استمر أمس الهجوم الإثيوبى على مصر، وواصل الإعلام الرسمى حملاته على القاهرة فى الوقت الذى يزور فيه وزير الخارجية محمد كامل عمرو أديس ابابا لاجراء مباحثات نظيره الاثيوبي «تادروس أدهانوم» لايجاد حل للازمة بين البلدين وسط اهتمام وترقب الاعلام الاسرائيلى للزيارة وقال ان القاهرة تتراجع عن حدتها وتعاملها مع الأزمة وارسلت وزير خارجيتها كحمامة سلام في محاولة منها لتهدئة الاوضاع مع الجانب الاثيوبى. فى الوقت الذى كشف فيه دبلوماسيون من شرق افريقيا عن مقترح مصرى على اديس ابابا بإدارة مشتركة للسد ووعدت إثيوبيا بدراسته من حيث المبدأ. وأكد وزير الإعلام الإثيوبى استمرار بلاده فى المشروع، رغم زيارة وزير الخارجية وتعد تصريحاته استمراراً لما أعلنته حكومته بشأن تمسكهم باستمرار العمل فى السد. كما اتهمت صحيفة «الأورامبا تايمز» الإثيوبية مكتب رئيس المخابرات» محمد رأفت شحاتة» باختراق موقعها من قبل مهاجمين إلكترونيين بعد مشاحنات بين مصر وإثيوبيا بسبب بناء سد النهضة الإثيوبي.وزعمت أن المهاجمين من المخابرات المصرية قد حذروا موقعها بأنهم سيقومون بفعل ذلك لمعرفة المخططات التي تدور بين إثيوبيا وإسرائيل، وأنه يجب على الشعب المصري بأكمله معرفة كل شيء بوضوح، مضيفة أن مصر قالت إن ذلك هو البداية. وأشارت الصحيفة إلى أن بعد ذلك الاختراق توقف الموقع عن العمل تماما لمدة 6 ساعات بسبب عدم ظهور الصور والموضوعات، وادعى محرر بالموقع «داويت كيبادي» أن هذا يدل على سوء النية من الجانب المصري وأكد أنه لا يمكن للمصريين أن يمتلكوا مياه النيل. وواصلت الصحيفة مزاعمها بأن اختراق موقع «الأورامبا تايمز» هو الثاني من قبل جهاز المخابرات المصري وأشارت الى انه تم اختراق وكالة أنباء أديس أبابا للمعلومات من قبل.يأتى ذلك فى الوقت الذى نشرت فيه صحيفة (تاديس) الإثيوبية رسماً بيانياً يوضح الكميات التي تستهلكها مصر ودول حوض النيل من المياه، والكهرباء المتوفرة في كل دولة، يصل في النهاية إلى ضرورة بناء سد النهضة وأهميته في تنمية إثيوبيا، ويؤكد أن مصر المستفيد الأكبر من نهر النيل.واوضح الرسم البياني انه في عام 2009، كان أكثر من 99٪ من سكان مصر يحصلون على الكهرباء، أما في إثيوبيا، وهي بلد مكون من 80 مليون نسمة، أقل من 18٪ من السكان تصل إليهم الكهرباء. وفي السودان المجاور يتمتع حوالي 35٪ مما يقرب من 30 مليون نسمة من الطاقة المولدة من نهر النيل. وادعى الرسم البيانى أنه في عام 2011 تم تسجيل سحب مصر من المياه العذبة 68.30 مليار متر مكعب. وفي نفس العام أيضا في السودان سحب 37.14 مليار متر مكعب من المياه العذبة. في المقابل، كانت نسبة سحب إثيوبيا من المياه العذبة لنفس الفترة ضئيلة جدا وصلت 5.56 مليار متر مكعب. وتأتي هذه الإحصائيات من «مؤشرات التنمية العالمية» التابع للبنك الدولي ويتم تجميعها الآن من قبل موقع «data.worldbank.org» على شبكة الإنترنت الذي أطلق حديثا لوضع التصور للبيانات والجداول الزمنية التفاعلية الإبداعية من التاريخ الإثيوبي والشئون الجارية. وقال «جومو تاريكو»، مؤسس الموقع، الذي يعمل كمصمم ناشر لبيانات مؤشرات التنمية التابعة للبنك الدولي في واشنطن إنه في ظل اشتعال قضية النيل في مشهد الأخبار الدولية، فإن الوسيلة المثالية هي وضع التحليل القائم على البيانات، قدر الإمكان، والاعتماد على الحقائق وليس العواطف وقال «تاريكو» ان مصر وإثيوبيا إلى جانب نيجيريا، على حد سواء بين البلدان الثلاثة الأولى الأكثر ازدحاماً بالسكان في أفريقيا، وتعد قضية نهر النيل من الموضوعات التي يتم التعامل معها يوميا ويأمل أن هذه الحقائق البيانية قد تساعد الصحفيين خاصة في توفير التغطية المتوازنة ونشرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية تقريرًا بشأن أزمة مياه النيل بين مصر وإثيوبيا واشارت إلى أن التهديدات بخفض حصة مياه النيل تلاحق مصر وتؤرقها.وأوردت الصحيفة فى تقرير لها أن مصر على اقل تقدير مستاءة للغاية من بناء سد النهضة الذي من المقرر أن تبنيه إثيوبيا، وقد لوحت من قبل بأنها سترد بضرب السد، وتشن حربًا على إثيوبيا، لكنها تراجعت الآن عن قرارها وأوفدت وزير خارجيتها إلى إثيوبيا كحمامة سلام في محاولة من القاهرة لتهدئة الاوضاع وجبر الخواطر واحتواء الموقف. وأبرزت الصحيفة أن الأزمة الحالية اشتدت عندما أعلنت إثيوبيا تحويل تدفق مجرى مياه النيل الازرق وذلك تمهيدًا لبناء السد والذي اعتبرته مصر اهانة لها وأعلن خلالها الرئيس محمد مرسى أن جميع الخيارات مطروحة في الرد.ولفتت الصحيفة إلى أن إثيوبيا لم تلق بالا للقرارات المصرية وليست خائفة من تهديدات الجانب المصرى بدليل موافقة البرلمان الاثيوبى على المضى قدماً في بناء السد.كما أثارت تصريحات المسئولين الإثيوبيين، فيما يتعلق بإنشاء سد النهضة بمواصفاته المعلنة، وسعة تخزينية تصل إلى 74 ألف متر استياء المتابعين للأزمة. ووجه رئيس حزب «الوحدة الديمقراطي» الإثيوبي المعارض، انتقادات للحكومة التي تصر على بناء سد النهضة، وقال انه مشروع استثماري خاص بالائتلاف الحاكم وليس وطنياً، وهو ما أثار اتهامات لرئيس الحزب المعارض بالخيانة.ونقل التليفزيون الرسمي الإثيوبي تصريحات ل«نقاسو قدادا»، رئيس حزب الوحدة قال فيها، إن السد مشروع استثماري خاص بحزب الجبهة الثورية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية (الذي يقود الائتلاف الحاكم) وليس مشروعاً وطنياً، وقد بث التليفزيون الإثيوبي هذه التصريحات خلال نشرات الأخبار اليومية، مشفوعة بتعليقات من المذيع تصفها ب«المجردة من الوطنية»، وب«الخيانة». ويعد «حزب الوحدة الديمقراطي الإثيوبي» هو الحزب المعارض الوحيد، الذي وقف معارضاً لمشروع سد نهضة إثيوبيا، بينما اتفق المعارض البارز «ميريرا جودينا» رئيس حزب المنبر الإثيوبي المعارض، مع الحكومة في مشروع السد، واعتبره مشروعاً وطنياً، على رغم اختلافه في الكثير من المواقف والتباين في الآراء مع الائتلاف الحاكم.كما نشر موقع «إثيوبيان ريفيو» مقالاً للمعارض الاثيوبى «إلياس كيفل»، يدين فيه الإثيوبيين الذين يدعمون بناء السد على أساس وطنى، واشار إلى أن هؤلاء الناس يتجاهلون أن النظام الحاكم كان يمارس طوال عشرين عاما الكذب والخداع، والصفقات السرية، ويمنح الأراضى الإثيوبية للسودان وغيرها، بالإضافة إلى ممارسته القتل والممارسات المناهضة لإثيوبيا.وأضاف الكاتب مناشدا الإثيوبيين الذين مازالوا يثقون بالنخبة الحاكمة التى يصفها بأنها مناهضة لإثيوبيا ويمنحونها أموالهم لكى تبنى سدا فى مصلحة الدولة الإثيوبية أن يعيدوا التفكير فى عدة أسئلة، من بينها عن مدى علمهم بشأن الصفقات السرية التى عقدتها النخبة الحاكمة مع السودان وغيرها بشأن نهر النيل، وكشف عن أن السد لن تمتلكه إثيوبيا بشكل كامل.وتساءل الكاتب عن سبب بناء السد فى المنطقة الحدودية مع السودان وهى المنطقة الموالية لفصيل «وويين» الانفصالى الذى تنتمى إليه النخبة الحاكمة بإثيوبيا، متسائلاً عن السبب فى أن السودان الذى كان يعارض طوال الوقت إنشاء أى سدود على النيل لم يبد اعتراضا على إنشاء هذا السد الضخم. وأعرب الكاتب عن استغرابه فى أن إثيوبيا لم تستغل الأنهار الأخرى التى تمر فى أراضيها بدلاً من استغلالها لمياه النهر الأزرق، ثم وجه خطابه إلى المواطن الإثيوبي، متسائلاً عن كيف يمكنه أن يضمن ألا تحاول النخبة الحاكمة أن تجعل من منطقة «بنى شنقول –جوموز» دولة مستقلة تستغلها دول الجوار، خاصة أن بنى شنقول وجامبيلا كانتا تتعرضان لترحيل سكانهما خلال الفترة الأخيرة حيث تستحوذ النخبة الحاكمة على الأراضى أو يستحوذ عليها المستثمرون الأجانب. وأشار إلى أن الأقليات العرقية الأمهرية، والأورمو بالإضافة إلى شعبى الأوجادين والجامبيلا يتعرضون للاضطهاد والانتهاكات بالإضافة إلى أنه يتم إجبارهم على بيع محاصيلهم بأسعار بخسة لتصديرها لدول الشرق الأوسط.ونصح الكاتب الشعب الإثيوبي بالا يتخيل أن السد سيظل باقياً بعد رحيل هذه النخبة حيث إن ممارستها لا توحى بأنه سيكون هناك إثيوبيا بعد رحيلها.