الكيل بمكيالين أصبح المبدأ الأساسى، فى الطريقة التى يتعامل بها النائب العام المستشار طلعت عبد الله مع البلاغات المقدمة إليه، حيث يأمر باستدعاء رموز المعارضة للتحقيق معهم على خلفية البلاغات المقدمة ضدهم وتتهمهم بالتحريض على استخدام العنف وقلب نظام الحكم فى أحداث المقطم، فى حين لم يتحرك النائب الخصوصى للتحقيق فى البلاغات المقدمة ضد جماعة الإخوان المسلمين فى أحداث الاتحادية الأولى والثانية وهم يقومون بالتعدى على المتظاهرين، لذلك استحق أن يطلق عليه الثوار النائب الخصوصى أو النائب الملاكى للنظام الحاكم الإخواني. أصبحت مهمة النائب العام الأساسية هى الحفاظ على مصلحة الجماعة والنظام الحاكم، وليس لحماية المجتمع الذى من المفترض أن يمثله، فبمجرد اقتراب الثوار من مقر مكتب الإرشاد للتظاهر السلمى ثار النائب العام الملاكى، فى حين وقف مكتوف الأيدى فى واقعتى اقتحام حزب الوفد وحرق جريدة الوطن والدستور، رغم وجود فيديوهات ومستندات تشير بأصابع الاتهام إلى المتهمين الحقيقيين، ولكن حتى يومنا هذا لم يصدر قرارا بضبط وإحضار أى منهم. وأثارت قرارات النائب العام الأخيرة، بضبط وإحضار خمسة من الشخصيات العامة، للتحقيق معهم فى الاتهامات المنسوبة إليهم بالتحريض على أحداث العنف التى وقعت فى «جمعة رد الكرامة» فى المقطم، جدلًا واسعًا بين الحركات الثورية، التى أبدت استياءها من ذلك مما تسبب فى زيادة الاحتقان المتواجد فى الشارع المصرى. فهنا نجد أن القانون يتم التلاعب به لاستخدامه فى تصفية الحسابات، وتشويه رموز المعارضة لنظام الحكم، فهل هذا يقودنا إلى مزيد من القرارات التى من شأنها تقييد حرية التظاهر والتعبير عن الرأى خاصة بعد تهديد الإعلاميين، سواء من خلال حصار مدينة الانتاج الاعلامى، أو من خلال تقديم بلاغات يتهمونهم بإهانة الرئيس، وكان آخرها قرار باستدعاء الإعلامى باسم يوسف صاحب البرنامج الساخر «البرنامج» الذى يعرض على قناة «سى بى سي». ويتساءل «الوفد» أين مصير البلاغات والقضايا التى قدمت ضد جماعة الإخوان المسلمين التى تم حفظها لمجرد أنها تمس جماعة الإخوان المسلمين، ونذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر القضايا التى رفعها عدد من النشطاء الحقوقيين ضد قرار إشهار ما يسمى بجمعية الإخوان المسلمين، باعتبارها جماعة محظورة لم تفصح عن مصادر تمويلها أو قيمة الأصول، وأيضا البلاغات العديدة ضد كل من الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والدكتور محمد البلتاجى أمين عام حزب الحرية والعدالة بالقاهرة، والداعية الإسلامى صفوت حجازي، بالتورط فى قتل المتظاهرين فى القضية المعروفة إعلاميا ب«موقعة الجمل» وقد أكد مقدمو البلاغ أنهم يمتلكون «سيديهات» تؤكد تورط كل من المشكو فى حقهم أثناء ثورة 25 يناير فى الاعتداء على المتظاهرين فى الميدان وقتلهم عن طريق قناصة من حركة القسام وحماس تسللوا إلى مصر. وتشمل بلاغات اتهام جماعة الإخوان المسلمين الاشتراك والتخطيط فى اقتحام السجون وحرق أقسام الشرطة وتهريب المساجين، ورغم ذلك حاولت لجنة تقصى الحقائق فى عهد مرسى ألا تقترب من هذا الملف حتى لا تفضح الإخوان، بعدما أكد العديد من الشهود والأدلة أنهم المستفيدون من جراء فتح السجون. بالإضافة إلى البلاغ الذى تقدم به على عبد الوهاب وياسر محمد سيد المحاميان إلى المستشار طلعت عبدالله، واتهما فيه جماعة الإخوان بتلقى تمويلات أجنبية بالمخالفة للقانون من أمريكا، وأوضح المحاميان، أن البلاغ «يستند إلى تصريحات «رومني» خلال مناظرة أجريت نهاية العام الماضى مع أوباما، بأن إدارته دعمت الإخوان فى مصر بما يقرب من مليار ونصف المليار دولار، كما استندا أيضا إلى عدد من الصحف الغربية والمحلية، إلى جانب حافظة مستندات بها 6 قضايا عسكرية أقيمت ضد جماعة الإخوان خلال العهد السابق، وقدما مستندات ومقاطع فيديو، تؤكد صحة الاتهامات، كما قدما أيضا مقاطع فيديو لبعض البرامج الأمريكية لدعم وجهة نظرهما عن الموضوع. وفى أحداث مجزرة بورسعيد تقدمت حركة كفاية ببلاغات تتهم الإخوان بالتحريض والاشتراك فى أحداث المجزرة باستخدام ميليشيات مسلحة، وبالسؤال عن مصير تلك البلاغات؟ نجد أنها اتخذت مساراً واحداً وهى حفظ البلاغات وعدم استدعاء المشكو فى حقهم لمواجهتهم بالأدلة المقدمة ضدهم. وباستطلاع آراء رجال القانون في طريقة أداء وعمل النائب العام قال المستشار عبدالمنعم السحيمى رئيس نادى قضاة طنطا، إن استدعاء النشطاء فى البلاغات المقدمة ضدهم على خلفية أحداث المقطم فى جمعة رد الكرامة، اتهامات مجهزة ومسبقة. واستند فى ذلك إلى خطاب مرسى الذى خرج ليهدد المصريين بأنه لن يسمح بأصابع تلعب فى مصر، لنرى فى اليوم الثانى النائب العام يصدر قرارات باستدعاء رموز المعارضة، مما يدل أن هناك مخططاً مسبقاً ضد رموز المعارضة والنشطاء والإعلاميين وأن هناك اتهامات مدبرة ومجهزة مسبقا، وأوضح السحيمى أن الشك يجب أن يصل لليقين قبل إلقاء الاتهامات. واتهم رئيس نادى قضاة طنطا حاشية مرسى المحيطة بتضليله فى المعلومات، واستند فى ذلك بواقعة الاتحادية التى خرج فيها الرئيس يوجه الاتهامات للمقبوض عليهم فى أحداث الاتحادية بأنهم ممولون من الخارج واعترفوا أمام النيابة بارتكابهم الجريمة، فى حين تثبت تحقيقات النيابة برئاسة المستشار مصطفى خاطر المحامى العام الأول لنيابات شرق القاهرة عكس ذلك، ويقرر خاطر إخلاء سبيلهم دون أية ضمانات، ليتصل به النائب العام ليطلب منه أن يحبس 30 أو 40 مواطناً حفاظاً لماء وجه الرئيس، إلا أن خاطر يرفض الضغط ضد الحق وتمسك بالحقيقة. وأكد السحيمى أن النائب العام يكيل بمكيالين، فإنه يأمر بالتحقيق فى القضايا التى تحافظ على النظام الحاكم وتصون الإخوان المسلمين، ولا يحقق فى القضايا التى تصون المجتمع. وتساءل رئيس نادى قضاة طنطا أين حق المواطن فى التظاهر السلمى، هل تم التحقيق فى مقتل الحسينى أبو الضيف و استشهاد الجندى للتوصل إلى المتهمين، ووصف حكم محكمة الاستئناف بإلغاء قرار مرسى بتعيين طلعت عبدالله وبطلان عزل عبدالمجيد، بأنه طوق النجاة للرئيس لإنقاذ مصر من البلبة والانقسام، وليؤكد للشعب أنه يحترم القانون، لأن الحكم عنوان الحقيقة. فوضى البلاغات وبسؤال المستشار عبد المنعم السحيمى عن فوضى البلاغات التى تقدم، قال السحيمى، إن تقديم أى بلاغ يجب أن يستند إلى أدلة كافية وقوية ضد المشكو فى حقهم، حتى تتحرك النيابة وتفتح التحقيق فى البلاغ وتستدعى أولا مقدم البلاغ لسؤاله عما تقدم به، ثم تجمع النيابة التحريات والشواهد قبل أن تستدعى المشكو فى حقهم، وليس ضبط وإحضار لأنهم حتى الآن ليسوا متهمين. وأوضح عبد المنعم أنه من حق المشكو فى حقه أن يدعى مدنيا ضد مقدم البلاغ، أثناء التحقيقات معه، وأن يحدد مبلغ التعويض المدنى المؤقت أو النهائى ويدفع الرسوم، حتى يكون عبرة لمن يقدم البلاغات الكيدية. وعلى الجانب الآخر قال تامر جمعة محامى الشهيد جيكا وعضو الهيئة العليا بحزب الدستور، إنه منذ تولى النائب العام منصبه بقرار غير قانونى، آثر على نفسه بأن ينحاز لفصيل معين هو جماعة الإخوان المسلمين، ومؤسسة الرئاسة رغم أنه من المفترض فيه أن يكون ممثلا لعموم الشعب. وصف استدعاء النشطاء فى البلاغات المقدمة ضدهم على خلفية أحداث المقطم فى جمعة رد الكرامة، بأنها «مخطط لاغتيال رموز المعارضة». وأضاف عضو هيئة حزب الدستور أنه قدم بلاغات تستند إلى أدلة ومستندات تثبت تورط قيادات الجماعة فى التحريض على أحداث الاتحادية، وفى أحداث ذكرى محمد محمود، إلا أن النائب العام لم يحرك تلك البلاغات التى ظلت حبيسة الأدراج، وهناك صور وأسطوانات فى قضية مقتل الشهيد «جيكا» تثبت تورط الداخلية فى قتله، ولكن المستشار طلعت عبد الله لم يستدع أياً من قيادات الداخلية. وأضاف تامر أن النائب الملاكى يستخدم سياسة تسويف القضايا، وذلك بعدم صدور أى قرار بضبط وإحضار المتهمين فى القضايا والبلاغات التى تدين جماعة الإخوان المسلمين، فى حين أنه ثار للبلاغات التى تقدم بها محامى الجماعة وأمر باستدعاء المشكو فى حقهم، رغم أن البلاغات لم تستند إلى أى دليل، بل إنها مجرد بلاغات انتقامية لا يراد بها إلا تصفية حسابات مع أشخاص أو أحزاب معارضة لنظام الحاكم.