اتهم الإخوان - وتابعوهم - الوفد وجريدته بالترويج لقلب نظام الحكم ردا علي مساندة الوفد للشعب المصري وحركة «تمرد» في استكمال الثورة وتصحيح مساره. وتناسي هؤلاء أن الدكتور السيد البدوي رئيس الوفد كان أول من أعلن سقوط شرعية حسني مبارك في 8 فبراير وطالبه بالتنحي قبل غيره، وكان الوفد حاضرا وبقوة منذ اليوم الأول للثورة في 25 يناير عندما اختبأ الإخوان و قالوا إن الخروج علي الحاكم كفر وقبل ذلك بكثير كان الوفد حزبا وجريدة يمهد للثورة علي الأنظمة المستبدة والطاغية منذ عودة الوفد للحياة السياسية عام 1984 محاربا للفساد ومطالبا الحاكم بإسقاط دستور عفا عليه الزمن.. وقتها لم يتهمه أي مواطن شريف بقلب نظام الحكم، ولذلك كان وسيظل الوفد حاضرا في 30 يونية كما كان ولا يزال في 25 يناير 2011. وجاء حكم محكمة استئناف الإسماعيلية ليؤكد للجميع أن قمة النظام الحالي هو من كان يتحالف مع الشياطين لقلب نظام الحكم ولهذا جاء قرار اعتقالهم بسجن وادى النطرون أثناء أحداث 25 يناير وليس الوفد من يتهم بقلب نظام الحكم. وثورة الوفد ضد النظام عموما بدأت منذ 27 عاما عندما كشف النائب الوفدي علوي حافظ تورط رموز الحكم في تجارة السلاح وأول من كشف عن شركة نقل أسلحة المعونة الأمريكية وصاحبها حسين سالم وآخرون من النظام الحاكم في استجوابه الأشهر عن الفساد عام 1990 وكشف قضية رد الأموال الصادرة للمهربين وتجار العملة والتي تورط فيها عبدالخالق المحجوب شقيق رفعت المحجوب ورفعت بشير وكيل وزارة الاقتصاد وابن خالة المحجوب الضابط بأمن الدولة وعديله. علوي حافظ الذي رفض تهديدات السادات وتقبل نقله من العمل كمستشار برئاسة الجمهورية الي أمانة الحكم المحلي ورفض إغراءات السادات بتعيينه سفيرا فوق العادة في إحدي الدول الأجنبية وتعرض أكثر من مرة لمخاطر التصفية الجسدية من جانب وزير الداخلية زكي بدر. الوفد أول من كشف عن خطاب يوسف والي وزير الزراعة الأسبق واتهمه بتعمد تخريب الزراعة المصرية وكشف عن جذوره اليهودية وعن فضيحة الرشوة الكبري في عقد إنشاء قصر العيني الفرنساوي والمتهم فيها رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب. الوفد حزبا وجريدة كان ولا يزال يمارس مهمة الدفاع عن حقوق الشعب في وقت تفشي الفساد وتوحش خلال فترة الثمانينيات والتي اتسمت بظاهرة هروب أصحاب الملايين الذين أثروا من دم الشعب سواء عن طريق استيراد الأطعمة الفاسدة أو جمع أموال الناس بحجة استثمارها ثم الهروب بها أو عمليات السرقة والنهب الضخمة من المال العام.. كل ذلك رغم المحاولات المغرضة للنيل من تاريخ الوفد وتشويه صورته. وفي ثورة 25 يناير كان حزب الوفد في طليعة القوي السياسية وأول حزب أعلن موقفه من الثورة في أيامها الأولي وأكد تأييده للشباب في بيان واضح لا يقبل الاجتهاد والتأويل رغم توعد بعض قيادات نظام المخلوع للدكتور السيد البدوي رئيس الوفد بالويل والثبور عقب تأييده لشباب الثورة والتي لم يلق لهذه التهديدات بالا لأن المواقف المبدئية لحزب الوفد وثوابته التاريخية ترفض المساومة وتترفع عن المتاجرة بهذه المواقف ومن ثم لم ينتظر الوفد نجاح أو فشل الثورة ليعلن موقفه وأعلن تأييده الكامل وهو يعلم أن نجاح الثورة فخر لكل المصريين وأن الوفد وحده كان سيدفع الثمن راضيا في حالة الفشل لا قدر الله، ومن هنا كان إعلان الوفد مشاركته في ثورة 25 يناير في يوم 23 يناير عقب اجتماع رئيس الوفد مع الشباب ثم نزول جميع أعضاء الهيئة العليا للوفد الي ميدان التحرير في 3 فبراير 2011. يوميات الوفد والميدان في اليوم الأول للمظاهرات خرج عدد كبير من قيادات الوفد الي الميدان في مقدمتهم النائب الوفدي محمد مصطفي شردي - شفاه الله وعفاه - الذي يرقد حاليا بأحد المستشفيات ومعه المتحدث الرسمي باسم الحزب المهندس حسين منصور ومعظم قيادات ومسئولي الحزب لتخرج بعد ذلك وخلال الأيام المتتالية الهيئة العليا بكامل أعضائها الي الميدان خاصة أن 25 يناير ذكري ترتبط بزعيم الوفد فؤاد سراج الدين الذي أصدر أوامره لرجال الشرطة بالتصدي لجيش الاحتلال البريطاني في معركة الشرطة التي تجلت فيها الكرامة الوطنية.. ولكنها في 2011 ووفقا لبيان أصدره شباب الوفد نعيش وسط أزمات متعددة تكاد تعصف بمستقبل الوطن فالبرلمان مطعون في شرعيته والفساد عم العديد من مؤسسات الدولة والبطالة توحشت ولذلك يعلن شباب الوفد مشاركته في يوم الإرادة الشعبية مع القوي الوطنية ليكون 25 يناير 2011 بداية جديدة للكرامة الوطنية. وبالفعل خرج شباب حزب الوفد الي المظاهرات وكان علم الوفد هو الوحيد الذي ارتفع فوق سماء ميدان التحرير بجانب علم مصر وبعد اعتصام الشباب في ميدان التحرير ليلة الثلاثاء 25 يناير جري اتصال بينهم وبين رئيس الحزب ليؤكد لهم أن الحزب بكامل مؤسساته معكم وأنه لا بديل عن سقوط الطاغية فكان شعار الشباب المدوي «يسقط الطاغية». وعندما أخبر الشباب رئيس الحزب بما يخطط له الأمن بالتصدي للمتظاهرين عقد مؤتمرا صحفيا عالميا بمقر الحزب في منتصف الليل وأصدر بيانا أعرب فيه عن غضب الوفد ورفضه لاستمرار الأوضاع الحالية ودعا الي تشكيل حكومة إنقاذ وطني وحل مجلس الشعب وإجراء انتخابات نزيهة بنظام القائمة النسبية كما طالب بتشكيل لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد - ليكون البدوي هو رئيس الحزب الوحيد الذي تحرك في يوم 25 يناير ونادي بهذه المطالب. ثم أصدر الوفد وبالتحديد في 27 يناير بيانا الي الأمة أكد فيه رفضه لأسلوب أجهزة الأمن في التعامل مع المتظاهرين واستخدام القوة المفرطة التي أدت الي وفاة عدد من المواطنين وإصابة المئات وأكد البيان أن دم المصري حرام علي أخيه المصري وفي نفس اليوم 27 يناير دعا الوفد مجموعة من الحكماء للاجتماع في بيت الأمة لبحث الموقف ووضع الجميع أمام مسئولياتهم وفي 28 يناير فتح الوفد مقراته في جميع المحافظات لتشكيل لجان شعبية للحفاظ علي أمن مصر وناشد رئيس الحزب شباب الوفد الانضمام الي هذه اللجان التي تضم كافة القوي الوطنية والحركات الشبابية والتي اتخذت من بيت الأمة بالدقي مقرا لها بالإضافة الي 188 مقرا بالمحافظات. وفي 29 يناير أصدر حزب الوفد وممثلو القوي الوطنية والحركات الشبابية وأصحاب الفكر والرأي بيانا طالبوا فيه القوات المسلحة بالقيام بعملها وفقا للدستور وحذروا من القفز فوق انتفاضة الشعب والانحراف بها عن مسارها الطبيعي وفي 30 يناير فتح الوفد أبوابه للائتلاف الوطني للتغيير لرسم ملامح المستقبل السياسي للأمة وليعقد الائتلاف اجتماعا بمقر الوفد في 1 فبراير وأصدروا بيانا جددوا فيه المطالبة بسقوط شرعية رئيس الجمهورية وضرورة تخليه عن منصبه وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وليصدر بعد ذلك الائتلاف بيانا ثالثا في 2 فبراير معلنين تمسكهم بالحوار واستجابتهم له شريطة التمسك بكافة مطالب الإصلاح وذلك عقب تعهد المخلوع بعدم الترشح لفترة رئاسة جديدة وإجراء تعديل دستوري، وحذر البيان من أي مساس بالمتظاهرين في ميدان التحرير خاصة بعد تحريك مسيرات موجهة لإعلان تأييدها للرئيس مبارك وبعدها قررت الهيئة العليا للحزب تشكيل لجنة قانونية لتقديم بلاغ رسمي ضد قيادات ورجال أعمال الحزب الوطني الحاكم المتورطين فيما بعد في موقعة الجمل والتي كانت سببا في اعتذار حزب الوفد عن عدم المشاركة في جلسة الحوار التي دعا إليها نائب رئيس الجمهورية في 3 فبراير واشترط وقف الأحداث الإجرامية قبل الدخول في الحوار ولذلك في 4 فبراير طالب رئيس الحزب مقابلة مع الBBC ليطالب بضرورة التحقيق في موقعة الجمل وليؤكد أن الوفد لن يسرق انتفاضة شباب مصر ولن يقفوا عليها وأعلن أيضا انسحابه من الحوار الذي دعا اليه عمر سليمان واشترط للعودة للحوار إسقاط الدستور وحل المجالس النيابية. وفي الثلاثاء 8 فبراير عقدت حكومة الظل الوفدية اجتماعا طارئا لتعلن تأييدها الكامل لمطالب الثورة وتقدمت بمبادرة وطنية للخروج من الأزمة ثم يعقد رئيس الوفد مؤتمرا صحفيا في 12 فبراير ليوجه التحية لكل شباب مصر وللقوات المسلحة ومطالبا بحل مجلسي الشعب والشوري وتعديل المواد 76 و77 و93 و189 من الدستور ووقف العمل بالطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة تحت إشراف قضائي. وليستمر عطاء الوفد حزبا وجريدة في أصعب أيام الثورة وفي ظل وجود مبارك ونظامه ومن قبل ذلك بسنوات عديدة من خلال تحقيقات وملفات فساد نشرت على الملأ وتأكدت ومهدت لثورة 25 يناير. تلك الثورة، والتي منذ انطلاقها قدم الوفد شهداء من شباب ومصابين من مختلف الأعمار ولكنه كان ولا يزال يرفض المتاجرة بدمائهم!! والذي كان من أجلهم تقديم الدعم الكامل لحركة «تمرد» واستكمال مسيرة 25 يناير!!