ترك فوز المرشح الأوحد للأخوان المسلمين مجدي عاشور في انتخابات الإعادة العديد من علامات الاستفهام، يمكن الإجابة عليها، وبسهولة، لكن قبل الخوض في تلك العلامات والرد عليها أحترت كثيرا ولم أجد تفسيرا لسر إختفاء عاشور، وإتهام الأخوان المسلمين باختطافه، وتكذيب الاخوان لهذا الإدعاء، بل وتكذيب عاشور نفسه لاختطافه، وإصرار الحزب الوطني على أنه اختطف من قبل عناصر من التنظيم المحظور.. ليظهر فجأة ويفوز في الإعادة.. أمر محير أليس كذلك.. أعتقد أن "مستر كورومبو" أو "تختخ" و"لوزة" أو الكابتن "أشرف الشريف" ممكن أن يحلوا لنا قصة الاختفاء هذه. أما بالنسبة لعلامات الاستفهام، فيمكن حصرها في اتجاهين محددين، ما هو هدف الحزب الوطني من مساعدة عضو الجماعة المحظورة وغيره من أعضاء أحزاب المعارضة في الفوز بانتخابات الإعادة؟.. وما الدور الذي ينتظرهم باعتبارهم أقلية داخل المجلس في دورته المقبلة؟. وللإجابة على ما سبق، لابد وأن نركز هنا على مجدي عاشور الذي ينتمي إلى جماعة الأخوان المسلمين، باعتباره الحالة الأكثر استعجابا، فهو العضو الذي فاز ممثلا عن جماعة تطلق الحكومة عليها "الجماعة المحظورة"، بل وفاز برعاية الحكومة نفسها، وحملة ترويجية قادها الحزب الوطني كما ثبت من وسائل الإعلام الحكومية نفسها، وبعد إن كان أعضاء الجماعات الإسلامية يحظر عليهم الظهور على الشاشات أو التحدث إلى أي من وسائل الإعلام، احتفلت الصحف القومية والقنوات المحلية والفضائية بفوز نائب الأخوان باعتباره رمزا ودليلا على نزاهة الإنتخابات. ولن أطيل في الهدف من وراء فوز عضو الأخوان، أو أعضاء الوفد في جولة الإعادة، فجميعنا يعرف الهدف، وبمعنى أدق اللعبة أو الحيلة التي أراد بها الحزب الوطني أن يغطي على قرار الوفد والأخوان بالإنسحاب من جولة الإعادة احتجاجا على التزوير السافر في نتائج الجولة الأولى.. لكن سؤالي هنا هل تم السماح لجماعة الأخوان بممارسة نشاطهم السياسي دون حظر، أم أن الحكومة رأت عدم الإعلان عن هذا الأمر واعتبرت أن فوز عاشور النائب الأخواني بمثابة سماح للاخوان بممارسة نشاطهم دون حظر.. ومن هذا المنطلق هل يمكن لأي من أعضاء الأخوان المسلمين التقدم لترشيح نفسه في أي من الانتخابات المقبلة.. حتى لو كانت انتخابات الرئاسة المقبلة مثلا؟ بالتأكيد الإجابة بالنفي، ومن هنا يظهر الوجه الآخر لمخطط إنجاح عاشور وغيره في إنتخابات الإعادة، فلن يجد الحزب الوطني والحكومة صعوبة في استغلال هذا الفوز المصطنع لشن حملة هجومية شرسة خلال الفترة المقبلة، يظهر من خلالها كسر وحدة أحزاب المعارضة بصفة عامة والأخوان، وإنشقاق بعض الشرفاء غير الراضين عن تصرفات حزبهم أو جماعتهم، وعن نيتهم لمحاولة إصلاح ما أفسده المتشددون سواء ينتمي لحزب أو جماعة، بل وقد يصل الأمر إلى الإنشقاق الفعلي والتفكير في تكوين جماعات أو أحزاب منشقة عن الحزب أو الجماعة الرئيسية، وهناك أمثال وتجارب كثيرة عشناها، كما حدث في حزب الغد وغيره من الاحزاب، ومن السهولة توفير أعضاء ينتمون للحزب أو الجماعة المنشقة الجديدة، حيث سيتم إعارتهم (على طريقة إعارة لاعبي الكرة في الاندية الكبرى) من الحزب الوطني لإكمال النصاب القانوني للإنشاء، معلنا عن ولادة جماعة أو حزب جديد برعاية حكومية. وبعيدا عن ملابسات فوز عاشور في انتخابات الإعادة، ما هو الدور الذي ينتظره داخل مجلس الشعب في دورته الجديدة؟.. هل سيجلس وحيدا متفردا بصبابته متفردا بعضويته؟.. أم سيجد من يؤنس وحدته ممن سمح لهم الحزب الوطني من المعارضة أو المستقلين بالمرور؟. وأيضا، إذا لم يقع طلاق الأخوان لعاشور، أو الوفد لنوابه الفائزين في الإعادة، وبمعنى آخر عادت المياه لمجاريها وتم الصلح والتفاهم لإعادة الأعضاء المنشقين، فهل سيعوض عاشور أو نواب المعارضة القلائل غياب زملائهم، أم سيتعمدون التنقل بين مقاعد البرلمان لإظهار قوى المعارضة داخل المجلس؟.. وإذا ما فرضنا أنهم سيتصدون لبعض القرارات هل سيؤخذ بأصواتهم، خاصة وأن نسبة الحزب الوطني تصل إلى 83% من المقاعد.. وهل ..؟ وهل...؟ وهل...؟ تساؤلات كثيرة يجوز لنا طرحها حول تشكيلة المجلس الجديدة، لكن لا أريد أن أزيد الناس هما ونكدا.. ومن المؤكد أن الأيام المقبلة ستكشف المستور.. وأعتقد أن غالبية الناس حاليا لديها من الفطنة ما تستطيع به أن تقرأ ما بين السطور، بل وتستطلع المستقبل. [email protected]