ارتفاع ملحوظ ل «حديد عز».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 14 يونيو 2024    اجتماع مشترك بين سيدات الأعمال باتحادي الغرف التجارية والصناعات    حرب باردة تلوح في الأفق، ومواجهة نووية وشيكة بين روسيا وأمريكا بالقرب من كوبا    غارات صهيونية على قطاع غزة مع استمرار فشل محادثات الهدنة.. بايدن يتهم حماس بأنها العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق.. والاحتلال يستولى على أموال السلطة الفلسطينية    أخبار الأهلي : كولر يستقر على حارس الأهلي أمام فاركو    الداخلية السعودية تعلن منع 265 ألف شخص من أداء الحج (فيديو)    أمن القليوبية يكشف تفاصيل جديدة في واقعة قتل طفل القناطر على يد زوجة أبيه    الثانوية العامة 2024.. خبيرة تربوية: التغذية الصحية تساعد الطالب على الاستذكار والتحصيل    أول رد من هيفاء وهبي على انتقادات حضورها مهرجان كان السينمائي    كريم فهمي يكشف ل"فيتو" سبب عدم تعاونه مع شقيقه أحمد فنيا (فيديو)    هل يجوز شراء اللحوم وتوزيعها كأضحية؟.. مفتي الجمهورية يحسم الجدل    هل تشغيل محطات الضبعة النووية يساعد في توفير الغاز لمصر؟ الوكيل يجيب    مودريتش يخالف رأي مبابي    الأمير سعود بن مشعل يستقبل الرئيس السيسي في مطار الملك عبدالعزيز    الصحة الفلسطينية: 5 إصابات برصاص الاحتلال من مخيم الأمعري بينها 3 بحالة خطيرة    اليسار الفرنسي يكشف عن خطة للتخلص من إصلاحات ماكرون وتحدي الاتحاد الأوروبي    ما حكم توزيع الأموال بدلا من ذبح الأضحية؟ المفتي يوضح    قد تسبب أمراض القلب، ما هي أضرار المشروبات الغازية على الجسم؟    الجيش الروسى ينفذ 19 ضربة مشتركة على منشآت استراتيجية أوكرانية    «تاني تاني».. يقفز في شباك التذاكر السعودي ويقترب من 32 مليونا    موعد صلاة عيد الأضحى في مصر 2024    الخيار الاستراتيجي لبيزنس "بن سلمان".. الحجاج بين الترحيل أو مطاردين من شرطة مكة    الأزهر: يجب استخدام عوازل لمنع الاختلاط في صلاة العيد    الفيلم الوثائقي أيام الله الحج: بعض الأنبياء حجوا لمكة قبل بناء الكعبة    محافظ بورسعيد يتفقد إحدي الأماكن " بقرية النورس " السياحية بعد افتتاحها في وقت قياسي    قصف مستمر وانتشار للأمراض الخطيرة.. تطورات الأوضاع في قطاع غزة    رفع الحد الأقصى لبطاقات العلاج لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بجامعة المنيا (تفاصيل)    إزالة مخالفات بناء في الشروق والشيخ زايد    جوكر الدفاع.. فليك يقرر تغيير مركز نجم برشلونة    «بمناسبة عيد الأضحى 2024».. أجمل الرسائل والعبارات والتهاني    «التنسيقية».. مصنع السياسة الوطنية    «صيام»: نطبق استراتيجية متكاملة لتعريف المواطنين بمشروع الضبعة النووي| فيديو    وزارة العمل: تسليم شهادات إتمام التدريب المهني للمتدربين من شباب دمياط على مهن الحاسب الآلي والتفصيل والخياطة    وكيل «الصحة» بمطروح: تطوير «رأس الحكمة المركزي» لتقديم خدمات طبية متميزة للمواطنين    "ليس الأهلي".. حفيظ دراجي يكشف مفاجأة في مصير زين الدين بلعيد    قنوات MBC مصر تستعد للعيد بخريطة أفلام عربية وأجنبية وهندية ومسرحيات كوميدية    هل صيام يوم عرفة يكفر ذنوب عامين؟.. توضح مهم من مفتي الجمهورية    تضامن الدقهلية: ندوة تثقيفية ومسرح تفاعلي ضمن فعاليات اليوم الوطني لمناهضة الختان    بالرقم القومي.. نتيجة مسابقة مصلحة الشهر العقاري    ماذا يحدث للجسم عند تناول الفتة والرقاق معا؟    «الإسكان»: إجراء التجارب النهائية لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح لتحلية المياه    «التعاون الدولي» تُصدر تقريرا حول التعاون مع دول الجنوب في مجالات التنمية المستدامة    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    65% من الشواطئ جاهزة.. الإسكندرية تضع اللمسات النهائية لاستقبال عيد الأضحى المبارك    «هيئة الدواء»: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    نصائح للحفاظ على وزنك في عيد الأضحى.. احرص عليها    لاعب بيراميدز ينفى بكائه بعد التسجيل في مرمى سموحة    «التضامن»: استمرار عمل الخط الساخن لعلاج مرضى الإدمان «16023» خلال عيد الأضحى    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى الهرم    ماس كهربائي كلمة السر في اشتعال حريق بغية حمام في أوسيم    فرج عامر: أوافق على مقترح الدوري البلجيكي.. ولا أستطيع الحديث عن عبد القادر وخالد عبد الفتاح    شبح المجاعة يضرب غزة    تشكيل الاهلي أمام فاركو في الدوري المصري    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    إنبي: العروض الخارجية تحدد موقفنا من انتقال محمد حمدي للأهلي أو الزمالك    حظك اليوم وتوقعات برجك 14 يونيو 2024.. «تحذير للأسد ونصائح مهمّة للحمل»    كتل هوائية ساخنة تضرب البلاد.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب و"حوار الطرشان"
نشر في الوفد يوم 21 - 05 - 2011

حقيقة أنا فى دهشة إلى حد الذهول من ظاهرة الجدل السائد فى الصحافة العربية والإعلام العربى بصفة عامة وفى مواقع كثيرة على الإنترنت حول قضايا جدلية كثيرة أغلبها لا يمت للواقع العربى الحالى الأليم والمفجع بصلة ، ويدهشنى أكثر نبرة الحوار والخطاب الإعلامى خاصة فى كثير من البرامج التليفزيونية والذى هو أشبه ما يكون " بحوار الطرشان " ، وغالبا ما يتسم بالتشنج والإنفعال والتفكير العاطفى وخلط الأوراق والتعميم والتسرع فى إصدار الأحكام ، ويكاد يتوه فيه صوت العقل والحكمة والهدوء والتروى ، ونادرا جدا ما تسمع أحد المتحاورين يقول للطرف الأخر-خاصة فى حوار حول قضايا خلافية سياسية أو دينية " يبدو أن رأيى قد جانبه الصواب فلم أكن أعرف هذه المعلومة أو على بينه بتلك الحقائق والبراهين التى ذكرتها " مع ان الإعتراف بالحق فضيلة كما يقول المثل الشائع... الكل يريد أن يتكلم كثيرا ويسمع قليلا أو يسمع فقط ما يريد أن يسمعه أو يقاطع من يتحدث بأسلوب إستفزازى.
وكثيرا ما يخرج الحوار عن القضية الأصلية ويتفرع الى قضايا فرعية أو منفصلة أو ينتقل من العام إلى الخاص فتحدث البلبلة والشوشرة ويتحول المتحاورون بقدرة قادر إلى أجهزة إرسال فقط دون إستقبال .!!
لماذا تسود هذه الظاهرة فى مجتمعاتنا العربية أكثر من غيرها؟!
أليس غريبا أن تتفشى هذه الظاهرة المؤسفة المخجلة فى مجتمعاتنا العربية والإسلامية على الرغم من أن الحوار هو قيمة إسلامية أكدها المولى عز وجل فى محكم آياته حيث يقول:
(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125)
هل هو هروب لا شعورى من الواقع المر الأليم والمهين؟
هل هو نتيجة لتزايد مشاعر الإحباط واليأس من تغيير الواقع؟
هل هو شعور الشخص بفقدان الهوية أم محاولة لتحقيق وإثبات الذات؟
هل هو شعور بالنقص أو الظلم أو هو حب الظهور على شاشة التليفزيون والسلام أم هو الرغبة والتطلع إلى زعامة ما من خلال ترديد شعارات جوفاء وعبارات رنانة طنانة كالببغاء قد مضى عهدها وثبت زيفها وأصبحت لا ترقى لمستوى الأحداث والقضايا المصيرية والأخطار الجسام التى تواجه أمتنا اليوم وغدا ؟!
كيف يتشدق البعض منا فى العالم العربى أفرادا كانوا أو أحزاب وحكومات بالحرية والديمقراطية بينما هم يحجرون ويصادرون الرأى الأخر وينكلون به ؟!
هل الخطأ أساسا يكمن فى أسلوب الحوار أم فى طريقة تفكير العقل العربى؟!
وإذا كان هذا كله يحدث بين شعوب وأقوام يتحدثون لغة واحدة وبينهم الكثير من العادات والتقاليد المشتركة فماذا يفعلون وكيف يتحاورون مع شعوب أخرى تتحدث لغات أجنبية غريبة ولها عادات وتقاليد وبيئات إجتماعية مختلفة؟!
كيف يستقيم حق حرية التعبير مع أسلوب القذف أو التشهير أو أسلوب الغمز واللمز والتنابز بالألقاب؟
ولماذا يتحاور بعضنا مع الأخر من منطلق أن هذا الآخر مدان إلى أن تثبت براءته لا العكس؟!
كيف يكون الحوار بناءا إذا إستسهل الكثيرون منا اللجوء إلى التفسير التأمرى لكثير من الأحداث والقضايا الملحة التى تواجهنا عمال على بطال رغم إعترافى بأن عالم السياسة ملئ بالدسائس والمؤامرات؟! أو ليس فى هذا إعتراف منا بالعجز والقصور أو الكسل والتراخى عن البحث والتدقيق أو عن الفهم الصحيح ؟!!
إذن ما الجدوى من الحوار أصلا إذا ماتشبث كل طرف برأيه وموقفه رغم الخطأ الواضح أو النقص فى المعلومات؟!
حقيقة أنا لا أعرف الإجابة ولكنها كلها أسئلة أطرحها للجدل البناء والنقاش المفيد وإذا كان لا بد من الخلاف وهو أمر طبيعى يحدث بين البشر وحتى بين الأخ وأخيه فلماذا لا نعرف أو حتى نحاول
أن نتعلم كيف نختلف؟!
أتذكر أننى سمعت "تب أونيل" رئيس مجلس النواب الأمريكى المخضرم عن الحزب الديمقراطى يروى موقفا حدث بينه وبين الرئيس الأمريكى الجمهورى رونالد ريجان أثناء المناقشات الحامية فى الكونجرس حول صفقة بيع طائرات " الأواكس" الأمريكية للمملكة العربية السعودية ، وكان ريجان يتصل ببعض أعضاء الكونجرس الأمريكى المنقسم لإقناعهم بضرورة الموافقة على الصفقة ، وفى أحد الأيام إتصل الرئيس ريجان ب " تب أونيل " الذى كان يعارض الموافقة على بيع طائرات الأواكس التى تحتوى على أدق وأحدث وأخطر الأسرار التكنولوجية الأمريكية لدولة أجنبية واحتد النقاش بينهما واستمر لأكثر من ساعة كاملة وكان ريجان رئيسا جديدا ولم يتفق الإثنان على موقف ، ويروى تب أونيل أنه إتصل تليفونيا بالرئيس رونالد ريجان فى السابعة من مساء نفس اليوم ليسأله عما إذا كان وقته يسمح لأن يدعوه إلى البيت الأبيض على فنجان قهوة أو أحد المشروبات (كلاهما من أصل أيرلندى) ويبدو أن ريجان كان لا يزال غاضبا من بعض ما دار بينهما أثناء النقاش قبل ساعات قليلة ولم يستطع أن يخفى مشاعره فقال ل تب أونيل : " تب إننى حقا فى دهشة وإستغراب من طلبك هذا بعد أن إحتد النقاش بيننا وأغضب كل منا الآخر ظهر اليوم فكيف تريد أن تأتى للحديث والتسامر؟!!
فرد عليه السياسى المخضرم تب أونيل قائلا: " سيدى الرئيس لقد حدث هذا قبل الساعة السادسة مساء وأثناء
مواعيد العمل الرسمية ونحن الآن فى السابعة مساء".
قضايانا كبيرة وشائكة ومعقدة ومعظمها عادلة وتحتاج الى قوة كبيرة للدفاع عنها وإيجاد حلول جذرية لها وهذا فى رأيى لا يتحقق إلا بإعمال العقل والتفكير لا التكفير، والإيمان القوى المستنير واتحادنا وتماسكنا لا بمزيد من الفرقة والإنقسام فنحن جميعا فى سفينة واحدة فى وسط محيط هذا العالم ، وأري الأمواج العالية والأعاصير تتلاطم على السفينة من كل جانب ، ورياح الخطر تهب على المنطقة بأسرها فى وقت أرى الكثيرين منا فى عالمنا العربى يخوضون معارك جدلية عقيمة لن تغير من واقعنا المأساوى الأليم أو تدرأ خطرا فمن أين لنا كل هذه الرفاهية؟!!
منذ ما يقرب من أربعين عاما قال المفكر الكندى الكبير مارشال مكلوهان كلمته الشهيرة:
" إن أكثر ما يقلقنى ويشغل تفكيرى هو أن ندخل كشعوب القرن الحادى والعشرين ونحن لا زلنا نجر معنا قيود وأغلال القرن التاسع عشر".
كاتب صحفى مصرى كندى
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.