستشارة الجبالي. الفرعون لم يكتف الرئيس مرسي بالتعدي علي الدستورية والدستور والقانون بل قام ولأول مرة في تاريخ البلاد بل العالم أجمع بإصدار ما أطلق عليه إعلانا دستوريا ليحصن قراراته منذ أن تولي الحكم من الطعن عليها أمام أية محاكم ومنعها من النظر في أي قضايا وتحصينها في الرقابة القضائية والبطلان فحمي الجمعية التأسيسية ومجلس الشوري الباطل بحكم الدستور من الحل وحصن قراراته باعتباره فرعون لا يخضع لأي رقابة قضائية أو مساءلة قانونية منذ تولي الحكم وحتي إسناد مهمة التشريع إلي المجالس التشريعية. قام رئيس الجمهورية بإصدار قرار أطاح فيه بالنائب العام السابق في سابقة هي الأولي من نوعها وبالمخالفة للقانون وعين نائبا عاما ليضمن ولاءه وينفذ له رغباته ورغبات عشيرته ويحمي عبثهم ويكون سيفا مسلطا علي رقاب معارضيهم. الفقيه الدستورية الدكتور شوقي السيد وصف ما يحدث من قبل الرئيس وجماعة الإخوان بأنه ملف أسود وما يحدث للقضاء خلال العام الأول من حكم الإخوان ليس له سابقة وفاق في خطورته ما حدث أيام مذبحة القضاء، وأن هذا المسلسل لن ينتهي فمحاصرة المحاكم والتعدي علي القضاة والإساءة إلي سمعتهم وتهديدهم جرائم ترتكب في حق الوطن. وأوضح أن مخطط تقسيم القضاة واختراقهم ضمن خطة الجماعة لتدمير هذا الحصن الحصين فظهر ما يسمون أنفسهم قضاة من أجل مصر لضرب وحدة القضاة وكذلك إغراء البعض بمناصب تنفيذية كبيرة وخير مثال علي ذلك تعيين المستشار بجاتو وزيرا ووعودهم لعدد من الموالين لهم بتسكينهم في مناصب هو ضرب لهذه الهيئة التي تعد الملاذ الأخير لشعب مصر. وأضاف أن الاعتداء علي دولة سيادة القانون هو نهجهم وسياساتهم التي لن تتغير من أجل السيطرة علي الحكم، فكل حاكم دكتاتوري أول أهدافه تكون إهدار دولة العدالة وسيادة القانون المتمثلة في القضاء والقانون والدستور. المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق أشار إلي ان الرئيس وجماعته لا يعترفون بوجود رقابة قضائية ولا يعترفون بحجية أحكام المحاكم ولا يلتزمون بأحكام السلطة القضائية ولا باستقلال القضاء. مضيفا أن مشروع قانون السلطة القضائية خاصة فيما يختص بالنزول بسن الإحالة إلي المعاش الهدف منه تصفية السلطة القضائية وأخونة القضاء. وأشار إلي أن القانون يهدف إلي تصفية القضاء وأن محاولات الإخوان للزج بأكبر عدد من أبنائهم في تعيينات النيابة ومحاولات تعيين بعض محاميهم في القضاء بهدف السيطرة علي هذا الصرح العظيم الشامخ بهدف أخونته وتحقيق أجندتهم. وأضاف رئيس مجلس الدولة الأسبق أن الدعوات التي تصدرها الجماعة بدعوي تطهير القضاء هي محاولات مسمومة للنيل من القضاء والقضاة. كما انتقد الجمل محاولات الإخوان لتفريق صفوف القضاة وانقلاب شباب القضاة علي شيوخهم وذلك بالإغراءات والمساواة فيما بينهم في المرتبات والأمور خاصة مرتبات قضاة المحكمة الدستورية التي أصبحت تمثل شوكة في حلق الرئيس وجماعته ضد التمكين. وأشار الجمل إلي أن تطهير القضاء يتم داخليا وهناك رقابة داخلية صارمة بواسطة القضاة أنفسهم. المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق أكدت أن عنوان حكم الإخوان هو التعدي علي الدولة القانونية وسلطة القضاء واستقلال سيادة القانون. وأشارت إلي ان الرئيس مرسي جاء عن طريق الانتخابات وليس رئيسا ثوريا وعليه يجب أن يلتزم بالقانون والدستور. وبدأ العدوان مبكراً حسبما جاء في كلام نائب رئيس المحكمة الدستورية السابق في محاولة الرئيس تهميش القسم أمام المحكمة الدستورية وفي غيبة الإعلام والصحافة الأمر الذي رفضته الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية. وأضافت أنه توالي العدوان علي السلطة القضائية بإلغاء الإعلان الدستوري الذي أقسم عليه. قيام الرئيس باستصدار إعلانات دستورية الأمر الذي رفضته محكمة مجلس الدولة واعتبرته عملا ماديا لا يرقي لمستوي القرار. ووصف نائب رئيس المحكمة الدستورية الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي واغتصابه سلطة إصدار إعلانات دستورية وقيامه بإصدار إعلان نوفمبر 2011 الذي قسم الشعب والقضاء وكان سببا في انقسام البلاد منذ ذلك الإعلان وحتي اليوم. وأوضحت أن الرئيس مرسي قيد سلطة القضاء في نظر الدعاوي المطروحة أمامه وتحصين قراراته ثم عزل النائب العام وأرجعت المستشارة الجبالي رفض الإخوان لدولة القانون والدستور بسبب قدرة الدولة القانونية علي تصحيح المسارات من خلال قاضي المشروعية وأحكام المحكمة الدستورية وهم ضد هذا لانه يقف حائلا أمام تحقيق أجندتهم. القانون المشبوه قانون السلطة القضائية والذي يريد الإخوان الانقضاض به علي السلطة القضائية وتصفيتها والإطاحة بأكثر من 3 آلاف قاض من شيوخ القضاء بهدف إحلال وإعادة بناء الهيئات القضائية حسب هواهم ورغباتهم وأجندتهم وتخوفهم من وجود هؤلاء علي رأس السلطة القضائية خاصة أن العديد منهم، إن لم يكن أغلبهم، يرفضون هيمنة الإخوان ويقفون ضد تمكين الإخوان وعناصرهم من المؤسسات القضائية. ومثال لذلك أن المستشار نبيل صليب رئيس محكمة استئناف الإسماعيلية سيتولي رئاسة اللجنة العليا للانتخابات بحكم منصبه ونظرا لمواقفه المؤيدة لاستقلال القضاء وتعديل السلطة القضائية فإن الإخوان يخشون من توليه رئاسة اللجنة العليا للانتخابات، وبالتالي ينوون الإطاحة به. والصراع الدائر بين القضاة من جهة، والرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين من جهة أخري وقيام نادي القضاة بالتصدي لمحاولات الإخوان في السيطرة علي القضاء وعلي استقلاليته وتهديداً لهم تارة وتقديمه لإغراءات لبعضهم تارة أخري وشق صفوفهم، قدم نادي القضاة مذكرة بالانتهاكات التي يتعرضون لها لرئيس الاتحاد الدولي للقضاة وتضمنت المذكرة عدم احترام الرئيس وجماعته لاستقلال السلطة القضائية بالمخالفة للدستور والقانون. كما اشتملت المذكرة علي التأثيرات والإغراءات والضغوط والتهديدات والتدخلات المباشرة وغير المباشرة علي السلطة القضائية في المسائل المعروضة عليها. وأشارت المذكرة إلي حصار المحكمة الدستورية العليا وتحصين قرارات وأعمال الرئيس وفي الرقابة القضائية ومنع المحاكم من النظر في أي قضايا متعلقة بهم، مثل قضية بطلان تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور المصري وقرارات رئيس الجمهورية بالعفو عن المجرمين الجنائيين. كما أشارت المذكرة إلي القيود التي تفرض علي حق القضاة في حرية التغيير وتكوين الجمعيات وكذلك فرض طريقة للتعيين في الوظائف القضائية بدوافع غير سليمة تتضمن التمييز علي أساس الدين والرأي السياسي كما أشارت المذكرة إلي عزل قضاة من مناصبهم بالمخالفة لنصوص الدستور والقانون مثال عزل النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود. وتضمنت المذكرة عزل ونقل القضاة بغير الطريق القانوني وبطريقة انتقامية، مثال القاضي محمود حمزة الذي تم نقله من القاهرة إلي المحلة الكبري عقابا له علي حكم أصدره وأشارت إلي تدخل السلطة القضائية بواسطة وزارة العدل مع أعمال القضاة. وأخيراً وليس آخرا هو محاولة التعدي وتشويه صورة المستشار محمد محجوب.