أكد جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى المصرى، أن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تعتبر من أهم الموضوعات التى حصدت اهتمامًا عالميًا ودوليًا وحرصت العديد من الدول على تطبيق التدابير اللازمة لحماية القطاع المالى والمصرفى من مخاطر الجرائم المالية، لما لتلك المخاطر من تداعيات اقتصادية واجتماعية وسياسية. وقال إن البنك المركزى قام بإنشاء إدارتين متخصصتين بقطاع الرقابة والإشراف على البنوك بالبنك المركزى المصرى وذلك فى إطار الرقابة على البنوك فى مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وأخرى لمتابعة عمليات الاحتيال، مؤكداً أهمية قيام الدول بكافة القطاعات المعنية بالمشاركة فى التقييم الوطنى للمخاطر وذلك للوقوف على أوجه المخاطر على مستوى الدولة ككل، ما يعزز قدرة الدولة على فهم بيئة المخاطر والعمل على تلافيها. موضحاً أنه على المستوى القطاعى يجب على السلطات الرقابية بشكل دورى إجراء التقييم القطاعى للمخاطر ما يسمح بتكوين فهم واضح للمخاطر التى تواجه المؤسسات الخاضعة لرقابتها وتعزز قدرة السلطة الرقابية للاستجابة لتلك المخاطر بشكل فعال. وأضاف أن الصناعة المصرفية تشهد فى الآونة الأخيرة من تحديات بسبب التداعيات العالمية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وتأثير ذلك على القطاع المالى والمصرفى العالمى الذى يتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية للحد من تأثير تلك التطورات على القطاع المصرفى. وأوضح فى كلمة ألقاها نيابة عن حسن عبدالله، محافظ البنك المركزى المصرى، أن السلطات الرقابية خاصة البنوك المركزية حرصت على الاهتمام بمتابعة وتطبيق أحدث الممارسات ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، لما لها من تأثير ايجابى على الاستقرار المالى والمصرفى للدول. مشيراً إلى أن أهم الموضوعات هو حماية النظام المالى من الأنشطة غير المشروعة من خلال تعزيز أطر الوقاية والرقابة على الصعيدين المحلى والدولى وذلك كله فى إطار التوصيات والمعايير الدولية الصادرة عن مجموعة العمل المالى الدولى (FATF)، وسوف يتم خلال المؤتمر مناقشة عدد من الموضوعات ذات الأهمية الدولية. وأكد أن البنك المركزى يعمل على تعزيز التعاون الدولى وتبادل الخبرات مع الاشقاء العرب، موضحاً أنه تم عقد العديد من الندوات وورش العمل بصورة مستمرة فى مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ورعاية الدول الصديقة والشقيقة للانضمام إلى مجموعة العمل المالى والمنظمات الدولية ذات الصلة. وحث على أهمية إرساء مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص لمواجهة التحديات الناجمة عن التزايد والتنوع فى الجرائم المالية. مشيراً إلى أهمية التطرق إلى إنجازات القطاع المصرفى فى هذا المجال، حيث شهدت الصناعة المصرفية مستوى غير مسبوق من الاستثمار فى كل من الأفراد والأنظمة التكنولوجية فى مجال مكافحة الجرائم المالية. ولفت إلى أن هناك العديد من سبل التعاون بين القطاعين العام والخاص من خلال تطوير الآليات اللازمة لتفعيل عمليات تبادل المعلومات والخبرات بين كافة الأطراف المعنية لتعزيز جهود التصدى للجرائم المالية. بالإضافة إلى أهمية دور وظيفة الالتزام بالقطاع المصرفى وأهمية دعم العمل المصرفى بالكوادر اللازمة لمراقبة وتقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى دراسة مدى كفاية وفاعلية الإجراءات المطبقة للحد من المخاطر. طالب نائب محافظ البنك المركزى المصرى، بأهمية قيام المؤسسات المالية بتطبيق برامج التزام تشمل كافة التدابير الوقائية والضوابط اللازمة للتأكد من عدم استغلالها فى تيسير الجرائم المالية، مشيراً إلى أهمية قيام المؤسسات المالية بتحديد المخاطر الكامنة وتقييم جودة الإجراءات والتدابير الوقائية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المطبقة بالمؤسسة التى تشمل وضع هيكل السياسات والإجراءات، وضع الأسس اللازمة لتطبيقات العناية الواجبة وآليات التعرف على المستفيد الحقيقى، تطوير الأنظمة التكنولوجية بالإضافة إلى تطبيق المنهج القائم على المخاطر لتعزيز الاستفادة من موارد المؤسسة بشكل فعال. وأشار إلى أهمية قيام البنوك المركزية وفقاً للاستراتيجية الرقابية المطبقة بتوظيف الأدوات الرقابية المختلفة للتأكد من فهم المؤسسات المالية لبيئة المخاطر ومن فاعلية التدابير الوقائية المطبقة. ولفت إلى أهمية تطبيق المنهج الرقابى القائم على المخاطر من خلال توجيه الموارد الرقابية حيث تتركز المخاطر بشكل أكبر إلى جانب تطبيق البيئة التكنولوجية اللازمة فى المؤسسات المالية باستخدام (RegTech) أو من خلال السلطات الرقابية (SupTech)، وهى أنظمة تتيح أدوات تحليلية أكثر تطوراً وقدرة على حفظ البيانات. ويتم الاعتماد على هذه الاليات لإتاحة قنوات اتصال فعالة وآمنة مع المؤسسات المالية. وحث نجم على أهمية دراسة تداعيات العقوبات المالية المستهدفة وبالأخص الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وتأتى أهمية متابعة تلك التطورات ودراسة أثر تطبيقها على رأس جدول اعمال القطاع المالى والمصرفى العالمى، موضحاً أن هذه الأحداث أظهرت أهمية دعم الأنظمة المالية والمصرفية بالبنية التكنولوجية لرصد أوجه المخاطر بشكل فورى وفعال. وطالب كافة الجهات بتبنى استراتيجية تهدف إلى التوسع فى البنية التكنولوجية لدعم اعمال الالتزام وللوصول لنتائج أكثر دقة وفاعلية. قال نجم إن القطاع المالى العالمى يشهد تطوراً واسعاً وسريعاً نحو التكنولوجيا المالية والتحول نحو وسائل الدفع الرقمية التى غيرت بدورها طبيعة وسرعة تنفيذ المعاملات المالية بشكل غير مسبوق، موضحاً أن هذا التطور ساهم فى مجال الاتصالات فى تغير طبيعة المنتجات والخدمات المصرفية وإلى الوصول لأكبر شريحة من العملاء. لفت إلى أن التطور فى مجال التكنولوجيا المالية ارتبط مع مخاطر كبيرة حيث يستخدم المجرمون التطورات فى التكنولوجيا لتطوير أساليب الجرائم المالية، إذ تعتمد تلك الأساليب على تكنولوجيا عالية التطور ما يجعل اكتشاف تلك الأنماط معقداً نسبياً. وأشار إلى بعض أنماط عمليات الجرائم مثل: عمليات إخفاء الهوية للمعاملات عبر شبكات الاتصال، الهجمات السيبرانية، واستغلال ضعف الوعى المصرفى لدى بعض العملاء لطلب بيانات الحساب أو الأرقام السرية. وطالب الجهات الرقابية المعنية بالعمل على مراجعة الهيكل التشريعى والقانونى لمواكبة تلك التطورات بشكل مستمر بما يتناسب مع طبيعة تلك المعاملات والمخاطر المرتبطة بها ووضع الضوابط التى تمنع استخدام التكنولوجيا المالية فى الجرائم المالية والتأكد من تفعيل المؤسسات المالية للتدابير اللازمة قبل إطلاق تلك الخدمات والمنتجات وبشكل مستمر. وقال نائب محافظ البنك المركزى إن العديد من المنظمات الدولية تقوم بدعم تطبيقات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وعلى رأسها مجموعة العمل المالى FATF التى تعمل على سن المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، كما تقوم بتقييم مدى التزام الدول بتلك المعايير وبالتوصيات الصادرة عن المجموعة. ونوه إلى أن مصر خضعت للتقييم المتبادل من قبل مجموعة العمل المالى للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF) بين عامى 2020 و2021، ولعل من أهم مخرجات التقرير الاشتراك الفعال للقطاعات المعنية فى اعداد التقييم الوطنى لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومتابعة تحديثه، ووضع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذا تدعيم أطر التعاون الدولى من خلال التعاون مع الجهات الأجنبية النظيرة. قال نائب محافظ البنك المركزى المصرى إن حماية نزاهة الاستقرار المصرفى تتطلب جهوداً مشتركة بين كافة قطاعات الدولة لتبادل المعلومات المالية والرقابية وتعزيز الآليات التى تمكن الجهات الرقابية وكافة الجهات المعنية بالتنسيق وتبادل المعلومات من أجل تعزيز جهود مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مؤكداً ضرورة الالتزام التام بالمعايير الدولية، والمضى قدمًا نحو تعزيز أطر مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتعزيز فعاليتها. وأضاف أن البنك المركزى قام بتعديل قانونه فى عام 2020 ليكون السلطة الرقابية ليس فقط على القطاع المصرفى، وإنما على عدد من المؤسسات المالية المستحدثة بالقطاع المالى لضمان وضع الأطر الرقابية والإشرافية السليمة على تلك المؤسسات (على سبيل المثال: مقدمو خدمات الدفع) للحفاظ على الاستقرار المصرفى نظراً لارتباط أنشطة تلك المؤسسات ارتباطًا وثيقًا بالعمل المصرفى، وتم تخصيص فصل بالكامل بالقانون المذكور ليتناول استخدام التكنولوجيا المالية الحديثة بما يشمل تنظيم العمل بالعملات المشفرة والرقمية.