هل هي صدفة أن تذيع إحدي المحطات التليفزيونية فيلم المبدع الزعيم عادل إمام «رسالة إلي الوالي» في نفس الفترة التي جاءت فيها حملة فريزر الانجليزية لاحتلال مصر.. وهل هي صدفة أن اليوم وهو 31 مارس هو ذكري الانتصار المصري العظيم علي الجيش الانجليزي في معركة رشيد.. من عام 1807 . أم أن المطلوب أن تنطلق في سماء مصر رسالة تحذير لشعبها من المخاطر التي تهدد الوطن هذه الأيام.. إنه أحد أفلام عادل إمام التي نكتشف عظمتها يوماً بعد يوم.. كانت انجلترا تخطط لغزو مصر والاستيلاء عليها.. ووصلت قواتها البحرية إلي الإسكندرية.. وبسبب خيانة حاكمها «التركي» أمين أغا سلم المحافظ الخائن المدينة دون قتال للانجليز.. وزحفوا إلي رشيد ليأخذوها طريقاً نحو القاهرة.. ووصلت القوات الانجليزية إلي رشيد صبيحة يوم 31 مارس مثل اليوم.. ولكن كان محافظها رجلاً وطنياً هو علي بك السلانكلي الذي اتفق مع أعيانها وتجارها علي المقاومة رغم أن القوة التي كانت تحت يده مجرد 700 عسكري كان عليهم أن يواجهوا 2000 جندي انجليزي بقيادة الجنرال ويكوب.. ويروي فيلم عادل إمام «رسالة إلي الوالي» كيف أن محافظ رشيد وأعيانها أعدوا رسالة يحملها أحد اشجع فرسانهم اسمه «في الفيلم» حرفوش بن برقوش الراكبدار.. يحملها إلي والي مصر محمد علي باشا في القلعة.. ولكن الوالي كان في الصعيد يحارب المماليك.. كانت الرسالة تستصرخ الوالي أن يخف إلي نجدتهم ليواجه معهم جيش الانجليز.. وكانت هناك بالفعل رسائل من هذا النوع.. ووصل عادل إمام أو «حرفوش بن برقوش» إلي القاهرة يحمل هذه الرسائل.. فواجه المشاكل والمتاعب.. ومن رأي الفيلم يعرف ذلك.. ولكن أهم ما في هذا الموقف - كما قال هو - أنه جاء لا يطلب مالاً أو جاهاً.. ولكنه جاء يطلب المساعدة من والي البلاد لإنقاذها من الغزاة.. من الخطر وقال جملة هي التي حركتني لأكتب هذا المقال.. قال «إن العدو متربص بالبلاد».. هنا نؤكد أن مصر تواجه الآن العديد من الاعداء.. كلهم متربصون بها.. يبغون كسرها وتدميرها.. فهل نستيقظ؟! المهم أن قوات الانجليز وصلت إلي حدود مدينة رشيد صباح يوم الثلاثاء 31 مارس 1807 -وسبحان الله - في مثل هذا اليوم.. وخدعتهم خطة المحافظ الوطني علي بك السلانكلي الذي تركهم يدخلون المدينة وكأنهم في نزهة.. هنا أصدر المحافظ أمره بإطلاق الرصاص من كل صوب.. من النوافذ والسطوح.. وانهال المواطنون عليهم بالطوب والعصي وسقط الكثير من الانجليز صرعي في الشوارع.. منهم قائد الجيش الانجليزي الجنرال ويكوب نفسه.. فاستولي الذعر علي نفوس الانجليز ولاذوا بالفرار.. وانتهت الموقعة بهزيمة الجيش الانجليزي الذي تقهقر إلي الاسكندرية عن طريق أبوقير بعد أن قتل منهم 170 قتيلاً و250 جريح و120 أسيراً. وكان الشعب - هنا - هو البطل هو المخطط وهو المنفذ ولم ينتظر حتي تصل النجدة من القلعة إلي الوالي.. الذي كان يخشي الانجليز! ولكن المحافظ أرسل الاسري الانجليز ومعهم رؤوس قتلاهم إلي القاهرة إعلاناً بالنصر الذي حققه أهل رشيد.. فكان ذلك يوما مشهوداً في القاهرة.. بينما كان زعيم القاهرة الوطني السيد عمر مكرم يدعو للجهاد والتطوع لمحاربة الغزاة ويأمرهم بحمل السلاح .. كان العمال يشتغلون في إقامة الاستحكامات للدفاع عن العاصمة.. بل أمر الرجل مجاوري الأزهر بترك الدراسة وأمر المشايخ المدرسين بترك إلقاء الدروس.. وأخذ يبعث في الناس بدعوة الجهاد ويذكرهم بثورتهم الأولي ضد بونابرت نفسه.. وثورتهم الثانية ضد خليفته كليبر.. وتوحدت كل القوي الوطنية استعداداً للتصدي للغزاة.. للخطر الداهم.. وتعاون في ذلك كل من يقيم في مصر - مع أهلها - من الأروام والشوام واتحدوا جميعاً مع أهل مصر من مسلمين ونصاري.. كل ذلك بينما كان محمد علي غائباً يقاتل المماليك في الصعيد.. بل تم توجيه أعداد كبيرة من المجاهدين إلي رشيد استعداداً لمواجهة رد فعل باقي الجيش الانجليزي.. استجابة لرسالة من نقيب أشراف رشيد السيد حسن كريت إلي السيد عمر مكرم.. تري هل كان فيلم عادل إمام رسالة إلي رئيس مصر الآن لكي تتحرك الأمة.. وتتحد.. وتقف صفاً واحداً لإنقاذ البلاد مما هي ماضية فيه من مجهول لا يعرفه إلا الله.. إنني أقدم هذا الفيلم رسالة إلي شعب مصر - الآن - حتي يفيق مما هو فيه.. وحتي نستطيع جميعاً - نحن الأوفياء لهذا الوطن - إنقاذ مصر ونواجه معاً ما يهدد الوطن.. والخطر حقيقي.. ولكننا لا نري إلا ما تحت أقدامنا.. مصر في خطر.. كيف ننقذها يا أبناء مصر؟! وبالمناسبة: النهاردة 31 مارس. ذكري انتصار رشيد!!