«هرتزيليا» اسم المؤتمر الثالث عشر الذى يعد أهم المؤتمرات التى تضع سياسة إسرائيل فيما يتعلق بعلاقاتها مع الآخرين خاصة العرب.. انتهى هذا المؤتمر مؤخراً بفاعلياته التى استمرت عدة أيام بعد مناقشات واسعة، وحدّد المؤتمر أهم توصية له فيما يتعلق بالسياسة مع العرب، وهى ضرورة تأجيج الصراع «السنى الشيعى» فى المنطقة.. وتوصل المناقشون الإسرائيليون من جميع الأحزاب والتيارات إلى أن تأجيج الصراع السنى الشيعى هو الوحيد القادر على تحقيق أمن تل أبيب!!. مؤتمر «هرتزيليا» يعتبره الإسرائيليون «مخ» تل أبيب الذى يضع لها سياسة وفكر التعامل مع العرب، وبهذا عندما يقر اشتعال الخلافات الدينية بين العرب، فإنما يقوم ذلك على دراسات مستفيضة ضماناً لتأكيد تطبيق ذلك، وهو نفس المؤتمر الذى حدد قبل ذلك تأجيج الصراع الدينى بين المسلمين والمسيحيين، وتمكن من ذلك ووقعت فتن طائفية كثيرة فى معظم الدول العربية، وطبعاً كان على رأسها مصر.. وأذكر أن الرئيس الراحل أنور السادات قد أشار إلى مستشاريه بضرورة الاهتمام بما يقال فى «هرتزيليا»، وإن كانت أيام السادات لم تأخذ بعد طابع المؤتمر، وإنما كانت تشبه الحلقات النقاشية فى غرف مغلقة.. النخب الإسرائيلية التى تحدد معالم الفكر الذى تهتدى به إسرائيل فى خططها المستقبلية رأت أن أنسب حل لمواجهة العرب فى الفترة القادمة هو تأجيج الصراع السنى الشيعى.. وحددت التنفيذ العملى لذلك من خلال تشكيل محور سنى أساسه دول الخليج ومصر وتركيا والأردن، يكون حليفاً لإسرائيل وأمريكا، فى مواجهة محور آخر سمّته بالشر تقوده إيران وهو محور للشيعة.. وداخل كل دولة عربية يتم تكريس الاهتمام بإشعال الفتنة بين السنة والشيعة، وانتقال الأزمات والمشاكل حتى يكون هناك «إلهاء» لكل دولة، بما يشبه تماماً ما حدث من فتن بين المسلمين والمسيحيين. واعتبر مؤتمر «هرتزيليا» الظروف الحالية الراهنة فى سيناء الوليمة الدسمة لتنفيذ فكرة الصراع، وتأليب الجماعات الدينية القابعة فى أرض الفيروز من أجل تأجيج فكرة الصراع.. وكلنا يذكر أننا الآن فى مصر نشهد حملات ضارية على قدوم السياح الإيرانيين، لدرجة أن هناك مخاوف شديدة لدى البعض فى مصر خوفاً من نشر التشيع، فى حين أن ذلك يسمى هراء فالمصريون لا يمكن أبداً بطبيعتهم السنية الوسطية أن يتأثروا بالفكر الشيعى، ولو كان المصريون يتأثرون كانت مصر قد تحوّلت إلى دولة شيعية منذ حكم الفاطميين للبلاد.. وفى المقابل تتمكن إسرائيل من إشعال غضب السلفيين والجماعات الأخرى التابعة لها لانتقال الأزمات بشأن قدوم الشيعة.. وخير دليل على ذلك ما تم بشأن اقتحام منزل القائم بالأعمال الإيرانى، ما دعا إيران نفسها إلى أن تحتج رسمياً لدى القاهرة على هذا التصرف الغاشم.. الفكر الإسرائيلى حالياً يسعى بكل قوة إلى إشعال فتنة بين الدول العربية عن طريق تأجيج الصراع «الشيعى السنى».. ولأن الحكام العرب لا يعنيهم إلا الحفاظ على كراسى الحكم، فإنهم يتصرفون بغشم مع هذه الأزمة، وهو ما تستغله إسرائيل لصالحها بالدرجة الأولى.. بل إن تل أبيب نفسها حددت ما تزعم أن المحور السنى حليف لها، فى مواجهة محور الشر العدو لها الذى تقوده إيران، ما يعنى أن الفكر الإسرائيلى حالياً سيكرس جهوده الشديدة خلال المرحلة القادمة لتأجيج هذا الصراع ليخدم فى النهاية مصالحها ومصالح الصهيونية الأمريكية.. كما أن تركيز إسرائيل على حلفائها فى مصر وتركيا والأردن لم يأت من فراغ على اعتبارها دولاً متحالفة مع تل أبيب وأمريكا والغرب، وظهر ذلك من خلال التعامل مع غزة والأزمة السورية الذى يؤكد على وجود تعاون وثيق مع إسرائيل أمريكا، وهو ما يساعد الصهيونية العالمية على إيجاد الشرق الأوسط الجديد الذى تحلم به أمريكا والغرب.