«جوعتونا.. زهقنا.. مفيش كهربا ومفيش ميه ومفيش بنزين».. بعدم توفر هذه السلع استطاع النظام الإخوانى الذى يحكم مصر منذ عام تقريباً أن يزعزع أركان حكمه، بل ويحظى بنسبة معارضة غير مقبولة، لدرجة جمع 15 مليون توقيع لإزاحته عن الحكم فى شهر. واستطاعت الحركات الاحتجاجية أن تمهد الطريق للانقلاب على الرئيس محمد مرسى، بل والانقلاب على شرعية الصندوق التى جاء بها، بالربط بين ما يحدث من غلاء، وعدم توفر للسلع الأساسية والخدمات المهمة من كهرباء ومياه ودواء، وغلاء للأسعار ومشاكل على الحدود، ثم أخيراً سد النهضة الإثيوبى الذى سيؤثر على حصة مصر من مياه النيل، وبين السياسة التى تتبعها مؤسسة الرئاسة بعدما حدث من أخونة لمفاصل الدولة، وتولى محافظين ووزراء ينتمون للجماعة. بينما استطاعت حركة «تمرد» أن تستغل تلك الأزمات التى بات المواطن المصرى يعيش بها كنقص الوقود وانقطاع الكهرباء في الحشد لتظاهرات 30 يونيو الجارى لإسقاط نظام محمد مرسى عن طريق المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة. ولم يقف الأمر عند حد نقص بعض أنواع الوقود والانقطاع المتكرر للكهرباء في غالبية المحافظات، بسبب عدم وجود تمويل كاف لتوفير وقود لمحطات توليد الكهرباء، بل تخطاه ليشمل العجز جميع أنواع الوقود. تركيز حملة «تمرد» على الفقراء والمهمشين فى المناطق الشعبية لم يكن وليد الصدفة، وكان له أثر بالغ فى الحشد للتظاهرات، بعد ربطها برغيف الخبز وأزمة الوقود وزحمة المواصلات، الأمر الذى أدى إلى بلوغ استمارات الحملة 15 مليون استمارة حتى الآن. واعتبر منسقو حملة «تمرد» أن فكرة سحب الثقة من رئيس الجمهورية محمد مرسى بجمع توقيعات لانتخابات رئاسية مبكرة نبتت فى البداية بسبب عجزه وفشل حكومته فى حل الأزمات المتتالية التى ضربت المجتمع المصرى فى عهده، ومن ثم أدى ذلك إلى مساندة الجماهير المصرية للحركة وتقبلها والدعاية لها. ورفضوا تحميل المعارضة أو شباب الثورة مسئولية فشل النظام الحاكم فى حل المصائب المتوالية، معترفين فعلاً بأن التركة ثقيلة، ولكن النظام الإخوانى تعامل معها ب «ودن من طين وأخرى من عجين»، وماذا فعلت حكومة «قنديل» أو الرئاسة لحل الأزمات؟.. معتبرين أن رواية تعطيل عجلة الإنتاج و«أديلو فرصة وسيبوه يشتغل»، قد تفرغت من مضمونها تماماً، ولم تعد صالحة والشعب بذكائه قد أدركها مبكراً. ورغم أن حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمون» حمل المعارضة المسئولية عن الأزمات المعيشية المتوالية، واعتبر أن التظاهرات التى لم تنته منذ اندلاع الثورة وحتى اليوم ساهمت فى تعطيل عجلة الإنتاج، إلا أنهم يقللون من قدرة تلك الأزمات على حشد البسطاء للخروج على رئيس الجمهورية. من جانبه، يقول علاء عصام عبدالفتاح، أمين الإعلام باتحاد الشباب التقدمى «الجناح الشبابى بحزب التجمع التقدمى»: إن من أهم أهداف الثورة المصرية تحقيق العدالة الاجتماعية وذلك للفروق الهائلة فى الدخول، وقد وصل الأمر أن هناك موظفاً فى الدولة يصل راتبه لمليون جنيه، فى حين أن هناك موظفاً آخر يحصل على ثمانين جنيهاً أو خمسمائة جنيه أو ألف جنيه. وأكد أن النظام الإخوانى تراخى عن تطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور وقانون الضرائب التصاعدية، مما يضطر محدودى الدخل لدفع الضرائب ويهرب من دفعها الأغنياء بل ويتساوون مع الفقراء فى دفع الضرائب وتكون نسبة 20% هى نسبة الضرائب للفقراء والأغنياء والعديد من المشاكل الاقتصادية التى جعلت الفقراء يزدادون فقراً وعدداً والأغنياء يقل عددهم ويزدادون غنى. وأضاف: لهذا عندما جاء الرئيس مرسى للحكم، نحن كمعارضين فى العديد من اللقاءات، والمؤتمرت وكذلك التيار الشعبى فى مؤتمره الأخير، وأخيراً أحزاب جبهة الإنقاذ أرسلنا له العديد من الحلول للمشاكل الاقتصادية وحلولاً سريعة لاتخاذ إجراءات حاسمة لا ترهق ميزانية الدولة، مثل فرض ضرائب تصاعدية وضرائب على أسهم البورصة وضرائب على العقارات التى تساوى مليارات ويربح أصحابها فى التجارة منها مبالغ كبيرة، فهذه حزمة من الإجراءات الضريبية التى تزيد من ميزانية الدولة وتحقق العدالة الاجتماعية. وشدد على ضرورة تطبيق قانون الحد الأقصى للاجور لتحقيق عدالة حقيقية وناجزة ولم يكلف ذلك الدولة أعباء أو مجهوداً، كما لو فرضنا الحد الأدنى للأجور أيضاً فكلها إجراءات سريعة وناجزة وعادلة، وأوصينا بمحاصرة الفساد المالى والإدارى ووجود حكومة واعية وطنية لديها خبرات فى عمل ذلك وسيوفر مبالغ كبيرة لميزانية الدولة. وقال: إننا أوصينا أيضاً وطلبنا من الرئيس أن يعيد هيكلة وزارة الداخلية لاستعادة الأمن وعودة السياحة بشكل سريع، حيث إن الأمن شيء أساسى للحفاظ على السائح وشعوره بالطمأنينة، ولكن الرئيس ما زال يستخدم الأمن لقمع وقتل الثوار، كذلك تعمير سيناء حيث إنه جزء أصيل من تحقيق استثمارات كبيرة لمصر والحفاظ على الأمن القومى المصرى، والبدء أيضاً فى عمل مشروعات صناعية تنموية وطنية لعودة مصر بلداً متقدماً زاهراً، ولكن بعد أن أرسلنا له وطلبنا منه فى العديد من اللقاءات الإعلامية أيضاً كل هذه الطلبات والإجراءات الاقتصادية السريعة منها والذى يحتاج لوقت طويل لحل المشكلات الاقتصادية الكبرى وحل مشكلة البطالة والفقراء والعمال والفلاحين فلم يرد علينا، ولكنه «ودن من طين وودن من عجين». وأكد أن التمرد على حكم رئيس الجمهورية جاء رد فعل طبيعياً على غلاء الأسعار وانهيار المنظومة الاقتصادية، ومطالبتهم «مرسى» الذى يعمل موظفاً لدى جماعة الإخوان ومرشدهم العام ولم يكن رئيس لكل المصريين على الإطلاق. ويرى هشام فؤاد، عضو المكتب السياسى لحركة الاشتراكيين الثوريين، أن إفلاس رئيس الجمهورية وعدم التزامه بما تعهد به أمام مجموعة الاصطفاف الوطنى ورفضه عمل دستور توافقى أو حكومة وطنية، أدى إلى مطالبة الملايين بسحب الثقة منه. وأضاف أنه على النظام الاقتصادى فإن «مرسى» يتبع نفس سياسة جمال مبارك الرأسمالية المتوحشة، ومحاولته للخروج من الأزمة على حساب الفقراء والبسطاء بخفض الأجور ورفع الأسعار وإلغاء الدعم على السلع المهمة والحيوية والهجوم على حقوق العمال. واعتبر أن غلاء الأسعار وإجهاض أحلام الفقراء فى قيم العدالة الاجتماعية أول مسمار وآخر مسمار فى نعش جماعة «الإخوان المسلمون» لأنهم لم يتقوا غضب الفقراء ولم يعملوا حساباً للانفجار الشعبى الذى لن يبقي على أخضر ولا يابس، والمتابع للمشهد الاحتجاجى فى مصر يدرك أن نسبة الاحتجاج تزايدت عما سبق بمراحل، لأنه ببساطة ما يحدث لم يرض طموحهم بعد ثورة شعبية.