جاء قرار الجمعية العامة غير العادية لشركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات الأساسية التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، فى جلستها صباح الاثنين 5/9/2022، حل وتصفية الشركة والتأكيد على عدم جدوى استمرارها، ليصدم الجميع بقرار إعدام جديد لواحدة من قلاع الصناعة المصرية على مدى 60 عاماً. ورغم الآمال التى صاحبت معركة تصفية الكوك فى أن يتم اتخاذ قرار مخالف، ويتم استيعاب الشركة والبحث عن حلول تسمح باستمرارها، خاصة بعد تراجع مجمل خسائرها، جاءت القرارات بإنهاء وجود الشركة لتلحق الكوك بالحديد والصلب والقومية للأسمنت والملاحة المصرية فى سلسلة من التصفيات الصادمة. المهتمون بشركات قطاع الأعمال العام كانت لديهم آمال عريضة أن تشهد الشركات نهضة تعيد لها رونقها وتعيد جزءاً من دورها فى الاقتصاد الوطنى. فمن شركات تنتج للبيوت المصرية أغلب ما تستهلكه تحولت الشركات إلى هياكل فارغة وكيانات محملة بالأعباء تلحقها الخسائر ووقف الحال لا يلتفت إليها أحد بتطوير حقيقى، خاصة فى القطاعات الصناعية. وباتت خيارات التصفية وإنهاء الوجود أسهل واسرع الحلول المطروحة على الساحة وتراجعت امامها الحلول الأخرى مثل التطوير والبحث عن شركاء وخفض الخسائر، وتحولت أخبار تصفية الشركات إلى أخبار عادية الفتها الآذان لدرجة أنها لم تعد تثير نفس القدر من الشجن كما حدث مع أول القرارات وأكثرها إثارة للحزن بتصفية الحديد والصلب. وبات الأمر يمثل لغزاً حائراً وتساؤلاً ملحاً حول الدور على شركات أخرى، ففى خطة وزارة قطاع الأعمال العام المعلنة بعد تولى هشام توفيق، الوزير السابق المسئولية جرى تقسيم الشركات إلى عدة فئات منها ما لا يمكن وقف تدهوره وكان الحل المطروح هو التصفية ومنها ما يمكن خفض خسائره، وبالتالى إعادته للعمل ومنها فئة أخيرة بالشركات التى يجرى تطويرها. الملاحظ بعد نحو أربع سنوات أن الخيار الأكثر استخداماً كان التصفية لدرجة أن تقرير الجمعية العمومية فى شأن تصفية الكوك جاء سارداً لأسباب التصفية الحتمية دون الإشارة ولو بكلمة لخفض الخسائر أو احتمالات فتح أسواق جديدة للشركة، حيث اشتملت المذكرة المعروضة على الجمعية العامة على دراسة استشارية، فضلاً عما ورد بتقرير مجلس إدارة شركة الكوك فى أبريل 2021 عن سوء الحالة الفنية للبطاريات وتردى حالة كافة مصانع ومعدات وآلات الشركة ومبانيها، وتوقف نشاط الكوك من 2021/8/7، وهو قرار لم يكن سليماً وقتها وتقرير جهاز شئون البيئة عن عدم توافق الأوضاع البيئية للشركة مع أحكام قانون البيئة، رغم تقديم الشركة أكثر من مذكرة بإجراءات تم اتخاذها للتوافق مع اشتراطات البيئة. كما ناقشت الجمعية العامة تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات فى 2022/6/30 حول وجود شك جوهرى فى مدى استمرارية شركة النصر لصناعة الكوك، رغم تأكيد الميزانية خفض الخسائر. ينطبق الأمر على عدد آخر من الشركات التى تحاول جاهدة الوقوف ومواصلة العمل، غير أنه لا أحد يمكنه التنبؤ بالنوايا تجاهها ولهذا فإن الأمر بات منذراً لعدد من الشركات، منها شركة النحاس التى تصارع من أجل البقاء وقد نجحت فى خفض الخسائر بنحو 100 مليون جنيه وارتفاع الإيرادات، حيث تسعى شركة النحاس المصرية للحفاظ على وجودها وكيانها بعد فترة عصيبة مرت بها خلال السنوات الماضية. نجحت الشركة فى خفض معدل الخسارة السنوية بصورة ملحوظة بما يعنى بداية نجاح خطة الإنقاذ التى كانت موضوعة للشركة. وتعد شركة النحاس المصرية واحدة من أهم الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام والوحيدة العاملة فى منتجات النحاس. وحققت الشركة زيادة فى الإيرادات المالية بنسبة 61% للعام المالى 2020-2021، حيث حققت 658 مليون جنيه، مقارنة ب410 ملايين الجنيه العام الماضى، كما خفضت الشركة خسائرها بواقع 52%، حيث بلغت 81 مليون جنيه مقارنة ب168 مليون جنيه العام المالى السابق، طما حققت الشركة مجمل ربح بلغ 39 مليون جنيه مقارنة بخسائر بلغت 32 مليون جنيه العام المالى 2019-2020. جاء نتيجة ارتفاع حجم المبيعات من 77.8 ألف طن العام المالى 2019-2020، مقارنة بحجم مبيعات بلغ 130.3 ألف طن العام المالى 2020-2021 والسؤال الآن هل تستمر خطة دعم الشركة أم نصحو على قرار آخر بالتصفية؟؟ نفس الأمر يحدث مع شركة الخزف والصينى «شينى» التى تواجه ظروفاً صعبة بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، وتحرير سعر الصرف، وانخفاض قيمة الصادرات عن المستهدف، مع توقف سوق التصدير لكل من سوريا والعراق واليمن، وتراجع صادراتها إلى ليبيا والسودان ولبنان، حيث كانت عوامل ضاغطة على أرباحها السنوية. وتكبدت الشركة خسائر جسيمة، فهل تلقى نفس المصير؟ وهناك شركات أخرى تنتظر الفرج فى صورة البحث عن المشاركات ومستثمر استراتيجى أو الطرح فى البورصة مثل مصر الألومنيوم والنصر للتعدين وشركة الفنادق التاريخية، فهل تنجح خطة الوزارة فى هذا الأمر أم لا؟؟ سؤال ما زال مطروحاً.