أكد تقرير حقوقى صعوبة استرداد الأموال المصرية من الخارج وأوضح التقرير الصادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن هذه الأموال ضائعة بين صفقات التصالح وأحكام البراءة الصادرة لرموز النظام السابق المتهمين بسرقتها، فضلاً عن الفساد المؤسسى. وقال التقرير الصادر من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والذى حمل عنوان: هل نستعيد أموالنا المنهوبة؟ إن تجميد أموال 19 شخصية تابعة لنظام «مبارك» لن يسهل استعادتها، لافتاً إلى أن سويسرا جمدت 700 مليون دولار لديها بعد حكم أصدرته المحكمة الفيدرالية السويسرية بعدم جواز اطلاع الحكومة المصرية على ملفات القضايا المتهم فيها رموز النظام السابق، وحساباتهم السرية. وشارك فى التقرير الباحث والناشط «نيك هيلديارد»، مدير منظمة كورنر هاوس، غير الحكومية والمعنية بالحقوق البيئية والاقتصادية تناول تقرير المبادرة تهريب الأموال المصرية، واحتمالات استعادتها، وتأثير أحكام البراءة وصفقات التصالح المعلنة وغير المعلنة، تعوق استرداد الأموال المنهوبة فضلًا عن خطورة إسناد تبعية هذا الملف إلى الجهاز التنفيذى ممثلًا فى وزارة العدل، لما يواجهه من تقلبات سياسية، فضلاً عن أن تأثير شبكات مصالح النظام السابق يعمل على إعاقة إمكانية إحراز تقدم فى هذا الملف. وشارك فى التقرير ممثل عن السفارة البريطانية، وأبدى اعتزام حكومة بلاده الالتزام برد الأموال المنهوبة، ولكنه شدد فى الوقت ذاته، على وجوب إتمام الأمر وفقًا للقوانين البريطانية. واعترف الدبلوماسى البريطانى -بعد التعرض لانتقادات شديدة من المراقبين خلال إعلان التقرير– بأنه كان فى استطاعة الحكومة البريطانية فعل المزيد بشكل أسرع على صعيد تجميد الأموال المصرية، معتبرًا أن بريطانيا تبذل قصارى جهدها لرد الأموال إلى مصر، من خلال التعاون المتبادل بين السلطات فى مصر والمملكة المتحدة. وعقَّبَ النائب فى مجلس الشورى «عاطف عواد» على كلمة الدبلوماسى البريطانى قائلا: إن الإرادة السياسية وليس القوانين فقط هى ما يحكم عملية استرداد الأموال، وناشد المجتمع المدنى المصرى العمل على هذا الملف، لأن سقف عملهم أعلى كثيرًا من الحكومة المصرية. وقال «أسامة دياب» الباحث بوحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة: إن التعاون المشترك فى هذا المجال، يحدث عادة بعد تجميد الأموال، وأكد أن تجميد الأموال مُلزِم بقرار من الاتحاد الأوروبى، بتجميد أموال 19 شخصية منتمية إلى نظام «مبارك»، ويهدف التجميد إلى عدم نقل الأموال وتهريبها إلى حين إجراء التحقيقات، ولا يعنى بالضرورة ردها، وهو ما يطرح تساؤلات عن عدم قيام الحكومة البريطانية بتجميد بعض أصول نظام مبارك، التى كشف عنها تحقيق استقصائى، قام به تلفزيون ال بى بى سى، فى سبتمبر الماضى بعنوان: «مليارات مصر المنهوبة». وكشف نيك هيلديارد لأول مرة عن أصول جديدة مملوكة لجمال مبارك فى قبرص وجزر «العذراء» البريطانية، من المفترض أن تقع تحت طائلة التجميد حتى إجراء المزيد من التحقيقات عنها، وخصوصًا أن جزر العذراء البريطانية أصدرت قائمة التجميد نفسها، التى أصدرها الاتحاد الأوربى، ما يضع جميع أموال جمال مبارك الموجودة فى هذه الجزيرة الكاريبية الصغيرة -التابعة للملكة المتحدة والتى تعتبر مهربًا ضريبيًّا شهيرًا- تحت طائلة التجميد. وأشار «أحمد حسام» المحامى بالمبادرة إلى عدم جواز التصالح مع رجال نظام مبارك، لأن تعديل قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر عن المجلس العسكرى، يسمح فقط بالتصالح مع المستثمرين وليس الموظفين العموميين، فضلًا عن تأثير عمليات التصالح مع الموظفين العموميين السابقين على إمكانية رد الأموال الموجودة بالخارج، وقال إن التصالح وأحكام البراءة تنعكس سلبًا على سعى مصر فى استرداد أموالها فى ضوء ربط رد هذه الأموال بإثبات عدم شرعية مصدرها، وهو شرط لا يتحقق إذا لم تتم إدانة المتهم فى بلده الأصلى. أما عن وسيلة استرداد ال 700 مليون دولار المجمدة فى سويسرا، قال «أسامة دياب» الناشط الحقوقى والمحامى: يوجد ثلاثة مسارات قانونية لرد الأموال، وهى ربط الأموال بالجريمة، وهو من أصعب الطرق القانونية، لصعوبة إحداث هذا الربط، لتغيير شكل ومكان الأصول باستمرار، وصعوبة ربطها بجريمة ربما حدثت قبل سنوات عديدة، فضلًا عن إضفاء غطاءً تشريعياً على ممارسات نظام مبارك الفاسدة بقوانين فاسدة صادرة عن مجلس تشريعى غير منتخب، أما الخيار الثانى الذى يسمح بتجميد ورد قدر أكبر من الأموال، فهو تشريع سويسرى يسمح بإعطاء النظام الديكتاتورى توصيف الجريمة المنظمة وهو ما حدث مع نظام «سانى أباتشا» النيجيرى فى عام 2004، ويسمح هذا التشريع بنقل عبء الإثبات إلى المتهم، وعلى المتهم إثبات أن الأموال مصدرها شرعى، وتُرد فورًا إلى البلدِ مصدرِ الأموال إن فشل فى ذلك، عكس القاعدة المستقرة وهى أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته. وأضاف التقرير أن المسلك الثالث الذى يسمح به قانون سويسرى صدر فى فبراير 2011، فهو أنه فى حالة فشل مؤسسات الدولة وعدم كفاءتها، فمن الممكن أن ترد أموال الأنظمة الديكتاتورية بدون حكم قضائى من البلد مصدر الأموال.