في جناحها بالمعرض العربي للأسر المنتجة بيت العرب الذي تنظمه وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع جامعة الدول العربية تحت رعاية السيد رئيس الجمهورية بقصر القبة، تضفر فاتن الجريدلي حبالا قطنية، وسط منتجاتها البيضاء الدافئة، وقد أخذت أشكالا من الحقائب والأباجورات والأرجوحات والمعلقات والخداديات ومفارش المقاعد وستائر المطابخ. فاتن المولودة في إسبانيا لأب مصري وأم أسبانية، خريجة المعهد العالي للباليه، وحاصلة على ليسانس الآداب من قسم اللغة العبرية، وقد عاشت لسنوات طويلة في مملكة البحرين، تعمل في مجال الحلى الألماس، لكنها كانت تشارك بهوايتها في منتجات الكروشيه في معارض الهاند ميد الخيرية التى تنظمها السفارة المصرية في البحرين. (اقرأ أيضًا) المعرض العربي للأسر فرصة حقيقية للمنتجات الصديقة للبيئة قبل ثلاث سنوات، عادت فاتن للاستقرار في مصر، بعد أن قررت أن يكون لها مشروعا خاصا، واختارت" المكرمية" التى عادت بقوة في ديكورات المنازل والحدائق خلال السنوات الأخيرة، لما تضفيه على المكان من رقي وبساطة وراحة الألوان، ولرونق العمل اليدوي. "فن العقدة" فن المكرمية هو أحد الفنون اليدوية العربية القديمة، ويطلق عليه فن العقدة، وانتشر في القرن الثالث عشر، وبعده انتشر في أسبانيا وإيطاليا وباقى أوروبا، وهو فن لايحتاج لاستخدام أى نوع الإبر، فقط نظم الخيوط أو تضفيرها، بشكل محكم وأنيق، بحيث تكون العقد متساوية في الحجم والشكل، لتعطي شكلا فنيا. الأبيض أو الأوف وايت، هو اللون الغالب على المكرمية، لأنه اللون التقليدي للخيوط، كما أنه يضفي على المكرمية نوعا من البساطة والرقة، كما أن الأبيض يناسب كل ألوان الديكور، لكن فاتن تدخل بعض الخيوط الملونة على القطعة لتضفي عليها طابعا مميزا، وبعضها تزينه بالكريستال أو بالخرز والمعادن أو الأحجار الكريمة، كما تستخدم خيوطا من الخيش مع الشمعدانات أو الشنط، وفي الشنط أيضا قد تستخدم الخشب أو الجلود مع خيوط المكرمية في انسجام تام. لا حدود للخيال في ابتكار وتجريب أشكال وتصميمات جديدة من مشغولات المكرمية اليدوية، المهم أن تكون الخيوط متينة وناعمة ومرنة معا، حتى لا تنقطع أثناء العمل. فاتن التى كانت موظفة فى شركة تصنع الحلي من الفضة والذهب والألماس والأحجار الكريمة، فكّرت في صنع مجوهرات أو حلي باالمكرمية المرصعة بالأحجار الكريمة، العقيق والمرجان والأماتيست، وأيضا الزجاج الملون والخرز للمصايف. حب فاتن للهاند ميد بدأ حين كانت طفلة في الخامسة، تستمتع بحكايات جدتها التى كانت في نفس الوقت تغزل التريكو، وتتابع الصغيرة حركات يد الجدة بشغف، وتحاول أن تقلدها وهي تلعب بصنارتي التريكو. "كنت طفلة وحيدة، وتعلمت التريكو وأيضا الكروشيه من جدتي، وأصنع منه ملابسا لعروستي، ثم ملابسا لنفسي ولأصدقائي، ودائما ما كنت أطور في خيوط الكروشيه، فأستخدم خيوطا متنوعة من الأقطان والصوف والخيش وغيرها، بأشكال مختلفة مودرن ومتطورة، وبألوان هادئة". من بين معروضات جناح فاتن، كوشن وكراسي ومعلقات، كلها "أوف وايت" بلون الكتان الطبيعي، حقائب يد تبدأ أسعارها من 150 جنيها وحتى 600 جنيه، وشنط أخرى من الكروشيه مع الجلد الطبيعي، أو مع الخشب، كاش مايو وفساتين كروشيه وشباشب من خيوط المكرمية. "بيزنس بعد الأربعين" حين تركت فاتن عملها بالشركة التى كانت تعمل بها في البحرين، قررت العودة إلى مصر، وأن يكون لها مشروعا خاصا، "عشان أبدأ مهنة جديدة بعد الأربعين مش سهل، فحاولت أطلع خبرتي السابقة في الكروشيه واستفيد منها، وبدلا من العمل بابرة رفيعة وخيوط رفيعة، عملت بخيط سميك، وكان التحدي هو أن أبتكر موديلات جديدة، ولزيادة أعداد من يعملون في العمل اليدوي، كان علي أن أفكر دائما في بصمتى الخاصة، وأن تكون كل قطعة هي قطعة فريدة مميزة، وواحدة من بصماتي هي الأحجار الكريمة". تعيش فاتن في الغردقة، وتعرض منتجاتها من خيوط المكرمية بالخيش أو الكتان، على السائحين، وقد عرفت عن معرض ديارنا بالصدفة من إحدى صديقاتها حين تطوعا لتدريب الفتيات على عمل المكرمية، خلال أنشطة الروتارى. "جربت البيع أونلاين، لكن البيع أفضل في المعارض، لازالت ثقافة الشراء أونلاين غير منتشرة على كل المستويات، ولهذا أتمنى أن يكون هناك منصات حكومية للبيع أونلاين، ليس فقط داخل مصر بل وخارجها، وتكون هذه المنصة مظلة تدعم وتحمي أصحاب الهاند ميد والحرف التراثية اليدوية". في بحثها عن التصميمات الجديدة، تتأمل فاتن الطبيعة من حولها، "وردة، شجرة، قطة ألوانها مميزة، أحاول أن ألاحظ الكائنات من حوالي، وقد توحي لي منتجات فخار أوخشب بفكرة جديدة". في رحلتها لشراء الخامات تختار فاتن الخيوط القطنية المصرية الجيدة، لكن لا مفر عندها في الاكسسوارت من المستورد، من حلقات الخشب، والسلاسل،" يبلغ نصف الكيلو من كرات الخشب المستوردة من الصين 75 جنيها، وقد لا أجد لها شبيها مصنوع في مصر، وأتمنى أن تتبنى إحدى الجهات الحكومية توفير هذه الخامات للمنتجين بأسعار معقولة وحقيقية". البيج أو الأوف وايت هي الألوان الأكثر طلبا، "لأنها تتماشي مع ألوان الأثاث أو المفروشات المختلفة، ومع هذا أدخل خيوطا بسيطة ملونة، لاعطاء طابع مميز للقطعة، مثل المايوهات أو الكاش مايوه من الكروشيه والتى يصل سعرها الى 400 جنيه فقط". "تعلمت من ديارنا فنون البيع". ليس لدى فاتن ورشة خاصة حتى الآن، لكن يساعدها نحو 20 سيدة يعملن معها من بيوتهن، بعد أن دربتهم هي على تركيب البطانة والتقفيل، "أحرص على أن أطمئن على تقفيل القطعة جيدا، لكي تعيش أطول على حالها، ولهذا أحرص على تبطين الشنط والخداديات حتى لا تغير شكها وتظل متماسكة". "فاتيمينا" هو اسم الدلع الذى كانت تدللها به جدتها الاسبانية، وهو نفس الاسم الذى اختارته فاتن كعلامة تجارية أو براند لمنتجاتها، وتعترف مصممة الهاند ميد فاتيمينا أنها تعلمت الكثير من تقنيات المكرمية من فيديوهات اليوتيوب، كما تعلمت من مدام عزيزة في معهد الباليه، الكروشيه والتطريز والرسم على الملابس. تشعر فاتن بالراحة النفسية كلما عقدت عقدة من ضفائر المكرمية، "كل عقدة بتفك عقدة، المعلقات تعطينى سعادة كأني أرسم، ممكن تكون فكرة القطعة مش واضحة تماما عندما أبدأ العمل، لكنها تكتمل في عقلي وخيالي في منتصف العمل، وقد أغير الشكل الذى بدأته في البداية، المهم أن أرتاح نفسيا في نهاية العمل، كأنه علاج لأتخلص من أى طاقة سلبية". تعلمت فاتن من عارضي ديارنا فنون البيع، "كنت أجلس في الجناح وأنتظر من يسالنى وأكون خجلة، أصبحت أتحدث أكثر عن منتجاتي، وتعلمت كيف أرد على من يريد أن يفاصل، أنا عاملة تسعير لكل قطعة ولا أضع هامش ربح كبير، ليس من الصحيح أن أبيع نفس القطعة بسعر لشخص وبسعر أقل لشخص آخر لأنه يفاصل". لا تستخدم فاتن خيوط القطن فقط في المكرمية، بل تستخدم أيضا أنواعا من الأصواف، وتدمج خيوط التريكو والكروشيه والخيش في المكرمية، حتى لا تبتعد عن إحساس الطبيعة، وقد ترصع خيوط الخيش بالقواقع البحرية، لتصنع من برطمان عادي شمعدانا. تصنع شنط خشب مشغولة كروشيه، " من خلال الانترنت تعرفت على سيدات يعملن في الحفر على الخشب، أرسم تصميم الشنطة، وأتسلمه منها وقد حفرت عليه الرسمة المطلوبة، فأربط الجوانب والقاعدة بخيوط الكروشيه، وبخيوط المكرمية أصنع غطاء لمقعد "بوف" ، والقطن هنا يعطي ملمسا ناعما ورطبا، ويمكن أن يغسل ويركب ثانية بسهولة، والتبطين دائما يدويا". من بين منتجات فاتيمينا مجموعة من الأساور والعقود بخيوط مكرمية مرصعة بالأحجار الكريمة، شنط للتسوق من الخيش الملون، ومبطنة بالقماش، كاش مايو وشنط البحر، وشنط صغيرة للموبايل والمفاتيح والنقود مثلا، نجفة بالمكرمية يخرج من بين عقدها النور منعكسا على السقف والحوائط بأشكال خلابة، معلقة من المكرمية المرصعة بالأحجار الكريمة والكروشيه، وكلها بألوان الصيف الفاتحة، لتناسب أجواء الساحل الشمالي والعلمين الجديدة. طالع المزيد من الأخبار عبر موقع الوفد