فوز الزميلين عبد الوكيل أبو القاسم وأحمد زغلول بعضوية الجمعية العمومية ل روز اليوسف    وزارة النقل تدرس إرسال مهندسين وفنيين للتدريب في الصين    جهاز التنمية الشاملة يوزيع 70 ماكينة حصاد قمح على قرى سوهاج والشرقية    جولة داخل مصنع الورق بمدينة قوص.. 120 ألف طن الطاقة الإنتاجية سنويا بنسبة 25% من السوق المحلي.. والتصدير للسودان وليبيا وسوريا بنحو 20%    عاجل - إصابة الملك سلمان بن عبدالعزيز بمرض رئوي.. الديوان الملكي يؤكد    فرنسا تستثير حفيظة حلفائها بدعوة روسيا لاحتفالات ذكرى إنزال نورماندي    ميدو بعد التتويج بالكونفدرالية: جمهور الزمالك هو بنزين النادي    نتائج مواجهات اليوم ببطولة الأمم الإفريقية للساق الواحدة    غدا.. أولى جلسات استئناف المتهم المتسبب في وفاة الفنان أشرف عبد الغفور على حكم حبسه    أخبار الفن اليوم، محامي أسرة فريد الأطرش: إعلان نانسي تشويه لأغنية "أنا وأنت وبس".. طلاق الإعلامية ريهام عياد    «ذاكرة الأمة».. دور كبير للمتاحف فى توثيق التراث الثقافى وتشجيع البحث العلمى    الصحة: طبيب الأسرة هو الركيزة الأساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    سلطنة عمان تتابع بقلق بالغ حادث مروحية الرئيس الإيراني ومستعدة لتقديم الدعم    رئيس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة: جرائم الاحتلال جعلت المجتمع الدولى يناهض إسرائيل    دموع التماسيح.. طليق المتهمة بتخدير طفلها ببورسعيد: "قالت لي أبوس ايدك سامحني"    بينها «الجوزاء» و«الميزان».. 5 أبراج محظوظة يوم الإثنين 19 مايو 2024    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    طقس سيئ وارتفاع في درجات الحرارة.. بماذا دعا الرسول في الجو الحار؟    خبير تكنولوجى عن نسخة GPT4o: برامج الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى إغلاق هوليود    مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للنوم في الطقس الحار بدون استعمال التكييف    الكشف على 1528 حالة في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    وزير الأوقاف: الخطاب الديني ليس بعيدًا عن قضايا المجتمع .. وخطب الجمعة تناولت التنمر وحقوق العمال    تحركات جديدة في ملف الإيجار القديم.. هل ينتهي القانون المثير للجدل؟    الجمعة القادم.. انطلاق الحدث الرياضي Fly over Madinaty للقفز بالمظلات    جدل واسع حول التقارير الإعلامية لتقييم اللياقة العقلية ل«بايدن وترامب»    متحور كورونا الجديد.. مستشار الرئيس يؤكد: لا مبرر للقلق    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    «النواب» يوافق على مشاركة القطاع الخاص فى تشغيل المنشآت الصحية العامة    داعية: القرآن أوضح الكثير من المعاملات ومنها في العلاقات الإنسانية وعمار المنازل    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    حكم إعطاء غير المسلم من لحم الأضحية.. الإفتاء توضح    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    رئيس الإسماعيلي ل في الجول: أنهينا أزمة النبريص.. ومشاركته أمام بيراميدز بيد إيهاب جلال    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    عرض تجربة مصر في التطوير.. وزير التعليم يتوجه إلى لندن للمشاركة في المنتدى العالمي للتعليم 2024 -تفاصيل    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوفد"ترسم خريطة تحالف وتفرق تيار الإسلام السياسى بعد الثورة
نشر في الوفد يوم 15 - 05 - 2013

لم يسر تيار الإسلام السياسي وفق خط مستقيم يرسمه توافق المرجعية الواحدة، بل جاءت منحنيات عدة تشكل وترسم العلاقة بين الأحزاب الإسلامية التي انطلقت عقب ثورة 25 يناير
فمن توافق إلي اختلاف ومن توحد إلي تنافر، هذا كان حال هذه الأحزاب التي تضيق ذرعاً ببعضها, ويرسم طريق هذه الأحزاب قوتان كبيرتان هما الإخوان والسلفيون، والطرف الأقوي هو الأول، فهم من استطاع اقتناص الحكم وتحقيق الأغلبية البرلمانية أيضاً، وتأتي تحت عباءته عدة أحزاب صغيرة تجد قوتها في دورانها في فلك الإخوان، في حين يتنافر التيار السلفي عنه، إما نتيجه اختلافات أيديولوجية أو سياسية، ولعل السبب الأخير يكون هو الأرجح, فيجذب نحوه ويستهوي موقفه عدة أحزاب سلفية لا ترتضي بألاعيب الإخوان, وفي كلتا الحالتين تستغل الجماعة كافة الأحزاب الإسلامية للعمل وفق أهدافها وهذا تحت مشروع وهمي اسمه «تطبيق الشريعة» والمشروع الإسلامي.
فالبداية هي اكتمال خريطة التيار الإسلامي بنحو 24 حزباً وربما يزيد, وهؤلاء مهمتهم رسم الحياة السياسية الآن, مرت علاقات هؤلاء بمرحلة تقارب ما بعد الثورة من استفتاء إلي مليونية الشريعة إلي انتخاب الرئيس إلي تحالف برلماني وصولاً بالدستور.. وحتي جاء هؤلاء أيضاً ليحددوا إعادة التشكيل من جديد بعد حالة من تفكك ضربت التيار الإسلامي السياسي, فوفق كل منهم وضعه بحسب مصلحته وآخر بحسب مبدئه, حتي صارت الصورة ضبابية, وتؤدي إلي تحالفات متوقعة وقطيعة أخري مرتقبة.
خريطة الأحزاب الإسلامية
مايو 2011 هو تاريخ ميلاد الأحزاب الإسلامية في مصر بعدما أتاحت الثورة الفرصة لهم الظهور علي السطح بعد سنوات من العمل السري تحت الأرض, ولعل من المتفق عليه أن هناك حزبين هما الذراعان الأساسيان في تحريك اللعبة برمتها وهما الحزبان الأكبر تأثيراً في الساحة السياسية، حزب «الحرية والعدالة» –الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين -، وحزب «النور» – الخارج من عباءة الحركة السلفية, ليندرج تحتهما ما يقرب من 24 حزباً تابعاً لتيارات فكرية مختلفة «إخوان مسلمين - سلفيين - جماعات إسلامية – سلفية جهادية - تيار العمل».
فبالنسبة لحزب «الحرية والعدالة»، أثبتت التجربة أنه ليس من الضروري وفق تصور الحزب تنفيذ المشروعات الوهمية علي أرض الواقع، ولكنه جاء في إطار الاستهلاك الحزبي والكلام المسطر علي ورق، وعلي الرغم من حصوله علي الأغلبية البرلمانية في المجلس المنحل.
حزب «النور» ثاني الأحزاب الإسلامية شعبية في مصر، تأسس في يونيو 2011، ويعد إنشاء هذا الحزب أحد أبرز منجزات الثورة، إذ ظل السلفيون غير مهتمين بالعملية السياسية قبل الثورة، إلا أنهم ما لبثوا أن تفتحت شهيتهم للممارسة السياسية فشكلوا حزبي «النور» و«الأصالة»، وإن كان الأول هو الأكثر قوة.
تحالفات سابقة
ضمن التكتلات التي شهدها تيار الإسلام السياسي, مجموعة الأحزاب السلفية (النور - الفضيلة - الأصالة) وأقواها بلا شك حزب «النور» الذي لم يتأثر بانشقاق بعض أعضائه ليكونوا حزباً آخر, أما «الفضيلة» و«الاصالة» فليس لها ثقل كبير نظراً لقلة المقاعد المتوقع حصولهما عليها.
يلي ذلك حزب «الوطن» ومعه «حازمون» الذي تحول إلي حزب «الراية» ويحقق شعبية نابعة من الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل والرئيس السابق لحزب النور السلفي عماد عبدالغفور.
وهناك أيضاً الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية معظمهم منشقون سابقون عن الإخوان بأحزاب (الوسط - مصر القوية - الحضارة) ومشكلة هذه الأحزاب أنها تستدعي المرجعية الإسلامية حسب الحالة، فلو كان المشهد يغلب عليه الإسلامي صرحت بذلك وإن كان يغلب عليه الليبرالي تكون مرجعيتها ليبرالية، كما هناك خريطة كبيرة تضم نحو 24 حزباً جميعها تحالف تحت مسمي «أنا وابن عمي علي الغريب» خوفاً من امتداد الدولة المدنية الناشئة من الأحزاب الليبرالية وهناك عدة محطات تؤكد هذا المنطق.
كما لعب مشايخ التيار الإسلامي دوراً في التحالف والتقارب وتوحيد الفكر السياسي رغم الاختلاف الأيديولوجي بينهم, فظهرت الدعوات التي تحث علي الوحدة وطرح الخلاف، والنظر إلي مساحة المشترك، وأيضاً تلك التي تنادي بممارسة سياسية غير بعيدة عن روح الإسلام ومبادئه.. وتبني عدد من الرموز والقيادات الدعوية فكرة توحيد الجهود، وكان علي رأس هؤلاء الشيخ محمد حسان، والشيخ محمد عبدالمقصود، والشيخ أحمد النقيب، والدكتور صفوت حجازي، والدكتور محمد يسري إبراهيم، والقياديين عبود وطارق الزمر، والدكتور عبدالرحمن البر.
أما عن المراحل التي شهدت تآلفاً وحالة توافقية بين الإسلاميين تجاه الكثير من القضايا والأحداث، جاءت ب 4 محطات رئيسية, الاستفتاء علي التعديلات الدستورية، والحفاظ علي المادة الثانية من الدستور، ومعركة هوية مصر الإسلامية، ومليونية 29 من يوليو 2011 تحت مسمي «الشريعة»، والموقف من قضية المبادئ فوق الدستورية، والانتخابات الرئاسية، ووضع الدستور.
أول تحالف إسلامي كان حفاظاً علي الشريعة من خلال حملة دعائية واحدة للتصويت بنعم علي التعديلات الدستورية، بعدما أوهم الإخوان والسلفيون الشعب أن هذه خطوة نحو تحقيقها, ولكن أثبتت التجربة أنها محض افتراء من الجماعة استغلت من خلاله التيار الإسلامي بكافة أشكاله وتنوعه.
كما شهدت مرحلة التحالف مرحلة أخري من التنافر بينهما، فلم يتفق تيار الإسلام السياسي نحو انتخابات برلمانية موحدة بعدما اختار «الحرية والعدالة» تشكيل التحالف الديمقراطي مع عدد من القوي والأحزاب غير الإسلامية، وخاض السلفيون الانتخابات من خلال «تحالف من أجل مصر» وهو التحالف المكون من أحزاب (النور، والأصالة، والبناء والتنمية، والإصلاح).
لكن بالرغم من ذلك خرجت تصريحات من الجانبين ترغب في اتفاق بين «الدعوة السلفية» «وجماعة الإخوان» علي التزام الآداب الإسلامية في المنافسة الانتخابية، بحيث يكون تنافساً شريفاً، وهو ما صرح به الشيخ ياسر برهامي، قائلاً: نحن جميعاً يحكمنا شرع الله سبحانه وتعالي، والمفروض أن الأمر بيننا يبني علي قوله صلي الله عليه وسلم: «كل المسلم علي المسلم حرام دمه وماله وعرضه».. وأضاف: هذا نقوله للإخوة عندنا حتي لو لم يلتزم به الإخوان.
وحاول الطرفان تجميل المشهد بالاحتفال المشترك بين شباب الجماعتين بعد إعلان النتيجة بفوز أحدهما وخسارة الآخر، فضلاً عن التهنئة بالفوز بل والهتاف المتبادل «أيد واحدة».
وفاز «حزب الحرية والعدالة» - الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» - بنسبة 46% من إجمالي المقاعد البالغ عددها 508 مقاعد في «مجلس الشعب», في حين فاز السلفيون بنسبة 27% من مقاعد «مجلس الشعب».
وجاءت مرحلة جديدة بين تيار الإخوان والتيار السلفي والجهادي بعد تحقيقهم للأغلبية البرلمانية والتواجد تحت القبة سوياً, فطفي إلي السطح بين الفريقين الاختلاف في الطرح السياسي والتوجه، وتجلي ذلك في مواقف وأحداث عديدة.
بداية من اليمين الدستوري داخل البرلمان، الذي مهره السلفيون بعبارة «بما لا يخالف شرع الله»، مروراً بحادثة رفع الآذان داخل المجلس، حتي الاختلاف حول النص علي الشريعة الإسلامية في الدستور، والموقف من إقالة حكومة الجنزوري قبل الانتخابات الرئاسية.
وكان من نتائج ذلك انتقادات حادة وجهها الداعية السلفي الشيخ أحمد فريد، لأداء جماعة (الإخوان المسلمين) ونوابها داخل البرلمان، خاصة فيما يتعلق بالموقف من قضية الشريعة، والنص عليها صراحة في الدستور الجديد (وهذا قبل التوافق فيما بعد)، قائلاً: كنا نقول إن الإخوان والسلفيين سوف يكونون أغلبية في مجلس الشعب بحيث ينصرون الشريعة ويطبقونها، لكن ما حدث في الواقع ليس كذلك..
كما هاجم «فريد» الدكتور سعد الكتاتني - رئيس مجلس الشعب السابق - بسبب مواقفه من النواب السلفيين، قائلاً: إخواننا في مجلس الشعب (يقصد النواب السلفيين) يشتكون مر الشكوي.. أحد الإخوة يقول: «أنا بتنطط علي الكرسي عشان يأذن لي أتكلم فلا يسمح لي الدكتور الكتاتني»، وفي محاولة للتهدئة، اقترح الشيخ محمد إسماعيل المقدم - وهو أحد أهم رموز «الدعوة السلفية» - أن يتفق الإخوان والسلفيين علي تشكيل لجنة تحكيم بينهما، حتي لا يحدث تعارض أمام الأزمات الشديدة التي لا مجال للتردد في اتخاذ قرار حاسم فيها، علي أن يكون حكم هذه للجنة ملزماً للطرفين.
وهنا رسمت الخلافات بين الطرف الإخواني والسلفي مداها فخون بعضهم الآخر، واتهم بعضهم البعض بالترتيب لضرب الآخر من خلال قضايا كل من أنور البلكيمي، وعلي ونيس عضوي حزب النور في قضايا سيئة السمعة, فصارت الخريطة تتجه نحو الصراع حتي تم إحلال مجلس الشعب وجاءت الانتخابات الرئاسية ترسم مرحلة خلافية, ونوع من الشد والجذب الذي تأرجح بينهما.
معارك وتفكك
بذل شيوخ الدعوة السلفية جهوداً كبيرة لإقناع جماعة الإخوان المسلمين بترشيح المهندس خيرت الشاطر، متعهدين بدعمه بكل ما أتيح لهم، وهو ما وافق عليه الإخوان بالفعل، وأعلنوا ترشيح نائب مرشدهم العام رئيساً للجمهورية، لكن لم يحالفه الحظ ورفضت لجنة الانتخابات الرئاسية استمراره في السباق.
ذروة الخلاف - الذي كان أشبه بانقسام وشقاق بين الإخوان والسلفيين بعدما صاحبته انتقادات - تبدت بعد خروج الشاطر من السباق، ومع تعدد المرشحين الإسلاميين، أعلنت (الدعوة السلفية) بما يشملها من أحزاب صغيرة وعلي رأسهم حزب «النور» دعمها الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح لرئاسة الجمهورية، رافضة بذلك دعم مرشح الإخوان وقتها الدكتور محمد مرسي، وكان من الأسباب التي بررت بها هذا الإعلان - الذي فاجأ الإخوان - أنها لا ترغب في أن يستحوذ حزب واحد علي مقاليد الأمور في البلاد، وهو ما أغضب الإخوان كثيراً.
ولكن كانت هناك أحزاباً سلفية صغيرة تري انحراف أبوالفتوح فخانته وأيدت الدكتور مرسي, حتي جاءت مرحلة الإعادة للدكتور محمد مرسي أمام الفريق أحمد شفيق.
وبعد خروج د. أبوالفتوح كان من الطبيعي أن يدعم السلفيون المرشح الإسلامي الوحيد، ومن هنا عادت المياه إلي مجاريها بين الجماعتين.. وبذل السلفيون جهوداً كبيرة في دعم «مرسي» معتبرين أن المعركة ليست معركة الإخوان وحدهم بل معركة كل الإسلاميين المتخوفين من عودة مرشح الفلول والعسكر، كما أن هناك اشتراطات من جانب حزب النور بتولي المناصب القيادية.
ونجح «مرسي» وانتظر السلفيون قطف الثمار المتمثلة في مشاركة حقيقية من قبل الإخوان في اتخاذ القرار، بعدما بذلوه من جهود في دعم مرشحهم، خاصة فيما يتعلق بتشكيل الفريق الرئاسي والحكومة ودعمهم في معركة الشريعة الإسلامية بالدستور. لكن صار دربا من خيال فهوي، فلم يستشرهم الدكتور مرسي في بداية تشكيله الفريق الرئاسي، ولم تمنحهم الحكومة الأولي في عهده سوي حقيبة وزارية واحدة هي حقيبة البيئة التي رفضها حزب «النور» وطلب من الدكتور خالد علم الدين الذي كان مرشحاً لها الاعتذار.
رد الفعل السلفي جاء سريعاً علي الإخوان، فأدان حزب «النور» تجاهله من قبل مؤسسة «الرئاسة» وفي اختيار الحكومة التي كان يتوقعها حكومة ائتلاف وطني بحسب أوزان الأحزاب السياسية في البرلمان، وفي بيان رسمي له، قال الحزب إن قياداته فوجئوا بعد خطاب تنصيب الرئيس بالانقطاع الكامل عن عملية التفاهم والتواصل سواء مع مؤسسة الرئاسة، أو مع حزب «الحرية والعدالة»، حيث تم التجاهل التام لأي تنسيق أو مبادرة تشاور.
حدث بعد ذلك ما يشبه الترضية من مؤسسة الرئاسة لحزب النور والدعوة السلفية، فاختار الدكتور محمد مرسي ثلاثة من كبار قادة الحزب وضمهم إلي فريقه الرئاسي، وهم: رئيس الحزب وقتها الدكتور عماد عبدالغفور، وعضو الهيئة العليا الدكتور بسام الزرقا، والخبير البيئي الدكتور خالد علم الدين.. وقد اقتنع السلفيون بهذا المسعي لترضيتهم متجاهلين غضبهم بسبب عدم مشاورتهم، فضلاً عن مشاركتهم في حكومة الدكتور هشام قنديل، وأيضاً حركة التجديد التي جرت لعدد من المحافظين ولم يؤخذ من الأسماء التي طرحوها سوي مستشار لمحافظ كفر الشيخ.
اشتدت المعركة بانفصال قيادات حزب «النور» وتشكيلهم لحزب «الوطن» الذي اندمج مع حزب «الراية» التابع لأبوإسماعيل وعدة أحزاب سلفية أخري, وجاءت أزمة بين حزب «النور» ومؤسسة الرئاسة علي خلفية إقالة الدكتور خالد علم الدين القيادي بالحزب ومستشار الرئيس لشئون البيئة منتصف فبراير 2013 بمثابة نهاية شبه تفجيرية لفصل آخر من الخلافات بين الإخوان والدعوة السلفية.
فلم تكن الإقالة سوي تفجير لفصل جديد من الخلافات بعدما بقيت مكتومة لما يقرب من شهرين وظهرت للإخوان علي أنها مقدمة لتحالف سلفي - علماني ضد الإخوان، وذلك في وقت رفضت فيه نخب المعارضة دعوات حزب «الحرية والعدالة» وأيضاً مؤسسة الرئاسة للجلوس للحوار، وصارت هناك أحزاب سلفية انضمت لجبهة «الحرية والعدالة» في مواجهة «النور»، ومازالت حتي الآن تري أن النور انحرف عن مساره الطبيعي, ومن بين الأحزاب المؤيدة للإخوان «الوطن» و«الراية» و«الوسط» و«مصر القوية» يعارض ويؤيد حسب المتاح وحزب الأصالة السلفي والشعب، بينما يلعب «البناء والتنمية» علي حسب الأمر الواقع فهو الوحيد من بين هؤلاء مازال متمسكاً بترابطه مع حزب النور.. ويستمر الصراع حتي الآن بين الإخوان والسلفيين الذي يسعي كل طرف منهما اكتساب قاعدة إسلامية من الآخر.
مرجعيات الأحزاب الدينية
أظهرت التجارب السياسية أن لشيوخ السلفية قوة ونفوذاً واسعين، خاصة الدكتور ياسر برهامي رئيس الدعوة السلفية في الإسكندرية، الذي يحظي بقوة واضحة داخل المطبخ السياسي، ولاسيما حزب النور، وتسبب تدخله في شئون الحزب باستقالة 150 قيادياً وتأسيس حزب جديد للسلفيين عرف باسم «الوطن»، إضافة إلي الدكتور عبدالمنعم الشحات، صاحب فتوي «الديمقراطية كفر وإلحاد»، والشيخ أبوإسحاق الحويني، صاحب مقولة: «وجه المرأة كفرجها»، وسعيد عبدالعظيم، فضلاً عن الدكتور خالد سعيد، والداعية الشهير الشيخ محمد حسان، والشيخ محمد حسين يعقوب، صاحب مقولة: «غزوة الصناديق»، والشيخ جمال المراكبي، صاحب فتوي «تزوير الانتخابات واجب شرعي».
كان للفتاوي السياسية التي أطلقها هؤلاء تأثير واضح علي الحياة السياسية في مصر بعد الثورة، لاسيما أثناء الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية، أو الاستفتاء علي الإعلان الدستوري في 19 مارس 2011، ولوحظ أن انقسام هؤلاء المشايخ السياسي، يأتي لصالح المعارضة أو القوي الليبرالية في الانتخابات البرلمانية المقبلة، لاسيما في ظل وجود أكثر من حزب سياسي يتحدث باسم السلفية، منهم حزب النور، بقيادة الدكتور يونس مخيون، ويمثل الدكتور ياسر برهامي المرجعية الدينية له، وحزب الوطن الحر، بقيادة الدكتور عماد عبدالعفور والشيخ حازم أبوإسماعيل سياسياً، ويمثل الشيخ محمد حسان المرجعية الدينية له، إضافة إلي حزب الأصالة، برئاسة المهندس إيهاب شيحة.
تحالفات متوقعة
المشهد الحالي هو نفس النهج السابق فهناك قوتان، الأولي الإخوان، والثانية السلفيون، وهناك قوة ثالثة تتمثل في قوي لم تكن تاريخياً ضمن القطبين الرئيسيين وقررت أن تؤسس أحزاباً دون أن تكون لديها قدرة علي بناء تيار اجتماعي علي الأرض، وهنا سنجد عدداً من الأحزاب بعضها لا يزال يعلن حتي اليوم، أو أنها انشقت علي حزبها الرئيسي، علي رأس تلك الأحزاب حزب «الوطن» الذي يقوده عماد عبدالغفور ومن معه، وحزب «البناء والتنمية» ذراع الجماعة الإسلامية وكتلته الرئيسية في الصعيد، وهناك حزب «الشعب» ذراع الجبهة السلفية، وهو لم يحصل علي الترخيص حتي الآن، وهناك حزب «الإصلاح» وهناك حزب «الأصالة»، وحزب «مصر القوية»، وهو لا يزال بعد لم يستقر علي تحالف قادم وغير محدد الجهة.. ونحن أمام خريطة يسيطر عليها قطبان وإلي جوارهما قوي ثالثة لا تزال بعد حائرة في تعريف ذاتها وبناء تحالفاتها وهذا بحسب تحليل كمال حبيب.
الأحزاب المنتمية لتيار الإسلام السياسي حسمت موقفها منذ البداية بالتأكيد علي ضرورة المشاركة في الانتخابات، وجاء الإعلان عن التحالف الانتخابي الذي سيخوض انتخابات مجلس النواب القادمة المقرر فتح باب الترشح والنية في إجراء انتخابات، مؤكدة أن التحالف سيضم أحزاب «الوطن» و«البناء والتنمية» و«الأصالة» و«الراية» و«العمل» ولن يضم حزبي «الحرية والعدالة» و«النور»، بعدما رفض النور الاندماج مع أي تحالف إسلامي مكتفيا بالتحالف مع حزب البناء والتنمية فقط دون غيره.
حسم حزبا «الوسط» و«الحضارة» موقفهما من المشاركة في تلك الانتخابات وبدأ «الوسط» بالاستعداد لها وإعداد القوائم وجولات لرئيس الحزب أبوالعلا ماضي بالمحافظات بصحبة الدكتور محمد محسوب نائب رئيس الحزب.
ويتواصل حزب الوسط مع أحزاب التيار المصري الذي لم يحسم موقفه بعد والحضارة وغد الثورة والبناء والتنمية من أجل تكوين تحالف انتخابي «وسطي» ويدخل معهم علي نفس الاتجاه حزب مصر بقيادة عمرو خالد وحزب مصر القوية بقيادة عبدالمنعم أبوالفتوح والذي لم يحدد موقفه.
علي الرغم من عدم إعلان عبدالغفور أو أبوإسماعيل أية تفاصيل تخص تحالفهما، إلا أن غياب ممثل عن جماعة الإخوان المسلمين وممثلين عن القوي اليسارية والليبرالية وحضور الأحزاب والقوي الصغيرة وغير المنظمة من القوي الإسلامية، ما عدا حزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، شكل مؤشراً مهماً للشكل الذي يمكن أن يسير عليه التحالف.. فأحزاب مثل الأصالة والشعب والفضيلة والعمل، هي أحزاب لها مرجعيات كبيرة كمجدي حسين والشيخ محمد عبدالمقصود، لكنها لا تمتلك سنداً شعبياً أو تمويلاً قوياً لها.. وتحمل هذه الأحزاب مفاهيم ورؤية قريبة من الشيخ أبوإسماعيل، ومن ثم فإن سعيها لدخول التحالف يضمن لها ما ينقصها.. وفي نفس الوقت يضمن لأبوإسماعيل عدم الدخول في تحالف يرهقه مع أحزاب كبيرة تخطف منه زمام الأمور، كالنور أو البناء والتنمية أو جماعة الإخوان، أو غيرها من الأحزاب الليبرالية أو اليسارية.
علي الجانب الآخر، يبدو أن الدعوة السلفية وحزبها النور مقدمان علي معركة ستكون أكثر شراسة، نظراً للرصيد الذي سيسحبه عبدالغفور وأبوإسماعيل من أصحاب المنهج السلفي، فضلاً عن المنافسة مع الإخوان، فضلاً عن اتجاه «النور» إلي عدم الدخول في تحالف مع أي من القوي السياسية، مع السعي إلي التنسيق مع الحرية والعدالة أو الجماعة الإسلامية، والأخيرة هي الأقرب للنور نظراً لتقارب المناهج وللتحالف السابق بينهما في الانتخابات الماضية.
ولعل الأزمة التي تواجه الإسلاميين في التحالفات الانتخابية, المقاعد الفردية ستكون المعضلة الأكبر للإسلاميين، في ظل رغبة لديهم في السيطرة علي أكثر من ثلثي المجلس، بالرغم من حالة الاستقطاب بين الإسلاميين.. ووفقاً لعلاء أبوالنصر، القيادي في البناء والتنمية، فإن «وجود قوائم متعددة للحركات الإسلامية لن يضر، لكن المشكلة ستكون في المقاعد الفردية التي لم يظهر لها حل واضح حتي الآن».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.